اتهامات الإبادة الجماعية تلاحق جنود إسرائيل وأحدهم يفر من البرازيل قبل اعتقاله

تمكن جندي إسرائيلي من الفرار من البرازيل قبل اعتقاله بناءً على أمر قضائي بسبب مشاركته في ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وكان قاض برازيلي قد أمر الشرطة بالتحقيق مع الجندي، بناءً على الشكوى التي رفعتها مؤسسة هند رجب، متهمة إياه “بالمشاركة في عمليات هدم واسعة النطاق لمنازل المدنيين في غزة خلال حملة تدمير منهجية”.
ونقلت وسائل الإعلام البرازيلية عن المحامية التي رفعت القضية نيابة عن المؤسسة، مايرا بينهيرو، قولها إن البرازيل، بما أنها دولة موقعة على نظام روما الأساسي، فهي ملزمة بضمان التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي (جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية) ومعاقبة مرتكبيها.
وكان الجندي يوفال فاغداني يقضي عطلة في البرازيل برفقة عدد من أصدقائه، وقال والد أحد أصدقائه: “كانوا 5 أشخاص في الرحلة. مكثوا في جزيرة مورو في البرازيل، حيث يستقر عدد من الإسرائيليين”.
وأضاف أن الجندي وأصدقائه “استمتعوا بعطلة هادئة، حتى وصلهم اتصال هاتفي يُعلمهم بوجود أمر توقيف ضد الجندي الإسرائيلي، ما استدعى مغادرته البلاد بسرعة”.
ووفقًا لموقع “سكاي نيوز عربية” فقد قرر الأصدقاء عدم ترك الجندي الإسرائيلي بمفرده، ورافقوه عبر الحدود إلى دولة أخرى.
من جانبه قال والد الجندي الإسرائيلي: “المهم أنه ليس في البرازيل بعد الآن. هو غادر هناك ونحن بانتظار عودته إلى إسرائيل”.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنه “في أعقاب محاولة عناصر معادية لإسرائيل للتحقيق مع جندي إسرائيلي مفصول زار البرازيل، قام وزير الخارجية جدعون ساعر على الفور بتنشيط وزارة الخارجية لضمان عدم تعرض المواطن الإسرائيلي للخطر، وضمنت السفارة الإسرائيلية في البرازيل مغادرته السريعة والآمنة من البرازيل”.
وأضافت وزارة الخارجية أنها لفتت انتباه الإسرائيليين “إلى المنشورات التي نشروها على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن خدمتهم العسكرية، وإلى حقيقة أن العناصر المعادية لإسرائيل قد تستغل هذه المنشورات لبدء إجراءات قانونية لا أساس لها ضدهم”.
ملاحقة قضائية
ووفقًا لشبكة CNN تعد هذه القضية هي الأحدث في سلسلة من الدعاوى القضائية التي رفعتها مؤسسة هند رجب (HRF) التي تتبعت أنشطة مئات الجنود الإسرائيليين الذين يخدمون في غزة.
وتقول مؤسسة هند رجب، وهي منظمة غير حكومية مؤيدة للفلسطينيين، إنها تكرس عملها “لكسر حلقة الإفلات الإسرائيلي من العقاب وتكريم ذكرى هند رجب وكل أولئك الذين لقوا حتفهم في الإبادة الجماعية في غزة”.
وكانت هند فتاة تبلغ من العمر 5 سنوات عندما قُتلت بنيران دبابة إسرائيلية أثناء وجودها في سيارة عائلتها في غزة. كما سعت المؤسسة إلى إلقاء القبض على جنود إسرائيليين زاروا تايلاند وسريلانكا وتشيلي ودول أخرى، وفقًا لموقعها على الإنترنت.
وفي القضية السريلانكية، نشرت المنظمة صورة لجندي، وقالت إنها ناشدت السلطات السريلانكية والمحكمة الجنائية الدولية والإنتربول، مطالبة باعتقاله بتهمة قتل مدني في غزة.
وبينما تمكن جندي إسرئيل من الفرار من البرازيل ظهرت قضية مشابهة في دولة أخرى في أمريكا الجنوبية، حيث دعت منظمة تضم مئات المحامين في تشيلي إلى “الاعتقال الفوري” لجندي إسرائيلي تقول إنه يوجد حاليا في منطقة باتاغونيا جنوبي البلاد.
وفي خطوة غير مسبوقة، طالب 620 من أعضاء جمعية المحامين في تشيلي بالتحرك الفوري ضد الجندي الإسرائيلي، متهمينه بارتكاب “جرائم حرب” في غزة. وأكدت مؤسسة “هند رجب” إن الجندي المشتبه به موجود في تشيلي، وطالبت باتخاذ إجراءات قانونية عاجلة في حقه.
وقال المحامي نيلسون حداد، إن المنظمة تقدمت بشكوى تطالب بإجراء التحقيقات اللازمة والاعتقال الفوري للجندي، كإجراء وقائي لضمان محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.
وأضاف أن “القضية في غاية الأهمية. يجب أن نتحمل المسؤولية، ولا يمكننا قبول أن هؤلاء وبعد ارتكابهم فظائع في غزة، سيتمكنون من التمتع بعطلة في باتاغونيا”.
ضجة في إسرائيل
ولم يتم تأكيد احتجاز أو اعتقال أي جندي إسرائيلي نتيجة للقضايا التي رفعتها المنظمة. وقد أثارت القضية البرازيلية ضجة سياسية في إسرائيل. وقال زعيم المعارضة يائير لابيد: “إن حقيقة اضطرار جندي احتياطي إسرائيلي إلى الفرار من البرازيل في منتصف الليل لتجنب اعتقاله بسبب القتال في غزة تشكل فشلاً سياسيًا هائلاً لحكومة عاجزة ببساطة عن العمل”.
وتساءل لابيد، في تغريدة له، كيف أصبح الفلسطينيون أقوى من الإسرائيليين في الساحة الدولية، مطالبا بإنشاء لجنة تحقيق رسمية حول أحداث السابع من أكتوبر. وأكد أن هذه اللجنة من شأنها التحقيق في ملابسات السابع من أكتوبر من ناحية وتقديم المشورة، وتمنع هذا النوع من الملاحقات القانونية للإسرائيليين من ناحية ثانية.
ورد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، قائلاً: “حتى لابيد الفارغ يعرف أن ما نشهده هو حملة منهجية ومعادية للسامية تهدف إلى إنكار حق إسرائيل في الدفاع عن النفس. وهناك عدد لا يحصى من الجهات الفاعلة الدولية والعديد من البلدان متواطئة في هذا”.
وكتبت مجموعة “أمهات الجنود الإسرائيليين” إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي في أعقاب القضية المرفوعة في البرازيل، قائلة: “نحن نعتبركم الطرف الوحيد المسؤول عن إزالة المخاطر القانونية التي تواجه أطفالنا”.
وأضافت المجموعة أن الجيش الإسرائيلي “أُجبر على العمل في فراغ سياسي وتحت ضغط من الجماعات المتطرفة، دون الحماية القانونية الحيوية التي من شأنها أن تحمي جنوده من الجهات الخبيثة في جميع أنحاء العالم”.
وقال ضابط كبير سابق في قسم المدعي العام الإسرائيلي لشبكة CNN إن هناك عددًا متزايدًا من المحاولات في الخارج لتوجيه اتهامات ضد الإسرائيليين الذين خدموا في الحرب، ولكن حتى الآن لم تسفر أي منها عن اعتقال أو محاكمة.
وقال إنه على عكس الماضي، فإن الجماعات الناشطة لا تلاحق ضباطًا وسياسيين رفيعي المستوى ولكن جنودًا عاديين. وستناقش لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي، غدًا الاثنين، الإجراء المتخذ ضد الجنود الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم.