شركات كبرى تحذر ترامب من خطر رسومه الجمركية بعد اتجاه المستهلكين لخفض الإنفاق

حذرت شركات أمريكية كبرى من أن حالة عدم اليقين الناجمة عن تهديدات الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية، وسياساته التجارية المتغيرة، بدأت في إحداث تأثير مخيف في العديد من الصناعات وجاونب الاقتصاد، حيث بدأ المستهلكون يتراجعون عن كل شيء بدءاً من السلع الأساسية وحتى السفر.
ووفقًا لوكالة “رويترز” فقد أدت التحركات المتبادلة التي قام بها ترامب بشأن التعريفات الجمركية ضد شركاء تجاريين رئيسيين إلى إبقاء الشركات والمستهلكين في حالة من عدم اليقين، مما دفع الشركات إلى التحذير من أنها قد تضطر إلى رفع الأسعار، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة التضخم وإضعاف النمو الاقتصادي.
مخاوف متزايدة
ورغم أن ترامب قال إن سياساته قد تسبب ألمًا قصير الأمد، فإن المخاوف بشأن تداعياتها الاقتصادية تزايدت خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد أن رفض التنبؤ بما إذا كانت قراراته الأخيرة ستتسبب في حدوث ركود.
وأمس الاثنين غذت هذه المخاوف موجة بيع واسعة في سوق الأسهم أدت إلى محو ما يقرب من خمسة تريليونات دولار من ذروة مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الشهر الماضي، عندما كانت وول ستريت ترحب بالكثير من قرارات ترامب.
وفي حديثها بعد إغلاق السوق أمس، حذر إد باستيان، الرئيس التنفيذي لشركة دلتا للطيران، من أن المخاوف الاقتصادية بين المستهلكين والشركات تؤثر بالفعل على السفر المحلي.
وأدت التخفيضات التي أجراها الأمريكيون على الإنفاق إلى انخفاض أسهم شركات الطيران يوم الثلاثاء، ومع مرور كل يوم تتزايد الأدلة في جميع أنحاء عالم الشركات على أن التنفيذ الفوضوي للرسوم الجمركية التي فرضها ترامب يترجم إلى الحذر في الإنفاق لدى المستهلكين.
ومن المتوقع أن يتحدث ترامب اليم الثلاثاء مع نحو 100 من الرؤساء التنفيذيين في اجتماع لمجموعة الأعمال المستديرة في واشنطن، وهي مجموعة مؤثرة تضم رؤساء شركات أمريكية كبرى مثل أبل وجي بي مورجان تشيس، ووول مارت، وذلك بعد أن التقى مع مسؤولي شركات التكنولوجيا في البيت الأبيض أمس الاثنين.
أحدث الرسوم الجمركية
ومن المقرر أن تدخل الجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب – وهي عبارة عن رسوم بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم – حيز التنفيذ يوم الأربعاء.
وستطبق الرسوم الجمركية على ملايين الأطنان من واردات الصلب والألمنيوم من كندا والبرازيل والمكسيك وكوريا الجنوبية ودول أخرى كانت تدخل الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية بموجب الاستثناءات.
وتعهد ترامب بتطبيق الرسوم الجمركية “دون استثناءات أو إعفاءات” في خطوة يأمل أن تساعد الصناعات الأميركية المتعثرة.
وقال ترامب اليوم الثلاثاء إنه سيضاعف التعريفات الجمركية المقررة على جميع واردات الصلب والألمنيوم من كندا، ليصل الإجمالي إلى 50%، ردًا على فرض مقاطعة أونتاريو رسومًا إضافية بنسبة 25% على الكهرباء التي تصدرها إلى الولايات المتحدة.
وفي منشور على موقع Truth Social، هدد ترامب أيضًا بزيادة الرسوم الجمركية “بشكل كبير” على السيارات القادمة إلى الولايات المتحدة في الثاني من أبريل “إذا لم تقم كندا بإسقاط الرسوم الجمركية الفادحة طويلة الأمد الأخرى”.
تشاؤم المستهلكين
وقبيل هذه التدابير، أظهرت مجموعة من المسوحات الأخيرة للشركات والمستهلكين في الولايات المتحدة تدهوراً في المعنويات، وهو ما قد يعوق الاستثمار والإنفاق الأسري إذا استمرت حالة عدم اليقين بسبب قرارات ترامب ورسومه الجمركية.
وأفاد الاتحاد الوطني للشركات المستقلة – وهي جماعة ضغط في واشنطن دعم أعضاؤها ترامب بقوة في انتخابات 2024 – بأن معنويات الشركات الصغيرة ضعفت للشهر الثالث على التوالي، مما أدى إلى محو التأثير الناجم عن فوز ترامب في الانتخابات.
وقال كبير خبراء الاقتصاد في الاتحاد الوطني للأعمال المصرفية الاستثمارية بيل دونكلبيرج “إن حالة عدم اليقين مرتفعة ومتزايدة في الشارع الأمريكي، ولأسباب عديدة”.
جاء ذلك في أعقاب استطلاع شهري لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك حول توقعات المستهلكين أظهر أن الأسر أصبحت أكثر تشاؤما بشأن آفاقها المالية في العام المقبل، مع ارتفاع نسبة الذين يتوقعون ارتفاعا في البطالة.
ناقوس خطر
واستقبلت الشركات الأمريكية فوز ترامب بتفاؤل، مدعومة بتعهدات منه بتحرير الاقتصاد وخفض الضرائب. ولكن الجمهوريين في الكونغرس لم يتفقوا بعد على خطة تسمح لهم بخفض الضرائب، وبدلا من ذلك يركزون هذا الأسبوع على تجنب إغلاق الحكومة عندما ينتهي التمويل عند منتصف ليل يوم الجمعة.
وتدق الشركات، التي تتأثر بالتحولات في معنويات المستهلكين، ناقوس الخطر بشأن تباطؤ الطلب على السلع المنزلية والصناعية. وقالت شركة هنكل إن سياسات ترامب تضر بالسوق الأميركية بشكل غير متناسب.
وأكد الرئيس التنفيذي للشركة، كارستن نوبل، أن الشركة تشهد حاليا “ترددًا” من حيث الطلب في الولايات المتحدة لكل من القطاعات الاستهلاكية والصناعية. وقال إنه من السابق لأوانه تحديد التأثير المحتمل على أعمال الشركة لأن الوضع لا يزال متقلبًا.
فيما توقعت شركة كولز أرباحًا أقل من تقديرات وول ستريت، في ظل مواجهة سلسلة المتاجر الكبرى في الولايات المتحدة طلبًا غير متكافئ، وهو ما عبر عنه المنافسون الأكبر مثل Macy's و Walmart، وتشير هذه المخاوف إلى ارتفاع مخاطر التضخم في الولايات المتحدة وتزايد المخاوف من الركود.
وقال كريستيان شولتز، نائب كبير خبراء الاقتصاد الأوروبي في سيتي جروب، إن المخاوف المتزايدة بشأن الركود في الولايات المتحدة من شأنها أن تجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للشركات. وأضاف “ستواجه الشركات صعوبة أكبر في الأمد القريب في اتخاذ قرارات الاستثمار على المدى الطويل”.