بغنوة وكتاب.. بوشناق يطرب جمهور قرطاج ملمحًا إلى تفكيره في الاعتزال

تونس- هاجر العيادي
أمام مدارج مكتظّة بالجماهير، وعلى امتداد الساعتين والنصف، أحيا الفنّان التونسي لطفي بوشناق ضمن فعالياّت مهرجان قرطاج الدولي، حفلاً فنيًا ساهرًا تحت عنوان “غناية وكتاب”.
وكان من بين الحاضرين وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين، ورئيس الحكومة المفوض كمال مرجان، والمدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم محمد ولد أعمر.
حياة ونشوة
وبين الموشحات وأغاني الحب والسياسة، أخذ لطفي بوشناق الحاضرين إلى عالم مفعم بالحياة والنشوة، في سهرة شهدت تفاعلاً رهيبًا للجمهور مع مطربه المفضل، وتعطشًا واضحًا للفن الطربي والأغنية التونسية الأصيلة وفق متابعين للسهرة.
وفي هذا السياق غنى بوشناق للصغير والكبير وللشاب والكهل وللطفل وللشيخ، بجبة تونسية تقليدية، حاملاً معه آلته الموسيقية المفضلة وهي العود.
وبشهادة الجماهير نجح بوشناق في تحريك سواكن آلاف العشاق بصوته الطربي المميز ممن غصت بهم مدارج المسرح الروماني بقرطاج، وأثبت من جديد أنه من فئة الفنانين الكبار.
سهرة مقسمة
وفي هذا الإطار اختار بوشناق أن يقسّم سهرته لجزئين، ولم يكن اختياره التقسيم اعتباطيًا، وفق ما أفاد به خلال الندوة الصحفية التي عقدت عقب الحفل، بل جاء بوشناق إلى قرطاج حاملاً رسالة، فهو لم يصعد على المسرح من أجل أن يرقص الجمهور فقط، رغم أنّه لا يعارض ذلك، وقد رقص هو أيضًا خلال السهرة، وإنّما هو جاء من أجل أن يطرب جمهوره على حد قوله.
للحب وجود دائم
ومن هذا المنطلق جعل الجزء الأول من الحفل طربيّا بامتياز، حيث غنّى فيه لمدّة ساعة وربع جديده من موشّحات وقصائد، وقد استهله بوصلة موسيقية جديدة لقصيدة من كلمات الشاعر التونسي آدم فتحي، وتتكون الوصلة من ثلاثة موشحات، فضلاً عن “سكن الحب”، و”أحبك راضيا”، و”حبيبي الممجد”، علاوة على موال “أنت وأنا حرفين”
يشار إلى أن بوشناق عمد لتقديم الجديد في بداية حفلته، حتى لا تكون السهرة مملة، ولا يكتفي بما هو قديم، وهو ما أكد عليه خلال الندوة
وحظي الجزء الأول من الحفل بتفاعل كبير من الجمهور، الذي أنصت لغناء بوشناق بتركيز تامّ، وصفّق له طويلا بعد انتهاء وصلته.
أغاني سياسية
أماّ الجزء الثاني من السهرة فغنّى فيه لطفي بوشناق أشهر أغانيه التونسيّة التي كان الجمهور يردّدها معه مثل “خوذو الكراسي والمناصب وخلولي الوطن”، و”هذي غناية ليهم”، و”أنا مواطن”، و”نساية”.
وسرعان ما تحول الجمهور إلى كورال كبير، تحت نظرات إعجاب ممزوجة بالحب والارتياح لبوشناق، الذي أخذ عصا قائد الفرقة عبد الحكيم بالقايد، ليتحول إلى مايسترو، يقود فرقة موسيقية أخرى، تضم عشاقًا بعشرات الآلاف، لم يخرجوا في مرافقتهم الغنائية له عن النوتات الموسيقية، للمنتوج الفني الراقي لهذا المطرب التونسي الكبير.
للجديد حضور
أما فيما يخص الأغاني الجديدة غنى لطفي بوشناق “ليك أنت الغناية”، و”كيف شبحت خيالك”، وهي شارة مسلسل “النوبة” الذي عرض في رمضان 2019، وهو من إخراج ابنه عبد الحميد بوشناق.
“فكرة الاعتزال واردة”
على صعيد آخر وفيما يتعلق بعلاقة بوشناق بابنه عبد الحميد المخرج الشابّ، أكد بوشناق خلال الندوة أنّه لا يتدخّل في خياراته في العمل، كما كشف بوشناق أنّ فكرة الاعتزال صارت تراوده بإلحاح بعد مسيرة 40 سنة، موضحا أنّ يجب على الفنان أن يعرف متى ينسحب، حتّى يترك صورة جميلة له لدى جمهوره، على حد تعبيره.
“غناية وكتاب”
يشار إلى أن حفل بوشناق جاء تحت عنوان “غناية وكتاب”، لكونه تزامن مع فعاليات “تونس مدن الآداب والكتاب”.
وفي هذا الصدد تم توزيع قرابة خمسة آلاف كتاب لمحبي القراءة والمطالعة، حيث وجد كل متفرج في مكان جلوسه كتابًا، سواء في السياسة أو التاريخ أو العلوم الإنسانية أو غيرها من الاختصاصات.
تشجيع على القراءة
وأكد الكاتب العام للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، سيف الله الطرشوني، أن هذه التظاهرة تم تنظيمها من طرف وزارة الشؤون الثقافية، والمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، وذلك لتشجيع الناس على القراءة والكتابة، والتعريف بالكتاب التونسي.
وأضاف بأنه تم اقتناء إصدارات جديدة، تتوزع أغلبها بين البحوث والدراسات والروايات والدواوين الشعرية والقصص، من مختلف دور النشر التونسية باللغة العربية والفرنسية.
من الواضح، وفق متابعين، أن الفنان لطفي بوشناق كان وفيًا لتوقعات جمهور قرطاج ومحبيه الذين تنقلوا لمواكبة العرض من مختلف ولايات الجمهورية، فكانت وبشهادة الجمهور سهرة فنية متميزة ومتوازنة، جمعت بين الجديد والقديم، وأقنعت آلاف الجماهير الذين جاءوه من مختلف الأعمار.