ملف الهجرة في ظل قرارات ترامب الجديدة.. ماذا ينتظرك وكيف تستعد له؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
حلقة جديدة ومميزة، ناقش خلالها راديو صوت العرب من أمريكا أبرز تطورات ملف الهجرة بعد إصدار الرئيس السابق دونالد ترامب سلسلة قرارات جديدة تتضمن: إغلاق الحدود أمام المهاجرين غير القانونيين، وتعليق إعادة توطين اللاجئين لمدة لا تقل عن 4 أشهر، وإنهاء حق اللجوء إلى الولايات المتحدة، وإلغاء حق المواطنة بالولادة في الولايات المتحدة، وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى تشديد سياسات الهجرة.
وفقًا لمصادر مطلعة، تم إعداد هذه القرارات بعناية لتجنب العقبات القانونية التي واجهتها إدارة ترامب خلال ولايته الأولى. ويرى حلفاؤه أن تلك العقبات ستعيق أجندته في مجال الهجرة، ولكن الإدارة الحالية تؤكد أنها أكثر استعدادًا لمواجهة أي طعون قانونية محتملة.
ولمناقشة هذه القرارات وتداعياتها؛ استضافت الحلقة المحامي المختص بقضايا الهجرة والتجنّس، محمد الشرنوبي، وتناولت كيفية تعامل مجموعات الهجرة مع الدعاوى القضائية في ظل هذه القرارات المثيرة، خاصة مع تأكيد الإدارة الحالية أنها أكثر حذرًا واستعدادًا لتجنب ردود الفعل المتسرعة.
قرارات عديدة
* أستاذ محمد الشرنوبي؛ على سبيل المزاح.. هل تتوقع أن الرئيس دونالد ترامب سينشئ قسمًا خاصًا بالهجرة في البيت الأبيض، لا سيما في ظل هذا الزخم من القرارات المرتبطة بالهجرة والتي أصدرها خلال الأيام القليلة الماضية؟
** أظن ذلك، ونحن بالتبيعة أنشانا قسمًا خاصًا بقرارات الرئيس ترامب في مكتبنا!، كل هذه القرارات كانت متوقعة من ترامب، ولا أرى سببًا لانزعاج الناس في ظل أن كل هذه القرارات كان قد تحدث عنها ترامب سلفًا، وتحدثنا عنها في حلقات سابقة.
وقد حان الوقت لنعرف قيمة البلد التي نعيش فيها، وقيمة دستورها وقوانينها ومحاميها، فمنظماتها ستتمكن من حمايتنا، أنا سعيد بأن هذه المرحلة ستؤكد كل ذلك، ويمكن أن ننتظر لنرى أن هناك قرارات ستُلغَى، وقرارات أخرى سيتمكن ترامب من تنفيذها.
* قبل تفنيد قرارات ترامب، كيف تحلل كل هذه القرارات التي أصدرها ترامب ودورها في تغيير طبيعة الهجرة إلى أمريكا؟، وهل هناك سابقة قانونية تدعمها؟
** هذه القرارات تنقسم إلى قرارات حقيقية، وقرارات أخرى مرتبطة بالدعاية الانتخابية وتنفيذ الوعود التي قالها خلال حملته الانتخابية، ولكن في واقع الأمر فإن 50% من قرارته سيتم إلغاؤها، لكن مثلًا قرار مثل حماية الحدود يعدّ من أهم القرارات، فلا توجد أي دولة في العالم بحدود مفتوحة مثلما كانت حدودنا مفتوحة بهذا الشكل.
وبالمناسبة فإننا كمسلمين وعرب سنكون الأكثر تضررًا إذا لم يتم غلق الحدود وتنظيمها، لا سيما إذا دخلت مجموعة إرهابية ونفّذت أي عمل إرهابي، لذا فإن حماية الحدود عمل وطني مهم وكلنا نشجعه.
ملفات اللجوء
* قرارات ترامب أحدثت حالة من الفوضى، لا سيما وأن بعضها طال المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، مثلًا نجد قرارًا بمنع دخول اللاجئين لمدة 4 شهور، حتى من حصلوا على موافقة لملفاتهم، فما تعليقك؟
** القرار ينص على التعليق لمدة 4 شهور، والتعليق من حق الرئيس، فهو لم يلغ اللجوء تمامًا.
* لو تحدثنا عن اللاجئين الذين لديهم ملفات وموافقات وينتظرون الدخول إلى أمريكا، هذا القرار علّق دخولهم لمدة 4 شهور، فماذا عن ملفات من تقدموا باللجوء وهم داخل أمريكا؟، ماذا عن المحميين بـ TPS من دول متعددة، من ضمنها سوريا والسودان وأوكرانيا؟
** ترامب لم يقترب من اللجوء لمن هم داخل أمريكا بصورة شرعية، القرارات استهدفت من هم داخل أمريكا بدون أوراق أو بدون إقامة قانونية، وأوقف أو علّق اللجوء لمن هم خارج أمريكا لمدة 4 شهور، وهذا حقه القانوني، ولا ننسى أنه في عام 2020 خفّض الأعداد إلى 12 ألفًا في السنة، وحتى الآن أرى أنه يسير بسياسة معتدلة، فهو لم يصدر حظرًا على دول معينة، ولا يزال ينفذ وعوده التي قالها خلال حملته الانتخابية.
* ما هو الهدف من التوقف لمدة 4 أشهر لمن هم خارج الولايات المتحدة؟
** أنا أرى أنه كانت هناك فوضى غير طبيعية خلال فترة الرئيس جو بايدن فيما يخص مسألة اللاجئين، أنا عندما كنت أدخل مكاتب اللجوء في هيوستن أو نيويورك كنت أرى أعدادًا غير طبيعية من الأفغان.
وفي حين أن هناك عراقيين أو سوريين لديهم ملفات معلّقة من 2015، كان الأفغان يحصلون على فرصة وأسبقية عنهم، ومن بعدهم جاء الأوكرانيون، فكانت إهانة كبيرة لكل المتقدمين السابقين من غير الأفغان والأوكرانيين. لذلك فأنا أرى أنه من الضروري الآن أن يتم ترتيب الأوراق، وبحث أحقية الدخول لمن يستحقون أولًا.
من الممكن أن يتم زيادة الشروط، وزيادة الإجراءات والفحص الأمني، وبالتالي من الممكن ألا يتمكن بعض الناس من القدوم إلى أمريكا، ولكن فكرة إلغاء كل طلبات اللجوء ستكون صعبة للغاية، ومن النادر حدوثها، مع العلم أن اللجوء ليس فرضًا على أمريكا، فهي سلطة تقديرية، وأرى أن تنظيم اللجوء من مصلحة البلد.
* هناك من يتساءل عن الموافقة الخماسية، هل هذه مشمولة بالـ 4 أشهر أيضا؟
** نعم، ولكن أنوّه أيضا هنا إلى أنه حتى هذه اللحظة تم رفع أكثر من 15 قضية ضد قرارات ترامب المرتبطة بالهجرة.
* من حق الرئيس أن يطالب بوقف مؤقت، ومن حق المنظمات القانونية والحقوقية أن ترفع طعونًا بهذا الشأن، هل هذا دقيق؟
** نعم، دقيق جدًا.
ملف التأشيرات
* هل صدر أي قرار بشأن التأشيرات، سواء السياحية أو دخول الطلاب أو غيرها؟، هل هناك أي حظر أو منع لأي فئة أو لدول بعينها؟
** لا، لم يحدث أي حظر لأي نوع فيزا، أو لأي دولة، أنا أرى اختلافًا هذه المرة في الإدارة.
من ضمن التغييرات والقرارات التي اتخذتها الإدارة الحالية، أنه رفع الحصانة عن مؤسسات العبادة والمستشفيات، بمعنى أنه لم يكن ممكنًا بأي حال أن يتم القبض على الشخص المقيم بشكل غير قانوني أو مهاجر غير شرعي وهو يُعالج داخل مستشفى أو يتعبد داخل مسجد أو كنيسة أو معبد، الآن بات القبض عليه ممكنًا.
تنفيذ القرارات
* استمعنا اليوم لتصريحات من عيسى شاهين، مدير شرطة ديربورن، بأنه لن يتعاون مع السلطات الفيدرالية في إلقاء القبض على المهاجرين، ولن يتشارك مع السلطات الفيدرالية أي معلومات، وربما ستنضم إليه مدن أخرى من تلك التي تُعرف بمدن الملاذ الآمن، كيف تنظر إلى تلك التصريحات؟، وهل ستكون هناك تبعات على هذه المدن الآمنة؟، كيف ترى الوضع القادم؟
** الدستور الأمريكي فصل تماما بين سلطة الولاية والسلطة الفيدرالية، وهذه من عظمة الدستور، فعندما يخرج حاكم ولاية أو عمدة مدينة أو مدير شرطة في مكان معين ويصدر مثل هذا القرار، فإن كل سلطة الرئيس الأمريكي أن يمنع المساعدة الفيدرالية عن تلك المنطقة كنوع من أنواع الضغط، ولكن المهم لتلك القرارات ألا تتنافى مع القوانين الفيدرالية.
* كيف تفسر تلويح وزارة العدل بملاحقة مسؤولين محليين وسلطات ولايات إذا لم يتعاونوا مع سياسات الرئيس ترامب المتصلة بملف الهجرة، والتي تتضمن ترحيل الملايين من المهاجرين غير النظاميين، فقد صدرت مذكرة لمساعد وزير العدل بالإنابة بأن القانون الفيدرالي يمنع السلطات المحلية من مقاومة أو عرقلة الأوامر القانونية المتصلة بالهجرة؟
** هذه هي النقطة التي تحدثت عنها، أن القرارات يجب ألا تكون منافية للقوانين، وليس القرارات الرئاسية، لذا لا بد أن يكون هناك أي قانون فيدرالي يلزمهم بذلك، لأنه هناك ـ كما ذكرت سابقًا ـ ما يعرف بـ “Check & Balance” بين السلطات، فكل سلطة يمكنها مراقبة الأخرى ومتابعتها في نطاق الدستور.
مداهمات واعتقالات
* هناك تقارير عن حدوث مداهمات وأن سلطات إنفاذ القانون الخاصة بالهجرة والجمارك “ICE” قامت بالطرق على الأبواب والسؤال عن المهاجرين ومدى إقامتهم بشكل شرعي، فهل هذه المداهمات دستورية؟
** نعم، بالطبع، فأمريكا دولة قانون، فمن حق الشرطة القبض على كل خارج عن القانون وكل من لا يحترم قانون البلد، وهذا موجود في كل دول العالم، ولكن دعيني أوضح نقطة هامة، وهي أن السلطات ليست لديها قرارات بكسر الأبواب أو إذن بالدخول لمكان خاص، ولكن ما يقومون به هو انتظار الأشخاص غير القانونيين في خارج منازلهم، أي في الأماكن العامة فقط، أما نقطة كسر الأبواب فهذه يقابلها قضية تعويض فيدرالية قد ينتج عنها تعويض يصل إلى آلاف وملايين الدولارات.
فحتى المطاعم؛ لا يمكنهم الدخول إليها للقبض على الشخص في داخلها، لأن المطعم لا يعتبر مكانًا عامًا، بل ملكية خاصة، وبالتالي لا يمكنهم القبض على شخص داخل المطعم أو في المطبخ مثلًا، لكن في مثل هذه الحالات تقوم الشرطة بانتظار الشخص في الخارج.
المواطنة بالولادة
* من قرارات ترامب أيضا؛ إلغاء حق المواطنة بالولادة في أمريكا، هل لك أن توضح لنا من المعنيّ بهذا القرار؟
** ينص الدستور على أن “كل من يُولد على أرض الولايات المتحدة فهو أمريكي بالولادة”، ترامب يفنّد هذه النقطة بأن هذا الحق مكفول عندما يكون والد ووالدة الطفل أمريكيين، لذا فإن النقاش الآن هو ما هي نية المشرّع عندما ذكر هذا البند في الدستور، هل ذكرها بشكل عام لكل من يُولد، أم بوجه خاص للأمريكيين لكي يوّفر عليهم القيام بإجراءات كثيرة لإثبات جنسية أطفالهم.
بداية تنفيذ هذا القرار ستكون في فبراير 2025، وبالتالي كل من يُولد قبل هذا التاريخ سيحصل على الجنسية الأمريكية، ولكن بعده ستبدأ المشكلة، وقد تم رفع العديد من الدعاوي القضائية ضد هذا القرار، وفي الغالب سيتم تعليق القرار إلى أن تنظر المحكمة في قانونيته، وفي الغالب سيصل الأمر إلى المحكمة العليا لكي يصدر قرار نهائي لا رجعة فيه، ولا يجوز لأي رئيس أمريكي مستقبلًا أن يخالف هذا القرار النهائي الصادر عن المحكمة العليا.
نصيحة أخيرة
* في الختام؛ ما هي نصيحتك لكل من لديه ملف هجرة أو وضع قانوني مقلق أو ملف لجوء، أو أي شخص قد يتأثر بقرارات الرئيس ترامب؟
** التمسك بحبل الله قبل أي شيء، ثم اختيار المحامي الكفؤ، فهذا التوقيت لا يحتمل التجارب، بل يجب الاستعانة بمحامي جيّد للمساعدة، وأن يظل اللجوء هو آخر قرار نلجأ إليه لكي ندخل أمريكا، خاصةً وأن الفترة المقبلة ستكون صعبة وبها تدقيق كبير على ملفات اللجوء.