أخبارأخبار العالم العربي

لغز ليبيا.. حظر تجول بدون إصابات وكورونا قد يوقف الحرب

هاجر العيادي

يواصل فيروس “كورونا” المستجد انتشاره في العديد من دول العالم مخلفًا المزيد من الضحايا والمصابين، حتى أصبح وباءً عالميًا وفق تصنيف منظمة الصحة العالمية التي دعت دول العالم إلى الاستعداد لأسوأ السيناريوهات.

وفي خضم كل هذا الرعب العالمي تعيش دول عربية تعرف حروبًا دموية منذ سنوات في منأى عن هذا الوباء، حسب مسؤوليها الذين يرفضون الإعلان عن وجود إصابات بالفيروس داخل بلدانهم.

هذه الدولة هي ليبيا، التي تنفي السلطات فيها وجود أية إصابة بفيروس كورونا داخل أراضيها، ورغم ذلك أعلنت تطبيق حظر التجول داخل العاصمة طرابلس لمنع تفشي الفيروس.

لغز عدم عدم وصول كورونا

وفي هذا الصدد، نفت الإدارة العامة للبحث الجنائي في بنغازي ما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام بشأن وجود اشتباه في إصابة بفيروس كورونا في مستشفى ابن سينا بالمدينة، مؤكدة أنّها “أخبار عارية من الصحة تماماً”.

كما أوضحت الإدارة العامة للبحث الجنائي عبر صفحتها الرسمية، أنّها تواصلت مع إدارة المستشفى للتأكّد من صحة الأنباء، فنفت الأخيرة الخبر، مؤكدة أنّ المراكز الصحية في المدينة أكّدت كلها عدم وجود أيّ حالة معزولة لديها أو أخرى مشتبه في إصابتها.

وفي سياق متصل، أوضح محمد العزيبي المتحدث باسم لجنة مكافحة كورونا التابعة للمركز الوطني لمكافحة الأمراض، أنّ المركز هو الجهة الوحيدة المخوّلة في ليبيا بمتابعة انتشار الفيروس، وذلك بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، داعياً المواطنين والإعلام إلى توخّي الدقة في نقل الأخبار ذات الصلة.

حكم المحاصرة بالوباء

تصريحات تأتي في وقت يرى فيه متابعون أن ليبيا باتت في حكم المحاصرة بفيروس كورونا الجديد الذي ظهر في كل الدول المجاورة لها، تحديداً في تونس والجزائر ومصر والنيجر والسودان، بالإضافة إلى إيطاليا التي تُعَد أكثر الدول الأوروبية قرباً إليها .

ويقول مصدر مطلع في بنغازي أنّ “الوضع سيكون كارثيًا إذا وصل الفيروس إلينا”. ومن هذا المنطلق، يؤكد العزيبي عدم قدرة النظام الصحي في ليبيا على مواجهة انتشار الفيروس.

كما لفت العزيبي إلى أنّ “دولاً تملك بنى تحتية صحية أفضل منّا لم تستطع احتواء الانتشار السريع للفيروس”، مؤكداً أنّ لجنته تعمل بالممكن لديها، وذلك من خلال تعيين فرق مختصّة في كلّ المنافذ البحرية والجوية والبرية في ليبيا، وإصدار منشورات توعية تبيّن طرق الوقاية من الفيروس.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أقرّ المركز الوطني لمكافحة الأمراض بأنّ الفيروس “صار يمثّل تهديداً مباشراً”، مشيراً إلى “إمكانية دخوله إلى ليبيا باتت وشيكة”.

وطالب المركز كلّ المراكز الصحية برفع مستوى الجهوزية والاستعداد تحسباً لظهور إصابات بالفيروس لتقليل الأضرار قدر الإمكان.

وإضافة إلى ذلك، طالب المركز “أجهزة الدولة المعنية بالتحرّك فوراً لتشكيل لجان وفرق طوارئ لحشد الجهود والإمكانيات المحلية لمجابهة الفيروس”.

تواقف على وقف إطلاق النار

تطورات تأتي في وقت دعت فيه حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج إلى وقف إطلاق للسماح للبلاد بمواجهة فيروس كورونا.

ولاقت هذه الدعوة ترحابًا من قبل قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر. وقال الجيش الوطني في بيان “إن القيادة العامة ملتزمة بوقف القتال طالما التزمت به بقية الأطراف في إطار الالتزام المتبادل”.

وفي نفس السياق، دعت الأمم المتحدة و9 دول أخرى أطراف النزاع في ليبيا إلى وقف الاقتتال من أجل تمكين الأجهزة الطبية المحلية من الاستجابة سريعاً لمواجهة فيروس كورونا المستجد.

وفي بيان مشترك دعا سفراء الجزائر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا وحكومتا تونس والإمارات إلى “إعلان وقف فوري وإنساني للقتال”.

كما دعا البيان إلى “وقف النقل المستمرّ لجميع المعدات العسكرية والأفراد العسكريين إلى ليبيا من أجل السماح للسلطات المحلية بالاستجابة لتحدّي الصحة العامة غير المسبوق الذي يشكله فايروس كورونا”.

ورحّبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالبيان المشترك ودعت “جميع الليبيين إلى توحيد صفوفهم فوراً وقبل فوات الأوان لمواجهة هذا التهديد المهول وسريع الانتشار، الأمر الذي يتطلب تضافر جميع الجهود والموارد للوقاية منه والتوعية به وتوفير العلاج لمن قد يصيبهم هذا الفيروس”.

إجراءات احترازية

على صعيد آخر، قررت حكومة الوفاق إغلاق الحدود واتخاذ جملة من الإجراءات للتصدي لفيروس كورونا.

وقال رئيس حكومة الوفاق فايز السراج في بيان صدر في وقت متأخر ليلة السبت “نظرًا لتسارع انتشار فيروس كورونا في العالم وإعلانه وباءً من قبل منظمة الصحة العالمية، تُعلَن حالة الطوارئ والتعبئة في ليبيا”.

وأضاف “كما سيتم إغلاق الحدود البرية والجوية لمدة ثلاثة أسابيع ابتداء من الاثنين”، والحد من التجمعات الاجتماعية والرياضية والثقافية وإغلاق صالات الأفراح.

كما أكد السراج تخصيص مبلغ 500 مليون دينار أي ما يعادل أكثر من 300 مليون دولار، لمواجهة مخاطر الوباء.

لماذا لم يصل كورونا إلى ليبيا؟

يسود اعتقاد لدى طيف واسع من الليبيين بأن الحرب القائمة في البلاد، والتي تتسبب في إغلاق مطارات ومعابر حدودية، ساهمت كثيرًا في عدم انتقال فيروس كورونا إلى بلادهم.

لكن هؤلاء لا يأخذون بعين الاعتبار الرحلات القادمة من دول أخرى تدعم اطراف النزاع في ليبيا، والتي سجلت إصابات بفيروس كورونا.

ورغم عدم الإعلان عن تسجيل إصابات بالفيروس حتى الآن في ليبيا فإن مصادر لم تستبعد أن تكون الخطوات التي أعلنت عنها حكومة الوفاق لمواجهة الفيروس غير احترازية، وإنما تأتي على خلفية تفشي الفيروس في طرابلس.

ويشار إلى أن ليبيا تشهد منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 حالة من الفوضى. ومنذ 2015 تتنازع سلطتان على الحكم؛ حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السرّاج ومقرها طرابلس (غرب) وحكومة يدعمها قائد ما يعرف بالجيش الوطني الليبي خليفة حفتر في شرق البلاد.

وعلى الرغم من نفي السلطات الليبية حتى الآن تسجيل أي إصابة بفيروس كورونا، إلا أن خبراء يحذّرون من أن تفشي الوباء قد يؤدي إلى تداعيات كارثية بسبب النظام الصحّي المتداعي في البلاد.

رب ضارة نافعة

وفي وقت يعاني فيه الليبيون من الفقر وتردي الخدمات العامة، تزداد المخاوف من خطورة انتشار الفيروس، لكن تلك المخاوف دفعت على ما يبدو طرفي النزاع للبحث جديًا في وقف الحرب لتركيز الجهود على مواجهة كورونا، في المناطق الخاضعة لسيطرة كل من الطرفين.

وهو ما دفع البعض إلى التساؤل حول إمكانية نجاح كورونا في تحقيق الهدنة المنشودة والتي فشلت جهود دولية عديدة في تحقيقها أو الحفاظ عليها.

وتمّ التوصّل إلى هدنة في ليبيا في 12 يناير شهدت انتهاكات متكرّرة. وتزايدت المخاوف الأممية من احتمال انهيار كامل للهدنة بين الأطراف المتصارعة في ليبيا، فيما يتواصل تبادل القصف بين الجيش الليبي وعناصر حكومة الوفاق المحاصرة في طرابلس.

ولم يتوصل الفرقاء إلى نتيجة حول التوافق الأمني في اجتماعات اللجنة العسكرية “5+5” بجنيف أمام محاولات حكومة الوفاق الالتفاف على بند حظر السلاح الذي يدعمه قائد الجيش الليبي والأمم المتحدة.

من الواضح وفق مراقبين أن الخوف من اجتياح كورنا الأراضي الليبية قد يجمع بين كل من حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج وحكومة الحيش الوطني بقيادة خليفة حفتر ويوحد بينها، لاسيما بعد الاتفاق على إعلان هدنة ووقف إطلاق النار.

فهل سينجح الوباء في ماعجز عنه المجتمع الدولي؟، أم أن الاتفاق على الهدنة بين طرفي النزاع ليس الا مجرد أقوال، لاسيما أن القتال المتقطع لا يزال مستمرا، وهو وضع يفاقم الأزمة، سواء فيما يتعلق بتحرك الفرق الصحية على الأرض، أو ما يتعلق بزيادة أعداد الجرحى الذين يفرض المقاتلون أولوية علاجهم على من سواهم من المواطنين.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين