أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
حلقة خاصة من برنامج “صحتك في رمضان” مع الدكتورة هند أزهري، المتخصصة في طب الأسرة، والأستاذ في كلية الطب بجامعة ولاية ميشيغان “Michigan State University”.
تناولت الحلقة نصائح طبية مهمة حول الصيام والصحة، وتأثير الصيام على الجسم، وكيفية تجنب المشكلات الصحية الشائعة خلال الشهر الفضيل.
فوائد وإيجابيات
* د. هند؛ نبدأ حديثنا عن الصيام بتأثيره الإيجابي على الصحة؛ هل حقًا للصيام منافع عديدة على الصحة؟
** بلا شك هناك العديد من المنافع والفوائد للصيام، هذه الفوائد تعود على الصحة الجسدية والسيطرة على الأمراض المزمنة، والصحة النفسية والعقلية، وقد وجدت الدراسات الحديثة أن الصيام مفيد لمواجهة بعض الأمراض مثل السمنة والبدانة.
* يعتبر شهر رمضان الكريم فترة مخصصة للانضباط والتضحية والتعاطف مع من هم أقل حظًا، ولكن ما نشهده على مدار السنوات الأخيرة هو ما يخالف هذه القيم، إذ بتنا نرى موائد عامرة وإفراط في تناول الطعام عند الإفطار والسحور، فكيف تنظرين إلى هذه الأمر اليوم؟
** منذ عدة سنوات سمعت جملة للدكتور عمر عبد الكافي في أحد برامجه؛ حيث قال: “إذا انتهى شهر رمضان وقد زاد وزنك، فعليك أن تعيد التفكير في طريقة صيامك”، وأنا أضيف أن الصيام لا يقتصر على نزول الوزن، بل يصل إلى الانضباط والحد من الشهوات والالتزام بما فرضه الله خلال هذه العبادة، لذلك على الإنسان أن يتحضر للصيام قبل رمضان بفترة كافية، بحيث يكون متهيئًا من الناحية الجسدية والنفسية والعقلية.
وجبة متوازنة
* هناك مقولة تربينا عليها منذ صغرنا وهي “المعدة بيت الداء والحمية أصل الدواء”، فما هي الوجبة الصحية المتوازنة في رمضان؟
** يجب أولًا الإفطار على التمر، إتباعًا للسنة النبوية أولًا، وثانيًا لأن التمر يحتوي على مقدار طبيعي من السكر ولا يرفع السكر بالجسم بشكل عالٍ، ولكنه يعيد توازن السكر بالدم، كما أنه يحتوي على الكثير من الفيتامينات والعناصر المعدنية المهمة التي تكون قد نقصت خلال فترة الصيام الطويلة.
يأتي بعد ذلك شرب الماء وليس العصائر، والماء مهم جدًا لإعادة توازن السوائل في الجسم، ويجب الانتباه إلى عدم تناول الطعام بكميات كبيرة حتى لا تحدث حالة من التخمة للمعدة والجهاز الهضمي، لو اقترحنا وجبة صحية بسيطة فيمكن أن تحتوي على البروتين المتمثل في قطعة من اللحم أو الدجاج مع مقدار من الشورية الدافئة، إلى جانب الخضروات والسلطة الخضراء.
والأفضل كما ينصح العديد من الأطباء أن يتم تناول التمر والماء، ثم أخذ فاصل زمني للصلاة وبعض الراحة، ثم البدء في تناول الوجبة الصحية الأساسية، وهذا الفاصل يعطي بعض الراحة للمعدة وللجسم ككل حتى يستعيد نشاطه.
نصائح هامة
* لو تحدثنا الآن عن التأثير النفسي والعصبي للصيام، كيف يمكن أن يؤثر الصيام على الصحة النفسية والتركيز لدى الشخص؟، وهل القلق والعصبية الزائدة من الأمور المبررة لدى البعض خلال رمضان؟
** هي مبررة لأسباب عديدة لا علاقة لها بالصيام بشكل سليم أو طبي، بل هي مجرد تأثير جانبي لبعض العادات الخاطئة التي نمارسها خارج رمضان، مثل: التدخين واستعمال الكافيين بشكل كبير، وكذلك نمط النوم غير الصحي، لذلك نجد بعض الأشخاص خلال رمضان لديهم قلق وانفعال بشكل زائد، ومن هنا يأتي الصيام بواحدة من أهم القيم التي يعلمنا إياها، وهي قيمة الانضباط والصبر والتحكم في النفس.
* إذن ما هي الطرق الفعّالة للتعامل مع القلق الزائد والانفعال والعصبية خلال الصيام؟
** من الضروري أن يتجهز الشخص للصيام من قبل بداية الشهر الكريم، لا أقصد التجهز بأنواع الطعام وملء الثلاجات بالأطعمة، بل أن نتجهز بأن نقلل مثلًا من كميات الكافيين التي نتناولها، ومن خلال التخفيف التدريجي لكميات الشاي والقهوة حتى لا يعاني الشخص من انسحاب الكافيين المفاجئ من الجسم.
لذا يجب أن نجهز أنفسنا خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر شعبان بأن نضبط مواعيد النوم عبر استراتيجية قائمة على تنظيم الوقت والتخلي عن إضاعة الوقت أمام التلفاز والسوشيال ميديا، وأن نرتب أوقات الرياضة بشكل يتناسب مع الصيام، وأن نقلل من تناول الكافيين.
الرياضة والوجبات السريعة
* ما هو أنسب وقت برأيك لممارسة الرياضة خلال شهر رمضان؟
** كل إنسان يجب أن يكون هو ميزان نفسه في تحديد الوقت المناسب لممارسة الرياضة، وبالنسبة لي فإنني أمارس الرياضة قبل المغرب إذا كان لدي وقت كاف أخرج لممارسة المشي، فأجد أن تركيزي ونشاطي قد صار أفضل، وهناك من يفضل ممارسة الرياضة بعد الإفطار، المهم ألا نمتنع عن الرياضة خلال الشهر الكريم.
* وما رأيك في تناول الوجبات السريعة؟
** الوجبات السريعة لا يُنصح بتناولها سواء خلال رمضان أو خارج شهر رمضان، ولكنها للأسف صارت موضة لدى البعض، وضرورة لدى البعض الآخر بسبب طبيعة عملهم وعدم توافر الوقت للطبخ، وللأسف الوجبات السريعة تحتوي على كميات هائلة من الدهون وحافظات الطعام والملح، وهي تؤثر سلبًا على الجسم.
نصائح لهذه الفئات
* هل من نصائح لمن هم يعانون من أمراض مزمنة ولكنهم يرغبون في إتمام الصيام ونيل الأجر والثواب؟، وأيضا لو هناك نصائح للمرأة الحامل والمرضع؟
** يتوقف الأمر هنا على نوع المرض المزمن، سواء كان سكري أو ضغط أو أمراض الجهاز التنفسي أو الاكتئاب أو السمنة أو غيرها، لكن بشكل عام فإن أول النصائح هي ضرورة الاستعداد لشهر رمضان قبل بدء الصوم بفترة كافية، وأهم سبل الاستعداد هي مراجعة الطبيب المعالج واستشارته بشأن الصوم وتأثيره على الصحة في ظل وجود مرض مزمن.
بالنسبة للمرأة الحامل والمرضع؛ فقد أعطى الله سبحانه وتعالى بعض الإجازات لمن لا تستطيع الصوم، والامر كذلك بالنسبة لكبار السن ولأصحاب الأمراض غير القادرين على الصوم والذين قد لا يتمكنون من الوفاء بصيام تلك الأيام مستقبلًا.
* بعض الأهل يفضلون أن يصوم أطفالهم الصغار حتى من هم في مرحلة ما قبل البلوغ والتكليف، فهل لدى أطفالنا في مرحلة قبل البلوغ القدرة على الصيام؟
** بدايةً لا يجب إجبار الأطفال الصغار غير المكلفين على الصيام، ولكن يمكن تشجيعهم بما لا يضر بصحتهم، ووفقًا لقدرتهم الجسمانية على الصيام، وبما لا يؤثر سلبًا على نومهم أو ساعات الدراسة، ويمكن تشجيعهم على الصيام لعدة ساعات معينة دون إكمال اليوم بالكامل إذا كان ذلك سيؤثر سلبًا على صحتهم.
* في الختام، لو طلبنا نصيحة أخيرة لمسمعينا الكرام خلال شهر رمضان لإعانتهم على الصيام؟
** التزموا بوجبات إفطار صحية وخفيفة، وابتعدوا عن الأكل غير الصحي وصعب الهضم، استفيدوا من وقتكم بشكل صحي وسليم، خذوا قسطًا كافيًا من النوم والراحة، ولا تنسوا وجبة السحور الصحية وأخذ الأدوية الخاصة بكم، ابتعدوا قدر الإمكان عن الكافيين؛ القهوة والشاي، وأكثروا من الماء والسوائل.
مارسوا الرياضة بشكل خفيف، وابتعدوا عن الأمور التي قد تسبب الغضب أو القلق، خذوا الأمور دائما ببساطة، وركزا على راحة صحتكم البدنية والنفسية والعقلية.