صوت الجوع يفضح صمت العالم.. غزة تدخل مرحلة الموت الجماعي والناس يتساقطون بالشوارع

أعلنت وزارة الصحة في غزة أنها سجلت وفاة 900 فلسطيني – بينهم 71 طفلا- بسبب الجوع ونقص الدواء منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع في 7 أكتوبر 2023، والتي خلفت أكثر من 198 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين ومجاعة باتت تحصد الأرواح يوميًا.
وحذرت الوزارة من أن القطاع يمر بـ”حالة مجاعة فعلية” تتجلى في النقص الحاد بالمواد الغذائية الأساسية وتفشي سوء التغذية، وسط انهيار شبه تام للنظام الصحي وعجز كامل عن معالجة تبعات هذه الكارثة.
وأكدت أن المستشفيات تستقبل أعدادًا غير مسبوقة من المصابين بإعياء شديد جراء الجوع من مختلف الفئات العمرية، كما لم يعد بمقدور الأهالي توفير الحد الأدنى من مقومات البقاء، ولا سيما الخبز بعد نفاد الدقيق، في حين تباع كميات محدودة منه بأسعار خيالية في السوق السوداء.
موت جماعي
من جانبه أطلق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة اليوم الأحد تحذيرا وصفه بـ”العاجل والخطير”، مؤكدًا أن قطاع غزة يقترب من “مرحلة الموت الجماعي” بعد أكثر من 140 يومًا من إغلاق الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر ومنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، في إطار سياسة تجويع ممنهجة ضد سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.
وأوضح المكتب في بيان له أن إسرائيل تمارس سياسة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين من خلال منع إدخال حليب الأطفال والدواء والوقود وتشديد الحصار بشكل كامل في ظل نفاد تام للغذاء، مشيرًا إلى أن “العالم يتفرج على ذبح غزة وقتلها بالتجويع والإبادة دون أن يحرك ساكنا”.
وأضاف المكتب أن القطاع “أمام أكبر مجزرة جماعية في التاريخ الحديث”، مشددا على أن “أكثر من 1.1 مليون طفل باتوا عرضة لخطر الموت جوعا”.
واختتم المكتب الإعلامي بيانه قائلا “ما يحدث في غزة هو وصمة عار في جبين الإنسانية ومذبحة جماعية تتم على مرأى ومسمع من العالم كله دون أن يتحرك أحد لإيقافها”.
تجويع مليون طفل
من جانبها قالت وكالة الأونروا اليوم الأحد إن إسرائيل تتعمد تجويع المدنيين في قطاع غزة، بمن فيهم مليون طفل يعاني الكثير منهم سوء التغذية ويواجهون خطر الموت.
وأوضحت الوكالة أن لديها ما يكفي من الغذاء لجميع سكان غزة لأكثر من 3 أشهر، وهو مخزّن في مستودعات على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي.
وفي حسابها على منصة إكس طالبت الأونروا برفع الحصار عن قطاع غزة والسماح لها بإدخال الغذاء والأدوية. وقالت الوكالة الدولية “ارفعوا الحصار، اسمحوا للأونروا بإدخال الغذاء والأدوية”.
وناشدت الأونروا السلطات الإسرائيلية قائلة “ارفعوا الحصار، اسمحوا للأونروا بالقيام بعملها ومساعدة المحتاجين، ومن بينهم مليون طفل”.
تواطؤ دولي
وبينما يموت الصغار والكبار في شوارع غزة ومستشفياتها بسبب التجويع الممنهج الذي تمارسه ضدهم إسرائيل، إلا أن الهيئات الأممية ترفض إعلان المجاعة رسميا في القطاع.
ووفقا لتقرير معلوماتي أعدّته قناة الجزيرة، فإن المعايير المحددة لإعلان المجاعة رسميا في أي منطقة بالعالم تتوفر في غزة منذ مدة. ومن بين هذه المعايير مواجهة 20% من السكان مستويات جوع شديدة، وتوثيق معاناة 30% من الأطفال من الهزال والنحافة الشديدة.
ويشير مركز الإعلام الحكومي في غزة إلى أن 650 ألف طفل (من 2.400 مليون يعيشون في القطاع) يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية والجوع، في حين تواجه نحو 60 ألف حامل خطرا حقيقيا بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية اللازمة.
كما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن 112 طفلا في غزة يدخلون المستشفيات يوميا للعلاج من سوء التغذية والهزال الشديد، فضلا عن موت 620 شخصا بسبب الجوع، 70 منهم قضوا منذ يونيو الماضي.
وخلال رحلة البحث عن الطعام الشحيح، قتلت إسرائيل نحو 900 فلسطيني خلال توجههم إلى مراكز توزيع المساعدات الغذائية التابعة لما تعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”.
وفي منطقة المواصي بخان يونس جنوبي القطاع، وهي واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالنازحين، يواجه نحو مليون شخص خطر الموت جوعا بعد مرور أكثر من 100 يوم على منع إدخال الطعام إليهم.
وحتى محاولات شراء الطعام أصبحت شبه مستحيلة نظرا لإتيان الحرب والحصار على كل ما كان لدى الناس من مال، بينما الطعام شحيح بدرجة غير مسبوقة وأسعاره لا يمكن تخيلها.
الطعام يباع بالغرام
وقد تجاوز سعر كيلو الدقيق 50 دولارا في أفضل الأحوال، مما جعل رغيف الخبز في غزة حلما بعيد المنال. كما يباع السكر بالغرام كالذهب، ووصل سعر الغرام إلى دولار واحد، أي إن سعر الكيلو بلغ 1000 دولار.
أما أسعار الخضراوات فتبدأ بدولارين للحبة الواحدة إن توفرت، وذلك يعني أن الأسرة بحاجة لـ150 دولارا في اليوم لكي تحصل على وجبة واحدة في اليوم.
ولو قرر الناس الحصول على كيس طحين أو بعض المعلبات من المؤسسة التي أنشأتها إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة في أقصى جنوب القطاع، فإن عليهم السير بأجسامهم الهزيلة وقواهم الخائرة مسافة 6 كيلومترات ذهابا وإيابا على الأقل.
وحتى قطع هذه المسافة رغم الجوع والعطش لا يعني أن الذاهب لن يعود صفر اليدين، هذا إن لم يعد إلى أهله جثة هامدة، إذ تطلق قوات الاحتلال الرصاص عشوائيا وبشكل متعمد على طالبي المساعدات.