تقارير

يوم أمني وسياسي عصيب في تونس.. هل يربك المشهد ويعمق حدة التجاذبات؟

تونس – هاجر العيادي

في الوقت الذي ساد فيه الغموض على المشهد السياسي في تونس، بعد تفجيرات انتحارية وسط العاصمة ونقل الرئيس السبسي للمستشفى، سعى رئيس الحكومة يوسف الشاهد لفرض حضوره في هذا اليوم السياسي الأمني العصيب، وفق مراقبين.

في هذا السياق تحرك الشاهد لطمأنة التونسيين، وفي أول رد فعل بشأن الأحداث الإرهابية أطل رئيس الحكومة على التونسيين قائلاً إن “الإرهاب والإرهابيين في حالة يأس″ في تونس.

كما صرح للصحافيين، أثناء زيارته موقع التفجير الذي وقع بشارع شارل ديغول على مقربة من السفارة الفرنسية، قائلاً “الإرهاب والإرهابيون في تونس في حالة يأس، بعد النجاحات الأمنية والعسكرية التي تحققت في السنوات الأخيرة، وخاصة النجاحات التي تحققت في شهر رمضان”.

إرباك التونسيين

وأوضح الشاهد أن “هذه العملية تهدف إلى إرباك التونسيين والاقتصاد والانتقال السياسي، ونحن على أبواب موسم سياحي وبضعة أشهر على الانتخابات”.

كما أضاف في تصريحاته قائلا: “حربنا مع الإرهابيين حرب وجود، ولن يهدأ لنا بال إلا بالقضاء على آخر عنصر من الإرهابيين”.

صحة الباجي

تطورات جاءت وسط حالة من التوتر والغموض بشأن المستقبل، عقب تداول أنباء متناقضة بشأن صحة الرئيس الباجي قائد السبسي، الذي ساد الغموض بشأن وضعه الصحي، وسط تصريحات متضاربة من محيطه في القصر الرئاسي، ورواج إشاعة الوفاة ودعوة البرلمان إلى اجتماع طارئ لتدارس المخرج القانوني.

الرئاسة تنفي

وأكد موقع الرئاسة التونسية أن السبسي أصيب بـ”وعكة صحية حادة”، ونفت الرئاسة لاحقا ما تداولته تقارير إعلامية حول وفاة الرئيس، مؤكدة أن الوضع الصحي للسبسي مستقر، وأنه يتلقى العلاج.

وقالت المتحدثة باسم الرئاسة، سعيدة قراش، للتلفزيون الرسمي: “الرئيس يتلقى حاليًا العلاج وحالته مستقرة”.

وحول ما تداولته بعض القنوات الأجنبية بشأن خبر وفاة السبسي، قالت قراش: “نحن لسنا مسئولين عن قلة المسؤولية في التعامل مع الخبر.. قلنا منذ البداية إنه تم نقل رئيس الجمهورية إلى المستشفى إثر تعرضه لوعكة صحية”.

كما شددت قراش على أن “نقل السبسي إلى المستشفى العسكري دليل على الثقة في الأطباء التونسيين، وفي كفاءاتنا العمومية، ودليل على الشفافية أيضا”.

الشاهد يزور السبسي

من جانبه قال الشاهد: “إنّ السبسي يتلقى العناية اللازمة على يد أكثر الإطارات الطبية كفاءة في البلاد…وأضاف عبر تدوينة نشرها على صفحته الخاصة بموقع فيسبوك “كنت منذ قليل في زيارة إلى رئيس الجمهورية في المستشفى العسكري، حيث يتلقى حاليًا العلاج بعد إصابته بوعكة صحية”.

وتابع:“أرجو له الشفاء العاجل واستعادة عافيته في أسرع وقت. وأدعو الجميع إلى الترفع عن بث الأخبار الزائفة التي من شأنها بث البلبلة بين التونسيين”.

مخاوف واسعة

في سياق متصل أثار خبر تدهور صحة السبسي مخاوف واسعة في الشارع التونسي ولدى الأوساط السياسية، وهو ما عكسته تدوينات لهم على موقع فيسبوك وكذلك تصريحات لوسائل الإعلام، خاصة وأن ما حدث للرئيس تزامن مع تفجيرين انتحاريين في قلب العاصمة تونس، وأجواء الخوف على استقرار البلاد.

اجتماع برلماني عاجل

وتركزت المخاوف على تأثيرات الوضع الصحي للرئيس السبسي فيما يتعلق بشغور منصب رئاسة الجمهورية، أو بتأثير ذلك على تأجيل الانتخابات التي تنتظرها البلاد خلال أسابيع، وهو ما استدعى اجتماعًا عاجلاً برؤساء الكتل البرلمانية وفق ما أفاد به زهير المغزاوي رئيس حركة الشعب.

وأوضح المغزاوي قائلاً: “لدينا علم بالوضع الصحي للرئيس. وهي المعلومات المتداولة في الإعلام”.

الفصل 84 من الدستور

يشار إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كان الوضع الصحي للسبسي سيمنع من أداء مهامه أم لا. لكن الدستور التونسي ينص في الفصل 84 على أن رئيس الحكومة، هو من يتولى منصب الرئيس في حالة وجود ما يمنع الرئيس من أداء مهامه، أو في حالة وجود شغور وقتي، على ألا تتجاوز مدة سدّ الشغور الوقتي 60 يومًا.

ويتعين بعد ذلك على المحكمة الدستورية أن تقر ما إذا كان هذا الشغور وقتيًا أم نهائيًا، ومن ثم يتولى رئيس البرلمان منصب الرئيس في أجل أدناه 45 يومًا وأقصاه 90 يومًا.

للسبسي مزايا

ويرى مراقبون أن المخاوف على صحة الرئيس السبسي لها ما يبررها في تونس، لاسيما أن الرجل لديه فضل كبير وأساسي في نجاح الانتقال السياسي الذي تعيشه البلاد، وما يرافقه من استقرار أمني، واستعادة الاقتصاد لحيويته، وفق خبراء اقتصاديين.

كما يرى متابعون للشأن التونسي أن السبسي نجح في منع البلاد من الانزلاق إلى حالة من الفوضى كانت قد شهدتها خلال حكم الإخوان بين 2012 و2013 وما رافقها من اغتيالات سياسية وإضرابات.

وتمكن الرجل من بناء تحالف سياسي جمع بين روافد يسارية ونقابية وليبرالية وحقوقية مكن من هزيمة حركة النهضة في انتخابات 2014 واستعادة الاستقرار، فضلاً على أنه اختار طريقًا آخر راعى فيه مستقبل تونس واستقرارها، وهو طريق الحوار مع النهضة، وإقناعها بالتخلي عن حكم عجزت عن إدارته لغياب الرؤية والخبرة، فضلاً عن غربة عن الواقع كون أغلب قياداتها توافدوا من الخارج.

الدفاع عن خيار التوافق

ويرى سياسيون أن السبسي نجح في الدفاع عن خيار التوافق مع حركة النهضة على الرغم من  أن هذا الخيار جعله يخسر جزءًا من شعبيته، وفق مراقبين، مشيرين إلى أن ذلك التوافق قاد إلى تفكيك حزبه نداء تونس وانشقاقات في كتلته البرلمانية.

من الواضح وفق مراقبين أن الوضع الصحي للسبسي سيخدم أطراف معينة، كما سيعرقل أطراف أخرى.

فمن جهة يسعى الشاهد إلى إظهار أن البلاد في وضع مستقر، وأنها قادرة على التعامل مع أي طوارئ، سواء ما تعلق بمواجهة الإرهاب، أو التعامل مع الوضع الصحي للرئيس السبسي.

ومن جهة أخرى ستجعل التطورات، راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، في وضع صعب، لأن التوافق الذي راهن عليه السبسي سيظل رهين حالته الصحية .

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى