شاهد عيان على الأوضاع المأساوية لضحايا النزاع في سوريا
17 مليون سوري يحتاجون للمساعدة و5 مليون طفل مشردين في الداخل والخارج

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
كثيرة هي التقارير الدولية التي تجمع على أن الأوضاع الإنسانية في جميع أنحاء سوريا مأساوية، من بينها تقرير صدر حديثًا لمنظمة اليونيسيف، صنّف عام 2018 بأنه الأكثر دموية وتأثيرًا على السوريين خلال 8 سنوات من عمر الأزمة.
بينما تحدث تقرير حديث للأمم المتحدة عن أن أكثر من 11 مليون سوري وأكثر من 6 ملايين نازح بحاجة إلى المساعدة.
وأعربت المنظمة الدولية عن قلقها بشأن سلامة وحماية حوالي 3 ملايين شخص في (إدلب) والمناطق المحيطة بها شمال غربي البلاد، بمن فيهم حوالي 1.6 مليون شخص من النازحين داخليًا.
وبينما لا تزال الأزمة السورية تتصدر المحافل الدولية، يبقى الشعب السوري هو الضحية، فبعد مرور 8 سنوات على النزاع، تتفاقم يومًا بعد يوم معاناة المواطن السوري، وبصفة خاصة النساء والأطفال سواء داخل سوريا من المواطنين، أو خارجها من اللاجئين والنازحين.
فوفقًا لتقرير اليونيسيف نزح أكثر من 70 ألف طفل منذ بداية تصاعد وتيرة العنف في شمال شرقي سوريا.
وطوال 8 سنوات من الصراع يعاني الأطفال داخل سوريا وخارجها من العنف والتشرد وانقطاع الروابط الأسرية، وتعاني الأسرة من نقص الخدمات الحيوية في ظل حجم الدمار الهائل الذي لحق بالمدارس والمشافي والمرافق الخاصة بمعالجة المياه.
ويشير التقرير إلى أن هناك 2.5 مليون طفل مشردين داخل سوريا، إضافة إلى 2.5 مليون طفل آخرين يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة، كما رصد التقرير انتهاكات جسيمة بحق الأطفال، وفي نفس الوقت لا يزال هناك 5.5 مليون طفل بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية في أماكن يصعب الوصول إليهم.
على هامش زيارة الإعلامية ليلى الحسيني لمنطقة الشرق الأوسط، كان لها لقاء هام مع الأستاذ “شاهر الشايب”، مدير مكتب منظمة رحمة الإغاثية والمدير الإعلامي في الأردن، وقد تناول اللقاء الأوضاع المأساوية لضحايا النزاع في سوريا من خلال ما رصدته التقارير الدولية، وأهم ما جاء في هذه التقارير التي تؤكد تخلي المجتمع الدولي عن دوره تجاه الكارثة الإنسانية الأكبر في التاريخ بسوريا.
كما ناقش اللقاء تقاعس الدول المانحة عن القيام بدورها في إرسال التبرعات إلى الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بالإغاثة في سوريا، خاصة وأن أمد الأزمة طال لأكثر من 8 سنوات، وباتت تراوح مكانها دون حلول عملية على الأرض.
أيضًا تطرق اللقاء إلى دور الشركاء ومنظمات المجتمع الدولي في تخفيف المعاناة ولو بشكل بسيط بالانتقال من دور المتبرع إلى دور التنمية المستدامة، من خلال مشاريع تنموية تساعد النازحين واللاجئين عمليًا في استعادة إنسانيتهم والقيام بدور فاعل في المجتمع بدلاً من الاعتماد فقط على التبرعات التي لم تعد تصل إليهم .
لقاء هام وحلقة مميزة نتابع تفاصيلها معكم في هذا التقرير:
تخلي المجتمع الدولي
* من الواضح أن المجتمع الدولي قد تخلى عن دوره بخصوص الأزمة السورية، ويريد أن يعفي المانحين الذين تعبوا من جمع المساعدات بسبب طول الأزمة، لذلك يضغط على الدول التي استقبلت اللاجئين من جهة، ومن جهة أخرى يريد إنهاء موجة اللجوء والانتقال إلى أوروبا وأمريكا وكندا.
فما هو الحل البديل، ومن هم الشركاء على الأرض فعليًا؟، وما هو دورهم؟، ومن هم شركاء المنظمات الدولية الذين يحاولون على الأرض تخفيف معاناة السوريين من تداعيات النزاع، ومساعدتهم في الحصول على التعليم والدعم النفسي واستعادة مقومات الحياة العادية.
معنا اليوم الأستاذ “شاهر الشايب”، مدير مكتب منظمة رحمة الإغاثية في المملكة الأردنية، للحديث عن ما ورد بتقرير اليونيسيف الأخير حول معاناة السوريين، ما تعليقك أستاذ شاهر؟
** مع الأسف فإن هذا التقرير يصف أرقم المعاناة التي يعيشها شعب كان شعبًا حيًا معطاءً، وصلت حضارته إلى كافة أرجاء العالم، والواقع أن لدينا عدد هائل من اللاجئين داخليًا وخارجيًا، ولدينا معاناة يومية تعانيها الأسرة السورية، وبصفة خاصة المرأة السورية وطفلها، نتيجة غياب المعيل والتشرد، وفي ظل الضغوط اليومية أصبح الواقع أكثر مرارة.
حقيقة العودة
* فعلًا أستاذ شاهر، فمع الأسف هذه الأزمة التي طالت لـ 8 سنوات استنزفت الشعب، وكما قلت في بداية حديثي أنه الضحية، وهو من يدفع الثمن الآن لهذه اللعبة الكبرى في سوريا.
لكن دعنا نبتعد الآن عن الشق السياسي وننتقل إلى الجانب الإنساني، ولنبدأ بنبذة مختصرة عن مكتب رحمة في الأردن، ثم ننتقل إلى وضع اللاجئين السوريين في الأردن.
فكما تابعنا مؤخرًا فإنه عندما تم فتح المعبر بين الأردن وسوريا، كان هناك العديد من السوريين قد عادوا إلى مناطقهم، فهل هذه المعلومة دقيقة؟، وهل هناك فعلا إمكانية لعودة السوريين، وأن الوضع أصبح أكثر أمنًا عن ذي قبل؟
** وصف عودة اللاجئين الموجودين في الأردن بالعدد الكبير كلام غير دقيق، فهناك أناس اضطروا إلى العودة إلى سوريا لعدة أسباب، وهؤلاء في الغالب ممن لا يوجد في حقهم مطالبات أمنية، وليس لديهم شباب يمكن أن يلتحقوا قسرًا بالخدمة العسكرية.
وهذه العوائل التي اضطرت للعودة من بينهم من له أموال أو أقارب بحاجة لوجودهم إلى جوارهم، أو لعدم قدرتهم على الاستمرار بالأردن، حيث أن تكاليف المعيشة هنا عالية جدًا. وهذه الأسباب دفعت بعض الناس الذين قد يكون وضعهم أفضل من غيرهم إلى العودة إلى سوريا، لكن الغالبية العظمى لا تزال موجودة في الأردن ولا تستطيع المغادرة.
وضع اللاجئين في الأردن
* بالعودة إلى وضع اللاجئين السوريين في الأردن، دعني أركز على أن الأردن من البلدان التي استقبلت السوريين، ويُعامل السوري فيها بشكل معقول جدًا، وتُقدم لهم كافة الخدمات، رغم أن الأردن بلد صغير، واقتصاده يعاني من الضغوط، ويعاني مما تعاني منه الدول الأخرى التي استقبلت اللاجئين، لكن بالرغم من ذلك فإن نسبة اللاجئين في المخيمات هنا بالأردن 19% فقط، و81% لا يعيشون بالمخيمات؛ فهل هذه الأرقام دقيقة؟
** نعم، فهناك إحصائية تقريبية دقيقة، وكلامك دقيق من ناحية أن الأردن هو أحد أكثر البلدان المضيفة كرمًا في احتواء اللاجئين الهاربين من الحرب السورية، وقد وجد اللاجئ السوري هنا أخًا أعانه مع ظروف المعيشة الكبيرة الموجودة هنا، وفي المجمل هناك فرق كبير بين الأردن وبلاد أخرى لجأ إليها أهلنا مع الأسف وعانوا فيها كثيرًا، وهذه ميزة تُذكر للأردن.
مخيمات عشوائية
* وماذا عن المخيمات العشوائية التي تحدث البعض عن وجودها في مناطق نائية، ويقولون إن الموجودين فيها يعانون من وضع صعب جدًا؟
**هي عبارة عن تجمعات لأناس لم يستطيعوا استئجار بيوت نتيجة للغلاء، ولا يستطيعون تحمل أعباء المعيشية، فأنشأوا أماكن عشوائية أشبه بغرف مغطاة بالألواح، ليقيموا فيها ويواجهوا ظروف المعيشة الصعبة بعد اللجوء الذي حدث معهم.
وهنا أنوه لأمر مهم، وهو أن هذا الوضع من الأمور التي دفعت مؤسسة رحمة إلى التوجه لإنشاء أحد فروعها في الأردن، ليكون أحد روافد أنهر الخير التي أتت من مؤسستنا الأم إلى أهلنا اللاجئين في الأردن، ولتكون أيضًا عونًا للإخوة المستضيفين من ذوي الدخل المحدود، لتساعد على عملية الدمج المجتمعي بينهم، وتدعم عملية صمودهم في ظل المعيشة الصعبة التي هم فيها.
وهذا الذي دفعنا في بداية عام 2018 لتأسيس هذا المكتب، لينطلق فعليًا في الشهر الخامس بمشروعات موجهة إلى الداخل السوري بالدرجة الأولى، وخاصة عندما كانت الحدود تسمح بإدخال المساعدات إلى الداخل السوري، لكن بعد إغلاقها بسبب النزاع، توجهت مؤسسة رحمة لمساعدة السوريين في الأردن.
مشروعات تنموية
* احتياجات اللاجئين السوريين، ليس فقط في الأردن، ولكن أيضًا في لبنان وكافة الدول المضيفة، هي نفسها تقريبًا؛ كإيجار المنزل والتكاليف المعيشية، خاصة في البلدان التي يعاني اقتصادها، مثلما نرى الآن في لبنان، فإذا كان أهل البلد أنفسهم يعانون، فما بالنا بالسوريين اللاجئين إلى البلد.
والأزمة السورية قد طالت، والمانحين تعبوا، والحل قد يكمن في المشروعات التنموية التي قد تعمل عليها المؤسسات الخيرية.
حدثنا قليلًا عن دوركم الإنساني في الأردن، فقد قمتم بفتح المجال حول العالم للمساعدات الإنسانية بجهد كبير يُحسب لكم، خاصة وأنكم مؤسسة ناشئة ولدت من رحم الأزمة السورية، في حين لم تتمكن مؤسسات كبيرة أن تقوم بهذه المشروعات التي قمتم بها.
فما هي أهم المشروعات التنموية التي تعملون عليها الآن في الأردن؟، وما هو حجم دورها الفعلي في تخفيف الأزمة عن اللاجئين السوريين هنا؟
** لدينا إستراتيجية واضحة في قضية العمل الإنساني في الأردن، ألا وهى انتقاء المشاريع المميزة في الأردن التي تعمل على تحويل الشخص من إنسان محتاج إلى إنسان منتج، لذلك كانت توجهاتنا مركزة نحو الجانب التنموي، وأيضا صوب ذوي الاحتياجات والقدرات الخاصة.
ومنظمة رحمة، من اسمها، انطلقت بالرحمة نحو هذه الفئة المحتاجة التي لا تستطيع التعبير عن نفسها، حيث أقمنا عدة مشروعات ريادية في هذا الاتجاه، فكان أول مشروع في الأردن من خلال مكتب رحمة حول العالم بالأردن، هو التوجه نحو فئة ذوي الإعاقة السمعية، وإنشاء دورة الروبوت التعليمي لهؤلاء، وهذه الدورة شعرنا فيها بسرور غير عادي بالنسبة للأطفال وأهلهم.
ذوي الإعاقات
* دعنا نتوقف هنا عند شريحة ذوي الإعاقات، فمع الأسف مخلفات الحرب المؤلمة تخلّف إعاقة، خاصة لدى الأطفال، سواء ذهنية أو حركية أو سمعية أو بصرية، وقد شاهدنا صورًا مؤلمة لهذه الحرب المدمرة بشريًا ونفسيًا للسوريين، وخاصة الشريحة الأضعف وهم ذوي الإعاقات.
وأضيف هنا أيضًا الإعاقة النفسية، لمن هم في حاجة إلى إعادة تأهيل بسبب الصدمات النفسية التي يعانون منها. فهل لديك إحصاءات ولو بصورة تقريبية عن الأطفال الذين أصيبوا بسبب الحرب أو لديهم إعاقة بسببها؟
** فعليًا لا أملك هذه الإحصاءات، ولكن أخبرك بأنه عندما خرجنا من سوريا كان يكفي أن نسمع صوت الطائرة أو المفرقعات التي تخرج في الأفراح لينعكس هذا الأمر خوفًا في نفوسنا وتغير وجوهنا، فالتجربة الفعلية هي ما يذكره الإنسان في نفسه، فكيف بالأطفال الصغار!!
وجميع من خرجوا من سوريا لم يخرجوا وهم مرتاحين نفسيًا، خرجوا سعيًا للحصول على الأمان تاركين خلفهم الأموال والبيوت والأقارب، وقد قمنا بأحد الأنشطة النفسية عندنا هنا في المكتب كأحد المساعدات البسيطة لتخفيف آثار الحرب على الناس وانعكاساتها النفسية.
أنشطة وخدمات
* 12 دولة تعمل بها مؤسسة رحمة، ونتمنى أن تتوسع أكثر إن شاء الله، كيف تنعكس هذه الخدمات والأنشطة التي تقدمها المؤسسة على اللاجئين؟، وما الذي تقدمونه لهم فعليًا، خاصةً في ظل غياب دور المؤسسات الكبرى كما تحدثنا سابقًا؟
** دائمًا في ظل الأزمة الكبرى؛ الأصل ألا نتعامل مع الأزمة بشكلٍ كامل وكلي، وإلا لن نستطيع أن ننجز شيئًا، فعلى الشخص أن يبحث عن أفضل المجالات التي يستطيع أن يؤثر فيها، لذلك كما ذكرتِ فإن المؤسسة تعمل في 12 دولة، وعندنا أماكن كثيرة تحتاج إلى مساعدات طارئة وكثيرة، مثل اليمن والشمال السوري وغيرها.
وعندنا هنا كبلد مستقر فإن الاهتمام يكون بالمشروعات الأكثر أثرًا في نفوس الناس، ونحن هنا في الأردن عملنا على مشروعات تخص ذوي الإعاقة، وكان لنا أعمال ريادية في هذا الشأن، والآن لدينا مشروع جديد تمت الموافقة عليه من وزارة الصحة، حيث سيتم توزيع 24 جهاز على 24 مؤسسة صحية في الأردن، نساعد من خلالها ذوي الإعاقة في الأردن من جميع الجنسيات.
كما قمنا، بدعم مباشر من مؤسستنا الأم، بتقديم منحة لوزارة الصحة، بإنشاء مركز ترجمة لغة إشارة على مدار الساعة، ليتمكن المريض من التواصل مع الطبيب والحصول على التشخيص المناسب.
والآن أيضا هناك مشروع قيد الإنجاز مع دائرة الإفتاء العامة بالأردن، لوضع جهاز في مركز الإفتاء العام، لمساعدة من لديهم صعوبة أو إعاقة في التعبير الكلامي أو السمع، وهو مرتبط بمركز ترجمة لغة الإشارة على مدار الساعة.
كما أنشأنا أيضًا مركز تدريب زراعي، لتدريب الفرد كي ينتقل من مرحلة الأخذ إلى مرحلة الإعطاء، حيث يتم من خلال المركز تعليم الأفراد أسس الزراعة العضوية، وتحويل المخلفات الطبيعية إلى سماد عضوي.
وكذلك نسعى إلى إنشاء مركز تدريب مهني لنساعد الناس على عملية تقوية المهارات التي تمكنهم اقتصاديًا، ولدينا الآن دورات تدريبية لتمكين النساء اللاتي لا معيل لهن، كما قمنا مؤخرًا بمشروع بازار خيري، تحت اسم “تسلم إيدك”، شاركت فيه 30 سيدة أردنية و30 سيدة سورية.
تسلم إيِدك
* صحيح، فقد لفت نظري وأنا في الولايات المتحدة، عنوان هذا النشاط “تسلم إيِدك”، وفي ظل كثرة المحتاجين والمعوزين بسبب هذه الحرب فإن 5 دولارات على قلتها، ممكن أن تعيل عائلة، مع الفارق الكبير لسعر الدولار في العالم العربي وقوته الشرائية، وبالتالي فإن كل واحد منا يمكنه أن يساهم، و”تسلم إيد” كل من يساهم.
لكن كيف يمكننا المساهمة في ظل تغييب الإعلام لهذه الجزئية، فالإعلام يركز دائمًا على الجانب السلبي، يركز على الأرقام التي تخص الأزمة، دون أن يركز على المشروعات التنموية التي من شانها أن تساعد في حل الأزمة، وتخفيف وطأة الحرب على المتضررين منها، وقبل أن نتحدث عن هذا البازار الخيري “تسلم إِيدك”؛ أود أولًا أن نتحدث عن مدى إمكانية تنفيذ هذه المشروعات في بلدان أخرى مثل اليمن، أو لبنان، أو حتى المناطق الآمنة في الداخل السوري، هل ترى هذا واقعًا، أم لابد من مناخ معين كي تصلح هذه المشروعات؟
** يجب أن نفرق بين الحال في الدول التي لديها استقرار والأماكن التي لا استقرار فيها، فالمشروعات التي تناسب هنا قد لا تناسب الأماكن التي فيها النزاع.
فنحن هنا في الأردن بحثنا عن أشياء مختلفة، فلدينا المنتج الذي يصلح في كل الأماكن كصناعة الصابون والمنسوجات والحياكة، وهذه أشياء تصلح أن تكون في سوريا أو اليمن أو كل مكان، وتستطيع المرأة أن تقوم بها بتكلفة بسيطة جدًا.
أما في الأردن، فهناك خصوصية أخرى أضفناها من خلال بازار “تسلم إيدك”، ففيه منتجات تأخذ الطابع التراثي والثقافي، الذي يبحث عنه السائح أو سيدات الأعمال.
تمكين المرأة
* حدثنا أكثر عن هذا بازار “تسلم إيدك”، وما الذي نتج عنه فعليًا لتمكين المرأة؟
** فكرة البازار تقوم على تمكين المرأة والدمج المجتمعي لها، وإبراز أنها لا تزال عنصرًا فاعلًا ومنتجًا في المجتمع، كما أن الأم إذا برز عملها أمام أبناءها ستكون المثل الأروع والقدوة لهم.
* وكيف يتم تمويل هذه المشروعات؟، هل تتجهون إلى المستثمر العربي أم الأردني أم ماذا؟
** في الحقيقة أردنا أن يعرف هذا العفيف بأنه يستطيع أن يستغني عن الناس، وأنه يستطيع أن يصل مرحلة العفة بدلًا من أن يمد يده، ونحن من خلال بازار “تسلم إيدك” أردنا أن يعرف المجتمع، والمرأة أيضًا، أن المرأة قادرة أن تكون رقمًا في هذا المجتمع، ويُشار إليها بأنها امرأة منتجة ومبدعة وموجودة.
كما أردنا أن نلفت نظر الناس لمشروعنا، وهذا هو الذي دفعنا أن نجعل هذا البازار في أحد أرقى الأماكن في عَمّان، وهو فندق روتانا عمان، حتى نحاول جذب السياح ورجال الأعمال وكبار الشخصيات والمنظمات، وأن نلفت نظر هؤلاء بأنه يوجد في مجتمعنا، نساء مبدعات وقادرات على الإنتاج.
لم نرد من هذا البازار أن ننتج منتجًا ونبيعه فحسب، بل هناك أهداف كثيرة، من بينها تعريف المرأة بقيمتها، ودعمها اقتصاديًا، وتحصل المرأة المشاركة على دعم قدره 200 دولار، وتقوم بعرض منتجاتها التي تركز على ثقافتنا وتراثنا واحتياجاتنا،
والفكرة بدأت من الاسم الرائع “تسلم إيدك”، والدعم والتنفيذ كان من مؤسسة رحمة، وكذلك من The Syrian American Medical Society (SAMS)، وبمجرد وضع إعلان البازار قدمت العديد من النساء للمشاركة.
* هل هناك موقع إلكتروني يمكن من خلاله أن يتم الشراء، وبالتالي المساهمة في إنجاح مثل هذا البازار؟، هل هناك توجه إلى استقطاب التسويق الإلكتروني وتوظيفه في هذا الأمر؟
** لدينا عدة خطوات لدعم وتمكين النساء، منها هذا البازار، كما قمنا بإنشاء صفحة تحت اسم “تسلم إيدك”، وتم من خلالها وضع المنتجات مع رابط حساب الفيسبوك الخاص بصاحبة هذا المنتج، فنحن هدفنا خيري، وليس لدينا أي شبهة احتكار لمنتج هذه السيدة، كذلك عندنا خطة نسعى لها، إن يسر الله لنا في ذلك، لإنشاء موقع إلكتروني.
منح تعليمية
* المنح التعليمية ضمن اهتماماتكم، ولديكم اتفاق مع جامعة الزرقاء الأردنية لتقديم المنح الطلابية، فهل لك أن توضح هذا الموضوع لمستمعينا؟
** شريحة الطلاب، خاصة خريجي البكالوريا، هي من الشرائح التي نركز عليها، لأنهم هم مستقبل سوريا، هم من سيعودون لإعمار بلدهم، لذلك كان من بين التوجيهات في مؤسسة رحمة أن يكون هناك اتفاقيات مع الجامعات لتبني عدد من هؤلاء الطلاب، ليكونوا عنصرًا فاعلًا في مستقبل سوريا.
لا نريد أن يكون كل الجيل هو من أصحاب المهن العملية فقط، لأن هذه المهن، ومع أهميتها الشديدة، تحتاج إلى من يخطط ويفكر لها ويقدم لها الجدوى الاقتصادية لمشاريعها، لذلك اتجهنا إلى قضية المنح الطلابية ومساعدة كل من يريد أن يتقدم للدراسة بالجامعة.
ولو رأيتِ الأرقام والإحصائيات الخاصة بالجامعات ستجدين أنه ورغم شدة الأزمة التي نعيش فيها إلا أن الطالب اللاجئ الذي يكاد لا يجد ما يدفع منه قسط الجامعة، إلا أنه متفوق ومتميز وقد يكون من الأوائل.
دفء الشتاء
* ٍوما جديد المشروعات الخيرية التي أنتم بصدد تدشينها، أو تخططون للبدء فيها في المستقبل القريب؟
** الآن نحن بصدد البدء في مشروع دفء الشتاء، وهذا المشروع يستهدف 4000 شخص، حيث سنقوم بالتوجه إلى المناطق الأشد فقرًا في المملكة الأردنية، حيث اللاجئين السوريين أو المحتاجين من البلد المضيف، خاصةً وأن الشتاء يكون قاسيًا في هذه المناطق، وقد تمت الموافقات على هذا المشروع وتم صرف المنحة المقدمة له.
أيضا المشروع الآخر الذي سبق وذكرته، وهو تغطية المشافي بالروبوت المترجم للغة الإشارة، وأيضا تأمين جهاز لغة إشارة في دار الإفتاء العام، وكذلك التحضير للنسخة الثانية من بازار “تسلم إيدك” والذي سيكون موسع أكثر، هذا بالإضافة إلى المركز التدريبي الزراعي والذي ستبدأ دوراته في أقرب وقت بعد اكتمال البناء.
ملف مؤلم
* يبقى لي سؤال واحد قبل الختام؛ بخصوص أصحاب الأمراض المزمنة، وكذلك بعض الحالات الطارئة التي نسمع عن معاناتهم الشديدة، خاصة في بلدان اللجوء، كيف تتعاملون مع هذا الملف؟، وما هو المطلوب منا للمساهمة فيه؟
** مع كامل الأسف، هذا الملف مؤلم جدًا، خاصة مع نقص الدعم لأهلنا في هذا الاتجاه، ونحن نحاول جاهدين أن نبحث عن داعمين لحالات خاصة تأتينا، أو تأمين دواء لحالة معينة، لكن الأمر يحتاج إلى تضافر منظمات ودول لتغطيته.
وفي هذا المجال أذكر The Syrian American Medical Society (SAMS) ، حيث قاموا بمجهود طيب، ولا يزالون يرسلون البعثات الطبية إلى الآن، لكن للأسف الحاجة أكبر بكثير.
* أيضا يبقى لنا دور إعلامي في راديو صوت العرب من أمريكا، بأن نوجه النداء لمستمعينا ومتابعينا في أمريكا الشمالية بأن هناك حالات إنسانية هنا تحتاج مساندة ومساعدة.
ويبقى للإعلام كما ذكرت حضرتك دور إيجابي، ليس فقط في تغطية الحدث، ولكن في المساهمة فيه، فالإنسانية تجمعنا، ويجب أن يكون للإعلام دور إنساني في طرح مثل هذه المشكلات، ونتمنى جميعًا أن تنتهي هذه الأزمة في القريب.