في رحاب رمضان- كيف تستثمر وقتك في اغتنام فرص ونفحات الشهر الكريم؟
ضيف الحلقة: الشيخ الدكتور إبراهيم الكزروني، إمام المركز الإسلامي في ديترويت.
تقديم: د. شادي ظاظا
أعدها للنشر: مروة مقبول – تحرير : علي البلهاسي
في إطار خريطته البرامجية الجديدة الخاصة بشهر رمضان المبارك، يقدم راديو صوت العرب من أمريكا برنامج “في رحاب رمضان” والذي يلتقي خلاله الدكتور شادي ظاظا، مع عدد من الأئمة ورجال الدين من مختلف الطوائف للحديث عن شهر رمضان المبارك وأجوائه الدينية والروحانية والاجتماعية لنعيشها معًا عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا. وضيفنا في هذه الحلقة فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الكزروني، إمام المركز الإسلامي في ديترويت.
خصائص رمضان
* فضيلة الدكتور.. دعنا أولاً نستعرض مع متابعينا فضائل شهر رمضان، ونستعرض خصائص وصفات هذا الشهر الكريم، ونُذكّر الناس بالنفحات الإيمانية والفرص والثمرات التي يمكن أن يغتنمها ويقطفها المسلم في رمضان.
** شهر رمضان هو شهر عظيم، له مواصفات خاصة تم ذكرها في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وهي مواصفات غير موجودة في أي شهر آخر. يقول تعالى “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ، فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ”، فهو شهر تكون فيه الأعمال مقبولة، كما أنه مميز بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. وهو ما يدل على أنه شهر عظيم، وبالتالي يجب علينا أن نهتم به ونوليه عناية خاصة.
وأنا أعتقد أن شهر رمضان، إضافة إلى الصوم، فهو مدرسة لتصفية الروح، وتحقيق التكامل المعنوي الذي لا يحدث إلا بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى. فما نقدمه في هذا الشهر الكريم يؤثر على باقي أعمالنا في الشهور الأخرى. كما أنه شهر يتجلى فيه الله سبحانه وتعالى على عبادة بالرحمة والمغفرة، وخَصّه الله بأن أنزل فيه القرآن، وجعل فيه ليلة القدر.
استثمر وقتك
* كيف يمكن للإنسان أن يستثمر تلك الأوقات في رمضان، ويعيشها في أجمل صوره، ويقوم بتحضير نفسه روحانيًا للشهر الكريم؟
** بالنسبة لتحضير النفس والروح لشهر رمضان، هناك خطبة عن الرسول عليه الصلاة والسلام ألقاها في آخر شهر شعبان قال فيها: ” أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ . شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الأَيَّامِ، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ …. أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُفَتَّحَةٌ، فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لا يُغَلِّقَهَا عَنْكُمْ، وَأَبْوَابَ النِّيرَانِ مُغَلَّقَةٌ، فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لا يُفَتِّحَهَا عَلَيْكُمْ، وَالشَّيَاطِينَ مَغْلُولَةٌ، فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لا يُسَلِّطَهَا عَلَيْكُمْ ….” و في آخر هذه الخطبة قام أمير المؤمنين علي بن أب طالب وسأل الرسول عليه الصلاة والسلام: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَفْضَلُ الأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ؟، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ! أَفْضَلُ الأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ: الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ. أي الابتعاد عن محارم الله.
هذا إذا أردنا تلخيص الحالة المعنوية والروحانية التي ينبغي أن يكون عليها المسلم خلال هذا الشهر. فيجب عليه أن يفكر في شهر رمضان كمدرسة للتعالي عن المعاصي، واجتناب المحارم الذنوب، والبُعد عن أي شيء يبعد العبد عن الله.
إصلاح المجتمع
لقد كانت خطبة رسول الله التي أشرنا إليها عبارة عن تذكرة للمستمعين الحاضرين آنذاك بأن هناك جوانب أخرى يتعين على المسلم أن يعيد النظر إليها في رمضان، مثل الجوانب المعنوية والروحية والمسئوليات الاجتماعية، وليس فقط الابتعاد عن الشرب والأكل في هذا الشهر الكريم.
فالرسول الكريم ركّز خلال خطبته على أن هدف رمضان ليس فقط الصيام عن الطعام الشراب، فهذا جزء من الأهداف الأخرى التي هي عبارة عن مسؤولياتنا تجاه الآخرين، وكيف نبتعد عن المحرمات والذنوب، وأن نعتاد بعض السلوكيات الطيبة التي نتبعها فيه لباقي شهور العام.
فرمضان هو فرصة للتقرب إلى الله وأيضًا لإصلاح المجتمع، وكأنه مدرسة لتهذيب السلوك الأخلاقي السليم للإنسان في هذه الحياة. فالإسلام لا يركز على العلاقات الشخصية فحسب، وإنما على المسؤولية الاجتماعية. ففي رمضان نختبر الجوع على سبيل المثال لنشعر بآلام جوع الفقراء والمحتاجين، الذين ربما يعانون من ذلك طوال العام. فهذا الأمر يجعل الإنسان يفكر في مسؤوليته الاجتماعية والإنسانية. فلهذا الشهر الفضيل أثر في بناء الفرد والمجتمع.
وقد أراد الله أن يصطفي هذا الشهر من بين باقي الشهور، وكأنه مفتاح إعادة التشغيل للإنسان، حيث يراجع الإنسان نفسه، ويستحضر سبب وجوده في هذه الحياة، وهو عمارة الأرض. فقد تشغلنا المشاغل، وتأخذنا الدنيا فنملأ أوقاتنا طوال العام بما يشغلنا عن هذا السبب الرئيسي في الوجود. كما أن رمضان فرصة ذهبية للابتعاد عن اللذة الحسية للجوارح، والاهتمام باللذة القلبية، من أجل أن يرتقي الإنسان في حياته، لينشر السلام في الأرض.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
***برنامج “في رحاب رمضان”، برعاية: منظمة رحمه للإغاثة
تأسست منظمة رحمه للإغاثة في العام ٢٠١٤ كمنظمه غير ربحية و هي تعمل بجد و تفاني بهدف خدمة الإنسانيه خصوصا في المناطق المنكوبه بسبب الأوضاع في سوريا وتعمل أيضا في دول الجوار التي تستقبل الاجئيين السوريين وتقدم خدماتها الإنسانية للجميع دون أي تمييز من خلال عدة برامج مثل برنامج سلة الغذاء ، الرعاية النفسية و الطبيه ،الملابس ، المشاريع التعليمية وإنشاء المدارس للاجئين ، رعاية الأيتام والاستجابة الأولى لحركات النزوح في الداخل السوري وتعمل على توسيع النشاط لإضافة مكاتب في بلدان جديدة مثل العراق واليمن والأردن ومكتب في إِفريقيا .
لمتابعة الحلقة على اليوتيوب :