إسرائيل تهاجم العفو الدولية بعد كشفها أدلة على استخدام التجويع سلاحًا للإبادة في غزة

هاجمت إسرائيل منظمة العفو الدولية واتهمتها بالانضمام إلى حركة حماس وتبني روايتها، بعد أن كشف تقرير للمنظمة عن أدلة تشير إلى استمرار إسرائيل في استخدام التجويع سلاح حرب لإبادة الفلسطينيين في قطاع غزة.
وزعمت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان لها “انضمام منظمة العفو الدولية إلى حماس وتبني كل دعايتها، ومن الجدير أن يطلق عليها اسم جديد هو (عفو حماس)”.
وادعى البيان أن إسرائيل “سهلت دخول أكثر من 3 آلاف شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة وتوزيع مؤسسة غزة الإنسانية أكثر من 56 مليون وجبة مباشرة على المدنيين الفلسطينيين وليس على حماس”، حسب البيان.
بيان العفو الدولية
وكانت منظمة العفو الدولية قد اتهمت إسرائيل باستخدام التجويع سلاحا في الإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة، مؤكدة استمرار فرض حصار خانق وسياسات “مميتة ومُذلّة” لتوزيع الغذاء.
وأوضحت المنظمة، في بيان لها اليوم، أن تلك الإجراءات أدت إلى تفاقم معاناة السكان ودفعت مئات الآلاف إلى حافة الهلاك، خاصة الأطفال والنساء.
وقالت إن الشهادات المؤلمة التي جُمعت من الطواقم الطبية، وآباء الأطفال الذين يُعالجون في المستشفيات بسبب سوء التغذية، والنازحين الفلسطينيين الذين يكافحون من أجل البقاء، تظهر “صورةً مروعةً لمستويات حادة من الجوع واليأس في غزة”.
وأضافت أن الروايات تلك تُقدم دليلاً إضافيًا على المعاناة الكارثية الناجمة عن القيود الإسرائيلية المستمرة على المساعدات المنقذة للحياة، و”نظامها العسكري القاتل للمساعدات، إلى جانب التهجير القسري الجماعي، والقصف المتواصل، وتدمير البنية التحتية الأساسية للحياة”.
ونقل التقرير عن الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، قولها: “بينما انشغلت أنظار العالم بالأعمال العدائية الأخيرة بين إسرائيل وإيران، استمرت الإبادة الجماعية الإسرائيلية بلا هوادة في غزة”.
وأضافت كالامار، أنه في الشهر الذي تلا فرض إسرائيل برنامج “مساعدات عسكرياً تديره مؤسسة غزة الإنسانية، قُتل مئات الفلسطينيين وجُرح الآلاف، إما قرب مواقع توزيع عسكرية أو في طريقهم إلى قوافل المساعدات الإنسانية”.
ووثقت العفو الدولية، بشهادات أطباء وأسر ضحايا ونازحين، مشاهد مفجعة لأطفال أدخلوا المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد وجوع يهدد حياتهم يوميًا.
وأكدت الأمينة العامة للمنظمة أنييس كالامار، أن حرمان الفلسطينيين عمدا من الغذاء والدواء يعمق الكارثة الصحية، وسط استمرار إسرائيل في منع دخول معظم المساعدات الإنسانية الحيوية، رغم أوامر محكمة العدل الدولية بالسماح بوصول الإغاثة دون عوائق.
وخلال الشهر الذي تلا فرض خطة توزيع المساعدات ذات الطابع العسكري، قتل مئات الفلسطينيين وجرح آلاف آخرون أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، بينما وصفته كالامار بأنه “استهداف متعمد من القوات الإسرائيلية”، ونتيجة متوقعة لسياسات توزيع “غير مسؤولة ومميتة”.
تأثير مدمر على الأطفال
وقالت المنظمة إنه حتى قبل فرض الحصار الشامل في 2 مارس 2025، الذي خُفف بشكل طفيف ولكن غير كافٍ بعد حوالي 78 يومًا، كان لفرض إسرائيل المتعمد لظروف حياة يُراد بها تدمير الفلسطينيين أثرٌ مدمرٌ خصوصًا على الأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات.
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تُوفي ما لا يقل عن 66 طفلًا كنتيجة مباشرة لظروف مرتبطة بسوء التغذية. ولا تشمل هذه الحصيلة العدد الأكبر من الأطفال الذين توفّوا نتيجة لأمراض يمكن الوقاية منها ولكنها تفاقمت بسبب سوء التغذية.,
يكافح القطاع الصحي المدمر في غزة، والمثقل أصلًا بحجم الإصابات، من أجل التعامل مع تدفق الرضع والأطفال إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية. ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فحتى تاريخ 15 يونيو/حزيران 2025، أُدخل ما مجموعه 18,741 طفلًا إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد منذ بداية العام.
ومع ذلك، لا تتمكن الغالبية العظمى من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية من الوصول إلى أي من المستشفيات بسبب تحديات الوصول التي تفرضها أوامر التهجير والقصف العنيف والعمليات العسكرية المستمرة.
ووفقًا للأرقام التي تم الحصول عليها من وزارة الصحة الفلسطينية، بلغ معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة في غزة لعام 2024 32.7 حالة وفاة لكل 1,000 مولود حي، وهو ما يمثل زيادة حادة مقارنة بالمعدل البالغ 13.6 في 2022.
كما ارتفعت معدلات وفيات الأمهات لأكثر من الضعف، من نحو 19 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية في 2022 إلى 43 حالة وفاة لكل 100,000 في 2024.
المساعدات كسلاح
وتُبين الأدلة التي جمعتها منظمة العفو الدولية أن إسرائيل، ومنذ أكثر من شهر على بدء نظام توزيع المساعدات ذي الطابع العسكري، تواصل استخدام تجويع المدنيين كسلاح حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل، وتتعمّد فرض ظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي كجزء من الإبادة الجماعية المستمرة.
وبينما تواصل السلطات الإسرائيلية فرض حصارها غير المشروع على دخول المساعدات والإمدادات التجارية إلى قطاع غزة المحتل، لا تزال مئات شاحنات المساعدات عالقة خارج قطاع غزة في انتظار تصريح إسرائيلي لدخول غزة.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنه حتى تاريخ 16 يونيو 2025، كانت 852 شاحنة تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية دولية، معظمها يحمل إمدادات غذائية، لا تزال عالقة في العريش في مصر، ولم تتلقَّ بعد تصريحًا من السلطات الإسرائيلية لدخول غزة.
علاوة على ذلك، لم يشمل التخفيف الجزئي للحصار الكامل في 19 مايو تخفيف القيود المفروضة على بعض الإمدادات الحيوية، مثل الوقود وغاز الطهو، التي لم يُسمح بدخولها إلى غزة منذ 2 مارس. من دون الوقود، لا يمكن إنتاج الكهرباء، مما يعني توقف عمل الأجهزة الطبية المنقذة للحياة، على سبيل المثال.
ولا يصل إلى المحتاجين في غزة سوى النزر اليسير من المساعدات المحدودة للغاية التي تسمح إسرائيل بإدخالها. إما تُوزعها إسرائيل من خلال الخطة اللاإنسانية والمميتة ذات الطابع العسكري بإدارة مؤسسة غزة الإنسانية، أو يفرّغها مدنيون جائعون ويائسون، وأحيانًا تأخذها عصابات منظمة.
ويتفاقم هذا الواقع القاتم بسبب التدمير المتعمد من قبل إسرائيل للبنى التحتية الضرورية للحفاظ على الحياة، أو منع الوصول إليها، بما في ذلك بعض الأراضي الزراعية الأكثر خصوبة في غزة ومصادر إنتاج الغذاء، مثل الدفيئات ومزارع الدواجن.
وسُمح لأول مرة لبرنامج الأغذية العالمي والمنظمات المحلية بتوزيع الدقيق في مدينة غزة في 26 يونيو 2025. إن التوزيع السلس نسبيًا الذي حدث مع انتظار الآلاف لدورهم دون الإبلاغ عن وقوع إصابات هو لائحة اتهام دامغة لخطة توزيع المساعدات التي تستخدمها إسرائيل كسلاح بإدارة مؤسسة غزة الإنسانية.
وتشير جميع الأدلة التي جُمعت، بما فيها الشهادات التي تتلقاها منظمة العفو الدولية من الضحايا والشهود، إلى أن مؤسسة غزة الإنسانية صممت لتهدئة المخاوف الدولية، بينما تشكل أداة أخرى للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.
تحرك فوري
ودعت العفو الدولية المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري، بالضغط على إسرائيل لرفع الحصار الكامل والسماح بوصول المساعدات دون قيد أو شرط، ووقف الإبادة الجماعية بحق سكان غزة.
كما طالبت بتعليق جميع أشكال الدعم العسكري والاقتصادي لإسرائيل، وفرض عقوبات على المتورطين في الانتهاكات الجسيمة، والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم.
واختتمت أنياس كالامار حديثها بالقول: “لم يفشل المجتمع الدولي في وقف هذه الإبادة الجماعية فحسب، بل سمح أيضًا لإسرائيل باختراع طرق جديدة لتدمير حياة الفلسطينيين في غزة وسحق كرامتهم الإنسانية.
يجب على الدول أن تخرج عن صمتها وأن ترقى إلى مستوى التزاماتها القانونية. ويتعين عليها ممارسة كل الضغط اللازم لضمان رفع إسرائيل حصارها المروع فورًا وبدون أي قيد أو شرط ووقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة.
ويجب عليها إنهاء أي شكل من أشكال المساهمة في سلوك إسرائيل غير المشروع وإلا فإنها تخاطر بالتواطؤ في هذه الجرائم الفظيعة. ويتطلب ذلك التعليق الفوري لجميع أشكال الدعم العسكري لإسرائيل، وحظر التجارة والاستثمار اللذين يساهمان في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي.
كما ينبغي للدول أن تعتمد عقوبات موجّهة، من خلال آليات دولية وإقليمية، ضد المسؤولين الإسرائيليين الأكثر ضلوعًا في ارتكاب جرائم دولية، وأن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك عبر تنفيذ مذكرات الاعتقال الصادرة عنها”.