تضارب التحليلات حول حرب متوقعة بين واشنطن وبكين

هاجر العيادي
قد يبدو لك منذ الوهلة الأولى أن التوتر الحاصل بين أمريكا والصين، انطلق مع اجتياح كوفيد-19 لدول العالم، لكن الحقيقة مخالفة لذلك، فلو رجعنا الى الوراء سنتبين أن القصة أعمق بكثير من حكاية كورونا المستجد.
وفي هذا الصدد، عرف تاريخ العلاقات بين البلدين تعاونًا خلال فترة الحرب العالمية الثانية، لكن أثناء الحرب الباردة بعد مجئ ماو تسي تونغ إلى السلطة وتحويله الصين إلى بلد شيوعي تغيرت العلاقات بين البلدين.
وشرعت الصين بمهاجمة الولايات المتحدة في الحرب الكورية وفي حرب فيتنام وأصبحت الصين ثاني أخطر عدو للولايات المتحدة بعد الاتحاد السوفييتي،وفق عدة تقارير.
لكن بعد الإصلاح الاقتصادي الصيني انفتحت العلاقات بين البلدين ووقع البلدين إتفاقية خفض الأسلحة النووية وإتفاقيات مكافحة الإرهاب.
ويوم بعد يوم أضحت الصين تحقق التقدم والتطور على جميع المستويات، وتمكّن الصينيون من أن يثبتوا أن “الأمريكيين لم يعودوا أسيادا في المناطق المهمة للصين.”
ومن هذا المنطلق بات بوادر الحرب تبرز من خلال طرح سؤال من هو سيد العالم؟
كورونا وتصفية الحسابات
تتالت الأيامات والأحداث وصولا إلى إجتياح كورونا العالم، وليتحول كوفيد 19 إلى ورقة لتصفية الحسابات بين الصين والولايات المتحدة حيث تتبادل الدولتان الاتهامات بشأن مسؤولية انتشاره.
وانتقلت واشنطن إلى توجيه اتهامات صريحة لبكين بالتقاعس ما تسبب في انتشار أوسع للوباء، في خطوة يبدو أنها تهدف للتصدي لحملة صينية تروّج لوقوف الولايات المتحدة خلف ظهور الفايروس، بعد أن حرصت خلال الشهرين الماضيين على التذكير بأن الفايروس ظهر في الصين.
تداعيات أكبر من الوباء
ومن الواضح وفق متابعين إلى احتمال انتقال المواجهة الأمريكية الصينية إلى مستوى أخطر؛ فما أحدثه وباء «كورونا» قد يخلِّف تداعيات أكبر من المتوقّع، ويفضي إلى اندلاع حرب بين البلدين.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة ديلي ميل الإنكليزية أن الصين تحاول استغلال انشغال العالم بالفيروس؛ لبسط سيطرتها على بحر الصين الجنوبي، حيث حوّلت سابقاً ثلاث جزر كبيرة متنازع عليها إلى قواعد عسكرية كما تظهر صور الأقمار الصناعية.
في الأثناء، تم تجهيز مطار آخر في جزيرة دياويو بالصواريخ والطائرات المقاتلة وأنظمة الرادار هناك.
تحركات تأتي عقب أيام من كشف تقارير إعلامية أن الصين تستعد للإعلان عن قاذفة الصواريخ الأسرع من الصوت في وقت لاحق هذا العام.
نقطة اندلاع الحرب
ومن المتوقع أن يكون بحر الصين نقطة اندلاع الحرب بين أمريكا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى،وفق ماجاء في الصحيفة.
كما أشارت الصحيفة إلى أن الدول المجاورة على غرار ماليزيا والفلبين وفيتنام وتايوان وبروناي، كلها ستصبح في مرمى النيران، وقد تجد نفسها بطريقة غير مباشرة في الصراع.
وكان وزير الدفاع الصيني وي فنغ قد أعلن أن بلاده ستقاتل بأي ثمن، إذا اندلعت الحرب مع الولايات المتحدة.
في المقابل، سارعت الولايات المتحدة بالرد بإرسال 3 سفن حربية إلى بحر الصين الجنوبي، المكان الحيوي بالنسبة الى الاقتصاد العالمي.
ويعتبر البحر الصيني أكثر ممرات الشحن ربحا في العالم، كما يحمل تجارة تبلغ قيمتها نحو 4.2 تريليونات دولار سنوياً.
ويقدر أن ما نسبته 12% من التجارة البريطانية المنقولة بحرا أي مايعادل 120 مليار دولار من الواردات والصادرات سنويا تمر عبر المنطقة.
تاريخية الصراع
ويشار إلى أن الخلاف حول المنطقة يرجع إلى 1947 عندما رسمت بكين، في أعقاب استسلام اليابان عام 1945،ما يسمى خط “الخطوط التسعة”
وهو ما يعني أن حوالي 90 % من بحر الصين الجنوبي أصبح تحت سيادتها.
وأثار هذا غضب الدول الأخرى التي اعتبرت أن هذا الأمر يعتبر إنتهاكا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
في الأثناء، يتركّز الخلاف في مطالبات الدول المتنافسة بملكية أرخبيل «باراسيل وسبراتلي» والمياه والموارد المحيطة به.
تراشق الإتهامات من جديد
ولم يقتصر الخلاف عند هذا الحد، بل عاود الظهور من جديد على خلفية تفشّي «كورونا» المستجد، حيث أعلن دبلوماسي صيني أن بلاده والولايات المتحدة أيّدتا مشروع قرار في مجلس الأمن لمجابهة الجائحة، الخميس، لكن بلاده شعرت «بصدمة وأسف» لتغيير واشنطن موقفها، الجمعة.
في المقابل، كذّب دبلوماسي أمريكي صحة مايروج ، موضحا على أن الولايات المتحدة لم توافق على النص أصلاً.
تطورات تأتي في وقت تحاول الدول الأعضاء في المجلس الخمس عشرة، منذ أكثر من ستة أسابيع، الاتفاق على نص، يهدف في نهاية الأمر إلى دعم دعوة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 23 مارس الماضي، لوقف النار في دول النزاع، و ليتمكّن العالم من التركيز على مجابهة الوباء.
وفي نفس السياق، قالت شبكة «إن بي سي نيوز» إن وكالتَي المخابرات الأمريكية والبريطانية تدرسان تقريرا، يشير إلى وقوع حدث طارئ في مختبر الفيروسات بمدينة ووهان الصينية في أكتوبر الماضي، وهو المختبر الذي تحوم حوله اتهامات غربية، تتعلّق بنشأة كوفيد19 .
كما نقل موقع “إن بي سي نيوز” أن التقرير المذكور هو تحليل من جهة خاصة لبيانات الهواتف المحمولة في تلك المنطقة.
من جهة أخرى، يظهر التقرير انقطاع نشاط الهواتف المحمولة في جزء شديد الحراسة من ذلك المختبر التابع لمعهد ووهان لعلم الفيروسات في الفترة بين 7 و24 أكتوبر 2019.
كما يشير إلى أن «حدثاً خطيراً» ربما وقع هناك بين يومي 6 و11 من الشهر نفسه. وقالت الشبكة الأمريكية إن وحدة التحقق التابعة لها حصلت على نسخة من التقرير المذكور.
وبدورها كشفت “ديلي ميل” عن أدلة جديدة تثبت أن الصين كانت على علم بظهور كوفيد19 منذ شهر سبتمبر 2019، وخططت للتعامل معه، وأخفت ذلك عن العالم.
وبحسب” ديلي ميل” فبعد ظهر يوم 18 سبتمبر الماضي، تلقّى مكتب الطوارئ في مطار ووهان رسالة، مفادها أن أحد الركاب على متن إحدى الرحلات يعاني صعوبات في التنفّس، ليندفع الموظفون في المطار إلى الطائرة، مرتدين أقنعة واقية بطريقة التعامل نفسها مع مصابي «كورونا».
وعقب ذلك،أفاد مركز ووهان للإسعافات الأولية بأنه تم تشخيص الحالة على أنها نوع جديد من الفيروسات التاجية، وفق عدة مصادر مقربة
إلا أن الحكومة الصينية أعلنت أن ما حدث مع مصاب الطائرة كان مجرد مناورة، استعدادا لبطولة الألعاب العسكرية التي ستقام في ووهان في 18 أكتوبر، بحضور 1000 منافس.
دليل آخر
من جهة أخرى، أشارت ” ديلي ميل” إلى أن الدليل الثاني ما أعلنه بعض اللاعبين الفرنسيين الذين شاركوا في بطولة العالم للألعاب العسكرية (ووهان 2019) أنهم يعتقدون أنهم أُصيبوا بالفيروس أثناء مشاركتهم في المنافسات.
أما الدليل الثالث، فهو إعلان فرنسا علاج تاجر سمك من مرض التهاب رئوي في 27 ديسمبر الماضي، من دون معرفة الدولة عن تفاصيل ما اكتشفته الصين وخبّأته عن العالم.
من الواضح وفق مراقبين أن فيروس كورونا تحول إلى ورقة لتصفية الحسابات بين الصين والولايات المتحدة حيث لاتنفك الدولتان عن تراشق الاتهامات بينهما تارة بالتصريحات وتارة بالمواقف، وهي إتهامات من شأنها أن تشعل فتيلة الحرب أكثر بين البلدين من جديد.
فهل دقت طبول الحرب أبوابها بين أمريكا والصين؟ وهل ستقتصر الحرب إن اندلعت على الصين وأمريكا؟، أم ستتخطى ذلك وتكون القارة العجوز مسرحا رئيسيا لها؟
وحدها الأيام القادمة كفيلة للإجابة عن كل هذه التساؤلات، ولحين ذلك يبقى الثابت أن كوفيد-19 بدلا من أن يوحد العالم سيكون سببًا في حرب جديدة تسمع قرع طبولها يوما ما.