أخبار أميركاأخبار العالم العربيأميركا بالعربي

النازحون في سوريا واليمن يستغيثون بأبناء الجالية العربية

الشيخ حمود عفيف: يفتقدون لأبسط مقومات الحياة، والبرد والمرض ينهش أجسامهم

نظمت مؤسسة رحمة الإغاثية حول العالم حفل عشاء خيري في مدينة ديربورن بولاية ميشيجان، حضره أكثر من 300 شخص، وذلك تلبية لنداء استغاثة أطلقه النازحون من أبناء اليمن، الذين طلبوا مساعدة إخوانهم من أبناء الجالية العربية في أمريكا في توفير أبسط متطلبات الحياة، التي تعينهم على تجاوز معاناة النزوح وآثار الحرب، وتجاوز برد الشتاء وتداعيات الفقر والمرض.

نداء استغاثة

رسالة النازحين في اليمن حملها الشيخ حمود عفيف، إمام المسجد الإسلامي في ديكس، أحد المشاركين والمتحدثين في الفعالية، والذي كان في زيارة إلى اليمن مؤخرًا، زار خلالها أحد مخيمات النازحين، حيث حملوه أمانة نقل هذا النداء إلى أبناء الجالية العربية.

وتواصل الشيخ عفيف مع منظمة رحمة التي استجابت فورًا لهذا النداء الإنساني، وقامت بتنظيم هذه الفعالية، التي تناولت مأساة أطفال اليمن الذين يعانون من سوء التغذية والأمراض, ومعاناة أكثر من 17 مليون شخص، أي 60% من إجمالي السكان في اليمن، جراء انهيار الخدمات العامة في البلد، كما أن أقل من نصف المراكز الصحية يعمل، والأدوية والمعدات الطبية محدودة للغاية، ولا يوجد أطباء، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني الذي أصبح وضعًا كارثيًا ومأساويًا.

وجاءت الاستجابة السريعة لهذا النداء لتخفيف المعاناة عن النازحين في اليمن وسوريا، خاصة مع استمرار الحرب وتداعياتها السلبية عليهم، وقدوم فصل الشتاء والبرد القارس الذي زاد معاناتهم من البؤس والمرض وسوء التغذية.

أغيثوا إخوانكم

في بداية كلمته وجه الشيخ حمود عفيف الشكر للحضور، رجالاً ونساء، كبارًا وصغارًا، من أهل الخير، والمؤسسات والمراكز الإسلامية، الذين حرصوا على المشاركة في الفعالية، ليؤكدوا رغبتهم في فعل الخير، والتعاون على البر والتقوى، والتضامن مع الفقراء والمحتاجين والنازحين الموجودين في كل مكان، وخاصة أهلنا في سوريا واليمن.

كما تقدم بالشكر للدكتور شادي ظاظا والقائمين على مؤسسة رحمة، على تفاعلهم مع الدعوة التي وجهها بعد عودته من اليمن أن “أغيثوا إخوانكم في اليمن”، حيث كان لهم فضل السبق والمبادرة لتبني حملة لإغاثة أهلنا في اليمن وسوريا.

وقال: “لقد تم تنظيم هذا اللقاء الخيري لدعم أهلنا في كل من سوريا واليمن، وهذا يؤكد حقيقة الأخوة الإسلامية، فلا فرق أن تعمل مؤسسة رحمة في سوريا أو في اليمن، في غزة أو أفريقيا، أو في أي مكان يوجد فيه محتاج، لأن هذه هي رسالة الإسلام المتمثلة في المحبة والرحمة والأخوة، ليس لها حدود ولا قيود، ولا تعرف الحواجز المصطنعة، لأنها تتعامل مع إنسان، ولا بد أن يصل الخير إلى هذا الإنسان، وإلى هذا المحتاج، أيًا كان وأينما كان”.

شاهد عيان

وتحدث الشيخ حمود عفيف عن زيارته الأخيرة لليمن، فقال إنها كانت زيارة سريعة، ولم يكن مخططًا أن يذهب خلالها لزيارة النازحين، فقد كانت زيارة عادية شخصية لمدة قصيرة لا تتجاوز 10 أيام، وعندما علم بعض القائمين على عمل الخير في المنطقة هناك أنه موجود طلبوا منه أن يذهب معهم لزيارة مخيمات النازحين.

وقال: “هم يعلمون أننا هنا في مسجد ديربورن والمساجد المجاورة تبنينا حملة للملابس في بداية هذا العام، واستطعنا توفير 4 حاويات من الملابس تم توزيعها هناك، واستفاد منها النازحون في منطقة مأرب والعديد من المناطق الأخرى، واستفاد منها الآلاف من الأسر، ووجهوا رسائل شكر لكم جميعًا، ولكل من شارك في دعمهم، وعندما علموا بأنني في زيارة هناك، طلبوا مني أن أذهب معهم لأرى حال النازحين بنفسي وأن أنقل لكم الصورة كما رأيتها”.

مأساة إنسانية

وأضاف: “ذهبت معهم بالفعل لزيارة مخيم من مخيمات النازحين، هذا المخيم فيه حوالي 5 آلاف أسرة، يعيشون في خيام ممزقة، وكان البرد قد بدأت مقدماته، والآن البرد شديد كما تعلمون، وإذا كنا نشعر به هنا، فهم هناك يشعرون به أكثر، لأنهم يسكنون في الخيام، ويفتقدون أبسط مقومات الحياة، فلا يجدون الماء، ولا يجدون فراشًا ينامون عليه، أو بطانية يحتمون بها من البرد، وبينهم أطفال وكبار سن مرضى لا يجدون العلاج، وعندهم مشاكل سوء التغذية”.

وتابع: “هم يحتاجون لتوفير الماء والعلاج والخيام والأغطية، وهناك أشياء كثيرة جدًا تنقصهم بعد أن أجبرتهم الحرب على ترك بيوتهم وأموالهم وكل ما يملكون، فقد هربوا نازحين لينجوا بأنفسهم، وهم فقراء في الأصل، وزادهم النزوح فقرًا فوق الفقر وحاجة فوق الحاجة”.

فرق بين الصورة والواقع

وحول طبيعة ما رآه في مخيمات النازحين قال الشيخ عفيف: “عندما كنت هنا قبل أن أسافر إلى اليمن، كنت مثلكم أقرأ عن أحوال النازحين وأشاهد الصور عن معاناتهم، لكن لأول مرة أراهم بعيني، وأدخل إلى خيامهم، وأرى أحوالهم على الطبيعة، وهي أحوال يرثى لها، ولا يستطيع الإنسان أمامها إلا أن تنهمر دموعه، وينفطر قلبه لما يرى من حال الناس”.

وأضاف: “زرت أحد النساء الكبار في السن وكانت مريضة ومُقعدة، وبعد أن خرجت أرسلت ورائي شخصًا يخبرني أنها تحتاج إلى كرسي لأنها لا تستطيع أن تتحرك، فقلت له أن يخبرها أنني لا أملك شيئًا، وإنما جئت لأرى أحوالكم، وسأنقل الصورة حول معاناتكم إلى أهل الخير هناك في أمريكا”.

دعوة لعمل الخير

واختتم الشيخ عفيف حديثه قائلًا: “أشكر مؤسسة رحمة وكل الأخوة الذين أتاحوا لي الفرصة لنقل رسالة هؤلاء المحتاجين الذين أذلهم الفقر والحاجة والنزوح وأثار الحرب، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يفرج عنهم وعن المسلمين في كل مكان، وأدعوكم ألا تترددوا في أن تغيثوا إخوانكم في اليمن وفي سوريا بما تجود به أنفسكم، وجزاكم الله خيرًا”.

أزمة سوريا

الأزمة الإنسانية في سوريا كانت حاضرة أيضًا في العشاء الخيري الذي رعته مؤسسة رحمة حول العالم، حيث تطرق المتحدثون إلى استمرار الأزمة الإنسانية في سوريا منذ أكثر 8 سنوات، حيث تم تهجير أكثر من 920 ألف شخص داخل سوريا، وفقا للأمم المتحدة.

وبحلول سبتمبر/أيلول 2018، لجأ 5.6 مليون سوري خارج البلاد، غالبيتهم في البلدان المجاورة. ووصفت التقارير الدولية الحالة الإنسانية في سوريا بالخطيرة، بسبب غلاء الأسعار وسوء الأوضاع المعيشية في الداخل السوري، خاصة في ظل انعدام الأمن، واستهداف المدنيين، وتدهور الوضع الاقتصاد، وانهيار العملة السورية مقابل الدولار الأمريكي، وكذلك أزمة المحروقات، وانقطاع الكهرباء، وانهيار البنية التحتية.

وتحدث الدكتور شادي ظاظا، مؤسس منظمة رحمة حول العالم الإغاثية، عن أوضاع اللاجئين السوريين في الخارج، مؤكدًا أنهم ليسوا أحسن حظًا، خاصة مع استمرار الأزمة الإنسانية الخانقة بسبب توقف المساعدات الإنسانية من معظم الدول المانحة، وسوء الأوضاع الاقتصادية، والاضطرابات التي تعاني منها بعض دول الجوار التي استقبلت اللاجئين من سوريا منذ بداية الأزمة.

استجابة عملية

وخلال حفل العشاء الخيري تمكنت مؤسسة رحمة حول العالم من جمع 150 ألف دولار أمريكي، وستقوم إحدى المؤسسات غير الربحية بمضاعفة المبلغ الذي تم جمعه ليصبح 300 ألف دولار، سيعود ريعها بالكامل إلى أطفال سوريا واليمن، ضمن حملة إغاثة تقوم بها المؤسسة، لمساعدة النازحين واللاجئين على تجاوز معاناتهم مع قدوم فصل الشتاء القارس، وانعدام أبسط مقومات الحياة في ماء غذاء ومسكن وملبس.

وفي نهاية الفعالية تم توزيع شهادات تقدير لعدد من الناشطين في العمل الخيري والإنساني, كان من ضمنهم إمام مسجد ديكس، الأمريكي من أصول يمنية، الشيخ “حمود عفيف”، والدكتور “عبادة الزحيلي”، الأمريكي من أصول سورية، تقديرًا لمساهمتهم ومساندتهم للعمل الخيري والإنساني طوال هذه السنوات من عمر الأزمة في اليمن وسوريا.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين