أخبارمنوعات

مبادرة عالمية لإنقاذ الصحافة ودعوة لفرض ضريبة على شركات الويب

تعاني الصحافة من أزمات متعددة في السنوات الأخيرة، منها ما يتعلق بالقيود المفروضة عليها والتهديدات والمخاطر التي تواجه العاملين بالمهنة، بالإضافة إلى أزمات التمويل التي تمثل عائقًا كبيرًا أمام العديد من المؤسسات الصحفية وأدت إلى إعلاق العديد منها.

وزاد الوضع سوءًا في ظل أزمة كورونا التي تجتاح العالم حاليًا، والتي أدت على أزمة اقتصادية عالمية ألقت بظلالها على سوق الإعلانات التي تعد مصدرًا أساسيًا في تمويل الصحف والمؤسسات الإعلامية.

وبالتزامن مع هذه الأزمة وجد الصحفيون أنفسهم أمام قيود من نوع جديد فرضتها بعض الدول والحكومات حول المعلومات لإخفاء العديد من الحقائق المتعلقة بتفشي الفيروس، إضافة إلى تهديد الفيروس نفسه لحياة الصحفيين وتقييد حركة تنقلهم للقيام بعملهم.

أضرار كورونا

وأفادت دراسة نشرها الاتحاد الدولي للصحفيين مؤخرًا بأن ظروف عمل الصحفيين والمراسلين حول العالم تدهورت أكثر خلال جائحة كورونا.

وبحسب “أسوشيتد برس” فإن الاتحاد، تواصل مع 1308 صحفيًا في 77 دولة، وقال إن 3 من كل 4 صحفيين واجهوا قيودًا أو عرقلة أو تخويف أثناء تغطيتهم لأزمة الفيروس.

وقال ثلثا الصحفيين المستقلين إنهم عانوا من ظروف عمل أسوأ، بما في ذلك تخفيض في الأجور، وخسارة إيرادات بل ووظائفهم.

وأكد جميع الصحفيين المستقلين تقريبا أنهم فقدوا جزء من راتبهم، وبعضهم فقد عمله بالكامل.

من جهة أخرى، أثر العمل وسط أزمة الفيروس على الصحة العقلية للصحفيين، حيث بات أكثر من نصفهم يعانون من التوتر والقلق، وفي هذا الصدد قال الاتحاد الدولي للصحفيين، إن أكثر من ربع المراسلين قالوا إنهم يفتقرون إلى المعدات المناسبة للعمل من المنزل في ظروف آمنة وسط إجراءات الإغلاق التي تطبق على نطاق واسع لإبطاء انتشار الفيروس.

دعم وحماية

من جهته، اعتبر الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنتوني بيلانجر أن “هذه النتائج تظهر اتجاهاً مقلقاً لتقلص حرية الإعلام في الوقت الذي يكون فيه الوصول إلى المعلومات والصحافة الجيدة أمراً بالغ الأهمية، مؤكدًا أن الصحافة منفعة عامة وتستحق دعمًا عامًا، وإنهاء العوائق أمامها والتدخل السياسي”.

في السياق ذاته، طالب الاتحاد الذي يمثل أكثر من 600 ألف صحافي عبر العالم، الحكومات إلى إعطاء الأولية لدعم الصحافيين غير المستقرين بما في ذلك المستقلون منهم، من خلال إنشاء صندوق الحماية الاجتماعية، ومن خلال إعفائهم من ضريبة الدخل ومنحهم القروض المصرفية بأسعار مخفضة.

خطة تحفيز

وأطلق الاتحاد الدولي للصحفيين “المبادرة العالمية لدعم الصحافة النوعية”، بهدف إنقاذ الوظائف في قطاع الصحافة والاعلام وحمايتها، حيث تساهم هذه المبادرة في صياغة مستقبل يدعم اقتصاد معلومات مستدام، يستند إلى أخلاقيات المهنية ومدعوم من الجمهور.

وفي هذا الإطار اقترح الاتحاد خطة تحفيز عالمية قوية وفورية لإنقاذ المؤسسات الإعلامية الأكثر تضررًا والصحفيين الأكثر عرضة للتهديد.

ودعا الاتحاد الدول المتضررة من جائحة كورونا إلى فرض ضرائب على الإيرادات التي ولدت دخل أراضيها من والتي ربحتها شركات الويب الكبرى وهي “جوجل” و”أبل” و”فيسبوك” و”أمازون” و”مايكروسوفت”، وتوجيهها إلى دعم الصحافيين المتضررين من تداعيات الجائحة.

وأفاد الاتحاد في مبادرته بأن الشركات المذكورة تدفع ضرائب في معظم البلدان التي تجمع فيها إيرادات تقدر بنحو 900 مليار دولار في جميع أنحاء العالم.

وأوضح أن فرض ضرائب على الإيرادات بنسبة 6 في المائة يمكنه أن يضخ 54 مليار دولار في الصحافة، داعيا إلى استخدامها في دعم وسائل الإعلام العمومية والخاصة ووسائل الإعلام الوطنية والمحلية غير المملوكة للشركات متعددة الجنسية، ودعا كذلك الصحافيين إلى إدارة هذه الصناديق بشكل مشترك من قبل النقابات الممثلة للصحافيين والإعلاميين.

وشدد الاتحاد على أن “أي حافز للتعافي الصحفي يجب أن ينال الدعم الضروري”، مشيرًا إلى أن الأموال المحصلة من الضريبة المقترحة يجب أن تستخدم “كأولوية لدعم التعاون المستقل والمؤسسات الإعلامية غير الهادفة للربح”.

أزمة مدمرة

وقال الاتحاد في بيانه إن “العزل الكبير”، كما وصفه صندوق النقد الدولي، في إشارة إلى “الكساد الكبير” لعام 1929، لم يترك أي قارة أو قطاع دون مساس، ووسائل الإعلام، مهما كانت طبيعتها، فهي غير قادرة على الهروب من هذه الموجة المدمرة”.

وتابع “لقد أغلقت العديد من المؤسسات الإعلامية، واختفت الملايين من الوظائف، ورغم أن المواطنين يحتاجون لمعلومات نوعية أثناء الأزمات إلا ان الصحفيين سيعانون من تأثير هذه الأزمة الخانقة”.

وشدد على أنه “حان الوقت لحماية وسائل الإعلام، والحفاظ على الوظائف ودعم العاملين في ظروف تشغيل هشة”.

وأضاف “ولكن حان الوقت أيضا للتحضير للمستقبل، من خلال صحافة قائمة على التضامن واحترام أخلاقيات المهنة وحقوق العمل والحريات الأساسية”.

دور أساسي

وأبرز بيان الاتحاد الدولي للصحفيين أن الصحافيين أظهروا منذ بداية الوباء “بوضوح الدور الأساسي الذي يلعبونه في تثقيف المواطنين، ووضع الكم الهائل من الأرقام والبيانات  في سياقاتها، وشرح المسائل العلمية، والأهم من ذلك، تحليل الروايات التي يقدمها السياسيون  وطرح الأسئلة الصعبة وكشف الفشل المؤسسي، حيثما وجد”.

وأضاف: ”وبفضل مشاركتهم، استمرت الصحافة كجزء من منظومة الصالح العام، وواصلت ازدهارها كعمود فقري لديمقراطياتنا”.

قيود واستبداد

وعبر الاتحاد الدولي للصحفيين عن أسفه لما اعتبره “استغلال دول عديدة هذه الأزمة لزيادة استبدادها، وتعزيز أنظمة مراقبة المواطنين أو سجن الصحفيين، في حين أن بعض شركات الإعلام تخفض الرواتب دون مفاوضات، أو تخفض من العلاوات والامتيازات، أو تقوم بتسريح الموظفين”.

ودعا البيان جميع الحكومات الوطنية إلى الالتزام بالصحافة النوعية في هذا الوقت الذين يشهد انتشار التضليل الإعلامي، وذلك من خلال اتخاذ تدابير سياسية واقتصادية قوية تضمن بقاء الإعلام الجيد والصحفيين المحترفين.

وأشار إلى أن العديد من أعضاء الاتحاد الدولي للصحفيين حول العالم حققوا تقدمًا كبيرًا والتزامات قوية من حكومات بلدانهم واتحادات أصحاب المشغلين من خلال ضمان السلامة الجسدية والنفسية للعاملين الإعلاميين، وتمكين الصحفيين من التحرك بحرية في أوقات الحجر العام، و تزويد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام بوسائل العيش والعمل اللائق بمساعدة مالية استثنائية، على الرغم من انخفاض الدخل.

وشدد على أن الاتحاد وأعضائه في جميع أنحاء العالم، سيكون في طليعة صحافة المستقبل على المستويين العالمي والوطني، وسيواصلون تعزيز جودة الصحافة النوعية، والملتزمة بأخلاقيات المهنة والقائمة على التضامن، مشير إلى أن “هذا ما دافع عنه الاتحاد منذ تأسيسه في عام 1926”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين