ماذا جرى في أول رحلة لمسؤول أمريكي بين إسرائيل وسوريا منذ عقود؟

في أول رحلة لمسؤول أمريكي بين تل أبيب ودمشق منذ عقود، التقى عضو مجلس النواب الأمريكي إبراهيم حمادة الرئيس أحمد الشرع في العاصمة السورية دمشق، حيث ناقش معه عدة ملفات بينها الأوضاع في محافظة السويداء جنوب البلاد.
وقال حمادة، في بيان له بعد الزيارة إنه “في زيارة غير مسبوقة من القدس إلى دمشق»، التقى الرئيس الشرع ووزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني، لمناقشة جهوده المتواصلة لإعادة الأمريكيين إلى ديارهم، وتعزيز السلام من خلال القوة، والدعوة إلى سوريا جديدة تتطلع إلى المستقبل لا إلى الماضي.
وأضاف البيان أنه “بصفته مبعوثًا لأجندة السلام من خلال القوة، كان عضو الكونغرس حمادة، وهو ضابط استخبارات احتياطي سابق في الجيش الأمريكي، في زيارة لسوريا استمرت 6 ساعات للقاء الرئيس الشرع لمناقشة إعادة جثمان الأمريكية كايلا مولر إلى عائلتها في أريزونا، والحاجة إلى إنشاء ممر إنساني آمن لتسليم المساعدات الطبية والإنسانية إلى السويداء بشكل آمن، والحاجة إلى أن تحقق سوريا التطبيع مع إسرائيل وتنضم إلى اتفاقيات أبراهام”.
وأشار إلى أنه “خلال اللقاء أكد النائب حمادة على ضرورة تصحيح المسار السوري في ضوء الأحداث المأساوية الأخيرة، كما نصح عضو الكونغرس الرئيسَ الشرعَ بأنه من أجل بناء سوريا موحدة، يجب على الحكومة توفير السلام والأمن لجميع أبنائها، بمن فيهم المسيحيون والدروز والأكراد والعلويون وغيرهم من الأقليات. وأكد عضو الكونغرس أن هذا هو السبيل الوحيد لبناء سوريا جديدة تعكس تنوعها العرقي والديني”.
وقال حمادة في بيانه إنه يدعم قرار الرئيس دونالد ترامب برفع بعض العقوبات لمساعدة الشعب السوري وحكومته الجديدة في إعادة بناء بلدهم. ومع ذلك، فهو يعتقد أن على الكونغرس أن يلعب دورًا رئيسيًا في هذه العملية لضمان وفاء الحكومة السورية بالتزاماتها تجاه الولايات المتحدة.
ونتيجةً لذلك، انخرط عضو الكونغرس حمادة وفريقه في جهود مشتركة بين الوكالات للتحقق مما يحدث وما لا يحدث على أرض الواقع في سوريا في خضم هذا الصراع الحالي. وأعرب حمادة عن امتنانه ودعمه للقيادة القوية للسفير والمبعوث الخاص توم باراك في بلاد الشام.
إعادة كايلا مولر
ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس” فقد ناقش النائب حمادة مع الرئيس السوري المؤقت إعادة جثمان عاملة الإغاثة الأمريكية كايلا مولر التي اختطف وتأكد لاحقا مقتلها في سوريا خلال عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وتأتي زيارة حمادة إلى سوريا في الوقت الذي يجري فيه البحث في المناطق النائية من البلاد عن رفات الأشخاص الذين قتلهم تنظيم الدولة الإسلامية الذي سبق أن سيطر على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق قبل هزيمته الإقليمية قبل 6 سنوات.
وتم إلقاء القبض على كايلا مولر، البالغة من العمر 26 عامًا، في شمال سوريا في أغسطس 2013، وأكدت عائلتها ومسؤولون أمريكيون وفاتها بعد أكثر من عام. وتعهد حمادة، وهو جمهوري من ولاية أريزونا، بإعادة جثة مولر – التي لم يُعثر عليها بعد – إلى عائلتها.
وقُتل العشرات من الأجانب، بمن فيهم عمال إغاثة وصحفيون، على يد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية الذين أعلنوا ما يسمى بالخلافة في عام 2014. وخسر التنظيم المتشدد معظم أراضيه في العراق في أواخر عام 2017، وأعلن هزيمته في عام 2019 عندما خسر آخر شريط من الأرض كان يسيطر عليه في شرق سوريا.
ومنذ ذلك الحين، تم اكتشاف العشرات من مواقع القبور والمقابر الجماعية في شمال سوريا تحتوي على رفات وجثث أشخاص اختطفهم تنظيم الدولة الإسلامية على مر السنين.
ومن بين الذين قُتلوا على يد داعش الصحفيان الأمريكيان جيمس فولي وستيفن سوتلوف، بالإضافة إلى العاملين في المجال الإنساني مولر وبيتر كاسيج. ويُعتقد أنه لم يُعثر على أيٍّ من رفاتهم.
واحتُجزت مولر، من بريسكوت، أريزونا، رهينة مع حبيبها عمر الخاني، بعد مغادرتهما مستشفى أطباء بلا حدود في حلب، سوريا، حيث عُيّن لإصلاح خدمة الإنترنت فيه.
وتوسلت مولر إليه أن يسمح لها بمرافقته لأنها أرادت العمل في مجال الإغاثة في هذا البلد الذي مزقته الحرب. وتم إطلاق سراح الخاني بعد شهرين، بعد أن تعرّض للضرب.
وفي عام 2015، أعلن البنتاغون أن مولر قُتلت على يد تنظيم الدولة الإسلامية وليس في غارة جوية أردنية استهدفت الجماعة المسلحة كما ادعى المتطرفون في وقت سابق.
من هو إبراهيم حمادة؟
جدير بالذكر أن عضو الكونغرس إبراهيم حمادة، هو أمريكي من أصل سوري، انتُخب عضواً في مجلس النواب الأمريكي ممثلاً للدائرة الكونغرسية الثامنة في ولاية أريزونا.
ووفقًا لموقعه الرسمي فقد ترشح حمادة عن الحزب الجمهوري وفاز في الانتخابات العامة التي جرت في 5 نوفمبر 2024، وباشر مهامه في 3 يناير 2025.
والنائب حمادة هو عضو في لجنة القوات المسلحة ولجنة شؤون المحاربين القدامى في مجلس النواب، وهو ملتزم بأجندة الرئيس ترامب “السلام من خلال القوة” من خلال تشكيل سياسة خارجية “أميركا أولاً” والتي توفر الاستقرار الطويل الأمد في جميع أنحاء العالم.
كما أن النائب حمادة هو المؤلف المشارك لقانون تعزيز التعليم بشأن اتفاقيات أبراهام من أجل المشاركة الشاملة (PEACE)، والذي يهدف إلى تعزيز المشاركة الدبلوماسية الأمريكية من خلال إضفاء الطابع المؤسسي على التدريب على اتفاقيات أبراهام واتفاقيات التطبيع الأخرى في وزارة الخارجية الأمريكية.
وقبل توليه منصبه، تعهد النائب حمادة بإعادة جثمان كايلا مولر إلى عائلتها في بريسكوت، أريزونا. واختطفت كايلا على يد إرهابيين عام 2013 أثناء مغادرتها مستشفى أطباء بلا حدود في حلب، سوريا. وأرسل الرئيس ترامب قوات خاصة أمريكية إلى سوريا لتنفيذ “عملية كايلا مولر” عام 2019 للقضاء على زعيم داعش.
وأدى النائب حمادة اليمين الدستورية في يناير 2025، مُكرّمًا حياة كايلا باستخدام إنجيل عائلتها خلال الحفل في واشنطن العاصمة. وانضمت إليه عائلته ووالدا كايلا، كارل ومارشا مولر.
توقيت الزيارة
ووفقًا لصحيفة “الشرق الأوسط” تأتي زيارة النائب حمادة إلى سوريا في وقت تواصل فيه إسرائيل منذ أواخر العام الماضي عمليات التوغل في الأراضي السورية المحاذية لخط وقف إطلاق النار في محافظتي القنيطرة ودرعا جنوب البلاد، حيث أقامت 9 قواعد عسكرية، مع تنفيذ ضربات جوية لكثير من المواقع والمنشآت السورية، كما دخلت على خط أحداث السويداء بحجة حماية الدروز.
ووصل حمادة دمشق قادماً من إسرائيل التي التقى فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف، وبحث معهما ملف السويداء والأحداث التي تشهدها المحافظة.
قرار مهم
من جهته، أوضح العضو البارز في مجلس إدارة مجلس الأعمال الأمريكي السوري، جهاد سلقيني، أن المجلس هو من نظم زيارة حمادة إلى دمشق.
وسألت “الشرق الأوسط” سلقيني عما يتم تداوله بأن قراراً مهماً ستصدره دمشق، الثلاثاء، كبادرة حسن نية تجاه عضو الكونغرس وأمريكا، فأجاب: «سوف أرسل لكم تفاصيل أي خبر عند تصديقه من كل الأطراف، منوهاً بأن الخبر «يتعلق بالرسوم الجمركية وليس بالسياسة مباشرة».
وفي بيان أصدره المجلس عقب اجتماع حمادة والشرع، أوضح أنه أقام مأدبة عشاء لعضو الكونغرس جمعته بقادة أعمال محليين وعدد من وزراء الحكومة السورية.
وتناولت المحادثات رفيعة المستوى أولويات إعادة الإعمار في سوريا بعد انتهاء الصراع، وأهمية تحديث مناخ الأعمال فيها، وإمكانية وضع أطر عمل شفافة لتجديد التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وسوريا.
كما حثّ المجلس على ضرورة منح الشركات الأمريكية «معاملةً تفضيليةً»، وأكد أن الإصلاحات الضرورية ستخلق فرصاً للاستثمارات الأجنبية الضرورية، وستمكّن الشركات الأمريكية من المشاركة في إعادة بناء قطاعات مهمة من الاقتصاد السوري.
وبصفته ميسّراً للتعاون الاقتصادي الثنائي، حثّ المجلس النائب حمادة على العمل مع زملائه أعضاء الكونغرس لتسريع إقرار تشريع يلغي قانون قيصر. كما سلّط المجلس الضوء على العبء الذي تفرضه الرسوم الجمركية الأمريكية البالغة 41% على الشركات السورية، وحثّ الجانبين على اتخاذ إجراءات للتنازل عن هذه الرسوم.