أخبارأخبار العالم العربي

توتر في أزمة سد النهضة والجيش المصري في وضع الاستعداد القتالي

تصاعد التوتر في ملف أزمة سد النهضة المشتعلة منذ فترة بين كل من مصر والسودان وأثيوبيا، بعد أنباء عن اعتزام الجانب الأثيوبي بدء ملء خزان السد المثير للجدل دون انتظار موافقة من الجانبين المصري والسوداني.

ويشكل سد النهضة الإثيوبي مصدرًا للتوتر في حوض نهر النيل، منذ أن أطلقت إثيوبيا المشروع في عام 2011، وتقول أديس أبابا إن السد مهم لاقتصادها، بينما تخشى القاهرة من أن يوثر على كمية مياه النيل الذي يوفر كل احتياجات مصر من المياه تقريبا.

وفشلت المحادثات، التي أجريت في وقت سابق من هذا العام، بين الحكومتين والسودان، الدولة الأخرى المعنية، في تحقيق انفراج.

استعداد قتالي

وفي تطور لافت طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من الجيش المصري “التحلي بأقصى درجات الجاهزية والاستعداد القتالي لحماية أمن مصر القومي”.

وأثار هذا الإعلان جملة من التساؤلات بشأن توقيته، خاصة وأنه يأتي بعد هذا اجتماع للسيسي مع وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، وذلك بحضور رئيس هيئة العمليات، ورئيس الهيئة الهندسية، وقائد المنطقة المركزية العسكرية.

وربط مراقبون بين اجتماع السيسي بوزير الدفاع وطلبه بالاستعداد القتالي بسببين إثنين، الأول هو التطورات الليبية، والثاني هو إعلان الخارجية الأثيوبية عدم تأجيل ملء سد النهضة.

تصعيد التوتر

 وكان وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندارغاشيو، قد أكد في رسالة بعث بها إلى مجلس الأمن، أمس الاثنين، إن بلاده “لا ترى أي سبب لتأجيل ملء خزان سدها” الضخم، على الرغم من تحذيرات مصر من أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تزعزع استقرار المنطقة.

وفي أبريل الماضي، اقترح رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد المضي في “ملء المرحلة الأولى” التي ستجمع 18.4 مليار متر مكعب من المياه في خزان السد على مدى عامين.

لكن كلا من مصر والسودان يخشيان من أن الخزان، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية القصوى 74 مليار متر مكعب، سيحتجز إمدادات المياه الأساسية السنوية للنهر.

اعتراض مصري

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في رسالة إلى مجلس الأمن في 1 مايو إن ملء السد وتشغيله “سيعرض الأمن المائي والأمن الغذائي (المصري) للخطر، بوجود أكثر من 100 مليون مصري يعتمدون بشكل كامل على نهر النيل لكسب عيشهم”.

وأضاف “أن هذا وضع يحتمل أن يشكل تهديدا خطيرا للسلام والأمن في جميع أنحاء المنطقة”.

وتريد مصر من إثيوبيا أن تصادق على مسودة اتفاقية انبثقت من المحادثات في وقت سابق من هذا العام بوساطة من وزارة الخزانة الأميركية، التي تدخلت بعدما طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من نظيره الأميركي دونالد ترامب التدخل.

وتحدثت مصر في رسالتها لمجلس الأمن عما اتخذته من مواقف مرنة ومُتسقة مع قواعد القانون الدولي، وشددت على أهمية الانخراط الإيجابي من جانب إثيوبيا في مباحثات لتسوية هذا الملف بشكل عادل ومتوازن، وبما يضمن استدامة الأمن والاستقرار في المنطقة.

تعنت إثيوبي

لكن إثيوبيا تخطت الجولة الأخيرة من تلك المحادثات ونفت التوصل لأي اتفاق، معلنة بدء تخزين 4.9 مليار متر مكعب في بحيرة السد، في يوليو المقبل.

وفي 14 مايو اتهم وزير الخارجية الإثيوبي، غيدو أندارغاشيو، القاهرة، مصر بعرقلة مشروع السد الأثيوبي. وقال غيدو إن “إثيوبيا ليست ملزمة قانونًا السعي للحصول على موافقة مصر لملء السد”. وأضاف أن “إثيوبيا بذلت جهوداً استثنائية لاستيعاب مطالب مصر التي لا تنتهي وسلوكها الذي لا يمكن التنبؤ به”.

فيما قال أمسالو تيزازو، المتحدث باسم الشؤون الخارجية بالإنابة في إثيوبيا، إن خطة البلاد لبدء ملء سد النهضة الإثيوبي في موسم الأمطار المقبل، هي جزء من بناء السد المقرر، وبالتالي فإنه لا توجد حاجة إلى إخطار السودان ومصر.

وفي مقابلة مع وكالة الانباء الاثيوبية، قلل تيزازو من شأن رسالة قدمتها مصر لمجلس الأمن الدولي مؤخرا بشأن سد النهضة، وقال :”هذا ليس مفاجئا كالمعتاد، ونعتقد أنه لن يحقق أي نتيجة”.

وأضاف :”لا شيء متوقع منا فيما يتعلق بملء السد، لأن مصر والسودان يعرفان أن ذلك سيحدث عندما يصل بناء السد إلى مستوى معين، وبعد كل شيء فإنه يتم بناؤه لملئه”.

وتابع المتحدث أن السودان ومصر يعرفان متى ستتم عملية الملء والكمية التي سيتم ملء السد بها في كل مرحلة.

وقال إن إثيوبيا حريصة على”الاستخدام العادل والمنصف للموارد المشتركة بين جميع دول حوض النيل”، على حد زعمه.

هل تشتعل الحرب؟

يؤكد المراقبون أن مصر لا تسعى للحرب ولا تفكر في إطلاق صاروخ مثلاً على سد النهضة، لكنها تدفع على صعيد دولي لإجبار أثيوبيا على العودة للتفاوض واحترام الوسطاء.

وأشاروا إلى أن مصر منذ اللحظات الأولى للأزمة جنحت للسلم ولم تلوح بالحل العسكري رغم امتلاكها القدرة على تدمير السد، وفضلت احترام العلاقات التاريخية بين القاهرة وأديس أبابا وطلبت من الولايات المتحدة الوساطة في الملف ونقلته فيما بعد إلى مجلس الأمن.

وأوضح ويليام دافيسون من مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة لمنع النزاعات، أنّه في حين أن رسالة مصر إلى مجلس الأمن تزيد من مخاطر نشوب نزاع، فإن احتمال نشوب نزاع مسلح بسبب الخلاف حول السد لا يزال “مستبعداً للغاية”.

وقال دافيسون “يمكننا توقع نوع من التصعيد الدبلوماسي وخطاب أكثر عدوانية. لكن من الواضح أن التوصل إلى حل تفاوضي هو أفضل سبيل للجميع. ولا يزال هناك كثير من الاحتمالات لذلك”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين