هل فشلت “أم القنابل” في مهمتها؟.. تفاصيل ضربة ترامب لإيران ولماذا لم تدمر فوردو؟

بينما يواصل الرئيس دونالد ترامب الاحتفال بما وصفه بـ”النجاح العسكري الباهر” و”الانتصار الساحق “على إيران لا يزال مصير المنشآت النووية التي تم قصفها أمس غامضًا وسط تباين في التقييمات لآثار الضربة الأمريكية.
وفي هذا الإطار نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر أميركية وإسرائيلية قولها إن الهجوم الأميركي على إيران، الذي فجر اليوم الأحد، لم يؤد إلى تدمير موقع فوردو النووي الحصين كليا، كما ذكرت أن طهران نجحت في نقل اليورانيوم المخصب من هناك قبل الهجوم.
وقال مسؤول أميركي للصحيفة إنه تم إسقاط 12 قنبلة خارقة للتحصينات على منشأة فوردو، لكنها “لم تكن كافية لتدمير الموقع شديد الحصين”، وإن كانت ألحقت به أضرارًا بالغة، حسب وصفه.
نقل اليورانيوم
كما قال مسؤولون إسرائيليون للصحيفة إن “الجيش الإسرائيلي يعتقد أن موقع فوردو لحقت به أضرار جسيمة لكنه لم يدمر كليا”. وأضاف هؤلاء المسؤولون أنه “يبدو أن إيران نقلت معدات، بما في ذلك اليورانيوم المخصب، من منشأة فوردو”.
وكان مصدر إيراني قد قال إنه تم نقل معظم اليورانيوم عالي التخصيب من موقع فوردو إلى مكان غير معلن قبل الهجوم الأميركي. وذكر أيضا أنه تم تقليص عدد العاملين في الموقع إلى الحد الأدنى قبل الهجوم.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن صور أقمار اصطناعية في 19 يونيو الجاري أظهرت نشاطا غير عادي للشاحنات والمركبات في منشأة فوردو قبل يومين من الهجوم الأميركي.
وأضافت الصحيفة أن صور اليوم التالي تظهر تحرك معظم الشاحنات شمال غرب منشأة فوردو وتمركز شاحنات أخرى قرب مدخل الموقع.
وذكرت واشنطن بوست أن صور الأقمار الاصطناعية تظهر 16 شاحنة على طول الطريق المؤدي إلى مجمع عسكري تحت الأرض.
الأسلحة المستخدمة في الضربة
وفقًا لشبكة CNN فقد استهدفت الضربة الأمريكية 3 مواقع نووية هي فوردو، ونطنز، وأصفهان. وتمت باستخدام قاذفات أمريكية من طراز B-2، وشملت ما يُسمى بقنابل GBU-57، وهي قنابل خارقة للتحصينات تزن 30 ألف رطل، وتحتوي على 6 آلاف رطل من المتفجرات.
ويُعتقد أنها القنبلة الوحيدة القادرة على الوصول إلى منشآت مدفونة عميقًا، وتعد الضربة الأمريكية للمنشآت النووية الإيرانية أول حالة معروفة لاستخدام هذه القنبلة في ضربة عسكرية.
ووفقًا لموقع “أكسيوس” فقد شنت الولايات المتحدة هجوما عسكريا مفاجئا على منشآت نووية إيرانية بمشاركة أكثر من 125 طائرة و75 سلاحًا موجها بدقة.
وقد أسفرت العملية، التي أطلق عليها اسم “مطرقة منتصف الليل”، عن أطول مهمة لطائرة “بي-2 سبيريت” منذ عام 2001 وأول استخدام حقيقي للقنابل الخارقة للتحصينات GBU-57.
وفيما يلي بعض الأسلحة المستخدمة في العملية، بحسب وزير الدفاع بيت هيغسيث ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين، اللذين أطلعا الصحفيين عليها صباح الأحد:
– 7 قاذفات شبح من طراز B-2 وعشرات الطائرات المخصصة للتزود بالوقود عملت في انسجام تام لتنفيذ رحلة ذهاب وعودة استغرقت أكثر من 30 ساعة من ميسوري إلى إيران.
– مقاتلات من الجيل الرابع والخامس مهدت الطريق للضربات الجوية. (لم يكشف البنتاغون عن طرازاتها، لكن رسمًا بيانيًا عامًا أظهر ما يشبه طائرات إف-22).
– غواصة واحدة أطلقت أكثر من 20 صاروخ كروز من طراز توماهوك.
– 14 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز GBU-57 ، وهي أقوى القنابل غير النووية في العالم.
وقال هيغسيث للصحفيين “تقييمنا الأولي هو أن كل ذخائرنا الدقيقة ضربت المكان الذي أردناه وحققت التأثير المطلوب”. وأضاف أن ” فوردو كانت الهدف الرئيسي”.
بينما قال كاين إن إيران فوجئت بالهجوم. ولم يكن هناك أي إطلاق نار على الطائرات الحربية الأمريكية أثناء دخولها المنطقة وخروجها منها. وأضاف أن “مقاتلات طهران لم تحلق”، ويبدو أن “أنظمة الصواريخ أرض- جو لم ترنا”.
تفاصيل الضربة الأمريكية
ووفقًا لشبكة CBS news فقد كشف مسؤولون كبار في البنتاغون عن تفاصيل جديدة بشأن الضربة الأميركية للمواقع النووية في إيران، حيث قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كاين إنها كانت “أكبر ضربة عملياتية لطائرة بي-2 في تاريخ الولايات المتحدة” وألحقت “أضرارًا ودمارًا شديدين للغاية” بالأهداف.
وقال الجنرال دان كاين، في إفادة صحفية في البنتاغون صباح الأحد، إن الضربات ضد المواقع النووية الإيرانية “كانت مهمة سرية للغاية ولم يكن سوى عدد قليل جدًا من الناس في واشنطن يعرفون توقيت أو طبيعة هذه الخطة”.
وقال كين إن المهمة شملت سبع قاذفات بي-2 سبيريت انطلقت شرقًا من قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري إلى إيران. وحلقت مجموعة أخرى من قاذفات بي-2 غربًا فوق المحيط الهادئ لتعمل كطُعم – وظهرت تقارير إخبارية يوم السبت تفيد بأن مجموعة من القاذفات كانت متجهة إلى القاعدة الأمريكية في غوام.
وفي هذه الأثناء، تطلبت رحلة القاذفات شرقًا، التي استغرقت 18 ساعة لإسقاط حمولات على إيران، عمليات تزويد بالوقود جوًا متعددة أثناء عبورها المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.
والتقت القاذفات بالطائرات المقاتلة الأمريكية وطائرات الدعم فور وصولها إلى الشرق الأوسط، حيث نفذت “مناورة معقدة ودقيقة التوقيت”، وفقًا لكين.
وتحدث كين أمام خريطة توضح مسار طيران الطائرة، والجدول الزمني للأحداث الرئيسية في العملية قائلًا: “في حوالي الساعة الخامسة مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم السبت، قبيل دخول الطائرة المجال الجوي الإيراني، أطلقت غواصة أمريكية أكثر من 20 صاروخ توماهوك كروز على أهداف في موقع أصفهان.
ومع اقتراب القاذفات من أهدافها، استخدمت الولايات المتحدة “عدة أساليب خداع، بما في ذلك طُعم”، وأخلت الطائرات المقاتلة المجال الجوي أمامها، باحثةً عن طائرات العدو وصواريخ أرض-جو.
وقال كين “نحن لا نعلم حتى الآن ما إذا كان قد تم إطلاق أي طلقات نارية على الحزمة الهجومية الأميركية أثناء وصولها”.
وفي حوالي الساعة 6:40 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، أو 2:10 صباحًا بتوقيت إيران، أسقطت القاذفة الرئيسية B-2 قنبلتين “خارقتين للتحصينات” تُعرفان باسم قنابل GBU-57 الخارقة للذخائر الضخمة، أو MOPs، على موقع فوردو.
وصرح كين بأنه خلال الـ 25 دقيقة التالية، تم إسقاط 14 قنبلة MOPs على أهداف في فوردو ونطنز. وسقطت صواريخ توماهوك في أصفهان بعد إسقاط قنابل على الموقعين الآخرين. وأكد كين أنه لم تُطلق أي طلقات نارية على الطائرات أثناء مغادرتها المجال الجوي الإيراني.
وأضاف: “لم تُحلّق المقاتلات الإيرانية، ويبدو أن أنظمة الصواريخ أرض-جو الإيرانية لم ترَنا. طوال المهمة، لقد حافظنا على عنصر المفاجأة”.
وتابع قائلًا: “شاركت أكثر من 125 طائرة أمريكية في هذه المهمة”، بما في ذلك قاذفات بي-2، وطائرات مقاتلة، وطائرات تزويد بالوقود، وطائرات استطلاع. وأشار كين إلى أنه تم استخدام أكثر من 75 سلاحًا دقيق التوجيه في الهجوم.
وقال كين إن “التقييمات الأولية للأضرار الناجمة عن المعركة تشير إلى أن المواقع الثلاثة تعرضت لأضرار بالغة ودمار شديد”، مشيرا إلى أن التقييم الكامل سيستغرق وقتا.
هل فشلت المهمة؟
وبعد إتمام المهمة الأمريكية تصاعد الحديث بشأن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية وبصفة خاصة منشأة “فوردو” الحصينة التي أسقطت المقاتلات الأمريكية على مداخلها 12 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز “جي بي يو 57”.
وفي هذا الإطار، قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري في تحليل لقناة “الجزيرة” إن منشأة “فوردو” تحتوي على 3 مداخل، معربا عن قناعته باستحالة أن تكون هذه الأنفاق تفضي مباشرة إلى أماكن المفاعل النووي الإيراني.
ووفق تصور الدويري، فإن هذه المداخل تفضي إلى أنفاق قد تكون بعشرات الأمتار تتعمق داخل الجبل -حسب زاوية الميل- ومن ثم يمكن الوصول إلى المنشأة النووية، مما يزيد عمقها إلى أكثر من 90 مترًا وليس 60 مترًا.
وبناء على هذا الوضع، فإن قنبلة “جي بي يو 57” -التي توصف بأنها “أم القنابل”- تؤدي إلى الأنفاق المؤدية إلى المنشأة وهي أنفاق مغلفة بالإسمنت المسلح، مشيرًا إلى أن هذه القنابل تخترق 60 مترًا في الخرسانة المسلحة.
وخلص إلى أن الضربة الأميركية “قد لا تكون فاعلة إلا إذا استخدمت القنابل بالتتالي من خلال الفتحة التي أحدثتها القنبلة الأولى”، مستبعدًا أن يكون هذا ما حدث، وفق رأيه.
وأعرب عن قناعته بأنه ليس من السهولة إزالة الأنقاض بالمنشأة النووية بالسرعة المطلوبة، لكنه شدد على أن الضربة الأميركية كانت “كبيرة”، وشاركت فيها 125 طائرة، مما أدى إلى إلحاق ضرر كبير بالبرنامج النووي الإيراني وتعطيله لسنوات على الأقل.
وجاء تعليق الدويري ردًا على معلومات نسبتها مجلة إيكونوميست البريطانية لخبراء أكدوا فيها أن منشأة فوردو “موقع محصن لا يمكن تدميره إلا بأسلحة نووية أو قوات برية تتولى تفجيره”. وحسب هؤلاء الخبراء، فإن “فوردو” لا يمكن تدميرها بالقنابل الأميركية الخارقة للتحصينات.