ذكرى مختلفة لعيد الرابع من يوليو.. احتفالات واحتجاجات وحوادث مؤلمة

يبدو أن ذكرى عيد الاستقلال كانت مختلفة هذا العام بالنسبة للعديد من الأمريكيين. فقد شهد يوم الرابع من يوليو 2025 العديد من الفعاليات والأحداث التي جعلته مختلفًا، ولكن يبدو أن الاختلاف الأكبر كان في وجود دونالد ترامب رئيسًا للبلاد، بما أحدثه من تغييرات كبيرة في حياة الأمريكيين منذ عودته للبيت الأبيض في يناير الماضي.
ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس” تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن هناك انخفاضًا في الفخر الوطني بين الأمريكيين، وخاصة الديمقراطيين في عهد ترامب، مع تساؤل البعض عما إذا كان ينبغي الاحتفال بالرابع من يوليو على الإطلاق هذا العام.
وبالرغم من ذلك خرج ملايين الأمريكيين للاحتفال بالمناسبة من خلال فعاليات مختلفة، لكن الفعاليات لم تقتصر على الاحتفالات والعروض وحفلات الشواء وإطلاق الألعاب النارية التي تعود عليها الأمريكيون كل عام، بل كانت هناك فعاليات أخرى جرى الإعداد لها لتتزامن مع يوم الاستقلال.
ومن بين هذه الفعاليات مسيرات واحتجاجات ضد سياسات إدارة الرئيس ترامب الذي خص نفسه باحتفال خاص وقع خلاله على قانونه الكبير والجميل والمثير للجدل بعد أن أقره الكونغرس بشق الأنفس.
بينما تم إلغاء احتفالات الرابع من يوليو في أماكن أخرى مثل جنوب كاليفورنيا، التي اشتعلت فيها الأحداث مؤخرًا بسبب مداهمات الهجرة.
وفي أماكن مثل تكساس انقلبت الاحتفالات إلى مشهد مأساوي بعد أن تسببت عواصف رعدية وأمطارًا غزيرة في حدوث سيول مميتة وفيضانات مفاجئة في سقوط عشرات القتلى وفقدان عشرات آخرين.
احتفال ترامب
وبعيدًا عن كل هذا كان الرئيس ترامب يخطط للاحتفال بيوم الاستقلال على طريقته الخاصة، حيث استغل المناسبة في التوقيع على مشروع قانونه الشامل لخفض الضرائب والإنفاق، احتفالا بانتصاره هو والجمهوريون الذين يسيطرون على الكونغرس بمجلسيه في معركة إقرار القانون.
وأثار القانون جدلًا كبيرًا وانتقادات عديدة، وحظي بمعارضة كبيرة من جانب الديمقراطيين الذي صوتوا ضده، كما أثار انقسامًا داخل الحزب الجمهوري نفسه، وصوت نواب جمهوريون ضد القانون، وتم تمريره بفارق ضئيل بعد جهود كادت تفشل لولا التدخل المباشر للرئيس ترامب ونائبه جي دي فانس لإقناع المعارضين الجمهوريين بالتخلي عن موقفهم.
من ناحية أخرى قال ترامب إنه يفكر في تنظيم مباراة في بطولة القتال النهائي (UFC) على أرض البيت الأبيض بحضور أكثر من 20 ألف متفرج للاحتفال بمرور 250 عامًا على استقلال الولايات المتحدة.
ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس” فقد أعلن ترامب عن خطته تلك في ولاية أيوا خلال انطلاق احتفالات قال إنها ستستمر لمدة عام للاحتفال بالذكرى الـ250 لتأسيس أمريكا في 4 يوليو 2026.
وأعلن ترامب أيضًا عن مهرجان ختامي في ناشيونال مول في واشنطن، ومسابقة رياضية منفصلة تضم رياضيين من المدارس الثانوية من جميع أنحاء البلاد.
وقال: “كل واحدة من حدائقنا الوطنية وساحات معاركنا ومواقعنا التاريخية ستستضيف فعاليات خاصة احتفالًا بالذكرى الـ250 لتأسيس أمريكا.
احتجاجات ضد ترامب
شهد يوم الاستقلال تنظيم فعاليات يوم الاستقلال احتجاجا على سياسات ترامب، بما في ذلك التخفيضات في برنامج Medicaid وترحيل المهاجرين ومكافحة الإجهاض والتعريفات الجمركية، وما يصفه المحتجون برفض “الفاشية” في البلاد.
وقرّر مئات الأميركيين الاستغناء عن حفلات الشواء والتجمعات الاحتفالية التي تميّز عادة احتفالات الرابع من يوليو في كل عام، وفضلوا التوجه إلى شوارع العاصمة واشنطن للتعبير عن رفضهم لما يصفونه “بتنامي الفاشية” في البلاد.
وانطلقت المسيرة بعد ظهر أمس الجمعة من ساحة “لوغان سيركل”، حيث تجمع المئات حاملين لافتات كتب عليها “لا للفاشية” و”ترامب يجب أن يرحل الآن”.
وجاءت المسيرة تتويجا لـ4 أيام من التحركات الاحتجاجية التي نُظّمت في عدد من الولايات الأميركية تزامنا مع عيد الاستقلال، في إطار حملة وطنية تحت شعار “أميركا الحرة”، أطلقتها تحالفات سياسية ومجتمعية أبرزها “مسيرة النساء” وحركة “50501” ومنظمة “ارفضوا الفاشية”.
وقد تنوعت فعاليات الحملة بين مسيرات شعبية، وقراءات جماعية لوثيقة الاستقلال، نظّمت في أكثر من 150 مدينة، واختتمت بمسيرة العاصمة التي تم الترويج لها على أنها لحظة “إعلان الاستقلال من أميركا الفاشية”، كرسالة رمزية معارضة لسياسات الرئيس دونالد ترامب.
ودعا المحتجون لمواجهة ما وصفوه بـ”المنظومة السلطوية الجديدة” التي تهدد الحريات المدنية، ونددوا بتأييد ترامب غير المشروط لإسرائيل، وتورط إدارته في سياسات قمعية داخلية وخارجية، بحسب تعبيرهم.
ورفع المشاركون في المسيرة شعارات منددة بسياسات الهجرة التي تعتمدها إدارة ترامب، ونددوا بشكل خاص بحملات الاعتقال والترحيل التي تنفذها وكالة الهجرة والجمارك، والتي تصاعدت في الأشهر الأخيرة مستهدفة مهاجرين غير نظاميين.
وتزامنت المسيرة مع توقيع الرئيس ترامب على “القانون الكبير والجميل”، وعبّر المحتجون عن رفضهم هذا القانون الذي يُعتبر بنظرهم دليلا إضافيا على ما وصفوه بتوجه “فاشي” داخل الدولة، ونددوا بما تضمّنه من إعفاءات ضريبية ضخمة لمصلحة الأثرياء، مقابل تقليص حاد في تمويل برامج مثل “ميديكيد” والبرامج الخاصة بخدمات الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية الأساسية لذوي الدخل المحدود.وفي المقابل، يمنح القانون امتيازات جديدة لكبريات الشركات والفئات ذات الدخل المرتفع، تصل في بعض الحالات إلى مئات الآلاف من الدولارات سنويا.
إلغاء احتفالات كاليفورنيا
ألغت العديد من المجتمعات في منطقة لوس أنجلوس احتفالات يوم الاستقلال بسبب المخاوف الأمنية بشأن حملة إدارة ترامب على الهجرة.
وأثارت المداهمات احتجاجات استمرت لأسابيع في جميع أنحاء المدينة، مما دفع ترامب إلى نشر قوات الحرس الوطني ومشاة البحرية.
وألغى حي “إل سيرينو” في لوس أنجلوس مسيرته الاحتفالية بعد انسحاب 90% من المشاركين. وقالت جيني غيريرو، المُنظِّمة للمسيرة، إنَّ الجالية اللاتينية ذات الأغلبية “وطنية للغاية”. لكنَّ كثيرًا من الناس يتجنبون الفعاليات خوفًا من مسؤولي الهجرة. وأضافت: “إن حقيقة أنهم يأخذون أي شخص بني اللون، بغض النظر عن جنسيته، تجعل الجميع في خطر”.
كما تم تأجيل حفلٌ شعبيٌّ في وسط المدينة، استقطب 20 ألف شخص العام الماضي. كما ألغت ضواحي جنوب شرق لوس أنجلوس، مثل بيل جاردنز، الاحتفالات تمامًا.
غضب الألعاب النارية
يحتفل الأمريكيون في الرابع من يوليو بالعديد من الفعاليات مثل المسيرات، وحفلات الشواء، لكن الألعاب النارية تعتبر الطابع المميز لاحتفالات عيد الاستقلال كل عام.
ولا تزال هذه الألعاب النارية تُشكّل جوهر يوم الاستقلال، حيث أضاءت الألعاب النارية الضخمة أفق مدن أمريكية متعددة، مُعلنةً بذلك عن بدء الاحتفالات في جميع أنحاء البلاد.
وشهدت مبيعات الألعاب النارية للمستهلكين نموًا سريعًا خلال العقدين الماضيين. وتُظهر إحصاءات الجمعية الأمريكية للألعاب النارية أن المستهلكين الأمريكيين أنفقوا 407 ملايين دولار على الألعاب النارية في عام 2000. وبحلول عام 2024، سيرتفع هذا الرقم إلى 2.2 مليار دولار.
وقالت جولي هيكمان، المديرة التنفيذية للجمعية الأمريكية للألعاب النارية، إن الغالبية العظمى من الألعاب النارية في الولايات المتحدة مصنوعة في الصين.
ومع تصاعد الحرب التجارية مع الصين، وصلت الرسوم الجمركية على الألعاب النارية الصينية الصنع إلى 145% في أبريل، وفقًا لهيكمان. وفي مايو، أصدر ترامب قرارًا بتعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا، تاركًا الرسوم الجمركية الحالية على الألعاب النارية الصينية عند 30%.
وقالت هيكمان إن الرسوم الجمركية لم يكن لها تأثير يُذكر على عروض الألعاب النارية في المدن هذا العام، لأن العبوات تم شراؤها قبل أشهر، وبالتالي لن يتحمل المستهلكون رسوم الـ 30%، لكن الوضع سيكون مختلفًا العام المقبل.
حادث مؤسف
ورغم جهود التوعية الواسعة، يُصاب آلاف الأمريكيين بإصابات بالغة بسبب الألعاب النارية سنويًا. وقال مسؤولون إن رجلا قتل وأصيب خمسة آخرون في حريق سكني ناجم عن ألعاب نارية نشطة يوم الخميس وانتشر بسرعة إلى أربعة عقارات، مما دفع رجال الإطفاء إلى الاستجابة على نطاق واسع.
ووفقًا لشبكة abcnews فقد ذكرت إدارة الإطفاء في لوس أنجلوس أن الحريق شمل كمية كبيرة من الألعاب النارية التي تم تخزينها، وأن أكثر من 130 رجل إطفاء شاركوا في مكافحته واحتوائه.
تجعل هذه الألعاب النارية من هذه المناسبة عيدًا خطيرًا للغاية، إذ تؤدي عادةً إلى أكثر من 10,000 حالة دخول إلى قسم الطوارئ.
ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس” فقد أفادت لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية الأمريكية بأنه في عام 2024، أُلقي باللوم على الألعاب النارية في 11 حالة وفاة، بزيادة قدرها 38% عن عام 2023. وتلقى ما يُقدر بنحو 1700 شخص العلاج في غرف الطوارئ من إصابات ناجمة عن الألعاب النارية، بينما أصيب 147000 شخص بسبب الألعاب النارية – بزيادة قدرها 52% مقارنة بعام 2023.
وكانت الحروق أكثر الإصابات شيوعًا. وكان الناس يُصابون بأيديهم وأصابعهم في أغلب الأحيان، كما كانت إصابات الرأس والوجه والأذن شائعة أيضًا.
رحلات سفر قياسية
سافر ملايين الأمريكيين لقضاء عطلة عيد الاستقلال في مواجهة الحر الشديد والعواصف والتأخير. وتوقع نادي السيارات AAA أن يسافر أكثر من 72 مليون شخص مسافة 80 كيلومترًا على الأقل من منازلهم. وتشمل توقعات AAA عطلتي نهاية أسبوع لتعكس بشكل أفضل رحلات العطلات.
ووفقًا للإحصاءات سيسافر ما يقرب من 62 مليون شخص بالسيارة، بزيادة قدرها 2.2% عن عام 2024، مما يجعله أعلى رقم مسجل على الإطلاق، وفقًا لرابطة السيارات الأمريكية (AAA). وقد شهد السائقون بعض الزيادات في أسعار الوقود، لكن أسعار البنزين في الصيف لا تزال عند أدنى مستوى لها منذ عام 2021.
في غضون ذلك، سيسافر ما يقرب من ستة ملايين شخص، بزيادة قدرها 4% عن العام الماضي، وفقًا لرابطة الطيران الأمريكية (AAA). وصرحت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية بأن هذا الأسبوع سيكون الأكثر ازدحامًا في الرابع من يوليو منذ 15 عامًا.