أوباما يشيد بالاحتجاجات ويندد بالعنف ويدعو لتوجيه الغضب إلى الانتخابات

ندد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما باستخدام العنف في الاحتجاجات التي خرجت في أنحاء البلاد بعد مقتل جورج فلويد، مشيدًا في الوقت نفسه بأفعال المحتجين السلميين الساعين للإصلاح.
وأشار الرئيس السابق إلى أن أغلب هذه الاحتجاجات كانت سلمية وشجاعة ومسؤولة وملهمة، وأن من شارك فيها يستحق الاحترام والدعم وليس الإدانة، وهو ما أدركته الشرطة في بعض المدن مثل كامدن وفلنت.
وأكد أوباما على أهمية وجود هيئة مستقلة تجري تحقيقات في سوء السلوك أو أي تصرف مُشين من قبل الشرطة.
إدانة العنف
وفي مقال نشرته منصة ميديام الإلكترونية أدان أوباما أعمال العنف والنهب، وقال إن الغالبية العظمى من المحتجين سلميون لكن “أقلية صغيرة” تعرض الناس للخطر وتُلحق الضرر بنفس المجتمعات التي تهدف الاحتجاجات لدعمها.
وأكد أوباما أن العنف “يزيد من الدمار في الأحياء التي تعاني فعلا على الأغلب من نقص الخدمات والاستثمارات ويصرف الانتباه عن القضية الأكبر”.
وقال إن الأقلية الصغيرة الذين لجأوا إلى العنف بأشكال مختلفة، سواء كان ذلك بسبب غضب حقيقي أو انتهزوا الفرصة لتحقيق مصالح مُعينة، يعرضون الأبرياء للخطر، ما يزيد احتمالات تدمير الأحياء التي تفتقر بالفعل إلى الكثير من الخدمات.
وأضاف: “رأيت امرأة سوداء مُسنة في مقابلة تليفزيونية اليوم وهي تبكي لأن محل البقالة الوحيد الموجود في حيها قد تدمر، إذا كان التاريخ يؤكد أي شيء، فهو أن بناء متجر جديد سيستغرق عدة أعوام، لذا دعونا لا نبرر العنف ولا نبرر مشاركتنا فيه”.
دعوة للتغيير
ودعا أوباما المتظاهرين لتوجيه غضبهم المبرر إلى عمل سلمي ومستدام وفعال. وقال إنه يتعين على المحتجين يترجموا غضبهم إلى زيادة الإقبال في الانتخابات، وانتخاب “مسؤولين حكوميين يستجيبوا لمطالبنا” بحسب قوله.
وأكد أوباما أن المظاهرات جاءت ردًا على قضايا عالقة منذ فترة طويلة لم يتم حلها من جانب المسؤولين الذين تم انتخابهم،
وأضاف أن الكثير من الأشخاص تواصلوا معه يسألونه عن كيفية استغلال هذا الغضب وتحويله إلى تغيير حقيقي؟
ويرى أوباما أنه في نهاية المطاف سيكون الأمر متروكًا إلى جيل من الناشطين لصياغة استراتيجيات جديدة تناسب العصر الذي يعيشونه، ولكنه يعتقد أن هناك بعض الدروس الأساسية التي يمكن استخلاصها من الجهود السابقة والتي تستحق الذكر.
أولها، حسب أوباما، هي أن موجات الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد تمثل تعبيرًا صادقًا عن الإحباط واليأس الناتج عن عقود من الفشل في إصلاح ممارسات الشرطة، ونظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة.
العدالة الجنائية
وشدد أوباما على أنه إذا أراد الأمريكيون إصلاح نظام العدالة الجنائية لديهم، فيجب أن يعملوا وفق قانون أخلاقي أسمى، وأن يكونوا نموذجًا يُحتذى به.
وقال أوباما إنه سمع بعض الأشخاص الذي يقولون إن الحل الأمثل لمشكلة التحيز العنصري في نظام العدالة الجنائية هو الاحتجاج فقط، وأن التصويت والمشاركة في العملية السياسية الانتخابية ليس له داع، أو أنه مضيعة للوقت، وهو ما يرفضه الرئيس السابق تمامًا.
الهدف الرئيسي من الاحتجاجات وفقًا لأوباما هو رفع مستوى الوعي العام، وتسليط الضوء على الظلم وانعدام العدالة، وإزعاج المسؤولين، ولكن التاريخ الأمريكي يقول أن الاحتجاجات بمفردها لا تكفي، ولكن ينبغي ترجمتها إلى قوانين وممارسات مؤسسية مُحددة، وهو ما يحدث عند انتخاب مسؤولين حكوميين يستجيبون إلى مطالب الشعب.
علاوة على ذلك، دعا أوباما إلى ضرورة معرفة الجهة صاحبة التأثير الأكبر على نظام العدالة الجنائية وممارسات الشرطة، وقال: “عندما نفكر في السياسة، فإن أغلبنا يركز فقط على الرئاسة والحكومة الفيدرالية، نعم علينا القتال للتأكد من أن لدينا رئيس، وكونجرس، ووزارة عدل، وقضاء فيدرالي يعترف بـ التأثير الضار للعنصرية على المجتمع، ويعرفون ما الذي يجب فعله حيالها”.
ولكن، أكد أوباما أن المسؤولين المُنتخبين يلعبون دورًا أكثر أهمية في إصلاح أقسام الشرطة ونظام العدالة الجنائية.
مطالب بالإصلاح
وأخيرًا، قال أوباما إنه كلما كان الشعب قادرًا على تقديم مطالب مُحددة بشأن العدالة الجنائية وإصلاح الشرطة، أصبح من الصعب على المسؤولين المُنتخبين إسكات المحتجين ببعض الكلمات وعدم القيام بأي تغيير بعد انتهاء الاحتجاجات.
ولفت الرئيس السابق إلى أن أجندة الإصلاحات ستختلف باختلاف المجتمعات، قد تحتاج المدينة الكبيرة إلى أمور تختلف عما تحتاجه المجتمعات الريفية، إذ أن بعض المجتمعات لن تحتاج إلا إلى تحسينات طفيفة، فيما تحتاج أخرى إلى إصلاح جذري.
وقال أوباما إن الأشهر القليلة الماضية كانت صعبة ومُحزنة، لاسيما مع الشعور بالخوف من الوباء، والحزن، عدم اليقين، علاوة على الوقائع التي ذكرت الجميع بالتحيز العنصري وعدم المساواة وأكدت أنهما لا يزالان مشكلتين كبيرتين في المجتمع الأمريكي، لكن رؤية الشباب ينتفض ويدعو إلى المساواة جعلته يتفاءل.
وأنهى الرئيس السابق مقالته قائلا: “إذا استطعنا في المستقبل توجيه غضبنا إلى أعمال سلمية ومستدامة وفعالة، فإننا سنشهد نقطة تحول حقيقية في رحلة أمتنا الطويلة للارتقاء، هيا بنا إلى العمل”.
تعليق أوباما
وسبق أن أصدر الرئيس السابق، باراك أوباما، مساء الجمعة الماضية، أول تعليق على واقعة مقتل جورج فلويد.
ونشر أوباما بيانًا عبر حسابه على “تويتر” علق فيه على الواقعة قائلًا إنه “لا ينبغي أن تكون مثل تلك الحوادث أمرًا عاديًا في الولايات المتحدة”.
وتابع بقوله: “لا ينبغي أن نصمت على مثل تلك الحوادث مجددا، ولا ينبغي أن تمر ولا ينبغي أن تكون أمرا عاديا”.
My statement on the death of George Floyd: pic.twitter.com/Hg1k9JHT6R
— Barack Obama (@BarackObama) May 29, 2020
وأضاف: “من الطبيعي أن يتمنى المرء أن تعود الحياة إلى المجرى الطبيعي، بينما يمس الوباء والأزمة الاقتصادية كل شيء حولنا”.
وتابع: “ولكن يجب أن نتذكر أن التعامل المختلف بناء على العرق بالنسبة لملايين الأمريكيين يعتبر مأسويا ومؤلما وجنونيا”.
وشدد الرئيس السابق على أن “ذلك لا ينبغي أن يكون طبيعيًا في أمريكا في 2020، وهذا من المستحيل أن يكون طبيعيا.. وإذا أردنا لأطفالنا أن يكبروا في أمة تحقق مثلها العالية، فبإمكاننا ومن واجبنا أن نكون أحسن من ذلك”.
ودعا أوباما المجتمع الأمريكي للعمل معا على “وضع طبيعي جديد” لا مكان فيه للتمييز العنصري والمعاملة غير المتساوية.