تسجيل مخالفات خطيرة قد تشكك في مصداقية انتخابات البرلمان التونسي

تونس- هاجر العيادي
شهدت انتخابات البرلمان التونسي العشرات من المخالفات التي أربكت الناخبين، وعمّقت توجساتهم من تأثيرها على النتائج، ومسها بنزاهة الاستحقاق الانتخابي ومصداقيته، لاسيّما وأنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومنظمات رقابية غير حكومية أعلنت عن رصد مخالفات خطيرة شابت عملية الاقتراع، وفق ما أفاد به رئيس الهيئة نبيل بفون خلال مؤتمر صحفي.
وفي هذا الصدد قال بفون إنه قد تمّ تسجيل خروقات خطيرة تتمثل في محاولات التأثير على الناخبين في بعض مراكز الاقتراع خلال يوم الصمت الانتخابي.
وأكد بفون أنّ الهيئة تتثبت من تقارير الهيئات الفرعية التابعة، وتتثبت من تسجيل مخالفات خطيرة قادرة على التأثير على إرادة الناخبين من عدمه لإصدار القرارات اللازمة.
مخالفات خطيرة ومتنوعة
من جانبه، أكد عضو هيئة الانتخابات بلقاسم العياشي، في إحدى التصريحات الصحفية رصد مخالفات خطيرة ومتنوعة في يوم عملية الاقتراع، وأهمّها كسر الصمت الانتخابي، وعدم احترام ما نصّ عليه القانون الانتخابي بخصوص عدم القيام بعملية إشهار سياسي في يوم الاقتراع.
كما بيّن أنّ الهيئة تقوم برصد ومتابعة المخالفات في كل مراكز الاقتراع، وستدرس هذه المخالفات لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حقّها، مشيرًا إلى أن بعض المخالفات تستوجب إسقاط نتائج جزئية لقائمات انتخابية، بسبب ارتكابها جرائم انتخابية تؤثّر على نتائج التصويت في انتخابات البرلمان.
ثاني انتخابات برلمانية
يذكر أن هذه الانتخابات تعد ثاني انتخابات برلمانية تجرى بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، حوالي 7 مليون تونسي لانتخاب 217 نائبا ضمن 33 دائرة انتخابية.
في الأثناء، يتابع 118 ألف شخص سير العملية الانتخابية بين ملاحظين أجانب ومحليين وممثّلي الأحزاب.
وهو رقم يفوق ما تمّ تسجيله في الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 2014، ولم يتجاوز فيها عدد الملاحظين المائة ألف، فضلا عن 56 ألف من أعوان الهيئة العملية الانتخابية أمنوا وأشرفوا على عملية الاقتراع، كما أشرف الجيش التونسي على تسليم كافة المواد الانتخابية، فيما تبقى صناديق الاقتراع تحت تأمينه إلى ما بعد استيفاء مرحلة الطعون في النتائج.
مخالفات رغم الرقابة المشددة
وعلى الرغم من شدّة الرقابة على سير العملية الانتخابية وكثرة الملاحظين، أعلنت منظمات غير حكومية مختصة في رقابة نزاهة الانتخابات عن رصد العشرات من المخالفات المؤثّرة على سير العملية الانتخابية.
ومن بين هذه المنظمات نجد منظمة “مرصد شاهد” التي أعلنت عن رصد خروقات تتمثّل في توزيع أموال من قبل بعض الأشخاص، والتحريض على انتخاب إحدى القائمات المرشحة في أحد مكاتب الاقتراع.
وبدورها رصدت منظمة “أنا يقظ” بعض المخالفات التي وصفتها بالخطيرة والحرجة، وتتمثّل في التأثير على إرادة الناخبين بساحات مراكز الاقتراع بعدّة دوائر انتخابية ومنها دوائر “تونس 2 ” و”الكاف” و”تطاوين”.
كما تم تسجيل مخالفات تتعلق بمواصلة الأنشطة الانتخابية الدعائية، وعدم احترام الصمت الانتخابي من خلال نشر وتعليق مُلصقات بمحيط مراكز الاقتراع بدوائر انتخابية كثيرة ومنها “صفاقس 2” و”منوبة” و”تونس 1” و”نابل 1”.
من جهة أخرى أكدت منظمة رقابية أخرى “مراقبون” تسجيل العشرات من التجاوزات المتعلقة بتواصل الحملات الانتخابية في المحيط الخارجي لمراكز الاقتراع.
قلب تونس يوثق التجاوزات
وفي سياق متصل أكد حزب قلب تونس، ورئيسه نبيل القروي، أنه “وثّق العديد من التجاوزات الجسيمة التي تمسّ نزاهة العمليّة الانتخابيّة وسلامتها، بالفيديو وبالشهادات، في العديد من المناطق”، مؤكدًا أن ممثليه وأنصاره قاموا بتقديم شكاوى “لدى الهيئات الجهويّة للانتخابات” محذرا من حجم هذه التجاوزات ودرجة خطورتها على نتائج الانتخابات، داعيًا الهيئة العليا للانتخابات وهيئاتها الفرعيّة لاتخاذ القرارات اللاّزمة في الغرض.
مواجهة الممارسات المشبوهة
من جهتها دعت حركة النهضة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومنظمات المجتمع المدني المعنية بمراقبة شفافية العملية الانتخابية إلى التدخّل العاجل لوضع حدّ لـ”ممارسات مشبوهة قرب مراكز الاقتراع من أفراد عديدين بدعوى القيام بعمليات استطلاع لآراء الناخبين، وتعمّدهم الاتصال بالناخبين قبل الإدلاء بأصواتهم في مسعى إلى توجيه إرادتهم والتأثير على خياراتهم الانتخابيّة”.
إدانة واسعة
كما أدانت “كل محاولات التأثير المباشر وغير المباشر على إرادة الناخبين والعمليات الدعائية المفضوحة التي تقوم بها بعض الأطراف أمام مراكز الاقتراع”. وأحالت الهيئة الفرعية للانتخابات بدائرة تونس 1 على القضاء 7 ملفات تم تكييفها كمخالفة أو جريمة انتخابية خطيرة، وتعلّقت بتقديم تبرّعات عينية قصد التأثير على الناخبين.
مهام البرلمان التونسي
يذكر أن البرلمان في تونس حسب الدستور التونسي يعد مجلس السلطة التشريعية في البلاد، مقرّه تونس العاصمة، وهو ينتخب لمدة خمس سنوات ويمكنه تكوين لجان تحقيق، وتقديم مقترحات قوانين، ومن مهامه المصادقة على مشاريع القوانين فضلا عن المصادقة على المعاهدات، وتنظيم الحياة العامة في الدولة، المصادقة على الحكومة وأعضائها، الى جانب المصادقة على قانون المالية والميزانية، ورفع الحصانة عن أحد النواب.