أخبارأخبار العالم العربي

“الخميس الأسود” يصيب فرنسا بالشلل في أكبر إضراب عام منذ عقود

أصيبت العاصمة الفرنسية باريس بشلل شبه تام مع بدء إضراب عام في معظم القطاعات الحكومية والخاصة، حيث بدأ العاملون في السكك الحديدية والمدرسون وطواقم الطوارئ بالمستشفيات، اليوم الخميس، واحدًا من أكبر الإضرابات العامة في البلاد منذ عقود، بهدف إجبار الرئيس إيمانويل ماكرون على التخلي عن خطط تعديل نظام المعاشات السخي في البلاد.

شلل تام

وفيما وصف بأنه “الخميس الأسود” تعطلت المواصلات في باريس ومدن أخرى في أنحاء فرنسا إثر توقف حركة مترو الأنفاق والقطارات الداخلية.

وألحقت تظاهرات اليوم ضربة موجعة بقطاع النقل، إذ شارك 82% من سائقي القطارات في الإضرابات، ما أدى إلى إلغاء 80% على الأقل من رحلات قطارات المناطق و90% من القطارات السريعة. وأُغلق في باريس 11 من أصل 16 خطاً في شبكة مترو الأنفاق، بالإضافة إلى إلغاء أكثر من نصف رحلات قطارات «يوروستار» بين باريس ولندن.

وبدت محطات القطارات ومترو الأنفاق في باريس مهجورة بدرجة كبيرة، خلال فترة الذروة الصباحية، في حين لجأ السكان إلى الدراجات والاشتراك في استخدام السيارات أو للعمل من المنازل.

وقال وزير الدولة الفرنسي لشؤون النقل جان بابتيست جيباري لإذاعة آر.تي.إل: “المواصلات العامة ستكون صعبة للغاية اليوم وكذلك غدًا وربما في عطلة نهاية الأسبوع أيضًا”.

وطلبت هيئة الطيران المدني من شركات الطيران إلغاء نحو 20 في المئة من رحلاتها بسبب الآثار المترتبة على الإضراب. فيما أعلنت شركة الخطوط الجوية الفرنسية (آير فرانس) إلغاء ثلث رحلاتها الداخلية و15% من رحلاتها متوسطة المدى التي تخدم وجهات خارج البلاد، بسبب الإضراب.

وانعدمت الحركة في عدد من المزارات السياحية، بينها متحف اللوفر، كما أعلنت إدارة برج إيفل إغلاق المزار السياحي اليوم الخميس، وقالت في بيان إن الإغلاق سببه حركة الإضراب المحلي بالبلاد.

وكافحت فنادق باريس لملء الغرف. وألغى العديد من الزوار – بمن فيهم وزير الطاقة الأميركي- خطط السفر إلى واحدة من أكثر الدول زيارةً في العالم وسط الإضراب.

وقالت النقابات الخاصة بالمعلمين الفرنسيين إن 40% من المدارس أغلقت أبوابها، اليوم الخميس، فيما قال اتحاد المعلمين Snuipp أحد الجهات الداعية والمشاركة في الإضراب إن 70% من إجمالي المعلمين يشاركون في الإضراب، وأن هناك 45% من المدارس مغلقة في العاصمة الفرنسية.

ومن جانبه قال وزير التعليم الفرنسى جان ميشيل بلانكير، إن نسبة المشاركين في الإضراب من مدرسي المدارس الابتدائية بجانب طلاب المدارس، والذين تم استغلالهم كجزء من التعبئة ضد إصلاح نظام التقاعد ويمثل 55% من المشاركين فى الإضراب، حيث بلغت نسبة المعلمين والطلاب المشاركين في الإضرابات في العاصمة باريس 78% من المضربين.

استنفار أمني

وكانت الشرطة الفرنسية قد نشرت حوالي 6 آلاف من رجالها، وتوفير 180 دراجة بخارية لاستخدامها في حالات التدخل السريع حال وقوع أعمال شغب بالتزامن مع الإضراب المفتوح الذي تشهده البلاد.

وقال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير إنه من المتوقع أن يتم تنظيم 245 مظاهرة في جميع أنحاء البلاد، محذرا من مغبة انتهاج سلوكيات متطرفة.

وقبل شروق الشمس كانت قوات الشرطة منتشرة على امتداد شارع الشانزيليزيه لتفتيش حقائب المارة قبل الاحتجاجات التي حذرت الحكومة من احتمال تسلل جماعات عنف إليها.

ووفق الشرطة، فقد شارك أكثر من 285 ألف شخص في الإضراب في نحو 40 مدينة، فيما وقعت مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن في أكثر من مدينة.

وأطلقت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين في العاصمة باريس، اليوم الخميس، خلال إحدى المظاهرات، كما أوقفت الشرطة عشرات المتظاهرين، وتعرضت محلات تجارية إلى أعمال تخريب ومحاولات نهب.

اختبار حقيقي

وهذا هو الإضراب الأكبر في فرنسا منذ سنوات، حيث يحظى بنسبة تأييد كبيرة داخل النقابات، وتشارك فيه وتشارك أغلبية قطارات الأنفاق، فضلاً عن العاملين في المستشفيات والمطارات والشرطة، ولذلك تخشى السلطات الفرنسية من تكرار سيناريو إضرابات عام 1995 التي شلت وسائل النقل لثلاثة أسابيع، وأجبرت الحكومة حينها على تغيير خططها الاقتصادية.

ويشكل الإضراب اختبارًا حقيقيًا للرئيس ماكرون الذي فاز بالرئاسة إثر حملة انتخابية وعد فيها بإجراء تحول في فرنسا وبإعادتها إلى مكانتها الرائدة على الساحة الدولية، ولقدرته على تنفيذ مشروعه.

ودعت نقابات عديدة لوسائل النقل العام العاملين فيها إلى الإضراب، لإنقاذ نظام التقاعد الخاص بهم الذي يفترض أن ينتهي في إطار إصلاح يريده ماكرون.

وينص الإصلاح على إنهاء كل الأنظمة الخاصة التي يستفيد منها بعض الموظفين والعاملين في الشركات العامة الكبرى وقلة من القطاعات المهنية الأخرى (البحارة وموظفو أوبرا باريس وغيرهم..)، وفرض نظام عام للتقاعد يعتمد على النقاط.

وتعتبر الحكومة أنظمة التقاعد مكلفة جدا، ففي قطاع النقل في باريس بلغ معدل سن التقاعد 55.7 عاما في 2017 مقابل 63 عاما لمتقاعدي النظام العام بحسب تقرير رسمي نشر في يوليو/تموز الماضي.

أما النقابات فتؤكد أن هذا النظام الخاص يأخذ في الاعتبار “قيودا محددة” و”صعوبات مرتبطة بطبيعة عملهم في الخدمة العامة”.

ويريد ماكرون تبسيط نظام معاشات التقاعد الفرنسي الذي يضم أكثر من 40 خطة معاش الكثير منها تحدد سن المعاش ومزاياه بشكل مختلف. ويقول ماكرون إن هذا النظام غير عادل ومكلف للغاية.

ويريد ماكرون نظاما واحدا يستند إلى نقاط محددة تعطي المتقاعدين حقوقا متساوية عن كل يورو أسهموا به في خطة المعاشات.

وكانت محاولات سابقة لإصلاح المعاشات انتهت بشكل غير مرغوب فيه. وفي عام 1995 أذعنت حكومة الرئيس الأسبق جاك شيراك المحافظة لمطالب اتحادات العمال بعد احتجاجات على مدى أسابيع.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين