سياحة وسفرمنوعات

كالي الكولومبية تجلب السياح على إيقاع السالسا

هاجر العيادي

للفن حكاية ومعنى، وباختلاف الفن تختلف الحكاية والمعنى، هكذا هو الرقص.. فرغم تعدد أنواعه إلا أنها تتوحد جميعًا لتجعلك تمرح وتطلق العنان لنفسك بعيدًا عن الهموم الأحزان، على حد قول أهل الاختصاص.

وما أجمل أن يتحول الرقص إلى وجهة سياحية بامتياز، ومن هذا المنطلق نجد رقص السالسا.. وهو رقص ظهر في أميركا اللاتينية، وتطور خلال منتصف السبعينات من القرن الماضي، وتمتاز هذه الرقصة الزوجية بخطواتها الغزلية والمليئة بالحياة.

كالي.. مدينة السالسا

وتعد مدينة كالي الكولومبية عاصمة السالسا في العالم؛ حيث يقصدها الراغبون في تعلم كيفية هذا الرقص أو الراغبون في تحسين أدائهم.

وتقع مدينة كالي، التي يقطنها 2.4 مليون نسمة، في جنوب غرب كولومبيا، وتزداد أهميتها حاليًا كوجهة سياحية للراغبين في تعلّم رقصة السالسا، وتوجد بها حوالي 130 مدرسة للرقص وفق ما تؤكده الإدارة الثقافية في المدينة، مشيرة إلى أن كالي تروّج لنفسها حاليًا باعتبارها “عاصمة السالسا”.

مميزات السالسا

من جهة أخرى يوجد العديد من الأنماط المختلفة من رقصة السالسا، على غرار السالسا الكوبية والبورتوريكية والكولومبية، إضافة إلى وجود أنماط من نيويورك ولوس أنجلس.

وفي هذا الإطار يقول الراقص المحترف خوان أنجيل راميريز: “تمتاز السالسا الكولومبية بالحركات السريعة للغاية للأقدام والساقين”. ويتخلّى “أسلوب كالي” عن فترات الراحة، ويعتمد بدلا من ذلك على خطوة مع كل إيقاف.

مهرجان “فيريا دي كالي”

من جهة أخرى يستغل الراقصون المهرجان الشعبي “فيريا دي كالي”، الذي يقام في الفترة من 25 إلى 30 ديسمبر، لإظهار مهاراتهم.

ولعل المتابع لهذا المهرجان يلاحظ أن ما يمتاز به هذا المهرجان عرض “سالسودرومو”، وهو عرض يضم أفضل مدارس السالسا، كما يستمر المهرجان لمدة 6 أيام، يتم خلالها تقديم عروض الأزياء التقليدية والكثير من الحفلات الموسيقية، التي تكون مجانية في معظمها.

كالي.. الأكثر مدن كثافة

على صعيد آخر تمتاز مدينة كالي بأنها من أكثر المدن كثافة بالسكان في كولومبيا بعد مدينتي بوغوتا وميديلين، وعلى الرغم من أن المدينة عانت فترة ما من أوقات عصيبة؛ لاسيما أنها  تصدرت حرب المخدرات بين كارتل كالي وكارتل ميديلين عناوين الصحف قبل 25 عاما.

إلا أن الوضع الأمني تحسن في كالي بصورة كبيرة منذ اتفاق السلام مع مقاتلي القوات المسلحة الثورية الكولومبية في 2016، وبالرغم من ارتفاع معدل الجريمة في المدن الكبرى، إلا أن النمو الاقتصادي وانخفاض معدل الفقر ساهما في تحسين صورة كولومبيا بشكل كبير.

أماكن سياحية متعددة

وإضافة إلى هذا يفتخر السكان المحليون بمدينتهم التي يحرسها تمثال السيد المسيح بارتفاع 26 مترًا، كما قامت المدينة بتدشين نصب تذكاري لمؤسس الفرقة الموسيقية جيرو فاريلا، والذي توفي عام 2012؛ حيث يوجد ترومبون ضخم أمام متحف السالسا، الذي يحمل اسم فاريلا.

منتزه “بوليفار ديل ريو”

وانطلاقًا من هذا المتحف يمكن للسياح اكتشاف بعض المعالم في المدينة حول منتزه “بوليفار ديل ريو”، وهو عبارة عن متنزه تم تجديده بشكل رائع على طول نهر كالي، وعلى الرغم من أن مدينة كالي ليست من المدن، التي يقع السياح في حبها من النظرة الأولى، إلا أنها تنجح في أسر ألباب بعض السياح؛ حيث تزهو بحياتها الليلية الصاخبة، كما يلاحظ بعض السياح تحلّي السكان بحب الحياة.

للسالسا أهمية

وفي هذا السياق قد يبدو من الغريب تمتع رقصة السالسا بهذه الأهمية الكبيرة في كالي، وهي المدينة التي تقع على ارتفاع ألف متر في وادي نهر كاوكا، وقد تم تأسيس هذه المدينة في منطقة جبال الإنديز على يد الفاتح الإسباني سيباستيان دي بيلالكازرا في عام 1536، ومع ذلك فإن أجواء المدينة وشعبها المضياف يوحي للسياح بأنها تنتمي إلى منطقة البحر الكاريبي.

أجواء مميزة في كالي

وتحتل مدينة كالي مكانة هامة حيث باتت وجهة سياحية  بدرجة أولى لما تتمتع به من مناظر خلالبة وأجواء مميزة ويرجع بعض المؤرخين ذلك إلى  أسباب عدة

وفي هذا الصدد أوضح عالم الأنثروبولوجيا وخبير السالسا أليخاندرو أولوا أن هناك أسبابًا تاريخية جعلت مدينة كالي تتمتع بهذه الأجواء المميزة؛ فكما هو الحال في أجزاء من منطقة البحر الكاريبي توجد في وادي كوكا الكثير من المزارع الكبيرة لقصب السكر والكاكاو والتبغ، والتي جلب إليها المستعمرون الأسبان العبيد من أفريقيا، وهو ما جلب معهم الثقافة الأفريقية إلى هذه المنطقة، بالإضافة إلى وجود حركة هجرة قوية من ساحل المحيط الهادي القريب خلال القرن العشرين، وتعتبر مدينة كالي اليوم أكبر مدينة في كولومبيا تضم سكانا منحدرين من أصل أفريقي.

السالسا الأكثر انتشارًا بين الفقراء

وفي البداية كانت السالسا أكثر انتشارًا بين السكان الفقراء، ولكنها اليوم أصبحت عنصرًا اجتماعيًا موحدًا، ويتم الاستماع إلى السالسا في كل مكان، سواء كان ذلك في سيارات الأجرة أو السوبر ماركت أو في الحدائق، ويتم أداء رقصات السالسا في كل فرصة متاحة.

كما تجدر الإشارة أن مدينة كالي تضم  العديد من أندية السالسا، والتي يمكن فيها مقابلة طلاب السالسا، وليس هناك خوف من التواصل مع سكان كالي؛ حيث إنهم يقدمون النصائح ويتحلون بالصبر عندما لا يتم أداء الرقصات بالشكل السليم.

من الواضح وفق خبراء في السياحة أن مدينة كالي الكولمبية بات من أهم الوجهات السياحية في العالم والفضل قد يعود إلى رقص السالسا بدرجة أولى ومناظرها الخلابة، على حد قول الخبراء.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين