قاض يأمر بترحيل محمود خليل إلى الجزائر أو سوريا

بعد ثلاثة أشهر من إطلاق سراحه من سجن الهجرة، يواجه الناشط المؤيد للفلسطينيين محمود خليل تهديدًا جديدًا بالترحيل من أمريكا بسبب دوره في الاحتجاجات الجامعية ضد إسرائيل.

ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس” فقد أمر القاضي في ولاية لويزيانا جيمي كومانس بترحيل محمود خليل من الولايات المتحدة إلى الجزائر أو سوريا “كخيار بديل”.

برر القاضي حكمه بطرد الناشط في حركة الاحتجاج المؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا بنيويورك بوجود مخالفات في طلبه للحصول على تصريح إقامة.

وفي قراره المؤرخ في 12 سبتمبر الجاري، اعتبر القاضي المتخصص بدعاوى الهجرة أن عدم إفصاح خليل (30 عاما) عن كامل المعلومات في طلبه للحصول على البطاقة الخضراء “لم يكن نتيجة سهو من مقدم طلب غير مطلع أو غير متعلم، بل إن هذه المحكمة تجد أن المدعى عليه قد تعمد تحريف واحدة أو أكثر من الحقائق الجوهرية”.

ويعد مثّل هذا القرار انتكاسةً لخليل، المقيم القانوني في الولايات المتحدة وطالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا، والذي أصبح أول شخصٍ تستهدفه حملة الرئيس دونالد ترامب العدوانية على النشطاء المؤيدين للفلسطينيين.

ورغم أن هذا الحكم يُقرّبه خطوةً واحدةً من أمرٍ نهائيٍّ بالترحيل، إلا أنه لا يزال بعيدًا كل البعد عن القرار النهائي في هذه القضية. وفي الوقت الحالي، لا يزال خليل محميًا من الاحتجاز والترحيل بموجب أمر قضائي منفصل.

وسارع خليل إلى التنديد بالقرار، معتبرًا في بيان أصدره الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، أنه ليس مفاجئا أن تواصل إدارة الرئيس دونالد ترامب “الانتقام مني بسبب ممارستي لحرية التعبير”.

وقال محامو خليل إنهم يعتزمون استئناف أمر الترحيل، وأضافوا أن أوامر منفصلة، صادرة عن محكمة جزئية اتحادية تمنع الحكومة من ترحيله أو احتجازه فورا أثناء سير قضيته أمام المحكمة الاتحادية، لا تزال سارية.

وفيما يلي نظرة على الوضع الراهن في المعركة القانونية الجارية:

ماذا قرر قاضي الهجرة في لويزيانا؟

يأتي الحكم الذي أصدره قاضي الهجرة جيمي كومانس، بناءً على أمره السابق الذي أصدره في أبريل الماضي، والذي وجد أن خليل قد يُجبر على مغادرة البلاد باعتباره خطراً على الأمن القومي.

وطعن محامو خليل في هذا القرار، مشيرين إلى خلو سجله الجنائي من أي سوابق، وارتباطه الوثيق بالولايات المتحدة. زوجته مواطنة أمريكية، وكذلك ابنه البالغ من العمر خمسة أشهر، والذي وُلد أثناء وجود خليل رهن الاحتجاز الفيدرالي.

وكان خليل شخصية بارزة في الاحتجاجات التي شهدتها جامعة كولومبيا ضد حرب غزة، والتي امتدت إلى الجامعات في جميع أنحاء البلاد. وأُلقي القبض عليه داخل مبنى شقته في الحرم الجامعي في مارس الماضي، واتهمته إدارة ترامب بدعم أنشطة “مؤيدة لحماس”. ونفى خليل هذه التهمة مرارًا وتكرارًا، ولم تقدم الحكومة الفيدرالية أي دليل على ذلك.

وقال خليل إنه مستهدف بسبب ممارسته لحرية التعبير، مشيرًا إلى مذكرة كتبها وزير الخارجية ماركو روبيو برر فيها اعتقاله على أساس أن معتقداته المؤيدة للفلسطينيين قد تقوض مصالح السياسة الخارجية الأميركية.

وفي قراره الأخير، قال كومانس إنه يفتقر إلى السلطة “للتشكيك في قرارات السياسة الخارجية” وأن “الروابط العائلية المحدودة” لخليل بالبلاد لا تشكل سبباً مقنعاً للتنازل عن حكمها السابق.

ثم انحاز كومانس إلى الحكومة في دعوى منفصلة، ​​حيث وجد أن خليل “قدم عمداً معلومات غير دقيقة” حول خلفيته في طلب الحصول على البطاقة الخضراء، بما في ذلك دوره في وكالة تابعة للأمم المتحدة تقدم خدمات للاجئين الفلسطينيين. وأكد خليل أن أي إغفال في الطلب كان غير مقصود.

ماذا يحدث الآن؟

أعلن محامو خليل عزمهم على استئناف القرار. لكنهم أعربوا أيضًا عن قلقهم بشأن فرص نجاحهم في محكمة الاستئناف الفيدرالية المحافظة ذات الاختصاص القضائي في القضية.

وفي حال خسارته الاستئناف، سيُسحب من خليل إقامته الدائمة، مما سيُقيّد قدرته على العمل والسفر، وفقًا لمحاميه. لكن الحكومة ستظلّ ممنوعة من ترحيله بموجب أمر صادر في 11 يونيو عن القاضي الفيدرالي في نيوجيرسي، مايكل فاربيارز.

وسيبقى هذا الأمر ساريًا ريثما تُبتّ قضيته المتعلقة بحقوقه المدنية في نيوجيرسي. وقد يكون قريبًا “العائق الوحيد” أمام ترحيل خليل، وفقًا لمحامبه. ومن الممكن أن تبدأ المرافعات الشفوية في هذه القضية في الشهر المقبل.

أين سيتم ترحيله؟

وقال القاضي كومانس إن خليل سيتم ترحيله إلى الجزائر، حيث يحتفظ بمواطنته من خلال قريب بعيد، أو “كبديل” إلى سوريا، حيث ولد في مخيم للاجئين لعائلة فلسطينية.

وقال محامو خليل إن الدعاية المحيطة بقضيته من شأنها أن تجعله في خطر مميت إذا أجبر على العودة إلى أي من البلدين.

خليل، البالغ من العمر 30 عامًا، فرّ من سوريا إلى لبنان عام 2013 بعد انضمامه إلى الاحتجاجات ضد الرئيس السوري آنذاك بشار الأسد. ولعائلته جذور في طبريا، لكنها هُجّرت خلال التهجير الجماعي للفلسطينيين مما يُعرف الآن بإسرائيل، وفقًا لوثائق المحكمة.

وأكد خليل أنه سيواصل مناصرة الفلسطينيين في معركته القانونية. وهو يقاضي حاليًا إدارة ترامب مطالبًا بتعويضات قدرها 20 مليون دولار، زاعمًا أنه سُجن ظلمًا، وحوكم ظلمًا، ووُصم بأنه معادٍ للسامية.

وخليل مقيم دائم بشكل قانوني في الولايات المتحدة ومتزوج من مواطنة أميركية ولديه ابن مولود في الولايات المتحدة، ومع هذا فقد احتجزته سلطات الهجرة لمدة 3 أشهر اعتبارا من مارس الماضي وهو يواجه خطر الترحيل.

وبررت إدارة الرئيس دونالد ترامب سعيها لترحيل خليل بقولها إن استمرار وجوده في الولايات المتحدة قد يحمل “عواقب وخيمة محتملة على السياسة الخارجية”.

وجاء توقيف خليل في خضم حملة شنها ترامب ضد كبريات الجامعات الأميركية في الأشهر الأخيرة، حيث واجه ترامب جامعتي كولومبيا وهارفارد وجامعات أخرى بسبب قبولها طلابا أجانب، وتم خفض المنح الفدرالية المخصصة لهذه الجامعات والتهديد بسحب الاعتماد منها.

تعليق
Exit mobile version