ترامب يحذر وول مارت من رفع الأسعار.. وقرارها سيؤثر على باقي تجار التجزئة

هاجم الرئيس دونالد ترامب شركة وول مارت، قائلا إن عملاق البيع بالتجزئة يجب أن تتحمل التكاليف الإضافية الناجمة عن الرسوم الجمركية التي فرضها، وألا تقوم برفع الأسعار على المستهلكين.
ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس” فقد حاول ترامب مرارًا طمأنة الجمهور المتشكك بأن المنتجين الأجانب هم من سيدفعون تكاليف رسومه الجمركية، وأن تجار التجزئة وشركات صناعة السيارات سيتحملون النفقات الإضافية ولن تمتد تأثيراتها إلى المستهلكين الأمريكيين.
إلا أن معظم المحللين الاقتصاديين يشككون بشدة في هذه الادعاءات، ويحذرون من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب ستؤدي إلى تفاقم التضخم.
وكانت شركة وول مارت قد حذرت في بيان لها يوم الخميس من أن أسعار كل شيء، من الموز إلى مقاعد سيارات الأطفال، قد ترتفع نتيجة لتأثرها بالرسوم الجمركية.
هجوم ترامب
وفي منشوره على موقع “تروث سوشيال”، انتقد ترامب شركة التجزئة التي توظف 1.6 مليون شخص في الولايات المتحدة. وقال إن على الشركة، ومقرها بنتونفيل بولاية أركنساس، التضحية بأرباحها من أجل دعم أجندته الاقتصادية التي يقول إنها ستؤدي في النهاية إلى زيادة الوظائف المحلية في قطاع التصنيع.
وقال ترامب في المنشور: “على وول مارت التوقف عن محاولة إلقاء اللوم على الرسوم الجمركية كسبب لرفع الأسعار في جميع فروعها”.
وأضاف: “لقد حققت وول مارت مليارات الدولارات العام الماضي، أكثر بكثير مما كان متوقعًا. يجب على وول مارت والصين أن يتحملوا الرسوم الجمركية، وأن يتوقفوا عن فرض أي تكاليف على عملائهم الكرام. سأراقبكم، وكذلك سيفعل عملاؤكم!!!”
ويعكس منشور الرئيس الجمهوري طبيعة الخيارات الصعبة التي تواجهها العديد من الشركات الأمريكية الكبرى نتيجةً لتداعيات رسومه الجمركية، بدءًا من تراجع المبيعات ووصولًا إلى احتمال رفع الأسعار وإثارة غضبه.
كما حذّر ترامب شركات صناعة السيارات المحلية من رفع أسعارها، رغم أن تحليلات خارجية تُشير إلى أن رسومه الجمركية سترفع تكاليف الإنتاج.
وحتى الآن، أثّرت الرسوم الجمركية سلبًا على مزاج الاقتصاد الأمريكي، الذي كان يتمتع بالمرونة. وانخفضت القراءة الأولية لمسح جامعة ميشيغان لثقة المستهلك يوم الجمعة إلى ثاني أدنى مستوى لها على الإطلاق، حيث ذكر حوالي 75% من المشاركين الرسوم الجمركية “بشكل تلقائي” متوقعين تسارع التضخم.
خطة وول مارت
وفي أبريل الماضي كان دوغ ماكميلون، الرئيس التنفيذي لشركة وول مارت، من بين مسؤولي قطاع التجزئة الذين التقوا بترامب في البيت الأبيض لمناقشة الرسوم الجمركية.
لكن إدارة ترامب مضت قدمًا رغم التحذيرات، وهاجمت شركات أخرى مثل أمازون وآبل التي تعاني من اضطرابات في سلاسل التوريد الخاصة بها.
وقال جون ديفيد ريني المدير المالي لشركة وول مارت إنه يعتقد أن مقاعد السيارات التي يبلغ سعرها 350 دولاراً والمصنوعة في الصين ستكلف قريباً 100 دولار إضافية، وهو ما يمثل زيادة في السعر بنسبة 29%.
وقال لوكالة أسوشيتد برس يوم الخميس بعد أن أعلنت الشركة عن مبيعات قوية في الربع الأول: “نحن مصممون على إبقاء الأسعار منخفضة، ولكن هناك حد لما يمكننا أن نتحمله، أو أي بائع تجزئة في هذا الشأن”.
ووفقًا لموقع “أكسويس” فقد أعلنت شركة وول مارت عن خطتها لرفع الأسعار، مما يفتح الباب أمام زيادات أوسع في أسعار التجزئة.
قالت أكبر شركة تجزئة في العالم – والتي ترتبط علامتها التجارية ارتباطًا وثيقًا بالأسعار المنخفضة والقدرة على تحمل التكاليف – إنه على الرغم من اتفاقية التجارة مع الصين في فقد فات الأوان لتجنب ارتفاع التكاليف بالنسبة للمستهلكين.
وقال دوغ ماكميلون، الرئيس التنفيذي لشركة وول مارت، إنه “نظرًا لضخامة الرسوم الجمركية، حتى بالمستويات المخفضة التي أُعلن عنها هذا الأسبوع، لا يمكننا تحمل كل هذا الضغط”.
فيما قال جون ديفيد ريني، المدير المالي لشركة وول مارت، في مقابلة مع شبكة CNBC يوم الخميس، إن المستهلكين قد يشهدون ارتفاع الأسعار بحلول نهاية شهر مايو أو في يونيو على أقصى تقدير”.
وقال جاستن ماكوليف، محلل الأبحاث في شركة جابيلي فاندز، لوكالة أكسيوس: “إذا كانت وول مارت ترفع الأسعار، فهذا يعني بالتأكيد أن تجار التجزئة الآخرين سوف يرفعون الأسعار أيضًا”.
فيما قال نيل سوندرز المدير الإداري لشركة GlobalData لوكالة أكسيوس إنه “إذا رفعت شركة تُركز على الأسعار المنخفضة مثل وول مارت أسعارها، فهذا يُفسر سبب قيام الآخرين باتباعها. وول مارت صريحة في هذا الشأن، وتشجع تجار التجزئة الآخرين على الحوار المفتوح”.
ترامب والتعريفات الجمركية
وخفّضت الإدارة الأمريكية مؤخرًا تعريفاتها الجمركية على الصين من 145% إلى 30% لمدة 90 يومًا. وفرض ترامب تعريفات جمركية تصل إلى 25% على المكسيك وكندا بسبب الهجرة غير الشرعية والاتجار بالمخدرات، مما أضرّ بالعلاقة مع أكبر شريكين تجاريين لأمريكا.
وفرضت إدارة ترامب تعريفة جمركية أساسية عالمية بنسبة 10% على معظم الدول، حيث وعد ترامب بإبرام اتفاقيات تجارية خلال الأسابيع المقبلة، بعد أن صدم الأسواق المالية في أوائل أبريل بفرض ضرائب استيراد أعلى بناءً على العجز التجاري مع دول أخرى.
ويصر ترامب على عزمه الحفاظ على التعريفات الجمركية كمصدر للإيرادات، وأن اتفاقية إطارية مع المملكة المتحدة ستُبقي إلى حد كبير على معدل التعريفة الجمركية البالغ 10%.
كما فرض ترامب ضرائب على استيراد السيارات والصلب والألمنيوم، ويخطط لتطبيق الشيء نفسه على الأدوية، وغيرها من المنتجات.
وأدت الرسوم الجمركية وتراجع ترامب عن قراره بشأن الرسوم الجمركية إلى حالة من عدم اليقين في الاقتصاد الأمريكي، مما دفع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى إبقاء أسعار الفائدة المرجعية ثابتة حتى تتضح الصورة أكثر. وحذر باول من أن الرسوم الجمركية قد تضر بالنمو وترفع الأسعار.
وكرّر ترامب يوم السبت دعواته لباول لخفض أسعار الفائدة المرجعية. وقد يؤدي ذلك إلى تسارع التضخم، لكن الرئيس أكّد أن الضغوط التضخمية قد اختفت إلى حد كبير من الاقتصاد.