
رد الجيش الإسرائيلي على تغريدة نشرها اللاعب الدولي محمد صلاح، قائد المنتخب المصري ونجم فريق ليفربول الإنجليزي، التي تساءل فيها عن أسباب مقتل اللاعب الفلسطيني سليمان العبيد الملقب بـ”بيليه فلسطين”.
وتُوفي العبيد، في 6 أغسطس الجاري عن عمر يناهز 41 عامًا، وقال الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إنه فارق الحياة على أثر “استهداف القوات الإسرائيلية لمنتظري المساعدات الإنسانية في جنوب قطاع غزة”.
وكان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) قد نشر، عبر حسابه على منصة “إكس”، يوم الجمعة الماضي، بيانًا نعي فيه العبيد قال فيه: “نودع سليمان العبيد (بيليه فلسطين)، موهبة منحت أملًا هائلًا لعدد لا يحصى من الأطفال، حتى في أحلك الأوقات”، دون الإشارة إلى سبب وفاته.
وأعاد محمد صلاح نشر بيان “يويفا” وعلّق متسائلًا: “هل يمكنك إخبارنا كيف وأين ولماذا (توفي العبيد)؟”، معبرًا بشكل غير مباشر عن استنكاره تجاهل الاتحاد الكشف عن ملابسات استشهاد اللاعب الذي كان ينتظر الحصول على مساعدات إنسانية وقت الحادث.
رد وهجوم
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني، ردًا على تغريدة صلاح، إن مراجعة أولية أظهرت عدم وجود سجلات تشير إلى أية حوادث تتعلق باللاعب الفلسطيني سليمان العبيد.
وكتب شوشاني: “أهلا محمد، بعد التحقيق لم نجد أي دليل على حادثة تورط فيها سليمان العبيد”، مضيفًا “حتى نتمكن من دراسة القضية بعمق، نحتاج مزيدًا من التفاصيل”.
فيما شنّ نشطاء إسرائيليون هجومًا حادًا على محمد صلاح معتبرين تساؤله تلميحًا إلى تحميل إسرائيل مسؤولية مقتله.
وندد هؤلاء بتدوينة صلاح متسائلين عن سبب عدم توجيهه تساؤلات مشابهة بشأن وفاة لاعب كرة القدم الإسرائيلي ليؤور أسولين، الذي قُتل، وفق روايتهم، في هجوم شنّته حركة حماس أثناء مهرجان “نوفا” الموسيقي في 7 أكتوبر 2023. كما طالبوا الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بإصدار بيان تعزية مماثل لأسولين، أسوة بما فعله مع العبيد.
في المقابل لاقت تغريدة صلاح تفاعلا كبيرًا بين نجوم وعشاق الساحرة المستديرة ووسائل الإعلام الدولية، حيث حصدت أكثر من 950 ألف علامة إعجاب و276 ألف إعادة مشاركة ونحو 20 ألف تعليق، وشاهدها نحو 62 مليون شخص خلال ساعات.
ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” أشاد ناشطون برسالة محمد صلاح إلى “يويفا”، معتبرين أنها ترجمة صادقة لوجع الفلسطينيين، إذ طرح سؤالا بسيطا يختصر مأساة استشهاد العبيد “هل تستطيعون أن تخبرونا كيف مات؟ وأين؟ ولماذا؟”، في إشارة واضحة إلى جرائم الاحتلال وضرورة فضحها أمام العالم.
كما رأى آخرون أن توقيت تغريدة محمد صلاح كان موفقا للغاية، إذ حققت صدى عالميا واسعا، وبعثت رسالة حقيقية إلى العالم مفادها أن هناك رياضيين فلسطينيين يستشهدون تحت القصف، وسط محاولات متعمدة لطمس قصصهم الإنسانية.
وكتب أحد النشطاء “تغريدة صلاح شجاعة من رجل شجاع، تغريدة واحدة فقط حطمتهم وجعلتهم في موقف محرج أمام العالم مع جرائم إسرائيل المتواصلة”.
وقال آخر “محمد صلاح بمجرد أن كتب تعليقا بسيطا عن اللاعب الفلسطيني سليمان العبيد الذي استشهد وهو ينتظر المساعدات قلب الإعلام الإنجليزي ومواقع التواصل في إنجلترا، كلها في حالة بحث وتساؤل عن الموضوع، تخيلوا لو كان يتحدث منذ البداية”.
وخلص كثيرون إلى أن هذه الخطوة تمثل أول موقف علني جريء لصلاح منذ نحو 22 شهرًا من بداية حرب الإبادة في غزة، معتبرين موقفه رسالة تضامن قوية مع الشهداء من الرياضيين، وسلاحا فاعلا لتوصيل مأساة ومعاناة سكان غزة الذين يستشهدون كل يوم.
من هو سليمان العبيد؟
وفقًا للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم فقد ولد العبيد في 24 مارس عام 1984 في مدينة غزة، وهو متزوج وله ولدان و3 بنات. وبدأ مسيرته في ناديه الأم نادي خدمات الشاطئ، ثم انتقل إلى الضفة الغربية، ملتحقا بصفوف نادي مركز شباب الأمعري، من أعوام 2009 إلى 2013، وتوج معه بلقب أول نسخة لدوري المحترفين في موسم 2010-2011.
وبعد الأمعري، عاد العبيد إلى خدمات الشاطئ ولعب له لموسم واحد، ثم التحق بصفوف نادي غزة الرياضي وحصل معه على لقب هداف الدوري الممتاز في المحافظات الجنوبية في موسم 2015-2016، مسجلا 17 هدفا.
وعاد العبيد إلى فريقه الأم خدمات الشاطئ، وحاز معه على لقب هداف الدوري الممتاز في موسم 2016-2017، بعد أن أحرز 15 هدفا.
مهاراته الجميلة وسرعته في الملعب، جعلتاه ينضم إلى صفوف المنتخب الوطني، حيث لعب مع الفدائي 24 مباراة دولية، سجل فيها هدفين، أشهرهما الهدف في مرمى المنتخب اليمني من كرة مقصية خلال بطولة اتحاد غرب آسيا عام 2010.
وخلال مسيرته الرياضية الطويلة، سجل العبيد أكثر من 100 هدف، ليكون من ألمع نجوم الكرة الفلسطينية.
وباستشهاد العبيد، يرتفع عدد شهداء الأسرة الرياضية والكشفية إلى 662 شهيداً منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023.
ووصل عدد شهداء اتحاد كرة القدم إلى 325 شهيداً رياضياً، يشملون لاعبين، مدربين، إداريين، حكّاماً، وأعضاء مجالس إدارات الأندية، كما تضررت 288 منشأة رياضية أو تحولت إلى أنقاض، في مشهد يعكس حجم الاستهداف الممنهج للرياضة الفلسطينية وأركانها.