بعد إعلان المجاعة رسميًا في غزة.. الأمم المتحدة تدعو لتحرك فوري لإنقاذ سكان القطاع

استنفرت وكالات الأمم المتحدة مسؤوليها في مستويات عدة لمطالبة المجتمع الدولي بتحرك فوري لوقف التجويع والحرب في غزة. وأكدت الوكالات الأممية أهمية المسارعة في اتخاذ خطوات فورية وملموسة تشمل وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات.
وشاركت الأمم المتحدة ووكالاتها المعنية في إعداد التحليل الذي أعلنت بموجبه المجاعة في غزة. وقال راين بولسن مدير مكتب الطوارئ بمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) إن أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث الآن بمحافظة غزة، حيث يواجه أكثر من نصف مليون فلسطيني ظروفا كارثية.
إعلان رسمي
وكانت الأمم المتحدة وخبراء دوليون قد أعلنوا رسميا للمرة الأولى – أمس الجمعة – تفشي المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها لإعلان المجاعة بمنطقة الشرق الأوسط.
وأصدرت منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بيانا مشتركا بجنيف أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة.
وقالت المنظمات إن على إسرائيل ضمان توفر الغذاء والإمدادات الطبية لسكان غزة دون عوائق للحد من الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية.
وأضافت أن عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص الغذاء في قطاع غزة تضاعف 3 مرات، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وفي السياق، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن المجاعة تنتشر في جميع أنحاء قطاع غزة، وقالت إنها المرة الأولى التي ترصد فيها تفشي المجاعة في الشرق الأوسط.
مرحلة الموت
وبالتزامن مع البيان الأممي المشترك، أصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الغذائي، وهو مبادرة عالمية متخصصة في موضوع قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية، تقريرا قال فيه إن المجاعة تتفشى في محافظة غزة.
وقال التقرير إن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يواجهون ظروفا كارثية أي المرحلة الخامسة من التصنيف، ومن خصائصها الجوع الشديد والموت والعوز والمستويات الحرجة للغاية من سوء التغذية الحاد.
وذكر أن 1.07 مليون شخص آخر (54% من السكان) يواجهون المرحلة الرابعة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد “الطارئ”. ويواجه 396 ألفا (20% من السكان) المرحلة الثالثة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد “الأزمة”.
وتوقع التقرير أن تمتد المجاعة إلى دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب) بنهاية الشهر الحالي، داعيا إلى وقف المجاعة في غزة بأي ثمن، مشيرًا إلى أن سوء التغذية الحاد سيتفاقم بسرعة في القطاع حتى يونيو 2026.
مجاعة متعمدة
في غضون ذلك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن المجاعة في غزة كارثة من صنع الإنسان. وقال غوتيريش -في بيان- إن على إسرائيل ضمان توافر الغذاء والإمدادات الطبية لسكان غزة.
كما قال إنه لا يمكن السماح باستمرار الوضع في قطاع غزة دون محاسبة، مشددا على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات.
من جهته، أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني أن المجاعة في غزة متعمدة، وهي نتيجة مباشرة لحظر إسرائيل دخول الغذاء والمواد الأساسية على مدى شهور.
وأضاف لازاريني أن إعلان المجاعة بشكل رسمي في مدينة غزة أمر مقلق للغاية لكنه ليس مفاجئا، مؤكدا أن وقف انتشار المجاعة ممكن عبر وقف إطلاق النار والسماح للمنظمات الإنسانية بأداء عملها.
وفي السياق، قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن المجاعة في غزة نتيجة مباشرة لإجراءات الحكومة الإسرائيلية. وأضاف تورك أن الوفيات الناجمة عن التجويع في غزة قد تكون جريمة حرب تتمثل في القتل العمد.
كما قال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن تجنب المجاعة في غزة كان ممكنا لكن كانت هناك عرقلة للمنظمة الأممية، مضيفا أن نظام توزيع المساعدات في القطاع تم تفكيكه.
إنكار إسرائيلي
من جانبها أنكرت إسرائيل وجود مجاعة في غزة، وقالت الخارجية الإسرائيلية إن تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يستند إلى “أكاذيب حماس”.
كما ادعت في بيان لها أن تقرير منظمة الصحة العالمية “مفبرك ومصمم ليلائم الحملات الدعائية لحماس”، وأنكرت مجددا أن يكون هناك تجويع في القطاع.
كذلك هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي التقرير الأممي، وزعم أنه يقدم صورة خاطئة، وأن الغزّيين يحصلون يوميا على قدر كاف من الغذاء.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منع وصول المساعدات بشكل منظم وعادل إلى كافة سكان غزة، وقال مراسل الجزيرة هشام زقوت إنه في ظل الظروف الراهنة ستصل المجاعة إلى كافة مناطق القطاع.
كما أشار زقوت الموجود في النصيرات (وسط القطاع) إلى وجود سوء تغذية بالمناطق الأخرى يؤدي يوميا إلى وفيات خاصة في صفوف الأطفال، وأخطر ما يواجه هؤلاء هو عدم توفر الأدوية والمكملات الغذائية وحليب الأطفال الممنوع دخوله منذ 6 شهور.
مجاعة الأطفال
فيما قال مدير مستشفى الأطفال في مجمع ناصر الطبي الدكتور أحمد الفرا – في مداخلة مع الجزيرة– إن تقرير الأمم المتحدة حول المجاعة في غزة جاء متأخرًا 3 أشهر، وأكد أن أطفال غزة سيعانون مدى الحياة من تبعات سوء التغذية.
وأكد أنهم سجلوا 120 حالة سوء تغذية في مستشفى ناصر، بعدما كان المستشفى يعاين قبل شهرين أو 3 أشهر من 10 إلى 20 حالة، ووصف الأوضاع بأنها كارثية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
وأوضح أن مصدر الطاقة لدى الأطفال هو الحليب سواء الطبيعي أو الصناعي، وأنهم يقعون ضحية التجويع، لأن خزين الكبد لديهم قليل، وكمية الشحوم الموجودة في أجسامهم قليلة وصغيرة وكذلك كمية العضلات، أي أن جسم الطفل لا يجد ما يقتات به لتوليد الطاقة.
وأوضح الفرا أن سوء التغذية يمر بـ3 مراحل، وكل أطفال غزة دخلوا في المرحلة المزمنة، وتأتي بعد 4 أسابيع من الإصابة بسوء التغذية، وهناك تغيرات لن يصلحها دخول الغذاء مرة أخرى، وهي تغيرات تمس الجهاز العصبي المركزي وبعض الخلايا العصبية التي تعتمد على عناصر أساسية في الغذاء.
وإذا فقد الطفل تلك العناصر الأساسية سيعاني في المستقبل في الفهم والإدراك والتعبير والقدرة على التحمل وحل المشاكل، كما سيعاني هؤلاء من قصر قامة ومشاكل في هرمون الغدة الدرقية، كما سيتأخر البلوغ الجنسي لدى الذكر والأنثى أيضا، وهناك احتمالية لمعاناتهم من العقم.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم السبت، وفاة 8 أشخاص جراء التجويع، وقالت إن الوفيات الجديدة سُجلت خلال 24 ساعة الماضية، مشيرة إلى أن من بين الضحايا طفلين.