ترودو يعتزم الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء وكزعيم للحزب الحاكم

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أنه ينوي الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء وكزعيم للحزب الليبرالي بمجرد تحديد زعيم جديد للحزب.
ووفقًا لشبكة ABC news فقد قال ترودو في تصريحات اليوم الاثنين: “أعتزم الاستقالة من منصبي كزعيم للحزب وكرئيس للوزراء بعد أن يختار الحزب زعيمه القادم من خلال عملية تنافسية قوية على مستوى البلاد”.
وسيتولى ترودو منصب رئيس الوزراء حتى 24 مارس المقبل، ومن المقرر بعد ذلك أن يحل محله زعيم جديد للحزب الليبرالي.
وكان من المفترض أن يبدأ البرلمان الكندي دورته الجديدة لعام 2025 في 27 يناير الجاري، لكن ترودو قال يوم الاثنين إنه طلب من الحاكم العام تمديد الدورة الحالية وعدم بدء دورة برلمانية جديدة حتى 24 مارس.
وتحدث ترودو باللغتين الإنجليزية والفرنسية خلال تصريحاته، وقال إنه شارك هذه الأخبار مع أطفاله في الليلة السابقة. وأضاف: “أنا مقاتل. كل عضو في جسدي كان يحثني دائمًا على القتال لأنني أهتم بشدة بالكنديين. أهتم بشدة بهذا البلد، وسأظل دائمًا مدفوعًا بما هو في مصلحة الكنديين”.
وقال ترودو إنه يعتقد أن استقالته سوف “تخفض درجة حرارة المناخ العام” وتسمح للبرلمان بإعادة ضبط نفسه والعودة إلى العمل “من أجل الكنديين”.
وقال ترودو ردًا على أسئلة الصحفيين عقب إعلانه: “أعتقد أن البرلمان يحتاج إلى إعادة ضبط، ويحتاج إلى الهدوء قليلا، ويحتاج إلى العمل من أجل الكنديين”.
وأضاف: “أعتقد أن إبعادي من منصب الزعيم الذي سيخوض الانتخابات المقبلة للحزب من شأنه أن يقلل من الاستقطاب الذي لدينا الآن”.
تهديدات ترامب
ويأتي هذا التطور بعد شهر من استقالة نائبة رئيس الوزراء ووزيرة المالية الكندية، كريستيا فريلاند، من حكومة ترودو، في إشارة إلى الاضطرابات الواضحة في حكومته.
وفي رسالة إلى رئيس الوزراء أعلنت فيها استقالتها، أشارت فريلاند إلى اختلافاتها مع ترودو حول كيفية التعامل مع تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالتعريفات الجمركية.
وكتبت فريلاند في الرسالة التي شاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي: “تواجه بلادنا اليوم تحديًا خطيرًا. إن الإدارة القادمة في الولايات المتحدة تنتهج سياسة القومية الاقتصادية العدوانية، بما في ذلك التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة”.
وتابعت قائلة: “نحن بحاجة إلى أن نأخذ هذا التهديد على محمل الجد”، مع اتخاذ إجراءات تشمل ضرورة قيام كندا بالرد ومقاومة “الحيل السياسية المكلفة” و”بناء استجابة حقيقية لفريق كندا”.
See my letter to the Prime Minister below // Veuillez trouver ma lettre au Premier ministre ci-dessous pic.twitter.com/NMMMcXUh7A
— Chrystia Freeland (@cafreeland) December 16, 2024
واقترح ترامب فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات من كندا – ثالث أكبر مورد للمنتجات الزراعية للولايات المتحدة، وفقا لوزارة الزراعة – وكذلك الصين والمكسيك.
وفي الشهر الماضي، سافر ترودو إلى مار إيه لاغو، المنتجع الخاص لترامب في فلوريدا، للقاء الرئيس المنتخب. وقال ترودو للصحفيين في ذلك الوقت إن محادثته مع ترامب كانت “ممتازة” لكنه لم يرد على أي أسئلة إضافية.
وفي خطابها الشهر الماضي، قالت فريلاند إن ترودو أبلغها أنه لم يعد يريدها أن تشغل منصب وزيرة المالية وعرض عليها منصبًا آخر في مجلس الوزراء.
وقالت في الرسالة: “بعد التفكير، توصلت إلى أن المسار الوحيد الصادق والمجدي هو استقالتي من مجلس الوزراء”، مشيرة إلى أنها تتطلع إلى مواصلة العمل مع زملائها كعضو ليبرالي في البرلمان وتخطط للترشح مرة أخرى لمقعدها في تورنتو في الانتخابات الفيدرالية المقبلة.
وسيتولى دومينيك لوبلانك، وزير الشؤون الحكومية الدولية، منصب وزير المالية الجديد بعد استقالة فريلاند من هذا المنصب.
وتأتي استقالتها في الوقت الذي أعلن فيه وزير الإسكان في حكومة ترودو، شون فريزر، أنه لن يسعى لإعادة انتخابه لأسباب شخصية، قائلاً إنه يريد قضاء المزيد من الوقت مع عائلته. ومن المقرر إجراء الانتخابات الفيدرالية المقبلة بحلول 20 أكتوبر.
تراجع الشعبية
وانخفض دعم حزب ترودو بشكل مطرد لعدة أشهر، حيث وصل الليبراليون حاليًا إلى أدنى مستوى من الدعم منذ سنوات، وفقًا لشبكة CBC News، يتقدم حزب المحافظين بفارق 21 نقطة على الليبراليين قبل الانتخابات الفيدرالية.
وكان والد ترودو، رئيس الوزراء الأسبق بيير إليوت ترودو، رئيسًا لوزراء كندا من عام 1968 إلى عام 1979 ومن عام 1980 إلى عام 1984، قبل تقاعده من العمل السياسي قبل الانتخابات التالية.
وتولى ترودو، البالغ من العمر 53 عامًا، زعامة الحزب الليبرالي عام 2015، وبدأ العمل العمل كرئيس وزراء كندا الثالث والعشرين في نفس العام، وقاد الحزب إلى 3 انتصارات انتخابية متتالية، لكنه يواجه الآن انخفاضا كبيرا في شعبيته، حيث تراجع عن زعيم حزب المحافظين بيير بويليفر بنحو 20 نقطة في استطلاعات الرأي الأخيرة.
وواجه ترودو انتقادات داخلية وخارجية خلال الأشهر الأخيرة، وتزايدت الدعوات لاستقالته بعد استقالة نائبته كريستيا فريلاند في ديسمبر الماضي بسبب خلافات حول كيفية التعامل مع التهديدات التجارية من الولايات المتحدة.
وأشارت فريلاند إلى وجود خلافات حادة مع ترودو حول إستراتيجيات الرد على التهديدات التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع الكندية.
وخلال نوفمبر وديسمبر الماضيين، أجرت حكومته مفاوضات مضنية لتجنب حرب تجارية مع الولايات المتحدة، غير أن الاجتماعات، ومن بينها اجتماع ترودو مع ترامب في منتجع مارالاغو، لم تسفر عن نتائج ملموسة، مما زاد من الإحباط العام.
وسعيا منه لاستعادة السيطرة على الوضع، أجرى ترودو تعديلا وزاريا كبيرا أواخر العام الماضي، إذ غيَّر ثلث فريقه. لكن ذلك لم يكن كافيا لتهدئة المعارضة الداخلية أو استعادة الدعم الشعبي.
ويرى مراقبون أن استقالته قد تكون الفرصة الوحيدة للحزب لإعادة تنظيم صفوفه واختيار زعيم جديد قادر على مواجهة التحديات المستقبلية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الفدرالية المقررة في أكتوبر 2025.