الراديو

وباء كورونا من منظور الإيمان.. مع فضيلة الدكتور شادي ظاظا

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

الأوبئة من أسوأ النوازل التي يمكن أن تحل بمجتمع من المجتمعات، ذلك لأنها تتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح البشرية، كما أن المرض قد يُحدِث تحوّلًا في مصائر البشر إلى الأسوأ.

والحقيقة الماثلة أمامنا تقول إنه كلما تقدم الزمن بالبشرية وارتقت العلوم والتكنولوجيا، كلما ظهرت فيروسات جديدة أكثر ذكاء وخطورة لم تكن موجودة من قبل، كفيروس الإيدز وإيبولا وسارس وكورونا، وغيرها من الفيروسات.

وبالتأكيد فإن فيروس كورونا الجديد لن يكون آخر هذه الفيروسات، وكلها تظهر عدم جاهزية العالم وعجزه في مواجهة هذه الكائنات الضعيفة، الأمر الذي يتطلب من دول العالم، وبالأخص المتقدمة منها، تخصيص جزء بسيط من موازناتها لدعم البحوث الخاصة بمواجهة هذه الفيروسات والأوبئة التي تهدد البشرية.

في هذا السياق؛ ناقشت الإعلامية “ليلى الحسيني” مع فضيلة الدكتور شادي ظاظا، مؤسس منظمة رحمة في كل العالم، ومدير فرع الجامعة الاسلامية في ديترويت.، التفكر الروحي و العبرة من جائحة كورونا من منظور الإيمان.

وطرحت الحلقة تساؤلات عديدة حول حقيقة الوباء على مر التاريخ، وكيف نتعامل مع متغيرات الحياة في المستقبل؟، وما هي الحكمة من هذه الأحداث؟

سُنّة كونية
بدأ د. شادي حديثه عن الوباء من منظور الإيمان، حيث قال: “هذه سُنّة من سنن الله الكونية، فهو شئ متكرر على مدى التاريخ، يأتي للبشر لإعادة ضبط مسار وبوصلة الحياة البشرية على هذه الأرض، حيث تغيب أحيانًا بعض القيم والمبادئ نتيجة تسارع مجريات الحياة وأحداثها، فتأتي هذه السنن لإعادة ضبط مسار الحياة”.

وتابع: “منذ شهر تقريبًا، كنا نذهب إلى أعمالنا ونتحرك في الشوارع، وبعضنا كان يشتكي من تلك الأيام، الآن جميعنا نقدّر أن حريتنا وحياتنا العادية الطبيعية تلك كانت نعمة لا ندركها جيدًا، فيجب أن نشكر الله على ما نملك من نعم”.

حكمة الخالق
البعض يعزو ما يحدث حاليًا إلى أنه غضب من الله سبحانه وتعالى على عباده، وهناك من ينفي ذلك ويقول إنه غير علمي وغير دقيق، فيما يقول آخرون إنها فرصة للتعاضد الاجتماعي والاستنفار والتعاون لإيجاد الحل.

وفي هذا الصدد يقول د. شادي: “إن الله رحيم بعباده، ولطيف بهم، لا يعاملهم بمعاملتهم، لكن يمكننا الحديث هنا عن انتشار الظلم بين البشر وأنه لا أحد يتعظ، إضافة إلى فقدان الفضائل والقيم، فربما جاء هذا الفيروس في هذا الوقت لإعادة ضبط قيمة الإنسان على وجه الأرض”.

وأضاف: “لا يجوز أن يتدخل الإنسان ليقول إن هذا غضب من الله، أو غير ذلك، فربما يكون هذا الفيروس فضلٌ من الله، فنحن نراه محض شر، ولكن ربما يكمن خلفه خير كبير للبشرية، فلا يمكن لنا نحن البشر أن نتدخل ونُفسّر أفعال الله مع خلقه، ولكن علينا أن نقف مع الحكم التي نراها في الأحداث الدائرة حولنا”.

نظرة إيجابية
تحدث ابن خلدون في مقدمته عن أحوال العالم والأمم، وقال “إنها لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على مرّ الأزمان وانتقال من حال إلى حال”، فلعل هذا الفيروس بوتيرته المتسارعة والعابرة للحدود، هو من بين هذه التحولات الكبرى في حياة الأمم.

وعن التعامل مع متغيرات الحياة في المستقبل؛ قال “د. شادي”: “الإنسان القريب من الله دائمًا يمشي مع الحكمة التي يتعلمها من كل حدث في الكون، ونحن اليوم نريد أن نصحح النظرة إلى الحدث حولنا، وأن نتعامل معه بتعامل واقعي، وأن نستمر في حياتنا بتفاؤل وبنظرة إيجابية نحو الأفضل، وألا نستسلم للإحباط واليأس والسوداوية، وعلينا أن نجدد علاقتنا بالله سبحانه وتعالى”.

رسائل إلهية
قد يكون هذا الفيروس فرصة لإعادة التفكر وإعادة تقييم عملنا، خاصةً وأنه لم يستثنِ أمة أو طائفة أو عرق، فقد توحد الجميع في هذه الجائحة، يقول د. شادي: “إن هذا الأمر حدث كي نرى قدرة الله، والمعنى الحقيقي لها، كذلك لنتفكر في حال الناس الذين يعانون من ويلات الحروب والنزاعات، فقد تكون هذه رسالة من الله سبحانه وتعالى كي نعلم ونرى أحوال البشر الذين لا نراهم”.

وأردف: “أريد أن أطمئن الجميع أن الأمر ليس بيد البشر، وإنما بيد الله، فإذا أراد الله أن يُكشف هذا الوباء غدًا.. فستعود الحياة بشكل طبيعي في الغد، ولكن علينا ـ نحن ـ أن نراجع انفسنا، وعلاقتنا فيما بيننا، وعلينا أن نتعاون جميعًا لتجاوز هذه المحنة إن شاء الله”.

إيقاظ الضمير
تتشابه اليوم مخاوف البشرية، حيث توحدت همومها في مواجهة هذا البلاء، وهو ما يستدعي إيقاظ الضمير الإنساني والخلق الإيماني في داخل كل فرد على هذا الكوكب.

في هذا الصدد قال “د. شادي”: “رسالة فيروس كورونا جاءت لتقول للناس.. إذا لم تتحركوا لمعاونة بعضكم البعض.. فلن تنفعكم أموالكم ولا حياتكم، لأن التسليم والنجاة تأتي من الله، فعلى كل فرد أن يزكي عن ماله وأن يعاون الفقراء والمرضى”.

وأضاف: “النأي بالنفس والمال الآن لن يحمي أحدًا من الجائحة، وهناك قول مأثور يقول (ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة)، فلذلك دورنا جميعًا هو أن نبحث عن بعضنا بعضًا، وأن نتفقد أحوال بعضنا بعضًا، وأن يكون هناك تكافل وتعاضد وتعاون، لأننا في النهاية نعيش جميعًا في زورق واحد”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى