أميركا بالعربيالراديوقصص نجاح

هناء عليان.. قصة نجاح سورية بين ضوء الشهباء وظلال الغربة

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

حلقة جديدة من برنامج “الحكي سوري” تلقي الضوء على قصة نجاح ملهمة للسيدة هناء محمد عليان، التي بدأت مشوار الكفاح من أزقة حلب الشهباء في سوريًا، مرورًا برحلة الهجرة من ولاية أوريغون، وصولًا إلى ولاية ميشيغان، حيث استقرت مع أولادها في مدينة ستيرلينغ هايتس.

تناولت الحلقة رحلة هناء الطويلة بين ذكريات «ضوء الشهباء» وأحلامها التي صاحبتها في رحلة كفاحها في الولايات المتحدة، بينما كانت الظلال الثقيلة للغربة تراقب خطواتها، وتحدثنا عن طفولتها في حلب، ظروف النزوح، والتحديات التي واجهتها في بناء حياة جديدة بعيدًا عن وطنها.

حلب الشهباء
* أهلا وسهلا بكِ، هناء، في برنامج “الحكي سوري”، لو بدأنا حديثنا بالعودة إلى طفولتك في حلب، هل لكِ أن تحدثينا عنها؟

** أنا نشأت ضمن عائلة كبيرة في حارات حلب القديمة، ومن أكثر الأشياء التي لا زلت أتذكرها عن حلب هي الحياة الاجتماعية الجميلة والبساطة والمحبة. حلب قبل الحرب هي هويتي، هي جنتي، ومن كثرة محبتي لحلب أسميت مطعمي هنا في ميشيغان باسم “الشهباء”.

خرجت من حلب في عام 2013 بسبب الحرب، وتوجهت إلى تركيا، ثم انتقلت إلى هنا في الولايات المتحدة منذ عام 2016، وكان سبب خروجنا من حلب هو الخوف على العائلة من الحرب، فالوضع كان مأساويًا، وتنقلنا بين 45 بيتًا تقريبًا، ورأينا أحداثًا صعبة ومجازر، وكنا نواجه الموت بشكل يومي.

صعوبات الهجرة
* ماذا عن صعوبات الهجرة ومساراتها التي مررتِ بها خلال رحلتك من سوريا إلى أمريكا في نهاية المطاف؟

** بعدما تنقلنا لفترة في الداخل السوري، تمكننا من الخروج إلى تركيا، وهناك مكثنا حوالي ثلاثة أعوام ونصف، كنا نأمل ونحن هناك أن تنتهي الحرب ونعود مرة أخرى إلى بلدنا، ومع مرور الوقت فتحنا مشروعًا عبارة عن مطعم، ووفقنا الله فيه.

وللأمانة فإن الدولة التركية استقبلتنا وراعتنا كثيرًا، ولكن للأسف لم يكن هناك اعتراف بشهاداتنا التعليمية، ووجدنا أن تعليم أولادنا سيكون صعبًا للغاية، لا سيما وأن التعليم باللغة التركية، وليس العربية.

فقمت بالتسجيل في مفوضية اللاجئين، وجاءت لي موافقة على إعادة التوطين، وكانت الدولة التي وقع الاختيار عليها هي أمريكا، والحمدلله أننا جئنا إلى هنا، وتحديدًا ولاية أوريغون، وبدأنا فصلًا جديدًا في حياتنا.

بداية جديدة في أمريكا
* صفي لنا شعورك عند وصولك إلى الولايات المتحدة.

** كانت بداية جديدة، صحيح كان هناك بعض الخوف والغموض مما سيحدث، ولكن كان في داخلي إحساس بأن الأمور ستصير أفضل، وأننا سنتمكن من النجاح وإنجاز شيئًا ما، وبالفعل تمكننا من بدء حياتنا الجديدة.

والشعب الأمريكي رائع، ومعاملته جيدة، وقد شعرت هنا بالأمان، وصار لدي إحساس بأن عائلتي في أمان بعدما تخطينا كل الصعوبات.

* كم كانت أعمار أولادك حينما جئتِ إلى أمريكا؟، وما التحدي الأكبر الذي واجهكم في البداية؟

** أنا لدي 3 بنات وصبي، كانوا صغارًا عندما جئنا إلى هنا، كانت الابنة الكبرى حوالي 13 عامًا، أما أكبر التحديات فقد كانت اللغة، ولكن كنا على يقين أننا سنتجاوز هذا التحدي، وبالفعل مرّت الأيام وتجاوزناه، مع احتفاظنا بلغتنا العربية ولهجتنا الحلبية.

قصة نجاح
* حدثينا الآن عن مشروعك هنا، والنجاح الباهر الذي تحقق في أمريكا.

** بدأ مشروعي من مطبخ منزلي، ثم تطور الأمر بإعداد وجبات وتسويقها، وأنا بالأساس لدي خبرة 25 عامًا في الطبخ، وقد تطورت خبرتي من خلال المطعم الذي أسسته في تركيا من قبل، لذا لم يكن الأمر جديدًا أو غريبًا عندما أسست مطعمنا في أمريكا.

ويعود الفضل في تأسيس هذا المطعم بعد الله سبحانه وتعالى إلى المنظمة ومساعدة عدد من المتطوعين والأصدقاء الذين ساعدونا على التوطن هنا وتأسيس مطعمي.

وبعد تأسيسه ساعدتني الظروف أن أقوم بتوريد الأطعمة للمنظمة وللمستشفيات وللجامعات. وقد حققت عدة نجاحات في أمريكا، حيث حصلت على شهادة تقدير من ولاية أوريغون منذ عامين كأفضل مطعم في الولاية.

* انتقلتِ بعد ذلك إلى مدينة ستيرلينغ هايتس في ميشيغان، حدثينا عن تلك المرحلة الجديدة.

** نعم، انتقلنا إلى هنا منذ 9 شهور تقريبا، وقد أتينا إلى هنا لنوسع من تجربتنا الناجحة، انتقلنا إلى هنا بدافع من الإصرار وحب المحاولة. ومنذ أن جئت إلى ميشيغان وأنا أشعر بوجود حياة اجتماعية أكبر، خاصة بين الجاليات العربية، ولعل من أسباب انتقالنا أيضا إلى ميشيغان هو التحاق بناتي بالجامعة هنا.

* لا أحد يختلف على الأكل السوري، ولا سيما الأكل الحلبي، هل لكِ أن تحكي لنا قليلًا عنه، وأشهر الأكلات الحلبية؟

** هناك الكباب الحلبي، المحاشي، المشاوي، والمأمونية، وهي حلوى سورية تراثية وتقليدية، نسميها “لمة العيلة”، ويتم صنعها من سمنة عربية وسميد وسكر، وأدعو الجميع لتذوقها لأن طعمها لا يُوصف.

رسالة وحنين
* ما هي رسالتك للنساء المغتربات اللاتي اضطرتهن الظروف للخروج من أوطانهن؟

** أنصحهن بالمحاولة والإصرار، والتحلي بالشجاعة، والتمسك بالطريق الصحيح، وأن يلتزمن بالطموح، ويركزن على تحقيق الذات وتحقيق شيء نافع لعائلاتهن، والشجاعة في تحمل المسؤولية ومواجهة الضغوط.

* هل يمكن أن تعودي إلى حلب الشهباء في ظل تغيّر الظروف هناك الآن؟

** من المؤكد أن لدي حنين كبير لمدينتي ولبلدي ولأهلي، ولكن في نفس الوقت فإنني أتطلع لمستقبلي ومستقبل أولادي هنا في بلدي الثاني؛ الولايات المتحدة، وأعتقد أنني بحاجة للتركيز على المستقبل، وستظل حلب في القلب والذاكرة بلا شك.

* نشكرك على حديثك معنا اليوم، فأنتِ سيدة تستحق كل الدعم والمساندة، وصاحبة قصة نجاح رائعة، وأتمنى لك كل النجاح والتوفيق في مشروعك الجديد هنا في ميشيغان، مثلما حققتِ النجاح في أوريغون، وأنا أوجه نداءً عبر منبري هذا “الحكي سوري” إلى دعم كل المهاجرين والمغتربين هنا في الولايات المتحدة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى