أخبار أميركااقتصاد

البلاك فرايداي.. 183 مليون متسوق وأرباح تقارب التريليون دولار

الجمعة السوداء (Black Friday)‏ أو كما يُطلق عليها في الوطن العربي الجمعة البيضاء، هو يوم الجمعة الذي يلي عيد الشكر في الولايات المتحدة، ويُعتبر تقليديًا بداية موسم التسوق الخاص بعيد الميلاد.

وفي هذا الموسم تقدم العديد من المتاجر عروضًا ترويجية كبيرة، يستمر بعضها حتى يوم الاثنين المعروف باسم الاثنين السيبراني أو (اثنين الإنترنت) أو تمتد على مدار أسبوع كامل.

ويَتغير تاريخ يوم الـ Black Friday كل عام، لكنه دائمًا ما يتزامن مع عيد الشكر الذي يحل في الخميس الأخير من نوفمبر، ويُعتبر أكبر يوم للتسوق في السنة.

أرقام تسوق قياسية

ووفقًا لموقع “الحرة” يتوقع الخبراء أن يتجاوز عدد المتسوقين في الولايات المتحدة خلال موسم هذه السنة 183 مليون شخص، 137 مليونا منهم سيقومون بالتسوق اليوم الجمعة، فيما يتوقع أن تناهز الأرباح المتوقعة التريليون دولار.

وفي الماضي كان هذا الموسم يتميز بظاهرة الحشود الكبيرة من المتسوقين، الذين ينتظرون أمام المحلات التجارية الكبرى منذ ساعات الصباح الأولى، ليتدافعوا داخلها عندما تفتح أبوابها، بهدف الظفر بالتخفيضات السنوية، إلا أن هذه الحشود بدات تتراجع مع انتشار التسوق الإلكتروني، والذي ازدهر بشكل كبير بسبب جائحة كورونا، ومع ذلك لا زال مؤشر الاستهلاك في هذا اليوم يسجل أرقامًا قياسية جديدة.

وبفضل التسوق الإلكتروني، لم يعد الـ Black Friday يقتصر على يوم واحد، بل تبدأ الإعلانات الخاصة بالتخفيضات قبل ذلك بعدة أسابيع.

ورغم استمرار الحديث عن تأثير نسبة التضخم على الاقتصاد، إلا أن الأرقام التي نشرها مكتب العمل الأميركي، تشير إلى انخفاض مستمر في أسعار بعض المنتجات، مثل التلفزيونات، التي انخفض سعرها بنسبة 75% مقارنة بأسعار عام 2014.

إنفاق كبير

وتشير نتائج الاستطلاعات التي نشرها معهد غالوب خلال أكتوبر الماضي، إلى أن 38% من الأميركيين يعتزمون إنفاق أكثر من ألف دولار خلال موسم الأعياد، فيما قال 31% منهم أنهم سينفقون أقل من 500 دولار، خلال نفس الفترة.

وتقوم شركات البيع بالتجزئة وباقي المحلات والمؤسسات التجارية بمحاولة التأقلم مع تطور عادات المستهلكين. إذ استهدفت الحملات الدعائية لمتاجر والمارت هذه السنة المستهلكين الذين يفوق دخلهم 100 ألف دولار سنوياً، نظرا لكونهم يمثلون 75% من مجموع مبيعاتها، وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست“.

لكن عددا متزايداً من الأميركيين، لازالوا يفضلون الحصول على منتجات ذات جودة عالية، بغض النظر عن السعر، ما سيرفع رقم المعاملات للمحلات عالية القيمة، وهو ما يدفع الإيرادات المتوقعة هذه السنة إلى 989 مليار دولار، ما يشكل ارتفاعا مقارنة بالسنة الماضية بحسب الأرقام التي نشرها الاتحاد الوطني لبائعي التجزئة الأميركيين.

تاريخ الجمعة السوداء

تعود تسمية الجمعة السوداء أو الـ Black Friday إلى منتصف القرن التاسع عشر؛ ولم تكن مرتبطة بعيد الشكر أو موسم التسوق، بل كانت ترتتبط مع الأزمة المالية التي شهدتها الولايات المتحدة عام 1869.

ففي 24 سبتمبر 1869، الذي صادف يوم جمعة، انهارت أسعار الذهب في الولايات المتحدة، عندما قام كل من دجاي غولد وجيم فيسك، وهما مستثمران معروفان في أوساط وول ستريت، بالمضاربة على أسعار المعدن النفيس، التي ارتفعت بصفة مفاجئة، لكنها سرعان ما تراجعت بشكل حاد، وهو ما تسبب في أزمة مالية حادة.

ووصلت حدة الأزمة إلى درجة تدخل الرئيس الأميركي آنذاك، يوليسوس غرانت، الذي دفع بجزء من الاحتياطي الحكومي من الذهب إلى الأسواق بهدف محاولة إعادة التوازن لها. كما فتح الكونغرس تحقيقاً حول ملابسات حدوث ذلك.

وشكّلت الأزمة ضربة كبرى للاقتصاد الأمريكي، حيثُ كسدت البضائع وتوقفت حركات البيع والشراء مما سبب كارثة اقتصادية في أمريكا، التي تعافت منها لاحقًا عبر اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها تقديم تخفيضات كبيرة على السلع بهدف بيعها بدلاً من تعرضها للكساد وتقليل الخسائر قدر المستطاع.

ووفقًا للتقارير فقد ظهر أقدم استخدام معروف لمصطلح الجمعة السوداء (للإشارة إلى اليوم الذي يلي عيد الشكر) في مجلة “إدارة المصنع والصيانة” في نوفمبر عام 1951، وظهر مجددًا في عام 1952.

كان هذا الاستخدام يدل على سلوك العمال في الإبلاغ عن غيابهم بسبب المرض في اليوم التالي لعيد الشكر، وذلك للاستمتاع بعطلة نهاية أسبوع تمتد لأربعة أيام.

التسمية المعاصرة

لكن التسمية المعاصرة للبلاك فرايداي تعود إلى بداية خمسينيات القرن العشرين، وبدأت من مدينة فيلادلفيا، التي تنظم فيها عقب عيد الشكر، مباراة دربي كرة القدم الأميركية، بين فريقي الجيش والبحرية، ما يجلب الآلاف من الجماهير والمتسوقين والباعة المتجولين، ويحدث اختناقات مرورية كبرى، ما يجعل عمل رجال الشرطة في المدينة أكثر صعوبة وهو ما دفعهم إلى إطلاق اسم بلاك فرايداي أو الجمعة السوداء على ذلك اليوم لوصف التكدس المروري الذي يصاحب بدء موسم تسوق عيد الميلاد.

وفي عام 1961، حاولت مدينة فيلادلفيا والتجار المحليون تحسين الأوضاع، حيثُ أوصى أحد خبراء العلاقات العامة بإعادة تسمية اليومين إلى “الجمعة الكبيرة” و”السبت الكبير”، ولكن هذه المصطلحات سرعان ما تم نسيانها.

وظَهر مصطلح “الجمعة “السوداء” لأول مرة في صحيفة (نيويورك تايمز) بتاريخ 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1975، وكان يُشير إلى “أكثر أيام التسوق ازدحامًا في السنة” في مدينة فيلادلفيا. وأفادت صحيفة (فيلادلفيا انكوايرر) في عام 1985 بأن التُجَّار في مدينتي سينسيناتي ولوس أنجلوس لم يكونوا على دراية بهذا المصطلح بعد.

واكتسب المصطلح اهتمام وطني في أوائل الثمانينيات، حيث اعترض التُجَّار على استخدام مصطلح ساخر لوصف أحد أهم أيام التسوق في السنة، واقترحوا اشتقاقًا بديلاً، يفيد بأن التُجَّار عادة ما كانوا يعملون بخسارة مالية لمعظم السنة (من يناير حتى نوفمبر)، ويحققون أرباحهم خلال موسم العطلات الذي يبدأ في اليوم الذي يلي عيد الشكر.

وفقًا لهذه النظرية، كانت السجلات المالية تستخدم الحبر الأحمر للاشارة إلى المبالغ السلبية (الخسارة) والحبر الأسود للإشارة إلى المبالغ الإيجابية (الربح). وبذلك، يُعتبر “يوم الجمعة السوداء” بداية الفترة التي يتوقف فيها التُجَّار عن استخدام الحبر الأحمر وبدء تحقيق أرباح السنة. وأقدم مرجع معروف منشور لهذا التفسير ورد في صحيفة (فيلادلفيا إنكوايرر) بتاريخ 28 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1981.

شهر التسوق

وبغض النظر عن اختلاف الروايات حول سبب تسمية البلاك فرايداي فإن المتفق عليه هو أن موسم التسوق المصاحب لها أصبح تقليدًا في الولايات المتحدة، حيث تُقدم كبرى المتاجر والمحلات والوكالات تخفيضات تصل إلى 90% على منتجاتها، لتعود بعد ذلك إلى أسعارها الطبيعية بعد انتهاء يوم الجمعة السوداء أو الشهر المخصص لهذا اليوم.

وواصل التجار وشركات التجزئة إطلاق اسم بلاك فرايداي على فترة التسوق التي تلي عيد الشكر، والتي تم تمديدها تدريجياً لتصبح 4 أيام لاحقاً، تُقدم فيها عروض خاصة وإعلانات عن تخفيضات كبرى، لإغراء المتسوقين خلال موسم الأعياد، الذي يمتد حتى رأس السنة.

وتطور الاستخدام التجاري للبلاك فرايداي، ولم تعد الجمعة الأولى التي تلي عيد الشكر هي بداية موسم التسوق لموسم الأعياد. بل أصبح عيد الهالويين، يمثل ضربة البداية لذلك الموسم، الذي يمتد حتى احتفالات أعياد الميلاد.

ونظراً للتطور الكبير الذي شهده التسوق الإلكتروني، الذي ارتفعت نسبته من 1.7% من مجموعة مبيعات التجزئة عام 2003، إلى 17.1% خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من 2023.

ومنذ عام 2005 ظهر مصطلح Cyber Monday أو الاثنين السيبراني، الذي يشهد تقديم عروض خاصة وتخفيضات هامة على كل مبيعات التجزئة الإلكترونية خلال يوم الاثنين الأول الذي يلي عيد الشكر.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى