
يحتفل العالم يوم 8 مارس من كل عام بيوم المرأة العالمي، في مبادرة تهدف إلى تمكين النساء والفتيات في مختلف أنحاء العالم وشتى المجالات.
وأعلنت الأمم المتحدة أن الاحتفال هذا العام سيحمل شعار “الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات”. وأوضحت أنه يُراد من هذا شعار الدعوة إلى “العمل على إجراءات من شأنها أن تفتح الباب أمام المساواة في الحقوق والقوة والفرص للجميع ومستقبل نسوي لا يتخلف فيه أحد عن الركب”.
احتفالات حول العالم
ويحتفل العالم بيوم المرأة بأشكال مختلفة وباهتمام متفاوت بين البلدان، حيث العديد من النساء عبر العالم يجهلن بوجود يومهن العالمي، بينما هذا العيد يعتبر بأهمية عيد الأم وعيد الحب في روسيا على سبيل المثال.
من جهتها تحرص الشركات العالمية على الاحتفال بهذا اليوم لتخاطب زبائنها وعملاءها من النساء ولتظهر صورة حديثة وعصرية. فعلى سبيل المثال تحرص “غوغل” على تغيير “لوغو” محرك البحث الخاص بها في هذا اليوم لتكريم إنجازات النساء في مختلف المجالات ولتسليط الضوء على التحديات التي يواجهنها.
إعلان بكين
ويصادف احتفال هذا العام الاحتفال بالذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بكين، الذي وضع خارطة طريق لتمكين المرأة، وأكد على أن “حقوق المرأة هي حقوق إنسان”. وعلى الرغم من التقدم الكبير في حقوق المرأة منذ اعتماد المنهاج في عام 1995، يشهد العالم أزمات جديدة ومتداخلة وتآكلا للحقوق.
وذكّرت الأمم المتحدة أنه قبل عام 1995، لم يكن هناك سوى 12 دولة لديها عقوبات قانونية ضد العنف المنزلي، بينما اليوم هناك 1583 تدبيراً تشريعياً معمولاً به في 193 دولة، بما في ذلك 354 تدبيراً يستهدف العنف المنزلي على وجه التحديد.
كما أن هناك 112 دولة لديها خطط عمل وطنية بشأن المرأة والسلام والأمن، وهي زيادة كبيرة من 19 دولة فقط في عام 2010.
وعلى الرغم من التقدم الكبير في حقوق المرأة منذ اعتماد منهاج عمل بكين في عام 1995، يشهد العالم أزمات جديدة ومتداخلة وتآكلاً للحقوق.
المساواة أكثر إلحاحًا
وفي كلمتها أمام الاحتفال الذي أقيم في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث، إلى توفير المزيد من الحماية للنساء والمدافعات عن حقوق المرأة.
وشددت على أن “قضية المساواة بين الجنسين باتت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى”، مشيرة إلى أن العقبات التي تعترض السبيل نحو المساواة أصبحت الآن أكثر وضوحا، لكن عزيمة النساء أكثر ثباتا من أي وقت مضى.
وأضافت: “لن نتوقف حتى تصبح المساواة بين الجنسين واقعنا المشترك ومكافأتنا المشتركة”. وأكدت المسؤولة الأممية أن الحلول الحقيقية تتطلب أن تكون المرأة في صميم عملية صنع القرار، “من الحكومات إلى قاعات مجالس الإدارة، ومن الفصول الدراسية إلى المنازل، مساواة المرأة هي الحل الأعظم”.
وذكّرت بأن “الخيارات – سواء كانت خيارات العمل أو التقاعس عن العمل- هي التي تحدد هويتنا”. وأضافت: “حاسمة هي الخيارات التي نتخذها الآن، وهي بصماتنا الدائمة على صفحات التاريخ. يجب أن نختار الحقوق والمساواة والتمكين لجميع النساء والفتيات”.
مكاسب بارزة ولكنها هشة
فيما استهل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حديثه في الاحتفال باقتباس من الكلمات الأولى الواردة في إعلان بكين، قائلا إننا نجتمع اليوم ليس فقط للاحتفال باليوم الدولي للمرأة، بل للمضي قدما – صامدين، متحدين، وثابتين في سعينا لتحقيق “المساواة والتنمية والسلام لجميع النساء في كل مكان لمصلحة الإنسانية”.
وقال إنه “منذ اعتماد إعلان بكين النساء حطمن الحواجز، وكسرن الأسقف الزجاجية، وأعدن تشكيل المجتمعات. المزيد من الفتيات دخلن المدارس. المزيد من النساء شغلن مناصب السلطة. وأشعل النشاط الرقمي حركات عالمية من أجل العدالة”.
ومع ذلك، نبه غوتيريش إلى أن هذه المكاسب التي تحققت بشق الأنفس تظل هشة وبعيدة عن أن تكون كافية، مشيرا إلى أن مجتمعاتنا لا تزال مبتلاة بالأهوال القديمة – العنف والتمييز وعدم المساواة الاقتصادية.
وأضاف: “كل عشر دقائق، تُقتل امرأة على يد شريكها أو أحد أفراد أسرتها. تعيش 612 مليون امرأة وفتاة في ظل الصراعات المسلحة. يشارك أقل من ثلثي النساء في جميع أنحاء العالم في سوق العمل – وأولئك اللائي يفعلن ذلك يكسبن أجورا أقل بكثير من الرجال”. وبهذا المعدل، يحذر الأمين العام من أن القضاء على الفقر المدقع للنساء والفتيات سيستغرق 130 عامًا.
حقوق المرأة تتعرض للهجوم
كما أشار الأمين العام إلى الهجمات على حقوق المرأة التي نشهدها حاليا في كافة أنحاء العالم، منبها إلى أن هذه التهديدات الجديدة تفاقم قرونا من التمييز.
وقال: “الأدوات الرقمية غالبا ما تعمل على إسكات أصوات النساء، وتضخيم التحيز، وتأجيج المضايقات. وأصبحت أجساد النساء ساحات لمعارك سياسية. ويتصاعد العنف عبر الإنترنت إلى عنف في الحياة الواقعية”.
وبدلا من تعميم الحقوق المتساوية، نشهد تعميما للتعصب وكراهية النساء، لكن الأمين العام يقول إنه لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما يتم تبديل مسار التقدم، بل “يجب أن نقاوم”.
نداء كلاريون
وأوضح الأمين العام أن ميثاق المستقبل الذي اعتمدته الدول الأعضاء في سبتمبر الماضي، يذكرنا بأن المساواة هي محرك التقدم لجميع الناس، منبها إلى أن خطة 2030 لا يمكن تحقيقها إلا عندما تتمتع جميع النساء والفتيات بحقوقهن الكاملة. وأضاف: “عندما تزدهر النساء والفتيات، يزدهر الجميع”.
وكجزء من خطة تسريع المساواة بين الجنسين على مستوى منظومة الأمم المتحدة، أعلن الأمين العام التزامه بنداء المساواة بين الجنسي- “نداء كلاريون”.
ووصف الأمين العام هذا النداء بأنه “تعهد جريء وعاجل للدفاع عن حقوق جميع النساء والفتيات والنهوض بها”، مشيرا إلى أن نداء كلاريون يحدد أربع أولويات:
أولا، القيادة الموحدة – يجب على جميع قادة الأمم المتحدة أن يدافعوا عن حقوق المرأة ويناصرونها في كل قرار ومحفل؛
ثانيا، إجراءات للتصدي بنشاط للهجمات التي تتعرض لها حقوق النساء ومنع التراجع عن هذه الحقوق، وخلق مساحات يمكن فيها لحقوق المرأة أن تزدهر؛
ثالثا، العمل عبر القطاعات وعلى جميع المستويات لتفكيك أوجه عدم المساواة المنهجية؛
رابعا، حماية المدافعات عن حقوق الإنسان.
تاريخ الاحتفال
يذكر أن أول احتفال مؤكد بيوم المرأة كان في 28 فبراير 1909 في مدينة نيويورك، وأطلق عليه اسم “اليوم الوطني للمرأة”، ونظمه الحزب الاشتراكي الأميركي بناءً على اقتراح من الناشطة تيريزا مالكيل.
من جهتها بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة في عام 1975 والذي أطلق عليه اسم السنة الدولية للمرأة. في عام 1977 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى إعلان الثامن من مارس عطلة رسمية للأمم المتحدة من أجل حقوق المرأة والسلام العالمي. ومنذ ذلك الحين يُحتفل بهذا اليوم سنوياً من قبل الأمم المتحدة والعديد من دول العالم.