قراءة أكثر إنصافًا لتجربة فضل شاكر.. نجاح كبير لمسلسل “يا غايب”

مع عرض حلقته الأخيرة أسدل الستار على مسلسل” يا غايب” الوثائقي الذي يروي قصة حياة الفنان فضل شاكر في 9 حلقات تم عرضها على منصة “شاهد” وتضمن تفاصيل مؤلمة من طفولته ورحلته الفنية.

وخلال الحلقات الأولى من المسلسل ظهر فضل شاكر بنفسه – للمرة الأولى على الشاشة منذ سنوات-ليروي بنفسه بعض التفاصيل الشخصية عن طفولته والمراحل الأولى من حياته.

معاناة منذ الطفولة

ووفقًا لمجلة “لها” فقد تحدث شاكر خلال المسلسل عن معاناته في طفولته ودخوله دار رعاية الأيتام بسنّ السابعة بسبب الفقر، رغم وجوده بين إخوته، ما سبب له ألماً نفسياً عميقاً لا يزال يرافقه حتى اليوم، مؤكداً أن شعور التخلّي من أقرب الناس كان أقسى عليه من الفقر نفسه، وترك أثراً لا يُنسى في حياته.

وأشار إلى أن بعد خروجه من الميتم بدأ فصلاً جديداً من المغامرات، حيث اكتشف في عمر الـ 15 موهبته بالغناء، فشارك في حفلات وأعراس بسيطة، وبات لديه استقلال مادي بسيط.

كما تحدّث عن قصة حبّه لزوجته “نادية”، التي التقاها في إحدى الحفلات وتزوجها رغم معارضة الجميع بسبب صغر سنّهما ووضعه المادي الصعب، واصفاً إياها بأنها كانت السبب في تغيير مسار حياته الفنية.

وسرد كيف أبعدته الشهرة والفن عن أسرته الصغيرة المؤلفة من زوجته وأبنائه الثلاثة: ألحان، ومحمد، ورنا. وأكد أنه يحرص دائماً على ألا يعيش أولاده نفس المعاناة التي مر بها في طفولته، معبّراً عن امتنانه لعائلته الصغيرة التي صنعت له الاستقرار والنجاح.

خطين دراميين

وكانت مشاركة فضل شاكر المباشرة في المسلسل للحديث عن نفسه خطوة غير تقليدية، فقد استعان العمل بثلاثة ممثلين أدوا دوره في مراحل عمرية مختلفة وهم (ريان حمو وعزام الشبعان وعماد عزمي) وذلك ضمن خط درامي وكأنه مسلسل سيرة ذاتية.

وشارك في العمل نخبة من الفنانين، من بينهم ستيفاني عطالله، سميرة الأسير، طلال الجردي ورامي عطالله، الذين أضفوا على المسلسل روحاً درامية وإنسانية أسهمت في إيصال الرسالة المرجوة منه.

ويتألف المسلسل الوثائقي- الدرامي من 9 حلقات، وحملت كل حلقة اسم أغنية من أغاني فضل شاكر، امتدادًا لتسمية المسلسل نفسه باسم واحدة من أشهر أعماله “يا غايب”.

ووفقًا لموقع “المصري اليوم” يسير العمل في خطين دراميين متوازيين، الأول يتناول قصة صحفية تؤدي دورها الممثلة ستيفاني عطالله، تسعى لكشف تفاصيل حياة فضل شاكر، خصوصًا ما يتعلق بأزمته مع القضاء اللبناني على خلفية تورطه بنشاطات سياسية مشبوهة وخارجة عن القانون، والأحكام الصادرة بحقه والأخرى المرتقبة. وفي إطار بحثها تلجأ إلى لقاء أفراد عائلته – زوجته وأبنائه – لمعرفة المزيد عن حياته.

أما الخط الثاني، فيأخذ شكل فلاش باك يستعرض بمشاهد تمثيلية مراحل طفولة فضل شاكر، وظروفه الصعبة وبداياته في الغناء ضمن الأفراح الصغيرة.

ويستمر هذا الخط حتى لقائه بزوجته نادية، والصعوبات التي واجهاها معًا ليتزوجا، بالإضافة إلى أزماته مع أول شركة إنتاج تعامل معها، والعقد المجحف الذي لم يكن على دراية بتفاصيله.

ويصل الخط إلى انطلاقة فضل الفنية الكبرى بأغنية “يا غايب” ذات اللحن اليوناني والكلمات التي كتبها الشاعر تركي السديري، والتي شكلت نقطة تحول في مسيرته.

وتخللت الحلقات مقاطع متنوعة من حفلات فضل شاكر، ظهر فيها وهو يؤدي أشهر أغنياته على مختلف المسارح، سواء ضمن سياق الأحداث أو كمقاطع موسيقية تُذكر الجمهور بشعبيته الكبيرة في تلك الفترة.

جدل واسع

منذ بداية عرضه أثار مسلسل “يا غايب” الكثير من الجدل، واستمرت ردود الأفعال حوله على منصات التواصل الاجتماعية مع استمرار عرض الحلقات وحتى الحلقة الأخيرة، حيث عبر عدد من المتابعين عن تأثرهم بالعمل، بينما ظلت شريحة كبيرة معارضة لفكرته من الأساس.

لكن بصفة عامة كانت هناك حالة عامة من الترقب لما سيكشف عنه المسلسل، وتابعه كثيرون ليجدوا من خلاله إجابات عن الأسئلة التي حيرتهم لقرابة عقد من الزمن، حول تحولات فضل شاكر الفكرية، وخيار اعتزاله ثم عودته إلى الغناء.

ووفقًا لمنشور على صفحة Radio Life Rose FM فإن اختيار عنوان المسلسل “يا غايب” له عدة دلالات أهمها، أنها عنوان الأغنية الأشهر للنجم اللبناني، والتي من خلالها عرفه الجمهور، واليوم يعود لجمهوره بنفس الأغنية التي كانت تميمة الحظ وهذه المرة في وثائقي غلبَ عليه الطابع الإنساني.

ففي المرة الأولى تعرّف الجمهور على الفنان وفي المرة الثانية تعرّف الجمهور على المتهم البريء أو “المظلوم”، لا الفنان الرومانسي.

وفي بداية الوثائقي، يطرح فضل شاكر، سؤالاً مثيرًا لم يُطرح من قبل، قائلاً: “أنا من مين متهم؟” من الإعلام أو من الفنانين ولا من مين؟”.

وهذا السؤال هو أحد أساسيات الوثائقي، الذي سيُجيب عنها. والتي تبدأ مع مشاهد تمثيلية عن صحفية تبحث وتعمل على إعادة فتح ملف فضل شاكر، لكونه لم يعد اسمه على المواقع الفنية فقط بل على القنوات الإخبارية وساحات القضاء.

وبنبرة مؤثرة يتحدث فضل شاكر، عن الصداقات في عالم الفن، من وجهة نظره الخاصة بتجربته، قائلًا: “مفهوم الصديق بالنسبة إلِيِ وهم، لأنُّو الصديق فِعل، إنُّو الصديق بيبقى في وجعك وبيكون بفرحك الصديق، بضيقتك موجود.. بالنسبة إِلِي الصديق وهم لأني ما شفت صديق”.

وأوضح أنه كان يغني في حفلات كثيرة وتربطه علاقات مع سياسيين وغيرهم، وكلهم انقلبوا عليه واتهموه وشوهوا صورته، في القضاء وفي ساحات المحاكم.

الحلقة الأخيرة

وجاءت الحلقة الأخيرة من المسلسل محملة بكم كبير من المشاعر، لتثير موجة تفاعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في مختلف الدول العربية، وعلق عليها كثيرون بكلمات مؤثرة ومواقف تعبّر عن محبة عميقة لهذا الفنان الذي لا يزال يستقطب المشاعر.

وحملت التعليقات موجة من الدعم والتعاطف، وأعادت التأكيد على أن فضل شاكر لا يزال يحتل موقعاً خاصاً في قلوب محبيه، رغم كل الجدل الذي لاحق اسمه لسنوات.

ووفقًا لموقع aboutmsr فقد عكست العديد من التعليقات نظرة جزء من الجمهور لفضل شاكر بوصفه رمزاً يتجاوز كونه فناناً متميزاً، ليصبح صوتاً للمظلومين، ووجهاً للمقاومة ضد التشويه الإعلامي، وعبرت عن تعلق الجمهور بصورة فضل كما يعرفونها: فنان مرهف، وإنسان نقي لم تغِب عنه المبادئ.

 وأكد نقاد أن مسلسل” يا غايب” أعاد تشكيل صورة فضل شاكر في أذهان جمهوره، وفتح الباب أمام قراءة أكثر إنصافاً لتجربته الشخصية والفنية.

وأشاروا إلى أن المسلسل استطاع أن يعيد ترتيب المشهد حول فضل شاكر، مقدماً رواية إنسانية تلامس الأعماق، لا سيما في حلقته الأخيرة التي بدت أشبه برسالة وداع، محمّلة بالصدق والألم.

ومن خلال شهادات قريبة ومقاطع نادرة، رسم العمل صورة لفنان عاش صعود النجومية، وسقط في متاهات الواقع السياسي، ثم حاول العودة من زاوية الصدق الشخصي.

تعليق فضل شاكر

وكان فضل شاكر قد أعرب عن شكره لكل من تابع المسلسل، وذلك عبر حسابه على منصة التواصل الاجتماعي “إكس”، إذ قال: “مجدداً، شكراً من القلب لكل من تابع ويتابع مسلسل ” يا غايب”، ولكل المتعاطفين مع قضيتي إن كان برسالة أو تعليق أو فيديو”.

كما نوّه الفنان اللبناني لبعض الأمور التي تتعلق به، وقال: “أما بالنسبة للمحللين، ومدّعي المعرفة والإلمام بقضيتي، وبعض الإعلام المأجور، فإنه لا بد من التنويه إلى أنهم يقومون بتناقل تحليلات ومعلومات مغلوطة ومشوهة، ولا تتطابق، بأي شكل من الأشكال، مع الحقيقة والواقع، لا من قريب ولا من بعيد”.

ودعا شاكر إلى تحرّي الدقة في نقل المعلومات وتداولها عبر قنوات حددها في منشوره، بالقول: “إلى حين اتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم، وحرصاً مني على عدم الاستمرار في تضليل الرأي العام حيال قضيتي، وتداول معلومات ليس لها أي أساس من الصحة، نرجو أن تتم مراجعتي شخصياً أو ابني محمد أو الممثل القانوني الموكل بالدفاع عني بأي أمر يتعلق بملفاتي أو بشخصي أو عائلتي، مع محبتي”.

تفاعل باميلا الكيك

ووفقً لصحيفة “النهار” تفاعلت الممثلة اللبنانية باميلا الكيك مع الحلقة الأخيرة من مسلسل “يا غايب”، وشاركت جمهورها مقطع فيديو ظهرت فيه وهي تتابع الحلقة الأخيرة من المسلسل، والتي خصصت لسرد الحقائق من خلال مقابلات مع محامين، إعلاميين، وأشخاص مؤيدين ومعارضين لفضل شاكر.

وخلال مداخلة أماتا مبارك، وكيلة الدفاع عن فضل شاكر، والتي قالت إنهم لا يسعون إلى “تبييض صفحته” من خلال الوثائقي، ردّت الكيك من خلف الشاشة قائلة: “صحيح، هي بالأصل بيضاء”، مضيفة: “الله كبير”.

وأرفقت الكيك الفيديو، الذي شاركته عبر خاصية القصص المصورة في إنستغرام، برمز لتاج ملكي. من جهته، أعاد شاكر مشاركة مقطع الفيديو عبر حسابه الرسمي في إنستغرام أيضاً، مرفقاً بتعليق: “الغالية على قلبي”.

وفي مقابلة سابقة مع الإعلامي محمد قيس في بودكاست “عندي سؤال”، عبر قناة ومنصة “المشهد”، عبّرت الكيك عن دعمها لشاكر، مشيرة إلى أنها لا توافق على ما فعله في السابق، وهو نفسه اعترف بخطئه، معتبرة ما جرى “تجربة ومضت”.

وأضافت إن بعض الفنانين الموجودين على الساحة يدركون أن عودة فضل شاكر ستؤثر على حضورهم، ولهذا السبب يحاربونه.

وأكدت أن فضل شاكر يحتل مكانة خاصة في قلبها، وأن ما مرّ به “أحرق قلبها”، لافتة إلى أن هناك أصواتاً لا ينبغي حرمان الجمهور منها، مثل صوت فضل شاكر، “لأنه لا يوجد منه اثنان”.

تعاطف مع القضية

وبعد النجاح اللافت الذي حققه مسلسل “يا غايب” تحدث الفنان طلال الجردي، الذي جسد شخصية والد فضل شاكر في المسلسل، عن كواليس وتفاصيل العمل.

وعبّر طلال الجردي عن تعاطفه مع قضية فضل شاكر، مؤكدًا في حديثه لموقع “فوشيا” أنه وافق على المشاركة في العمل بعد التأكد من براءة الفنان من تهمة الاشتباك مع الجيش اللبناني، مشددًا على أنه لا يتدخل في الشؤون السياسية.

وقال الجردي: فضل شاكر أدلى بالمعلومات التي بحوزته، وحثّ الأشخاص الذين يملكون أي أدلة، غير سياسية، تدينه على التقدم بها إلى المراجع المختصة لمحاكمته.

وتوقف عند تأثره بتجسيد شخصية والد فضل شاكر، وعلق: من الصعب على الأهل إدخال ولدهم إلى دار الأيتام بسبب ظروفهم الاقتصادية.

وكشف عن تواصله هاتفياً مع فضل شاكر لاستيضاح بعض التفاصيل عن علاقته بوالده، مضيفًا: حكينا حوالي 15 دقيقة. فضل شاكر شرح الموضوع بالتفصيل الممل.

قريب من الحقيقة

من جهتها، أعربت مخرجة العمل فاطمة رشا شحادة عن سعادتها بالأصداء الإيجابية التي رافقت عرض المسلسل، مشيرة إلى أن الفريق بذل جهدًا كبيرًا لتقديم وقائع دقيقة دون إطلاق أحكام سابقة.

وأكّدت أنه جرى تنفيذ العمل بمساعدة من ابنه الفنان محمد فضل شاكر، وقالت: النص قريب من الحقيقة. الكُتّاب أخذوا التفاصيل من أفراد العائلة وأجروا بحثاً مطولاً عن الموضوع، الذي استغرق حوالي عامين لكتابته.

وقالت إن فضل شاكر كان على اطلاع بكافة تفاصيل العمل، وأنه لم يطلب حذف أي مشهد من مشاهد العمل، وعلّقت: تضمن المسلسل مشاهد لا تتعلق به، كمشهد الفنانة ستيفاني عطالله إلى جانب أم الشهيد.

سعادة وخوف

من جانبه قال الفنان الأردني عماد عزمي، الذي جسد شخصية فضل شاكر، في مقابلة مع موقع “فوشيا“، إنه شعر بسعادة بالغة عندما عُرض عليه العمل، لكنه في الوقت ذاته شعر ببعض الخوف لما يحمله الدور من مسؤولية كبيرة، خاصة أن الشخصية حقيقية ومعروفة جداً في العالم العربي.

وأشار عزمي إلى أن تصوير المسلسل تم في تركيا، بعد محاولات لم تُكلّل بالنجاح للتصوير في لبنان، حيث تم اختيار تركيا تحديداً بسبب التشابه البصري الكبير بينها وبين بيروت، مما ساعد في خلق الأجواء الواقعية للعمل.

وعن أكثر المشاهد قرباً إلى قلبه، قال عزمي: في مشهد سيريالي بكون بين فضل شاكر سنة 2013 ووالدته… هذا المشهد لمسني بشكل شخصي.

وكشف عماد أن التحدي الأكبر في هذا العمل لم يكن الأداء أو التصوير، بل كان لقاءه الشخصي مع فضل شاكر، حيث أصر على لقائه رغم الصعوبات، موضحاً: كانت صعبة شوي، بس أنا كنت كثير مصر، عشان ما آخد الشخصية من المقابلات. ما قدرت أحس فيه غير بس قعدت معه.

وأوضح عزمي أن فضل شاكر منحه كامل الحرية في تجسيد الشخصية، ولم يتدخل إلا في تفصيلة واحدة تتعلق بطريقة حمله لفنجان القهوة، مضيفاً: غير هيك كنا نحكي أحاسيس ومشاعر… فضل كان داعم جداً.

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت 9 حلقات كافية لسرد قصة فضل شاكر كاملة، أجاب عزمي بصراحة: لا، في كتير قصص سمعتها وما كانت موجودة، ممكن توصل لعشرين حلقة، وما بعرف إذا بتعطي الأستاذ فضل شاكر حقه الكامل.

كما أشار عزمي إلى أن الطفولة الصعبة التي عاشها فضل شاكر ربما كانت سبباً في الحساسية الزائدة التي ميزته كفنان، مؤكداً: بعتقد آه، بس كبر قدر يترجم أحاسيسه.

واختتم عزمي حديثه بالإشارة إلى أن فضل شاكر شاهد العمل، وأعرب له عن سعادته الكبيرة بما شاهده، في رد فعل حمل الكثير من الرضا.

تعليق
Exit mobile version