وقع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس دونالد ترامب وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، وذلك خلال الزيارة التاريخية التي يقوم بها ترامب حاليًا للمنطقة العربية، والتي بدأها بزيارة العاصمة السعودية، حيث جرت محادثات مشتركة بين الجانبين بقصر اليمامة بالرياض.
كما شهد الجانبان توقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة، من بينها اتفاقية للتعاون في مجال الطاقة وقعها وزيرا الطاقة في المملكة والولايات المتحدة.
كما وقع الجانبان مذكرة نوايا بين وزارتي الدفاع في البلدين، بشأن تحديث وتطوير قدرات القوات المسلحة السعودية، من خلال القدرات المستقبلية.
وقالت وكالة “بلومبرغ” إن ترامب، سيوقع خلال زيارته على اتفاق يمنح السعودية وصولاً أكبر إلى الرقائق الإلكترونية المتقدمة، التي تقيد الإدارة الأمريكية تصديرها إلى دول أخرى.
وأضافت، أنه بعد الصفقة، يمكن للمملكة شراء هذه الرقائق من شركات مثل “إنفيديا”، لافتة إلى أن الولايات المتحدة بصدد الإعلان عن موافقتها على بيع مئات الآلاف من شرائح الذكاء الاصطناعي إلى شركة سعودية، وأخرى إماراتية.
600 مليار دولار
ووفقًا لبيان صادر عن البيت الأبيض فقد أعلن الرئيس ترامب التزام المملكة العربية السعودية باستثمار 600 مليار دولار أمريكي في الولايات المتحدة، لبناء علاقات اقتصادية متينة تدوم لأجيال قادمة.
وقال البيان إن “الصفقات الأولى بموجب هذا الإعلان تعزز أمننا في مجال الطاقة، وصناعة الدفاع، وريادتنا التكنولوجية، وإمكانية الوصول إلى البنية التحتية العالمية والمعادن الأساسية”.
وأكد البيان أن الصفقات التي تم توقيعها اليوم في الرياض تاريخية وتحويلية لكلا البلدين، وتمثل عصرًا ذهبيًا جديدًا من الشراكة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وقال إن “الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تحتفلان اليوم بهذه الصفقات وغيرها الكثير، نتيجةً للزخم المتزايد خلال الأشهر الأربعة الماضية. وقد تزايدت قيمة الحزمة الإجمالية بسرعة لتتجاوز 600 مليار دولار أمريكي، وهي أكبر مجموعة اتفاقيات تجارية مسجلة بين البلدين.
وفيما ما يلي بعض الصفقات العديدة التي تم إبرامها في المملكة العربية السعودية:
– تخطط شركة DataVolt السعودية للاستثمار بمبلغ 20 مليار دولار في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة.
– تتعهد شركات جوجل، وداتا فولت، وأوراكل، وسيلزفورس، وأيه إم دي، وأوبر باستثمار 80 مليار دولار في التقنيات التحويلية المتطورة في كلا البلدين.
– تقوم شركات أميركية رائدة، بما في ذلك هيل إنترناشيونال، وجاكوبس، وبارسونز، وإيكوم، ببناء مشاريع البنية التحتية الرئيسية مثل مطار الملك سلمان الدولي، وحديقة الملك سلمان، وذا فولت، ومدينة القدية، وغيرها الكثير، بإجمالي صادرات خدمات أميركية بقيمة 2 مليار دولار.
– تشمل الصادرات الرئيسية الإضافية توربينات الغاز وحلول الطاقة من شركة GE Vernova بقيمة إجمالية 14.2 مليار دولار، وطائرات الركاب من طراز Boeing 737-8 لشركة AviLease بقيمة إجمالية 4.8 مليار دولار.
– وفي قطاع الرعاية الصحية، ستستثمر شركة Shamekh IV Solutions, LLC مبلغ 5.8 مليار دولار، بما في ذلك إنشاء مصنع في ميشيغان لإطلاق منشأة سوائل وريدية عالية السعة.
– وتشمل الشراكات الاستثمارية العديد من الصناديق الخاصة بالقطاعات مع التركيز القوي على الاستثمار في الولايات المتحدة – مثل صندوق الاستثمار في الطاقة بقيمة 5 مليارات دولار، وصندوق تكنولوجيا الفضاء والدفاع الجديد بقيمة 5 مليارات دولار، وصندوق إنفيلد سبورتس العالمي للرياضة بقيمة 4 مليارات دولار – كل منها يوجه رأس مال كبير إلى الصناعات الأمريكية، مما يدفع الابتكار، ويخلق وظائف عالية الجودة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ
وقال البيان إنه تم التوقيع على أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ – بما يقرب من 142 مليار دولار، لتزويد المملكة العربية السعودية بمعدات وخدمات حربية متطورة من أكثر من 12 شركة دفاعية أمريكية.
وتنقسم المبيعات إلى خمس فئات: (1) تطوير القوات الجوية والقدرات الفضائية، (2) الدفاع الجوي والصاروخي، (3) الأمن البحري والساحلي، (4) أمن الحدود وتحديث القوات البرية، و(5) ترقيات أنظمة المعلومات والاتصالات.
وتتضمن الحزمة أيضًا تدريبًا ودعمًا مكثفًا لبناء قدرات القوات المسلحة السعودية، بما في ذلك تعزيز الأكاديميات الخدمية السعودية والخدمات الطبية العسكرية.
وتمثل هذه الصفقة استثمارًا كبيرًا في الدفاع والأمن الإقليمي للمملكة العربية السعودية، ويعتمد على الأنظمة والتدريب الأمريكي.
وتظل السعودية أكبر شريك للولايات المتحدة في المبيعات العسكرية الأجنبية، حيث تبلغ قيمة الحالات النشطة أكثر من 129 مليار دولار.
وأصبحت العلاقات الدفاعية مع المملكة العربية السعودية أقوى من أي وقت مضى تحت قيادة الرئيس ترامب، والحزمة التي تم توقيعها اليوم هي أكبر صفقة تعاون دفاعي في تاريخ الولايات المتحدة، هي دليل واضح على التزامنا بتعزيز شراكتنا.
وتفتح الاتفاقية الباب أمام توسيع مشاركة صناعة الدفاع الأميركية وإقامة شراكات مستدامة طويلة الأمد مع الكيانات السعودية.
اتفاقيات أخرى
وتتقاسم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية التزامًا بتحقيق تكامل اقتصادي أعمق، وهو ما يؤكد تعهد المملكة بتوسيع التعاون في القطاعات الحيوية مثل الصحة والطاقة والعلوم.
وفي هذا الإطار أبرمت وزارة الطاقة الأمريكية ووزارة الطاقة السعودية اتفاقية تعاون في مجال الطاقة. وتستند هذه الاتفاقية إلى علاقاتهما القوية القائمة، وستركز على التعاون في دراسة إمكانات الابتكار والتطوير والتمويل ونشر البنية التحتية للطاقة.
كما وقّعت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية ووزارة الطاقة الأمريكية مذكرة تعاون في مجال التعدين والموارد المعدنية. وتساهم هذه الاتفاقية في التنمية الاقتصادية وتنويع مصادر سلاسل توريد المعادن الحيوية وتعزيز مرونتها.
فيما وقّعت ناسا ووكالة الفضاء السعودية اتفاقيةً لإطلاق قمر صناعي مكعب (CubeSat) ضمن رحلة ناسا التجريبية أرتميس 2. وسيقيس القمر الصناعي السعودي (CubeSat) جوانب الطقس الفضائي على مسافات مُختلفة من الأرض، وسيُطلق في مدار أرضي مرتفع من مُحوّل مركبة فضائية مُثبّت على صاروخ نظام الإطلاق الفضائي، وذلك بعد أن تُحلّق مركبة أوريون الفضائية بأمان بمفردها مع طاقمها المُكوّن من أربعة رواد فضاء.
واتفقت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مؤخرًا على تحديث اتفاقية النقل الجوي للسماح لشركات الطيران الأمريكية بنقل البضائع بين المملكة العربية السعودية ودول أخرى دون الحاجة إلى التوقف في الولايات المتحدة، وهو حقٌّ مهم لعمليات مراكز الشحن. وستتمتع شركات الطيران السعودية بالحقوق نفسها لخدمة الولايات المتحدة.
كما أكدت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية التزامهما بتعزيز الشراكات الثقافية والتعليمية والعلمية من خلال توقيع اتفاقيات بين المتحف الوطني للفنون الآسيوية التابع لمؤسسة سميثسونيان والهيئة الملكية لمحافظة العلا بشأن البحوث التعاونية ومعرض يركز على القطع الأثرية من دادان القديمة في العلا، وبين حديقة حيوان سميثسونيان الوطنية والهيئة الملكية لمحافظة العلا لدعم الحفاظ على النمر العربي المهدد بالانقراض من خلال إنشاء معرض مخصص في واشنطن العاصمة.
فرص جديدة وتحالفات أعمق
ووفقًا للبيان فإن الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أصبحت أكثر قوة على مدى العقود الثمانية الماضية منذ الاجتماع بين الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس فرانكلين د. روزفلت على متن السفينة يو إس إس كوينسي، والتي تم الاحتفال بالذكرى الثمانين لها في وقت سابق من هذا العام.
وتعد المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وبلغ إجمالي الاستثمار السعودي المباشر في الولايات المتحدة 9.5 مليار دولار في عام 2023، وركز على قطاعات النقل والعقارات والسيارات.
وفي عام 2024، بلغ إجمالي التجارة السلعية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية 25.9 مليار دولار، مع صادرات أمريكية بقيمة 13.2 مليار دولار، وواردات بقيمة 12.7 مليار دولار، وفائض تجاري في السلع بقيمة 443 مليون دولار.
وتعكس الشراكة المتنامية بين الولايات المتحدة والسعودية رؤية مشتركة لتحقيق الرخاء على المدى الطويل وفرص العمل في كلا البلدين.
ويأتي الاستثمار السعودي في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار امتدادًا لسجل الرئيس ترامب في عام 2017 في تأمين مليارات الدولارات من الصفقات والاتفاقيات التجارية مع المملكة العربية السعودية في قطاعات الدفاع والطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية.