أخبارأخبار العالم العربي

إسرائيل تواصل إبادة مستشفيات غزة وتعترف باعتقال حسام أبو صفية

أطلق عالقون بالمستشفى الإندونيسي شمال قطاع بغزة نداء استغاثة عد استهدافه من قوات الاحتلال ومطالبتها بإخلائه فورا. وتزامن ذلك مع اعترف الجيش الإسرائيلي باعتقال حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان.

وقالت قناة “آي 24” الإسرائيلية إن أبو صفية محتجز حاليًا في معتقل سدي تيمان، وقيد التحقيق من قبل الشاباك للاشتباه في علاقته بحركة حماس.

ويقع معتقل سدي تيمان في قاعدة عسكرية بصحراء النقب على بُعد 30 كيلومترًا من قطاع غزة في اتجاه مدينة بئر السبع. وأنشأه الجيش الإسرائيلي مباشرة بعد بداية عدوانه على غزة في السابع من أكتوبر 2023، ونقل إليه العديد ممن اعتقلهم في غزة، بينهم أطفال وشباب وكبار في السن.

ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” تقول تقارير حقوقية وإعلامية إن الجنود الإسرائيليين ارتكبوا في هذا السجن انتهاكات حقوقية فظيعة بحق المعتقلين، وأذاقوهم مختلف أصناف التعذيب والإهانة.

جرائم إبادة

وكان خبراء أمميون قد عبروا عن قلقهم البالغ بشأن اعتقال أبو صفية وحثوا إسرائيل على الإفراج الفوري عنه، وعن جميع العاملين الآخرين في مجال الرعاية الصحية المعتقلين تعسفيا.

وأكد الخبراء الأمميون أن الاعتداءات الإسرائيلية على المرافق الصحية جزء من جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، وأنه يتعين على القادة الإسرائيليين أن يتحملوا المسؤولية عنها.

وقال الخبراء الأمميون إن القوات الإسرائيلية نفذت عمليات إعدام لبعض الأشخاص في محيط مستشفى كمال عدوان، بينهم رجل فلسطيني كان يحمل علما أبيض.

وأشار الخبراء الأمميون إلى أن أكثر من 1750 فلسطينيا من العاملين في المجال الطبي والصحي قُتلوا، كما اعتُقل كثيرون تعسفيا.

وذكر الخبراء أيضًا أن الاعتداء الصارخ الذي تشنه إسرائيل على الحق في الصحة بغزة، وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة، بعد مرور أكثر من عام على الإبادة الجماعية، يؤدي إلى مستويات جديدة من الإفلات من العقاب.

إبادة القطاع الصحي

ويوم الجمعة الماضية، اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان، وأضرم النار فيه وأخرجه عن الخدمة، واعتقل أكثر من 350 شخصا كانوا داخله، من بينهم مدير المستشفى الدكتور أبو صفية.

وتداول نشطاء صورة الدكتور حسام أبو صفية وهو يشق طريقه وسط الركام والأنقاض نحو مدرعات جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي وصف بأنه المشهد الختامي لعملية عسكرية أطلقها الجيش الإسرائيلي ضد مستشفى كمال عدوان، انتهت بتدمير وإغلاق المستشفى الذي يمثل مع 4 مستشفيات أخرى قوام الجهاز الصحي في محافظة شمال غزة.

ويمثل الاعتداء على مستشفى كمال عدون فصلا جديدًا في حرب الإبادة التي أطلقتها إسرائيل ضد المنظومة الصحية الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر الماضي، وفقًا لموقع “الجزيرة نت“.

ومنذ الأيام الأولى لحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وضع الجيش الإسرائيلي القطاع الصحي والخدماتي في صدارة بنك أهداف حربه الهادفة إلى تدمير كافة مقومات الحياة الإنسانية في قطاع غزة عموما، ومحافظتي غزة وشمالها على وجه التحديد.

واتخذ هذا الاستهداف مسارين اثنين أولهما تدمير هذه المقدرات وبنيتها التحتية، وثانيها هو الاستهداف الممنهج للكوادر الطبية والصحية اغتيالا واعتقالا وإبعادا.

ففي 9 أكتوبر 2023، ثالث أيام حرب الإبادة الجماعية، دمر الاحتلال بقصف جوي مباشر مستشفى بيت حانون، وأخرجه تمامًا عن الخدمة.

وفي وفي 17 أكتوبر 2023 ذاته خرج مستشفى الكرامة عن الخدمة إثر الأضرار المادية الجسيمة التي لحقت به بعد قصف المباني المجاورة له.

وفي فبراير 2024 أظهرت مقاطع تم تصويرها بعد انسحاب جيش الاحتلال من حي الكرامة شمال غرب غزة تدمير المشفى بشكل كامل.

ومع اشتداد الحرب اعتمدت محافظة شمال غزة على 3 مستشفيات رئيسية هي: كمال عدوان، والإندونيسي، والعودة، وأصبحت المستشفيات الثلاث على رأس الاستهداف الإسرائيلي المباشر، ومساعي التدمير والإخراج عن الخدمة لكل مستشفى على حدة.

مصيدة للموت

وخلص تقرير نشرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى أن نمط الاعتداءات الإسرائيلية المميتة على مستشفيات غزة ومحيطها، والعمليات القتالية المرتبطة بها، دفع بنظام الرعاية الصحية إلى شفير الانهيار التام، ما أثر بشكل كارثي على قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الرعاية الصحية والطبية.

وأفاد التقرير بأن الاعتداءات، التي تم توثيقها بين 12 أكتوبر 2023 و30 يونيو 2024، تثير مخاوف جدية بشأن امتثال إسرائيل للقانون الدولي. فالطواقم الطبية والمستشفيات محمية بشكل خاص بموجب القانون الدولي الإنساني، شرط ألا تَرتَكِب أو تُستخدم لارتكاب أفعال تُضر بالعدو خارج نطاق وظيفتها الإنسانية.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك: “وكأن القصف المتواصل والوضع الإنساني المتردي في غزة لم يكونا كافيَيْن، فأمسى الملاذ الوحيد الذي يجدر أن يشعر فيه الفلسطينيون بالأمان، مصيدة للموت. إن حماية المستشفيات أثناء الحرب أمر بالغ الأهمية، وعلى جميع الأطراف أن تحترم هذا المبدأ في جميع الأوقات”.

وأوضح تورك أن التقرير الصادر اليوم يشرح بالتفصيل الدمار الذي لحق بنظام الرعاية الصحية في غزة، وحجم قتل المرضى والموظفين وغيرهم من المدنيين في هذه الاعتداءات، “في تجاهل صارخ للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان”.

وقالت المفوضية إن الدمار المروع الذي أحدثته الهجمات العسكرية الإسرائيلية على مستشفى كمال عدوان يوم الجمعة الماضي، والذي ترك سكان شمال غزة تقريبا بلا أي إمكانية للحصول على الرعاية الصحية الكافية، يعكس نمط الهجمات الموثقة في التقرير، حيث أُجبر الموظفون والمرضى على الفرار أو تعرضوا للاعتقال، مع وجود العديد من التقارير التي تتحدث عن تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.

وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، وقع ما لا يقل عن 136 غارة على ما لا يقل عن 27 مستشفى و12 مرفقا طبيا آخر، ما أدى إلى خسائر فادحة في صفوف الأطباء والممرضين والمسعفين وغيرهم من المدنيين، وتسبب في أضرار جسيمة في البنية التحتية المدنية أو تدميرها بالكامل.

وأوضح التقرير أن تعمد توجيه هجمات ضد المستشفيات والمرافق التي يُعالج فيها المرضى والجرحى، شرط ألا تكون أهدافا عسكرية، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه، أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، بما في ذلك شن هجمات عشوائية تؤدي إلى مقتل مدنيين أو إصابتهم بجروح، وتعمد شن هجمات غير متناسبة، يشكل أيضا جرائم حرب.

وأضاف أنه في ظل ظروف معينة، قد يرقى التدمير المتعمد لمرافق الرعاية الصحية إلى شكل من أشكال العقاب الجماعي، ما قد يشكل بدوره جريمة حرب.

وذكر التقرير أن إسرائيل تزعم، في معظم الحالات، أن الجماعات الفلسطينية المسلحة كانت تستخدم المستشفيات، إلاّ أنها لم توفّر حتى اليوم سوى القليل من المعلومات لإثبات هذه الادعاءات، التي ظلت غامضة وفضفاضة، وفي بعض الحالات تبدو متناقضة مع المعلومات المتاحة علنا.

استهداف أبعد من المباني

وخلص التقرير إلى أن آثار العمليات العسكرية الإسرائيلية على المستشفيات ومحيطها، تمتد إلى ما هو أبعد من الهياكل المادية، فقد عانت النساء، لا سيما الحوامل، معاناة مروعة. وأنجب الكثير من النساء أطفالهن من دون الحصول على أي رعاية قبل الولادة وبعدها أو دون أن يتلقين سوى الحد الأدنى من هذه الرعاية، ما يزيد من خطر وفيات الأمهات والأطفال التي يمكن الوقاية منها.

وتلقت المفوضية تقارير تفيد بوفاة أطفال حديثي الولادة بسبب عدم قدرة الأمهات على إجراء فحوصات ما بعد الولادة أو الوصول إلى المرافق الطبية لإنجاب أطفالهن.

وأوضح التقرير كذلك أن نظام الرعاية الصحية المحدود على نحو متزايد حال دون تلقي العديد من الجرحى الذين تعرضوا لإصابات بليغة، العلاج في الوقت المناسب وربما العلاج الضروري لإنقاذ حياتهم.

وقالت المفوضية إنه بحلول نهاية شهر أبريل 2024، ووفقا لوزارة الصحة الفلسطينية، بلغ عدد الجرحى الفلسطينيين 77,704 جريحًا، مضيفة أنه بحسب تقارير فإن العديد من الجرحى توفوا أثناء انتظارهم دخول المستشفى أو تلقي العلاج. وقُتل أكثر من 500 شخص من العاملين في المجال الطبي في غزة بين 7 أكتوبر ونهاية يونيو 2024.

تحقيقات مستقلة وشاملة

وأشار التقرير إلى أول عملية واسعة النطاق نفذها الجيش الإسرائيلي ضد أحد المستشفيات، والتي طالت مجمع الشفاء الطبي في نوفمبر 2023. وذكر ما ورد في تقارير أفادت بأنه تم العثور على ثلاث مقابر جماعية، وأنه تم العثور على بعض هذه الجثث وهي لا تزال متصلة بأجهزة القسطرة والقنية، ما يشير إلى أن القتلى كانوا من المرضى.

وقال كذلك إنه في سياق بعض الاعتداءات من المرجح أن يكون الجيش الإسرائيلي قد استخدم أسلحة ثقيلة، بما في ذلك قنابل تزن 2000 رطل.

وخلص التقرير إلى أن سمة أخرى من سمات هذه الاعتداءات هي الاستهداف الدقيق الواضح للأشخاص داخل المستشفيات، لكن في معظم هذه الحالات كان من الصعب تحديد الجهة التي تقف وراءها.

وشدد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان على أنه “من الضروري إجراء تحقيقات مستقلة وشاملة وشفافة في جميع هذه الحوادث، ومحاسبة المسؤولين عن جميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان”. ودعا إلى إطلاق سراح جميع أفراد الطواقم الطبية المعتقلين تعسفيا على الفور.

وشدد تورك على أنه يجب أن تمنح إسرائيل الأولوية، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، لضمان وتيسير حصول السكان الفلسطينيين على الرعاية الصحية الملائمة، ولجهود التعافي وإعادة الإعمار في المستقبل، بهدف استعادة القدرات الطبية التي دُمرت على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية من الصراع العنيف.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى