الراديورمضانكلنا عباد الله

الإيمان والحياة- كسب القلوب خير ألف مرة من كسب الرقاب

إعداد وتقديم: د. شادي ظاظا

مستمعونا ومتابعونا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير، وأهلاً ومرحبًا بكم في أولى حلقات برنامجنا الرمضاني “الإيمان والحياة”.
ففي شهر رمضان من كل عام نغتنم الفرصة لنغزو قلوبكم بأشياء تفيدنا جميعًا في حياتنا، وبرنامجنا هذا العام يهتم بمواضيع تخص واقعنا الذي نعيشه كل يوم، وكيف نستطيع أن نغتنم وجودنا في المجتمع بشكل أفضل يثمر إيجابيًا على حياتنا وحياة أبنائنا.
تواصل مع الناس
دعونا نؤكد بداية أن الفرد الذي يعيش منعزلًا عن المجتمع هو فرد انعزل عن نفسه أولًا، ثم انعزل عن واقعه، وأصبح في زاوية بعيدة، لا يستطيع أن ينتج أو يثمر، وهو يختلف تمامًا عن الفرد الذي يعرف كيف يتعامل مع الآخرين، وكيف يتواصل مع الناس، وكيف يحقق النجاحات وكيف يكسب القلوب.
فالأنبياء والعظماء نجحوا في كسب القلوب، أما الجبارين فقد نجحوا بكسب الرقاب بقوتهم، فأنت عندما تكسب قلبًا فأنت تكسب نفسًا، وتضيف نجاحًا للبشرية عامة، وعندما يخسر الإنسان قلبًا فهو الخاسر الأول، فالذين ملكوا قلوب الناس ملكوا ود الناس وملكوا الرحمة.
وكل المعاني العظيمة في هذا الشهر الكريم تتجمع فوائدها عندما يتجه الناس إلى بارئهم، ثم تنعكس هذه الصلة بالله على مجتمعهم وعلى من حولهم.
كن فاعلاً في مجتمعك
أنت لا تستطيع أن تعيش وحدك، لكن يمكنك أن تكون فاعلًا في مجتمعك، موحدًا الكلمة التي تطوف بها، معاملًا الناس معاملة حسنة، كما تستطيع أن تعبر عن مشاعرك الداخلية بمسامحة الآخرين، وتجاوز أخطائهم، والعفو والصفح عنهم.
كل هذا يحتاجه المجتمع اليوم، خصوصًا بعدما أصبحت المادة والمال هي الغاية التي يسعى إليها المجتمع اليوم. فالمال ليس هو الغاية، بل وسيلة للوصول لسعادة مؤقتة، فالمال عندما يصبح هدفًا يدمر الإنسان.
أنت بروحك وخلقك إنسان
دعونا نرقى وننتقل من عصر المادة إلى عصر الروح، فعصر الروح هو الذي تحيا به قيمة الإنسان، فأنت لست بجسدك إنسان، لكن أنت بروحك وخلقك إنسان، وبتعاملك وحبك للآخرين تحقق إنسانيتك.
كلمتك الطيبة هي ما تجعل لك قيمة في الحياة، إذًا هي صلات لابد للإنسان أن يتصل بها، وهي معانٍ تعيننا على عيش واقعنا، وكسب قوت يومنا، وتحقيق نجاحنا على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع، وفي رمضان، الذي هو شهر العطاء والبركات، نتوسع فيما يلامس واقعنا المحيط بنا، فأنت تحتاج لهذه المعاني لتنجح وتثبت وجودك وتحقق أسمى معاني الإنسانية.
لمسة واقعية
نحن اليوم نحتاج إلى لمسة واقعية تقرب لنا المعاني البعيدة، يصل لبعض الناس خطًأ أن التعبد والتقرب إلى الله يفصلنا عن واقعنا، إنما هو ينبع من قلب هذا الواقع المعاصر، فمنهج النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح والمفكرين يأتي من لمسة واقعية، هي التي حققت لهم أثرهم في حياتهم الدنيا.
فإذا كان لك أثر كبير، فهذا دليل على صحة رؤيتك وصلاحك، وفهمك للواقع الذي تلامسه وتعيشه.
بصمة القلوب
حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، وحجمك عند الناس بحجم البصمة التي تتركها في قلوبهم، فمن الناس من يُذكر فيشار إليه بالبنان، وتذكر إنجازاته، ومن الناس من يُذكر فيكون الناس في غفلة عنه، ولا يكون له ذكر.
فشتان بين الاثنين، فهناك فرق بين أن تكون نافعًا في المجتمع، وبين أن تكون هدامًا في المجتمع، أو كاسرًا لخواطر الناس. فرق كبير بين أن تكون متكبرًا، أو أن تكون متواضعًا، فمهما ملكت من الدنيا، فنهاية الإنسان هي كلمة طيبة، أو أثر صالح في قلوب الخلق.
جوهر الإنسانية
هذه المعاني هي التي ترقى بالإنسانية، فلو صُمت رمضان كاملًا، ولم تحقق فحوى هذا الصيام، من الخلق الجيد، والقول الحسن، والبصمة الطيبة التي تتركها في المجتمع، فليس هناك جدوى من هذا الصيام.
فالإنسانية تحتاج إلى هذه البصمة الحنونة، خاصة في زمان كثرت فيه الحروب والمشاحنات، وينظر فيه الناس إلى المظاهر الخارجية للدنيا، ويهملون جوهر الدنيا، التي هي أساسًا تعايش الإنسان مع أخيه الإنسان، ورحمة الإنسان بأخيه الإنسان.
(أسأل الله العظيم أن نكون ممن يحققون هذا الهدف، وكل عام وأنتم بخير).

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى