كلنا عباد الله

د. شادي ظاظا: مد جسور التعاون بين أصحاب الديانات يحقق الازدهار والسلام

التعايش السلمي أصبح ضرورة ملحة لتحقيق أمن الشعوب واستقرارها

رمضان فرصة لإغاثة المحتاجين للطعام ومياه الشرب في مناطق الصراعات والأزمات

أجرى اللقاء : ليلى الحسيني – أعده للنشر : محمد سليم

مع حلول شهر رمضان المبارك كل عام يشارك “راديو صوت العرب من أمريكا” متابعيه في إحياء الأجواء الروحانية والاحتفالية لهذا الشهر الكريم، عبر مجموعة من البرامج المتميزة التي نبثها إلى العرب الأمريكيين في أمريكا والعالم العربي.

وهذا العام نطلق شعار (كلنا عباد الله)، هذا المعنى الرائع الذي يجسد وحدة البشر والشعوب وترابطهم، وهو شعار نهدف من خلاله إلى التخفيف من حدة الصراعات القائمة على الطائفية، والتوحد خلف المعنى الكبير للإنسانية، لنبذ أسباب الفرقة والاختلاف والخلاف بيننا، وإعلاء قيم الإنسانية.

وفي هذا الإطار يأتي تركيزنا على إلقاء الضوء على جهود المنظمات الإغاثية الكبرى التي تعمل على رفع المعاناة عن كاهل المحتاجين، والتقليل من آثار الحروب والنزاعات التي تشهدها مناطق متفرقة من العالم والوطن العربي، وذلك كتطبيق حي لشعار (كلنا عباد الله)، الذي يجمع الكل تحت مظلة الإنسانية، ومن بينها منظمة رحمة الإغاثية.

في ضيافتنا اليوم الدكتور شادي ظاظا، مؤسس منظمة رحمة الإغاثية، الذي يلقي الضوء على المجهودات الإغاثية المنظمة في الدول العربية، وعلى شعار (كلنا عباد الله)، ومتطلبات تطبيقه على أرض الواقع.

عباد وعبيد

* دكتور شادي أطلقنا هذا العام في راديو صوت العرب من أمريكا شعار (كلنا عباد الله)، وسوف نعزز هذا الشعار من خلال برامجنا خلال شهر رمضان المبارك، ما رأيك في هذا الشعار وكيف ترى تأثيره على المجتمع وزيادة الوعي؟

** في الحقيقة شعار (كلنا عباد الله) هو شعار جيد، فهو يجمع الجميع تحت مظلة واحدة، فالخلق جميعًا عباد الله، لكن هناك تمييز في القرآن بين العباد والعبيد، فالعباد هم الذين استجابوا لله فشرفهم الله بالعبودية، بينما العبيد هم عبيد الله، ولكن لم ينصاعوا لأوامره، فأصبحوا عبيد قهر وليسوا عباد تشريف.

وهذا الشعار الجميل نحتاجه جميعًا، خاصًة بعد أحداث نيوزيلندا وسريلانكا، فنحن نريد أن ننشر ثقافة السلام بين الناس، وأن نتواصل مع بعضنا البعض بروح التسامح والإخاء، فالإنسانية في منتهاها أسرة واحدة، تجمعها قيم وأواصر واحدة على اختلاف عقائدهم، وكما قال النبي عليه أفضل الصلاة والسلام “الخلق عيال الله، أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله”.

مد الجسور

* الصراعات الحادة في العالم تحتم علينا أن نمد الجسور في حواراتنا بين الإسلام والمسيحية واليهودية، ولكن كيف نعزز هذه المبادرة، هل يمكن أن نطلق الأخوة قولًا وفعلًا كقيمة بين جميع أفراد المجتمع؟

** المسلمون الموجودون في المجتمعات الغربية يجب عليهم أن يفتحوا أبوابهم لتعريف الناس بهم، وتدريب الجيل الثاني الموجود في هذا البلد، وتأهيلهم على كيفية التعايش مع الأديان الأخرى، بما يحفظ لهم دينهم وعقيدتهم، وفي نفس الوقت لا يعزلهم عن المجتمع، كما يجب  تجنب طرح أي موضوع يمكن أن يفهم بصورة مغلوطة من الطرف الآخر أو من دين آخر، وكذلك عدم الاستشهاد بأشياء من التاريخ من الممكن أن تحدث فتنة، فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وإذا أردنا مد جسور الحب والتواصل فعلينا أن نأخذ بما يجمعنا ولا يفرقنا.

الاستعداد لشهر الصوم

* تتزامن احتفالات عيد القيامة المجيد هذا العام مع قدوم شهر رمضان الفضيل في السادس من مايو حسب الحسابات الفلكية، كيف يستعد المسلم لهذا الشهر الكريم؟

** يجب على المسلم أولًا أن يهيئ جسده للصيام في شهر شعبان، عن طريق تخفيف الوجبات، وكذلك يهيئ روحه من خلال العمل الصالح والصدقات وصلة الأرحام، وأنا دائمًا أشبه انطلاق الإنسان بالروحانيات في رمضان بالطائرة، فالطائرة تحتاج إلى مدرج للسير عليه حتى تنطلق بسرعة، وهكذا يجب تهيئة النفس والروح في شهر شعبان، خاصة في إصلاح ذات البين، كما يجب أن نذكر بعضنا بحاجة الآخرين لنا.

احتياجات الآخرين

* ونحن نستعد لاستقبال شهر رمضان المبارك، كيف تستعدون في مؤسسة رحمة لتلبية احتياجات الآخرين؟

** لو تحدثنا مثلًا عن الفيضانات التي حدثت في شمال سوريا، وصل الآن أعداد المنكوبين إلى 100 ألف مواطن، هم في الأساس كانوا يعيشون في خيام، ثم جاءت المياه وجرفت هذه الخيام بما فيها من أثاث وملابس وغير ذلك، فهذه نكبة تحتاج إلى مؤازرة وأن نشعر بهؤلاء الناس.

وقبل أن يبدأ الشهر الكريم لا ينبغي على الإنسان أن يغفل عن مد يد العون لهم، فنحن تصلنا نداءات كثيرة من اليمن لنجدتهم في موضوع مياه الشرب، فمياه الشرب النظيفة هناك تعتبر هدية، وهناك بلدان كثيرة تحتاج للعون مثل العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن وغيرها.

الوضع في سوريا

* ورد إلينا سؤال على موقع التواصل الاجتماعي يقول: أليس الوضع أفضل الآن في سوريا، ما هو تعليقك، ونحن نعلم أن الوضع المعيشي في دمشق لازال سيئًا؟

** نحن نحدد الوضع من أرض الواقع، وليس مما تتناقله بعض وسائل الإعلام بأن الوضع هادئ، فهم ينقلون لن واقع مزيف يستخف بالعقول، وهذا أمر غير مقبول، فمعاناة الناس داخل سوريا هي معاناة كبيرة، وكذلك حرمانهم من المواد الأساسية التي لا يستطيع الإنسان العيش بدونها، وهناك مشاكل كثيرة أهمها البطالة، وارتفاع الأسعار، وقلة الموارد، فالناس تحتاج إلى إغاثة في المناطق التي نستطيع الوصول إليها.

السلة الغذائية

* هل تعتبر السلات الغذائية والمياه الآن من أهم الأولويات بالنسبة للمحتاجين في سوريا والعراق واليمن، خاصة مع حلول شهر رمضان الفضيل؟

** بالتأكيد لن نستطيع أن نحل الأزمة برمتها، لكننا نحاول تخفيف المعاناة، فعندنا مطابخ ميدانية سوف ننشئها في اليمن وسوريا، وهذه المطابخ تعين الأسر الفقيرة على أن يكونوا مكتفين نوعًا ما، أما عن طرح السلة الغذائية فإنها تحد من طموح اللاجئ وحركته وتجعله أسير الخيمة، لكننا نقدم هذه الحلول المؤقتة لحين إيجاد حلول دائمة مثل المشاريع التنموية التي تعينه على استمرار حياته واكتفاء عائلته، لكن الآن الأولوية هي إرسال شيء يعينهم على الصيام.

* كم سعر السلة الغذائية لمن يريد أن يساهم فيها؟

** بالنسبة لليمن 55 دولار تكفى لشراء سلة غذائية لأسرة لتعينها على صيام شهر رمضان، وبالنسبة للمياه يمكن للشخص أن يساهم بـ50 دولار لشراء تانك يكفى للشرب لـ100 عائلة لثلاث أو أربعة أيام.

وفي سوريا لدينا وجبات الإفطار تكلف دولار ونصف، وأيضًا في اليمن لدينا وجبات إفطار تكلف دولار ونصف، وهذا مبلغ زهيد جدًا يرفع المعاناة عن شخص صائم.

* نشكرك دكتور شادي، ولنا معك لقاء آخر في شهر رمضان المبارك إن شاء الله لنعزز مبادرة “كلنا عباد الله”  التي يتبناها راديو صوت العرب بأمريكا هذا العام، ولك منا جزيل الشكر.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى