
أحمـد الغــر
أثار “ألفريد نوبل” حفيظة عائلته بعد أن قرر صرف ثروته لتأسيس جوائز تحمل اسمه، لكن الجائزة التي تكرم الاكتشافات التي تفيد البشرية، صارت لاحقًا هي أقيّم وأهم الجوائز التي ينتظرها العالم من عام إلى لآخر.
يحصل الفائزون على الجوائز في احتفالات بالعاصمتين ستوكهولم وأوسلو في 10 ديسمبر من كل عام، وهي الذكرى السنوية لوفاة “ألفريد نوبل” في عام 1896م.
وفي هذا التقرير يُفرد “راديو صوت العرب من أمريكا” مساحة للاطلاع على جوائز هذا العام 2019، وجزء من تاريخ الجائزة.
جوائز نوبل
كان “ألفريد نوبل” عالمًا في الكيمياء ومهندسًا ومؤلفًا، كما أنه كان مخترعًا، حيث استطاع أن يخترع الديناميت، ووفقًا لأحد كتاب السيرة الذاتية فإن نوبل قد قرأ نعيه بنفسه في صحيفة فرنسية عام 1888م، لكن الصحيفة خلطت بينه وبين أخيه، ونشرت خبر وفاة ألفريد بطريق الخطأ.
ولم تكتف الصحيفة بنشر خبر الوفاة، بل أدانته لقيامه باختراع الديناميت، ووصفته بلقب “تاجر الموت”، فقرر نوبل أن يترك إرثًا طيبًا يُذكر به، فقرر التبرع بمعظم ثروته لتمويل جوائز نوبل.
وتمنح الجوائز للإنجازات المتميزة في مجالات الأدب والسلام والطب والفيزياء والكيمياء، وأيضا الاقتصاد، وكانت أول جائزة نوبل من نصيب “هنري دوناننت” الذي شارك في تأسيس الصليب الأحمر عام 1901.
جائزة الطب.. تتويج لجهود مكافحة السرطان
جائزة نوبل للطب هي أولى جوائز نوبل التي تعلن كل عام، وقد مُنِحَت الجائزة لهذا العام 2019 إلى الأمريكيين “وليام كايلين” و”غريغ سيمنزا” والبريطاني “بيتر راتلكيف”، مكافأة على أعمالهم حول تكيف الخلايا مع كمية الأكسجين المتوافرة، ما يسمح بمكافحة السرطان وفقر الدم.
وقال مجلس نوبل في معهد كارولينسكا في حيثيات القرار: “أهمية الأكسجين الجوهرية معروفة منذ قرون، إلا أن عملية تكيف الخلايا مع تقلبات مستوى الأكسجين بقيت لغزًا لفترة طويلة”، وتابع القرار: “تكافئ جائزة نوبل هذه السنة أعمالًا كشفت آليات جزيئية مسؤولة عن تكيف الخلايا مع مستوى الأكسجين المتقلب في الجسم”.
وترتبط هذه الآليات خصوصًا بالأورام السرطانية التي تعتمد في نموها على كمية الأكسجين في الدم خصوصا بعض السرطانات التي تتطور بسرعة مثل الكبد، وتستهلك الكثير من الطاقة، ما يؤدي إلى حرق كل الأكسجين المتوافر حولها.
ويعمل “كايلين” في معهد هاورد هيوز الطبي في الولايات المتحدة، فيما يدير “سيمنزا” برنامجًا لأبحاث الأوعية في معهد جونز هوبكنز للبحث حول هندسة الخلايا، أما “راتكليف” فهو مدير البحث في معهد فرانسيس كريك في لندن ومعهد تارغت ديكسوفري في أكسفورد.
وسيتسلم الفائزون في العاشر من ديسمبر المقبل ميدالية ذهبية، وشهادة تقدير، وشيكًا بقيمة تسعة ملايين كرونة سويدية (حوالي 830 ألف يورو)، وهى المكافأة التي سيتقاسمها الثلاثة.
نوبل للفيزياء.. لنظرية علم الكون
فاز كل من الكندي-الأمريكي “جيمس بيبلز” والسويسريين “ميشال مايور” و”ديدييه كيلو”، بجائزة نوبل للفيزياء لهذا العام.
وقد أوضح “غوران هانسون” الأمين العام للأكاديمية الملكية للعلوم في السويد، أن الجائزة قد مُنِحَت مناصفة، إلى “جيمس بيبلز” لاكتشافاته النظرية حول علم الكون الفيزيائي من جهة، وإلى “ميشال مايور” و”ديدييه كيلو” لاكتشافهما كوكبًا خارجيًا يدور حول نجمة شبيهة بالشمس من جهة ثانية.
وسيحصل “بيبلز” على نصف الجائزة، التي يبلغ إجمالي قيمتها نحو 830 ألف يورو (9 ملايين كرونه سويدي)، بينما يقتسم العالمان السويسريان النصف الثاني منها.
نوبل للكيمياء .. لمطوري بطارية الليثيوم
أما جائزة نوبل للكيمياء فقد مُنِحًت لـ 3 علماء قاموا بتطوير بحوث حول بطاريات الليثيوم، وهم الأمريكي “جون غوديناف”، والبريطاني “ستانلي ويتينغهام”، والياباني “أكيرا يوشينو”، وتستخدم بطاريات الليثيوم في تكنولوجيا الحياة اليومية، وتمتاز بوزنها الخفيف وتخزينها كميات كبيرة من الطاقة الشمسية والريحية.
وأوضحت الأكاديمية الملكية السويدية المانحة للجائزة أن: “هذا النوع من البطاريات الخفيفة الوزن والقابلة للشحن والقوية مستخدم الآن حيثما كان في الهواتف والحواسيب والسيارات الكهربائية”.
وأضافت “ويمكنها أيضًا أن تخزن كميات كبيرة من الطاقة الشمسية والريحية، فاسحة المجال أمام مجتمع متحرر من مصادر الطاقة الأحفورية”.
وبعد الأزمات النفطية المسجلة في السبعينيات، باشر “ستانلي ويتينغهام” بحثه عن مصادر طاقة غير أحفورية، فطوّر قطبًا سالبًا في بطارية ليثيوم بالاستناد إلى تيتانيوم الديسولفيد، فيما توقع “جون غوديناف” إمكانية زيادة خصائص الأقطاب السالبة هذه في حال أنتجت استنادًا إلى الأكسيد المعدني وليس الديسولفيد.
وفي عام 1980 أثبت غوديناف أن الجمع بين أكسيد الكوبالت وأيونات الليثيوم يمكنها إنتاج أربع فولتات، وأنتج “أكيرا يوشينو” بعد ذلك أول بطارية تجارية العام 1985.
وبهذا الفوز، فقد أصبح الأمريكي “غوديناف”، البالغ 97 عامًا، عميد الفائزين بجوائز نوبل.
نوبل للأدب .. جائزتين لعامين!
توجت الكاتبة البولندية “أولغا توكارتشوك” بجائزة نوبل للآداب لسنة 2018 بعد إرجائها السنة الماضية بسبب فضيحة جنسية، في حين نال النمساوي “بيتر هاندكه” جائزة 2019.
وأعلن الأمين العام الدائم للأكاديمية السويدية “ماتس مالم” أن “أولغا توكارتشوك” كوفئت بالجائزة المؤجلة من عام 2018 “على خيالها السردي الذي يرمز، من خلال شغف موسوعي، إلى تجاوز الحدود كشكل من أشكال الحياة”.
وألّفت “أولغا” حوالي 12 عملًا، وتعتبر ألمع روائيي جيلها في بولندا، وتتراوح أعمالها المتنوعة بين القصة الخيالية الفلسفية والرواية البوليسية البيئية الملتزمة، والميتافيزيقية، وصولًا إلى الرواية التاريخية الواقعة في 900 صفحة، وقد ترجمت أعمالها إلى أكثر من 25 لغة.
فيما كوفئ “بيتر هاندكه” بجائزة هذا العام على أعماله “التي غاصت في فرادة التجربة البشرية، مدعومة ببراعة لغوية”، وقد أصدر “هاندكه” أكثر من 80 عملًا، فهو أحد الكتاب باللغة الألمانية الذين يتمتعون بأكبر نسبة قراءة، وقد حوّلت الكثير من أعماله إلى مسرحيات.
وقد أصدر أول عمل له بعنوان “الزنابير” سنة 1966م، قبل أن يشتهر مع “توتر حارس المرمى خلال ركلة الجزاء” في عام 1970م، ومن ثم “المصيبة اللامبالية” الذي يرثي فيه والدته بشكل مؤثر.
وبالرغم من تتويج “هاندكه”، إلا إنه يعد أحد الشخصيات التي تعتبر أنه ينبغي إلغاء جائزة نوبل للآداب، فبحسب رأيه هي “شكل من أشكال التقديس الزائف الذي لا يفيد القارئ بشيء”.
غضب واعتراضات
بمجرد إعلان فوز الكاتب والشاعر النمساوي “بيتر هاندكه” بجائزة نوبل لهذا العام، علت الأصوات في البوسنة وكوسوفو وألبانيا، وذلك بسبب أن “هاندكه” معروف بدعمه لنظام الرئيس اليوغوسلافي الراحل “سلوبودان ميلوشيفيتش” (رئيس جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية من العام 1997 إلى العام 2000).
ردود الأفعال الصاخبة والمعارضة لهذا القرار، انهالت منددة بالقرار، ووصفت حصوله على هذه الجائزة بـ”الفضيحة” للأكاديمية السويدية التي لم تتعافى بعد من فضحية العام الماضي المتعلقة بالاعتداءات الجنسية.
رئيس الوزراء الألباني “إدي راما”، قال في تغريدة نشرها عبر صفحته الرسمية على تويتر: “لم أفكر يوما أنه بسبب جائزة نوبل سأشعر بالرغبة في القيء”، وتابع “بالنظر إلى الخيار المخزي الذي اتخذته السلطة الأخلاقية مثل أكاديمية نوبل، فقد تم ختم العار كقيمة جديدة، فلا يمكننا أن نكون بلا إحساس تجاه العنصرية والإبادة الجماعية”.
من جانبه علق وزير خارجية كوسوفو السابق “بيتريت سليمي”، على هذا القرار، قائلًا: “مرحبًا جائزة نوبل، هل تعلمون أن هاندكه كان يدعم الحصار على سراييفو، وشرب الخمر مع الجنود الذين يقتلون الأطفال من خلال عمليات القنص، وقال إن المسلمين يقتلون أنفسهم؟، مقزز. هذا هو القرار الأكثر هجومية، ماذا بعد؟ جائزة السلام لبشار الأسد؟”.
في سياق متصل، توالت التغريدات الرافضة والمنددة لهذا الفوز، فقد غردت “فلورا سيتاكو”، سفيرة كوسوفو في الولايات المتحدة، قائلة: “عزيزي كارل بيلدت، كشخص صريح للغاية بالنسبة الظلم، أتمنى ألا تغض البصر عن القرار الفاضح الأخير الذي اتخذته لجنة نوبل بمنح جائزة نوبل للأدب لهذا العام لهاندكه”.
وقد أُطلِقت عريضة في ألبانيا تستنكر هذا القرار، وحتى هذه الأثناء تم توقيعها من قبل أكثر من 30 ألف شخص، وفيما انتقد العديد من الشعراء والمؤلفين هذا القرار، فقد كان على النقيض، الإعلام الصربي ورئيس النمسا الذين أشادوا بفوز “هاندكه”.
فضيحة العام الماضي
كانت مؤسسة نوبل قد حجبت العام الماضي جائزتها للأدب لأول مرة منذ نحو 70 عامًا، حيث تعرضت الأكاديمية للانتقاد بسبب الطريقة التي تعاملت بها مع سوء سلوك المصور الفرنسي “جان-كلود أرنو”، المتزوج من العضوة في الأكاديمية “كاترينا فروستينسون”.
وقد استقالت العضوة المعنية إثر ذلك، كما استقالت رئيسة الأكاديمية وأربعة أعضاء آخرين، حيث تقدمت 18 سيدة بادعاءات تحرش جنسي ضد أرنو في نوفمبر الماضي، مدفوعات بحملة “مي تو”.
وقد صرح “لارس هايكينستين”، مدير المؤسسة، أن الأكاديمية قد أجرت تغييرات مهمة نتيجة للفضيحة، وأضاف: “استغرق الأمر وقتًا أطول مما توقعنا، لكننا اتخذنا عددًا من الخطوات المختلفة، ومن بين ذلك استبعاد الأعضاء الذين كانوا ضالعين في الفضيحة من المشاركة في عمل جائزة نوبل”.
ولم يكن يجوز، من الناحية القانونية، استقالة الأعضاء من الأكاديمية، لأن مدة العضوية فيها كانت مدى الحياة، لكنهم يستطيعون وقف مشاركتهم في أنشطة الأكاديمية، لكن العاهل السويدي، الملك “كارل السادس عشر غوستاف”، قال إنه سيغير تلك القواعد بشكل يسمح للأعضاء بالانسحاب من عضوية الأكاديمية رسميًا.
“آبي أحمد” يقتنص نوبل للسلام
المرحلة الخامسة من موسم جوائز نوبل، والتي عادةً ما تكون موضعًا للجدل، هي جائزة نوبل للسلام، والتي سُلِّمَت الجمعة الماضية في العاصمة النرويجية أوسلو، إلى رئيس الوزراء الأثيوبي “آبي أحمد”، الأفريقي المسلم، وذلك تقديرًا لدوره في مصالحة بلاده مع إريتريا.
وكان من بين المرشحين بقوة الناشطة في مجال البيئة ومكافحة تغير المناخ السويدية “غريتا ثنبرغ”، والتي تقف وراء حركة “فرايديز فور فيوتشر”، من أجل لفت انتباه قادة العالم على ضرورة التحرك على صعيد المناخ.
يُذكر أنه منذ وصول “آبي أحمد” إلى السلطة في ابريل 2018، بعد استقالة هايلي مريم ديسالين في أعقاب ثلاث سنوات من الاحتجاجات العنيفة المناهضة للحكومة، وقد قامت حكومته بالفعل في اتخاذ إجراءات تصالحية، وبدأت بإصلاح قوات الأمن.
كما أبرمت اتفاق سلام مع إريتريا المجاورة في يوليو 2018 بعد سنوات من العداء وبعد حرب حدودية استمرت من عام 1998 إلى عام 2000، وقال “آبي أحمد” في مكالمة هاتفية مسجلة مع أمين لجنة نوبل نُشرت على الإنترنت “يغمرني شعور بالامتنان والسعادة، إنها جائزة لأفريقيا، ولإثيوبيا”.
وقد رأت منظمة العفو الدولية أن منح جائزة نوبل للسلام لـ “آبي أحمد” يجب أن تشجعه على القيام بمزيد من الإصلاحات في مجال الحقوق الإنسانية في ثاني أكبر بلد في عدد السكان في إفريقيا، وذلك بعد عقود من القمع على نطاق واسع.
تنامي الدور الإثيوبي في القارة السمراء
بينما كان “آبي أحمد” يعيد جسور الثقة داخليًا في بلاده، عبر إعادة دمج المعارضة في العملية السياسية في أثيوبيا، فإنه لم يغفل مواصلة جولاته لرأب التصدعات التي تفصل بلاده عن دول الجوار.
فمثلما تبنى طريقة الدبلوماسية والحوار لتهدئة الاضطرابات الداخلية وتصفية الخلافات القبلية، اتبع الأسلوب ذاته في عقد مصالحات خارجية لتحسين علاقة بلاده بجيرانها.
فإلى جانب المصالحة التاريخية بين أديس أبابا وأسمرا، سعى في التفاوض حول اتفاق سلام بين القادة العسكريين السودانيين والمعارضة المدنية، مما أنهى أشهرًا من التظاهرات.
كما نجح “آبي أحمد” في فتح خط تصالحي جديد مع مصر واستطاع أن يحقق تحولًا غير مسبوق في العلاقات بين البلدين، وذلك خلال أول زيارة له إلى القاهرة في 10 يونيو الماضي.
وقد شهد الاقتصاد الوطني الأثيوبي نموًا قويًا خلال الفترة القصيرة الماضية، من خلال تحول مزيد من الاستثمارات الأجنبية ورءوس الأموال إلي الداخل الإثيوبي.
وفي العام المالي 2012/2013 بلغ معدل النمو نحو 9.7% وحققت المرتبة 12 بين الاقتصادات العالمية، من حيث سرعة النمو، وبلغ النمو في الناتج المحلي الإجمالي 8.5% خلال العام المالي 2015/2016.
لا يتوقف طموح “آبي أحمد” عند حدود بلده، ومع فوزه بجائزة نوبل للسلام، فإن هذا الدور سيتنامى كثيرًا، بعض الخبراء تخوفوا من أن يكون هذا الدور على حساب الدور المصري التاريخي في القارة السمراء، وأن يكون للدور الأثيوبي المتعاظم في القارة تأثيرًا سلبيًا على مسار مفاوضات سد النهضة الأثيوبي.
هل رشحت اليابان ترامب لنيل جائزة السلام؟
في مطلع هذا العام، كشفت صحيفة آساهي اليابانية عن ترشيح رئيس الوزراء الياباني “شينزو آبي” للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لنيل نوبل السلام، والذي جاء تلبية لطلب قدمته الحكومة الأمريكية من أجل ذلك.
وقد أتي التقرير في أعقاب تصريح لترامب قال فيه أن آبي قد رشحه لجائزة نوبل للسلام تقديرًا لجهوده في فتح حوار مع كوريا الشمالية وتخفيف التوتر معها، مضيفًا أن رئيس الوزراء الياباني أعطاه “أجمل رسالة من خمس صفحات يرشحه فيها لجائزة نوبل للسلام”.
لكن المثير في الأمر أن وزارة الخارجية اليابانية في طوكيو، قد ذكرت في إطار ردها على استفسارات صحفية حول الأمر، بأن الوزارة على علم بتصريحات ترامب، لكنها ستمتنع عن التعليق على التفاعل بين الزعيمين.
يُذكر أن الرئيس ترامب كان قد علّق على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقول: “يمكن أن أُمنح جائزة نوبل لأمور عدة، إن كانوا يعطونها بنزاهة، وهو ما لا يفعلونه”، مضيفًا: “منحوها لأوباما مباشرة بعد وصوله إلى الرئاسة، وهو لم يكن لديه أدنى فكرة عن سبب حصوله عليها. أتعلمون؟ كان هذا الأمر الوحيد الذي وافقته الرأي فيه”.
جائزة نوبل .. حقائق وأرقام
أُقيم أول احتفال لتقديم جائزة نوبل في الأكاديمية الملكية الموسيقية في مدينة ستوكهولم السويدية سنة 1901، وابتداءً من سنة 1902، قام الملك بنفسه بتسليم جائزة نوبل للأشخاص الحائزين عليها.
وقد تردّد الملك “أوسكار الثاني”، ملك السويد، في بداية الأمر في تسليم جائزة وطنية لغير السويديين، ولكنه تقبّل الوضع فيما بعد لإدراكه لكمية الدعاية العالمية التي ستجنيها السويد.
وكان لدى “ألفريد نوبل” أفق دولي في وصيته، إذ رفض أي اعتبار لجنسية المرشحين، مؤكدا على اختيار الأكثر جدارة سواء كان اسكندنافيًا أم لا.
وتتألف لجنة جائزة الطب من 50 عضوا من معهد كارولينسيكا و50 آخرين من الأكاديمية السويدية، فيما تتألف لجنة الكيمياء والفيزياء من 300 عضو من أكاديمية العلوم السويدية، في حين يشرف على جائزة السلام المعهد النرويجي الذي يحدد خمسة أعضاء يتم اختيارهم من معاهد مختلفة.
وتجتمع هذه اللجان كل عام للنظر في تقارير المنظمات ودراسة مقترحاتها وتوصياتها للبت فيها، وتسلم جائزة نوبل للسلام في مدينة أوسلو، بينما تسلم الجوائز الأخرى من قبل ملك السويد في مدينة ستوكهولم.
فائزون لم يحصلوا على جوائزهم
من المثير؛ أن تاريخ الجائزة قد سجل وجود 5 حائزين عليها، لم يتمكنوا من استلام جوائزهم، ففي عام 1936 تم اعتقال الصحفي الألماني “كارل فون أوسيتزكى” في معسكر اعتقال للنازيين، لذا لم يتمكن من الحضور.
وفى عام 1975 تسلمت “يلينا بونر” الجائزة بدلاً من زوجها المعارض الروسي “أندريه ساخاروف”، أما في عام 1983 فرفض زعيم الاتحاد البولندي “ليخ فاونسا” الدعوة للحضور إلى أوسلو، خشية من عدم السماح له بالعودة إلى بولندا.
وفى عام 1991 كانت زعيمة المعارضة “أونج سان سو كى” رهن الإقامة الجبرية في منزلها في ميانمار، عندما فازت بالجائزة، وفى عام 2010 كان المعارض الصيني “ليو شياوبو” في السجن وبقى كرسيه فارغًا، حيث تم وضع الجائزة عليه.
تكريم بعد الوفاة
ينص النظام الأساسي لمؤسسة جائزة نوبل، على أنه لا يجوز منح الجائزة بعد الوفاة، لكن هناك استثناءات حدثت، وقد منحت فيها الجائزة للمبدع بعد وفاته، وقد حدث ذلك لثلاثة أشخاص فازوا بالجائزة بعد وفاتهم.
أحدهما كان “داغ همرشولد” الأمين العام السويدي للأمم المتحدة، الذي توفى في حادث تحطم طائرة في عام 1961، لكنه حصل على جائزة نوبل للسلام في وقت لاحق من العام نفسه.
وفى عام 1931، مُنحت جائزة نوبل للآداب إلى “إريك أكسيل كارلفلدت” ولكن بعد وفاته. وفى عام 2011، كرمت لجنة جائزة الطب “رالف شتاينمان” من كندا، غير مدركين أنه توفى قبل ثلاثة أيام فقط من إعلان فوزه.
رصيد العرب في نوبل
نصيب العرب من الجائزة محدود للغاية مقارنة بحجم الإنجازات العلمية والأدبية التي تركها أجدادهم. وكان أول عربي فاز بجائزة نوبل، هو “بيتر مدور”، والذي نالها في الطب لعام 1960، وهو طبيب بريطاني من أصل لبناني.
وفي عام 1978؛ فاز الرئيس المصري “محمد أنور السادات” بجائزة نوبل للسلام، بعد أن وقع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل مع كل من الرئيس الأمريكي “جيمي كارتر” ورئيس الوزراء الإسرائيلي “مناحيم بيجن”.
وبعد 10 سنوات؛ فاز الأديب المصري “نجيب محفوظ” بجائزة نوبل للأدب، وذلك في عام 1988، أما في عام 1990 فقد فاز الكيميائي الأمريكي من أصل لبناني “إلياس جيمس خوري” على جائزة نوبل في الكيمياء.
وفي عام 1994؛ فاز الرئيس “ياسر عرفات” بجائزة نوبل للسلام بالاشتراك مع شيمون بيريز وإسحاق رابين لما بذلوه من جهود لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وفي 2005 فاز بها “محمد البرادعي” مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي عام 1999، فاز العالم المصري، الأمريكي الجنسية “أحمد زويل” بجائزة نوبل في الكيمياء، وفي 2011 فازت “توكل كرمان” بجائزة نوبل للسلام بالتقاسم مع الرئيسة الليبيرية “إلين جونسون سيرليف” والناشطة الليبيرية “ليما غوبوي”، لتصبح كرمان أول امرأة عربية تحصل على جائزة نوبل، وفي عام 2015 فاز الرباعي التونسي الراعي للحوار الوطني في تونس بجائزة نوبل للسلام.
ختامها مسك.. نوبل للاقتصاد
ينتهي موسم نوبل كل عام في 14 أكتوبر، مع جائزة الاقتصاد التي استحدثت عام 1968 احتفاءً بمرور 300 سنة على تأسيس بنك السويد، وتعد الولايات المتحدة أكثر دولة حصولاً على الجائزة بنسبة 88% من عدد الحاصلين عليها، تليها المملكة المتحدة.
وقد منحت أكثر جوائز نوبل للاقتصاد لرواد مدرسة شيكاغو الاقتصادية، حيث نالت نصيب الأسد بنحو 28 جائزة، وسيشهد يوم الاثنين القادم إعلان الفائزة بنسخة هذا العام من الجائزة.