أخبارأخبار أميركا

بوادر اتفاق جديد قد ينهي العداء المتصاعد بين أمريكا وإيران

أحمد الطلياني

أصبح التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في أعلى مستوى له منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979 بعد مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في ضربة جوية أمريكية يوم الجمعة الماضي في العاصمة العراقية بغداد.

وتصاعدت الحرب الكلامية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والإيرانيين وسط مخاوف من اندلاع حرب شاملة. وهدد ترامب باستهداف 52 موقعا إيرانيًا بينها مواقع ثقافية حال ردت طهران على اغتيال سليماني الذي حضر  جنازته عشرات الآلاف من الإيرانيين وسط بكاء الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.

وحذر الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الأمريكي من تهديد “الأمة الإيرانية”، مذكرًا إياه بحادث مروع حينما أسقطت سفينة حربية أمريكية، طائرة إيرانية عام 1988 مما أودى بحياة 290 شخصًا.

وتوعدت ابنة سليماني الولايات المتحدة بـ”يوم أسود”. ووصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف – أن عملية القضاء على أهم رجل بعد  خامنئي – بأنها بداية نهاية الوجود الأمريكي في غرب آسيا.

وفي خضم الحديث عن نشوب حرب بين البلدين على الأراضي العراقية، تتوالى المطالبات الدولية من أجل خفض التصعيد وضبط النفس حتى لا تنزلق المنطقة إلى نزاع مفتوح.

اتفاق جديد

ولكن تلوح في الأفق بوادر اتفاق جديد قد ينهي العداء المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران، بشرط المحافظة على مصالح الطرفين، خاصة مع عدم وجود صدام على الأرض حتى الآن.

وسيكون الاتفاق النووي بالتأكيد محور أي اتفاق جديد بين واشنطن وطهران بعدما يتخليان عن التصريحات العدائية والتهديدات، ويجلسان على طاولة المفاوضات.

وكانت  إيران قد أعلنت أنها ستتخلى عن القيود في تخصيب اليورانيوم في برنامجها الذي يقضي بالتراجع عن التزاماتها الدولية بالاتفاق النووي المبرم في 2015، لكن الحديث عن اتفاق جديد مع ترامب قد يعود عليها بالنفع عبر رفع العقوبات.

وكان ترامب قد انسحب من الاتفاق المبرم مع ست دول كبرى في 2018 وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران مما أغرقها في حالة انكماش خطيرة.

ورغم أن الرئيس الـ45 للولايات المتحدة أكد أن “إيران لن يكون لديها سلاح نووي مطلقًا”، إلا أن كيليان كونواي مستشارة البيت الأبيض قالت إن ترامب واثق من استطاعته التفاوض على اتفاق نووي جديد مع إيران حال أرادت الأخيرة أن تبدأ في التصرف كبلد عادي.

وكان سليماني من أشد المعارضين للمفاوضات مع واشنطن بوصفها “استسلامًا كاملًا”، بعدما صنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري منظمة إرهابية أجنبية في 2019، ضمن حملة لممارسة أقصى الضغوط لإجبار إيران على التفاوض بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وسياستها النووية.

تغير قواعد اللعبة

ومع اختفاء سليماني، رجل إيران في الشرق الأوسط، إلى الأبد فإن قواعد اللعبة قد تتغير ، خاصة بعدما أفادت قناة “سكاي نيوز” التليفزيونية أن السلطات الإيرانية أبدت استعدادها التراجع عن التصعيد شريطة رفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة عليها.

وقد تخالف وجهة النظر هذه كثير من التكهنات بشأن اندلاع حرب استنادًا إلى أن خامنئي لا يستطيع الدعوة إلى ضبط  النفس، وإلا سيظهر أمام شعبه بالرجل الضيعف، وكذلك أمام وكلاء إيران في المنطقة في كل من العراق وسوريا ولبنان وقطاع غزة.

ولكن قد تلجأ إيران للثأر عن طريق عمل محدود لحفظ ماء الوجه، مع إبقاء الباب مواربًا أمام الدبلوماسية لتحقيق أهدافها. كما أن طهران تبقى حذرة للغاية باتنديد المباشر بالاتفاق إذ قد لا تتحمل تكلفة حرب شاملة مع واشنطن، خاصة في ظل عقوبات أرهقت اقتصادها واضطرابات داخلية، إلى جانب أنها أصبحت بدون سليماني رأس حربتها في  المنطقة.

فوائد لأمريكا

أما الولايات المتحدة فتريد اتفاقا جديدًا، لأن ترامب لطالما انتقد الاتفاق الذي أبرم في عهد سلفه باراك أوباما، وانسحب منه بعدما وصفه بأنه “كارثي”، ليمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.

وكان ترامب قد قال عقب انسحابه إن إبرام اتفاق نووي مع إيران أمر ممكن، مشيرًا إلى أنه مستعد للاجتماع مع نظيره روحاني بدون شروط مسبقة.

ولكن خامنئي رفض العرض قائلا إن الولايات المتحدة لا تفي أبدًا بتعهداتها في المحادثات. كما أن الاتفاق سيضمن لواشنطن  على الأقل نزع فتيل التوتر مع طهران التي تهدد باستهداف مواقع وقوات لها بالشرق الأوسط.

وهناك أيضا طرف ثالث قد يدفع إلى التوصل إلى اتفاق جديد أو إنقاذ اتفاق 2015 على أقصى تقدير، خشية أن يكون تخلي إيران عن تخصيب اليورانيوم خطوة أولى تجاه إلغائه تمامًا.

ويتمثل الطرف الثالث في الدول الأخرى التي وقعت الاتفاق إلى جانب إيران والولايات المتحدة وهي الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا.

تجنب العقوبات

يشار إلى أن إيران معرضة أيضا لاستئناف عقوبات الأمم المتحدة عليها حال تم إلغاء الاتفاق. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن جوهر الاتفاق النووي مع إيران يتلاشى تدريجيًا وأن القوى الأوروبية ستقرر في الأيام المقبلة ما إذا كانت ستفعل آلية فض المنازعات جراء أحدث الانتهاكات الإيرانية.

من شأن تفعيل الآلية تلك أن يقود في نهاية الأمر إلى استئناف عقوبات الأمم المتحدة على طهران.

وتبقى نقطة جوهرية ومفصلية في الصراع الحالي بين البلدين وهي هل تستغل إيران مقتل سليماني لرفع العقوبات التي أنهكتها وهل يستجيب ترامب لرغبات طهران لوقف التصعيد، خاصة في ظل انتقادات تعرض لها بعدما تجاهل مجلس النواب ولم يطلب موافقته بقتل سليماني، إلى جانب خروج مظاهرات في مدن أمريكية ترفض الحرب مع إيران؟.

رحلة الاتفاق النووي

ويأخذكم “راديو صوت العرب من أمريكا” فيما يلي إلى  تسلسل زمني يبرز أهم الأحداث منذ إبرام الاتفاق النووي في 2015 وحتى 5 يناير 2020:

  • أبرم الاتفاق في 14 يوليو 2015 في فيينا بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا  بالإضافة إلى ألمانيا.
  • مجلس الأمن الدولي صادق علي الاتفاق بقراره رقم 2231 في 20 يوليو من عام 2015.
  • نص الاتفاق على رفع جزئي للعقوبات الدولية المفروضة على إيران مقابل ضمان عدم امتلاكها أسلحة نووية.
  • وجاء الاتفاق لحرمان إيران بشكل شبه كامل من القدرة على صنع قنبلة ذرية مع ضمان حق طهران بتطوير الطاقة النووية للاستخدام المدني.
  • بموجب الاتفاق، تعهدت إيران خفض قدراتها النووية من أجهزة الطرد المركزي ومخزون الأورانيوم المخصب لسنوات.
  • خفضت طهران، عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة التي تستخدم في تخصيب الأورانيوم من 19 ألفا  إلى 5060  عند توقيع الاتفاق، متعهدة بعدم تجاوز هذا العدد طوال عشر سنوات.
  • وافقت طهران أيضاً على تعديل مفاعل “أراك” الذي يعمل بالمياه الثقيلة تحت إشراف الأسرة الدولية، حتى لا يعود بالإمكان إنتاج البلوتونيوم للاستخدامات العسكرية في هذه المنشأة.
  • في 16 يناير 2016 دخل الاتفاق حيز التنفيذ مما مهد الطريق أمام رفع جزئي للعقوبات الدولية عن إيران.
  • الحظر الدولي بقي على الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية قائماً حتى 2020 و2023 مع منح مجلس الأمن الدولي إمكانية إدخال تعديلات بحسب كل حالة.
  • كُلفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة كل المواقع النووية الإيرانية بانتظام مع زيادة صلاحياتها بشكل كبير.
  • انسحاب ترامب من الاتفاق في مايو 2018 وإعادة فرض اقتصادية قاسية على إيران التي ردت بقرار  التخلي عن بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق عبر التوقف عن وضع سقف لاحتياطيها من الماء الثقيلة والأورانيوم المخصب.
  • توقفت بعدها طهران تدريجياً عن تطبيق التزامات أخرى اتخذتها لإجبار الأوروبيين على مساعدتها للالتفاف على العقوبات الأمريكية.
  • 5 يناير 2020، إيران  تؤكد  التخلي عن كل القيود المتعلقة بعدد أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم.
تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين