نشرت منظمة العفو الدولية قائمة تضم 15 شركة عالمية تساعد إسرائيل في جريمة الإبادة الجماعية والتجويع ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وغيرها من انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي.
وشملت القائمة التي نشرتها المنظمة اليوم في تقرير موجز على موقعها الرسمي، الشركتين الأميركيتين متعددتي الجنسيات “بوينغ” (Boeing) ولوكهيد مارتن (Lockheed Martin)، وشركة البرمجيات الأميركية “بالانتير تكنولوجيز” (Palantir Technologies).
كما شملت الشركة الصينية هيكفيجن (Hikvision)، والشركة الإسبانية المصنعة “كونستروكثيونس إي أوكسيليار دي فيرّوكارّيلس” (CAF) والشركة الكورية الجنوبية العملاقة “إيتش دي هيونداي” (HD Hyundai)، وشركة التكنولوجيا الإسرائيلية “كورسايت” (Corsight)، وشركة المياه المملوكة للدولة الإسرائيلية ميكوروت (Mekorot).
وضمت القائمة أيضًا شركات السلاح الإسرائيلية إلبيت سيستمز (Elbit Systems) ورافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة (Rafael Advanced Defense Systems) وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI).
وقالت المنظمة في بيانها: “لنكن واضحين: لا تمثل هذه الشركات الـ 15 سوى عينة بسيطة من الجهات المسؤولة عن دعم حكومة قد صممت المجاعة والقتل الجماعي للمدنيين وحرمت الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية على مدى عقود. فقد أسهم أو استفاد كل قطاع اقتصادي، والغالبية الساحقة من دول العالم، والعديد من الكيانات الخاصة، عن دراية، من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، واحتلالها الوحشي ونظام الأبارتهايد الذي تفرضه في الأرض الفلسطينية المحتلة.
توثيق الانتهاكات
ووثقت منظمة العفو الدولية على مدى سنوات الانتهاكات التي ارتكبتها بعض الشركات الواردة في القائمة، وراسلت جميع الشركات المذكورة في هذا التقرير الموجز، طارحةً أسئلة حول أنشطتها في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، معربةً عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان المبيَّنة في هذا التقرير في 2025، أرسلت 5 شركات فقط ردودًا، كما هو موضح في التقرير الموجز.
كما وثقت المنظمة استخدام قنابل وأجهزة توجيه من إنتاج شركة بوينغ في غارات جوية غير مشروعة نُفذّت في قطاع غزة المحتل. على وجه التحديد، يُرجّح أن الجيش الإسرائيلي استخدم أسلحة من تصنيع بوينغ، بما في ذلك ذخائر الهجوم المباشر المشترك، وقنابل GBU-39 صغيرة القطر، في سلسلة فتاكة من الغارات الجوية التي قتلت عشرات المدنيين الفلسطينيين في كافة أنحاء غزة، بينهم العديد من الأطفال.
وتقدم شركة لوكهيد مارتن خدمات التزويد والصيانة لطائرات إف-16 وأسطول إسرائيل المتنامي من طائرات إف-35 المقاتلة، التي تُعد العمود الفقري لسلاح الجو الإسرائيلي وقد استُخدمت على نطاق واسع خلال القصف المستمر على غزة.
وتزوّد أكبر ثلاث شركات أسلحة إسرائيلية -وهي إلبيت سيستمز، ورافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة المملوكة للدولة، وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية– الجيشَ الإسرائيلي سنويًا بسلع وخدمات عسكرية وأمنية تُقدّر بمليارات الدولارات. وتشمل هذه الطائرات المسيّرة الاستطلاعية والمسلحة، والذخائر الجوّالة، وأنظمة أمن الحدود، التي واصلت إسرائيل استخدامها في هجومها العسكري على قطاع غزة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة. وكانت إلبيت سيستمز الشركة الوحيدة التي ردّت على طلب منظمة العفو الدولية للحصول على مزيد من المعلومات، حيث نفت المخاوف التي أثارتها منظمة العفو الدولية، وأصرت على أنها تعمل بصورة قانونية، مؤكّدة أنها تزود “حكومة ذات سيادة، غير خاضعة للعقوبات، ومعترف بها من المجتمع الدولي”.
وتستخدم إسرائيل كذلك منتجات وخدمات المراقبة التي توفرها شركة هيكفيجن لدعم نظام الأبارتهايد ضد الفلسطينيين، بينما تختص شركة كورسايت في تطوير برمجيات التعرف على الوجه وبيعها، وهي التقنيات التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي خلال هجومه على قطاع غزة.
أما شركة بالانتير تكنولوجيز الأمريكية، والمتخصصة في الذكاء الاصطناعي، فتزوّد الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بمنتجات وخدمات ذكاء اصطناعي مرتبطة بأنشطة إسرائيل العسكرية في قطاع غزة.
وتساهم شركة ميكوروت في الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأرض الفلسطينية، وذلك من خلال إدارة البنية التحتية وشبكات المياه في الضفة الغربية بطرق تمييزية ضد الفلسطينيين وتخدم المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة. وتدعم شركة كونستروكثيونس إي أوكسيليار دي فيرّوكارّيلس مشروع القطار الخفيف في القدس، الذي يسهّل التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، بينما تنتج شركة إيتش دي هيونداي آليات ومعدات ثقيلة تستخدم في عمليات الهدم غير المشروعة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتوفر خدمات صيانة لهذه الآليات.
وفي عام 2019، أبرزت منظمة العفو الدولية أيضًا مساهمة شركات السياحة الإلكترونية الرائدة مثل إير بي إن بي Airbnb، وبوكينج دوت كوم Booking.com، وإكسبيديا Expedia، وتريب أدفايزر TripAdvisor في الإبقاء على المستوطنات غير المشروعة في الأرض الفلسطينية المحتلة ودعمها وتوسيعها. بالرغم من أن المنظمة طالبت تلك الشركات بالانسحاب المسؤول من ممارسة الأعمال التجارية في المستوطنات الإسرائيلية، لا تزال تلك الشركات تدرج قوائم الأماكن المتاحة للحجز هناك.
أرباح الدم
وتعليقا على ذلك، قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار: “لقد آن الأوان كي تضع الدول والمؤسسات العامة والشركات والجامعات وغيرها من الجهات الخاصة، حدًا لإدمانها القاتل على الأرباح والمكاسب الاقتصادية بأي ثمن”.
وأضافت: “ما كان للاحتلال غير المشروع أن يستمر 57 عامًا ولا لنظام الأبارتهايد أن يترسّخ على مدى عقود، لولا الدعم العميق والمستدام الذي حظيت به إسرائيل من خلال علاقاتها الاقتصادية والتجارية. ولم يكن 23 شهرًا من القصف المتواصل والإبادة الجماعية لتستمر لولا تدفق لا ينقطع للأسلحة ومعدات المراقبة، مدعومًا بعلاقات تجارية تفضيلية مع دول وشركات لا تمانع غضّ الطرف عمّا لا يمكن الدفاع عنه”.
وتابعت: “يجب وقف هذا الآن. فالكرامة الإنسانية ليست سلعة. وبينما تُترك الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة ليشاهدن أطفالهن يذوون جوعًا تحت وطأة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، تمضي شركات السلاح وغيرها في جني أرباح طائلة”.
وقالت كالامار: “يتعيّن على هذه الشركات أن تفي بمسؤولياتها تجاه حقوق الإنسان أو أن تواجه تبعات أفعالها. وعليها أن تضمن عدم تورطها، بأي شكلٍ من الأشكال، في الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع والجرائم التي ترتكبها إسرائيل ويشملها القانون الدولي. إذا تقاعست عن فعل ذلك، تواجه الشركات وموظفيها وأعضاء مجالس إدارتها خطر تحمل المسؤولية المدنية، وفي بعض الحالات، حتى المسؤولية الجنائية المحتملة بتهمة المساعدة أو التواطؤ في ارتكاب جرائم إسرائيل”.
حظر ومنع
وتدعو منظمة العفو الدولية تلك الشركات إلى تعليق جميع المبيعات وطلبات التسليم إلى إسرائيل فورًا، بما يشمل الأسلحة وغيرها من المعدات العسكرية والأمنية ومعدات المراقبة، أو أي آليات ثقيلة أخرى، أو أجزاء أو سلع وخدمات تساهم أو ترتبط بشكل مباشر بانتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة. ينبغي للدول، والمؤسسات العامة، والشركات الأخرى أن تستخدم نفوذها من خلال استثماراتها في تلك الشركات، وذلك بما يشمل ويصل إلى سحب الاستثمارات ووقف المشتريات منها، من أجل وقف هذه المبيعات.
كما يتعين على الدول منع تلك الشركات من المشاركة في المعارض التجارية، والاجتماعات الحكومية، وإبرام العقود، والحصول على منح البحث، والأنشطة مع الكيانات العامة المرتبطة بالمنتجات التي تُورّد لإسرائيل. ويجب أن تظل جميع تلك التدابير سارية إلى أن تتمكن تلك الشركات من إثبات أنها لا تساهم في الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع أو الجرائم التي يشملها القانون الدولي.
وأردفت أنياس كالامار قائلةً: “تدعو منظّمة العفو الدوليّة الناس حول العالم إلى المبادرة بالتحرك سلميًّا. على المجتمع المدني والجمهور عمومًا حشد الدعم وتنظيم الحملات لضمان التزام جميع الدول بواجباتها، ومحاسبة الشركات التي تساهم في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل أو ترتبط بها بشكل مباشر. فمن غير المقبول أن تكون الدول والشركات على دراية بأن أرباحها تُجنى من موت الفلسطينيين وتدمير حياتهم ومعاناتهم القاسية، ثم تختار أن تغضّ الطرف عن ذلك، وتتمسك بنماذجها التجارية غير آبهة بالكلفة الإنسانية ومنغمسةً في ثرواتها. لا يمكننا السماح بعد الآن بتجاهل ما يقاسيه الشعب الفلسطيني من معاناة لا يمكن تصورها”.