أخبارأخبار أميركا

خيانة لنظام العدالة الدولية.. المحكمة الجنائية الدولية تدين عقوبات ترامب والعالم يرفضها

أدانت المحكمة الجنائية الدولية الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يهدف إلى فرض عقوبات على مسؤوليها، والإضرار بعملها القضائي المستقل والمحايد.

وقالت المحكمة في بيان لها إنها تقف بحزم إلى جانب موظفيها، وتتعهد بمواصلة توفير العدالة والأمل لملايين الضحايا الأبرياء للفظائع في جميع أنحاء العالم، في جميع الحالات التي تواجهها.

ودعت المحكمة الدول الـ 125 الأعضاء في المحكمة والمجتمع المدني وجميع دول العالم إلى الوقوف متحدين من أجل العدالة وحقوق الإنسان الأساسية.

أمر ترامب

وأمس الخميس، وقّع ترامب أمرًا تنفيذيًا لفرض عقوبات على الجنائية الدولية، وأعلن “حالة الطوارئ الوطنية للتعامل مع التهديد الذي تمثله جهود المحكمة”، منتقدًا إصدارها أوامر اعتقال لرئيس الوزارء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت.

واعتبر ترامب أن المحكمة انخرطت في “أعمال غير مشروعة ولا أساس لها” تستهدف الولايات المتحدة وحليفتها الوثيقة إسرائيل، وأضاف أنها “ادّعت -من دون أساس- اختصاصها على أفراد من الولايات المتحدة وبعض حلفائها، بما في ذلك إسرائيل”.

ويتضمن أمر ترامب فرض عقوبات اقتصادية على المحكمة وعقوبات تستهدف الأشخاص الذين يعملون في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بمواطنين أمريكيين أو حلفاء للولايات المتحدة مثل إسرائيل، وتشمل تجميد أي أصول لهؤلاء الأفراد في الولايات المتحدة ومنعهم وعائلاتهم من زيارة الولايات المتحدة.

ترحيب نتنياهو

واحتفى نتنياهو بقرار ترامب، وقال: “شكرًا للرئيس ترامب على الأمر التنفيذي الجريء”، معتبرًا أن القرار “سيدافع عن أمريكا وإسرائيل ضد المحكمة الجنائية الفاسدة المناهضة لأمريكا والمعادية للسامية، ويحمي سيادة أمريكا وإسرائيل وجنودهما الشجعان”.

وزعم أن المحكمة الجنائية الدولية “لا تملك أي سلطة قضائية أو أساس لشن حرب قانونية علينا، وشنت حملة شرسة على إسرائيل كمحاولة تجريبية للتحرك ضد أمريكا”.

ترامب والمحكمة

واتخذت المحكمة إجراءات استباقية لحماية موظفيها من العقوبات الأمريكية التي كانت متوقعة بعد تولي ترامب، إذ دفعت رواتب 3 أشهر مقدمًا، واستعدت لقيود مالية قد تعرقل عملها.

وفي ديسمبر 2023 حذرت رئيسة المحكمة القاضية توموكو أكاني من أن العقوبات الأمريكية قد “تقوض عمليات المحكمة في جميع القضايا وتعرّض وجودها ذاته للخطر”.

وهذه ليست المرة الأولى التي تفرض فيها الولايات المتحدة عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، ففي عام 2020 خلال إدارة ترامب الأولى فرضت واشنطن عقوبات على المدعية العامة آنذاك فاتو بنسودا وأحد كبار مساعديها، وذلك بسبب تحقيقات المحكمة في جرائم حرب ارتكبتها القوات الأمريكية بأفغانستان.

رفض وانتقادات

في المقابل طالبت الأمم المتحدة ترامب بالعدول عن قراره، وقالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، رافينا شامداساني: “نعرب عن أسف شديد إزاء العقوبات الفردية التي أُعلنت في حقّ موظّفي المحكمة وندعو إلى الرجوع عن هذا التدبير”.

فيما أكد رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، أن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية يهدد استقلالها ويقوض نظام العدالة الدولية.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن المحكمة الجنائية الدولية تضمن المساءلة عن الجرائم وتُسمع صوت الضحايا في العالم كله، ويجب أن يكون بمقدورها “مواصلة الكفاح بحرية ضد الإفلات من العقاب”، وأكدت أن أوروبا “ستقف دائمًا إلى جانب العدالة واحترام القانون الدولي”.

بدورها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن العقوبات الأمريكية تضع واشنطن في صف مجرمي الحرب على حساب الضحايا.

خيانة للعدالة

وفي الإطار نفسه قالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، في معرض ردها على قرار ترامب ترامب: “يبعث هذا التصرف الأرعن برسالة مفادها أن إسرائيل فوق القانون والمبادئ العالمية للعدالة الدولية. ويوحي بأن الرئيس ترامب يؤيد جرائم الحكومة الإسرائيلية ويتبنّى الإفلات من العقاب”.

وأضافت في بيان صادر عن المنظمة: “إنّ هذا الأمر التنفيذي انتقاميّ بقدر ما هو عدائي. ويُعد خطوة وحشية تسعى إلى تقويض وتدمير ما أنشأه المجتمع الدولي بجهد دؤوب على مدى عقود، إن لم يكن قرون، من قواعد عالمية تنطبق على الجميع، وتهدف إلى تحقيق العدالة للجميع. وتشكل العقوبات خيانة أخرى لإنسانيتنا المشتركة”.

وتابعت” “إن الولايات المتحدة مستعدة لمعاقبة مؤسسة تكفل عدم تَمكُّن الأشخاص الذين يتحملون المسؤولية الأكبر عن ارتكاب الفظائع من الإفلات من قبضة العدالة. ولا تجوز حماية أو مساعدة أي شخص مسؤول عن ارتكاب جرائم مؤثمة بموجب القانون الدولي في محاولته للتملص من المساءلة الشخصية، فما بالك إذا كان ذلك بمساعدة من حكومة الولايات المتحدة”.

وأكدت أن “هذا الهجوم على المحكمة الجنائية الدولية يؤدي إلى إلحاق الضرر بسعيها المستقل لتحقيق العدالة الدولية. وسيضر بالمساءلة التي تُعتبر عنصرًا أساسيًا للأمن العالمي والمستدام. كما أنّها ستشجّع الجناة، في الحاضر والمستقبل. وستؤثر سلبًا على جميع الضحايا الذين يتطلعون إلى المحكمة للحصول على العدالة في كافة الدول التي تُجري فيها تحقيقات، ومن ضمنها دارفور، وليبيا، والفلبين، وفلسطين، وأوكرانيا، وفنزويلا”.

متى تم تأسيس المحكمة؟

وفقًا لوكالة “رويترز” فقد تم تأسيس المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 لمحاكمة المتورطين في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجريمة شن عمل عدائي؛ عندما تكون الدول الأعضاء غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك بنفسها.

ويمكنها نظر القضايا المتعلقة بجرائم يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء أو على أراضي الدول الأعضاء من قبل أطراف أخرى، في حين يبلغ عدد الدول الأعضاء 125 دولة. وتبلغ ميزانية المحكمة لعام 2025 نحو 195 مليون يورو (202 مليون دولار).

ما الذي تحقق فيه المحكمة؟

تجري المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات تتعلق بمناطق مختلفة مثل الأراضي الفلسطينية وأوكرانيا ودول أفريقية مثل أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا وفنزويلا في أميركا اللاتينية وميانمار والفلبين في آسيا.

وتقول المحكمة إن هناك 32 قضية أمامها، بعضها يضم أكثر من مشتبه به واحد، في حين أصدر قضاة المحكمة ما لا يقل عن 60 مذكرة اعتقال.

كم عدد الذين أدانتهم؟

أصدر قضاة المحكمة 11 حكمًا بالإدانة و4 أحكام بالبراءة، في حين احتُجز 21 شخصًا في مركز الاحتجاز التابع للمحكمة بلاهاي ومثلوا أمام المحكمة، ولا يزال 31 متهما فارًا. كما أسقطت التهم عن 7 أشخاص بسبب وفاتهم.

ومن بين الإدانات الـ11، كانت 6 فقط منها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بينما كانت الإدانات الأخرى تتعلق بارتكاب جرائم مثل التأثير على الشهود.

وجميع الأشخاص الستة المدانون من قادة المليشيات الأفريقية في دول جمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي وأوغندا. وتراوح الأحكام بين 9 أعوام و30 عامًا في السجن، وأقصى عقوبة سجن ممكنة هي السجن مدى الحياة.

من على قائمة مذكرات الاعتقال؟

أصدرت الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، المتهمان بالمسؤولية الجنائية عن أعمال تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاح حرب في غزة. ورفض نتنياهو القرار ووصفه بأنه “معاد للسامية، ووصف الاتهامات بأنها سخيفة وكاذبة، في حين شنت إسرائيل حملات عدة على المحكمة.

كذلك أصدرت مذكرة اعتقال بحق قادة حركة حماس (إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف) الذين اغتالتهم إسرائيل خلال حربها على غزة.

وتضم القائمة كذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتهم بارتكاب جريمة حرب تتمثل في نقل مئات الأطفال من أوكرانيا بشكل غير قانوني، في حين نفت موسكو مرارًا الاتهامات.

وفي الأشهر الماضية، طلب المدّعي العام للمحكمة إصدار أوامر اعتقال لقادة كبار من أفغانستان وميانمار، لكن القضاة لم يوافقوا عليها رسميًا.

دول ليست أعضاء في المحكمة

رغم أن المحكمة تحظى بدعم العديد من أعضاء الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن دولا أخرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا ليست أعضاء بها، وترى أن المحكمة “يمكن أن تُستغل في ملاحقات قضائية بدوافع سياسية”.

ورغم أن ميانمار ليست عضوًا في المحكمة، قال القضاة في عامي 2018 و2019 إن المحكمة لديها سلطة قضائية لنظر الجرائم المزعومة عبر الحدود والتي وقع بعضها في الجارة بنغلاديش العضو في المحكمة الجنائية الدولية، مثل الترحيل والاضطهاد.

وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة ولا تعترف بسلطتها القضائية، لكن تم قبول الأراضي الفلسطينية كدولة عضو في المحكمة في عام 2015.

ويعني هذا، إلى جانب حكم أصدره قضاة، أن المحكمة يمكنها النظر في جرائم الحرب في قطاع غزة الذي تعرضت لحرب إسرائيلية – بدعم عسكري أمريكي- منذ 7 أكتوبر 2023 خلّفت أكثر من 157 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى