السبسي يطلق مبادرة بهدف تجميع القوى الوسطية

تونس -هاجر العيادي
في مسعى لإعادة تشكيل المشهد السياسي في تونس، يستعد الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، للإعلان عن مبادرة سياسية تتجاوز لمّ شمل حركة نداء تونس، لتشمل القوى الوطنية الوسطية والحداثية.
ويرى مراقبون أن هذه المبادرة قد تساعد على تغيير موازين القوى باتجاه استعادة التوازن مع حركة النهضة الإسلامية، قبل استحقاقات الانتخابات المُقرر تنظيمها في أكتوبر القادم.
ومن المتوقع أن يتم الإعلان على هذه المبادرة الأسبوع القادم، وفق مصادر مطلعة، في كلمة سيُلقيها السبسي في إطار طمأنة الشعب التونسي عن الوضع العام في البلاد، والذي بدأ يقترب من مربع الفرز السياسي، الذي تستدعيه المناورات المُرتبطة بالانتخابات القادمة.
ويرى مراقبون أن المبادرة المُرتقبة تأتي بعد اطمئنان السبسي على الوضع القانوني لحركة نداء تونس، بعد حسم الجدل لصالح ابنه حافظ قائد السبسي، على حساب شق سفيان طوبال.
تصحيح المسار
وكثر الحديث عن تزايد المؤيدين لمثل هذه المبادرة من خلال عدة لقاءات ثنائية أجراها الرئيس التونسي في الفترة الأخيرة مع عدد كبير من الوجوه السياسية والحزبية.
وأثمرت تلك اللقاءات، التي كانت بعيدًا عن الأضواء، في بلورة الخطوط العريضة لهذه المبادرة حيث تمخض عنها ترميم حركة نداء تونس، وفق متابعين للشأن السياسي.
وفي هذا السياق تدخل السبسي لحل كل النزاعات الحاصلة في الحركة، واستمالة عدد من قادتها الذين انضموا إلى جناح القيادي سفيان طوبال، على غرار سلمى اللومي ورضا بالحاج، وعبد الستار المسعودي، ومنذر بالحاج علي، ورضا شرف الدين، إلى جانب تحديد عناصر مبادرته السياسية التي يريد من خلالها العودة إلى المشهد السياسي من بوابة “تصحيح المسار التوحيدي للنداء التاريخي”.
ضبابية المشهد
في هذه الأثناء وجد طوبال نفسه معزولاً بعد انسحاب عدة قيادات عنه، الأمر الذي دفع بهذا الأخير إلى محاولة إيجاد مخرج يحفظ به ماء الوجه، عبر البحث عن صيغة تحالف مع حركة مشروع تونس، برئاسة محسن مرزوق.
تجاوز الخلافات
ويُراهن السبسي على أن تُشكل هذه المبادرة قاعدة لتجاوز الخلافات داخل حركة نداء تونس، ومُقدمة لأي حراك قادم لضبط الإيقاع السياسي، وفقًا لمعايير جديدة، تصب في مُجملها في مربع توحيد القوى السياسية الوطنية الوسطية والحداثية.
توحيد الأحزاب
وفي سياق متصل، لا يُخفي المحيطون بالرئيس السبسي تفاؤلهم بنجاح هذه المبادرة التي تستهدف في الجزء الثاني منها توحيد الأحزاب التي انشقت عن حركة نداء تونس بعد العام 2014 ، بالإضافة إلى ضم أحزاب أخرى تنتمي إلى ما يُوصف في تونس بـ “العائلة الوسطية والحداثية”، منها حزب ”البديل” برئاسة رئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعة، و”آفاق تونس” برئاسة ياسين إبراهيم.
التوريث السياسي
يشار إلى أن بقية القوى السياسية، وخاصة المحسوبة منها على “العائلة الوسطية والحداثية”، مازالت تنظر إلى هذه المبادرة المرتقبة بحذر شديد أملته خشية مُتصاعدة من أن تكون مجرد مناورة سياسية جديدة الهدف منها تكريس مسألة “التوريث السياسي”، وذلك في إشارة إلى الإبقاء على دور لنجل الرئيس السبسي في المشهد الحزبي والسياسي في البلاد.
الرهان الأخير
في المقابل يرى مراقبون أن هذه الورقة السياسية تعد الرهان الأخير في الوقت الضائع، على حد وصفهم، من أجل توحيد القوى الوسطية والحداثية، وصولاً إلى استعادة التوازن المفقود، وإما أن تُخطئ الهدف، ليتواصل الانقسام.
من الواضح أن السبسي، وفق مراقبين، نجح في لم شمل قيادات حركته (حركة نداء تونس) ليترك لهم مهمة ترميم هياكل الحركة والاستعداد للاستحقاق الانتخابي بطبيعة الحال تحت قيادته وبالتالي تحجيم وتقليص مساحة دور نجله حافظ قائد السبسي في إدارة هذه الحركة وفق متابعين.
فهل سينجح مخطط السبسي في كسب الرهان؟، أم ستحظى حركات أخرى على غرار حركة “تحيا تونس” برئاسة رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد بفرص أكبر؟