ما حقيقة تأثير فوز ترامب على مستقبل الصحة الانجابية في أمريكا؟
أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
حلقة هامة من برنامج اسأل الدكتور شما، مع خبير الخصوبة في أمراض العقم، وأخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية، الدكتور فائق نيكولاس شما، في ضيافة الإعلامية ليلى الحسيني
ناقشت في محورها الأول قضية تراجع معدل المواليد والإنجاب في أمريكا، والتي كشف عنها تقرير المركز الوطني الأمريكي للإحصاءات الصحية (NCHS). فقد أكد التقرير أن معدل المواليد في أمريكا انخفض إلى أدنى مستوى له منذ عام 1979، كما كشف عن انخفاض معدل الخصوبة العام بنسبة 3%.
كما فند الدكتور شما خلال الحلقة المزاعم التي تم ترديدها مؤخرًا بشأن تأثير فوز ترامب بالرئاسة على مستقبل الصحة الانجابية في أمريكا، والأنباء المتداولة حول ظهور حركات احتجاجية بين النساء الأمريكيات على فوز ترامب، من بينها حلاقة رؤوسهن، والإضراب عن العلاقات الجنسية مع الرجال، أو الالتزام بعدم الحمل أو الإنجاب طوال فترة ولاية ترامب الثانية، احتجاجًا على ما يرونه من تدابير قاسية محتملة ضد حقوق الإجهاض في ظل حكمه.
وتناول الجزء الثاني من الحلقة موضوع العقم الوراثي عند الرجال، وهو حالة يحدث العقم فيها لدى الشخص بسبب الأمراض الجينية والوراثية. وتساهم الأسباب الوراثية فيما يزيد عن 15% من أسباب العقم عند الرجال.
البرنامج برعاية IVF Michigan، يُذكر أن الدكتور فائق نيكولاس شما حاصل على البورد الأميركي في أمراض العقم، وأخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية وهو من أبرز أطباء علاج عقم الإنجاب والتخصيب الاصطناعي (الأنابيب) ليس فقط على مستوى ميشيجان، بل أيضًا على المستويين الوطني والعالمي.
وساهمت شهرة «آي في أف – ميشيغان» في توسيع من قاعدة المرضى الذين يرغبون بالعلاج تحت إشراف الدكتور” شمَّا ” ليس فقط في الولايات المتحدة بل أيضاً في الشرق الأوسط.
معدلات الإنجاب
* بعد أيام؛ سيطلّ علينا عيد الشكر، أو عيد العائلة كما نطلق عليه أحيانا، كما سيصبح لدينا رئيسًا جديدًا للبلاد هو دونالد ترامب، فماذا تتمنى أو تطلب خلال هذا العيد؟
** أول شيء؛ الحمدلله أننا نعيش في هذه البلاد، ونسأل الله أن تكون الحياة جميلة لكل الناس ممن يستمعون إلينا الآن في ميشيغان وأوهايو وفي كل مكان، ونتمنى أن يكون ترامب أفضل من الرئيس الحالي، خاصةً حيال ما يحدث في لبنان وغزة وكل مكان.
* لو بدأنا بالمحور الأول في حلقتنا؛ المركز الوطني الأمريكي للإحصاءات الصحية (NCHS) أكد في تقرير صدر مؤخرًا أن معدل المواليد في أمريكا انخفض إلى أدنى مستوى له منذ عام 1979، كما كشف عن انخفاض معدل الخصوبة العام بنسبة 3%، ماذا يعني هذا الكلام؟
** هذا الكلام صحيح، ويمكننا أن نتحدث عن بعض الأسباب وراء ذلك، بعضها مرتبط بأمريكا بشكل مباشر وبعدها مرتبط بالدول الغربية في العموم، أولًا دعينا نقول إنه إذا أردنا أن نحافظ على عدد السكان في منطقة معينة فإن كل شخصين يجب أن ينجبا 2.1 طفل، في الخمسينات كان المعدل هو أن كل شخصين يجب ان ينجبا 5 أطفال، في عام 2020 هبط المعدل العالمي إلى 2.4 طفل، وفي أمريكا هبط المعدل من 2.1 إلى 1.6 طفل كل يظل عدد السكان كما هو.
هذا الهبوط يؤثر كثيرًا على الإنتاج والاقتصاد، وهذه المعدلات أقل بشكل خطير في إيطاليا والصين، حيث تبلغ 1.5 تقريبًا، ما يساعدنا هنا في الولايات المتحدة حتى الآن للحفاظ على الاقتصاد هي الهجرة النظامية التي يأتي من خلالها أشخاص كفاءات وفي أعمار صغيرة، وهو ما يساعد اقتصادنا حتى الآن.
في الإدارة الجديدة؛ سيكون المسؤول عن الصحة هو روبرت إف. كيندي جونيور، وهو من أشد المهتمين بالتوعية الصحية والغذائية لدى الناس، فنتمنى أن يتمكن من تحسين التغذية بالولايات المتحدة، ويقلل نسبة السمنة والتدخين والكحول، لأن كل هذه العوامل تؤثر على الجنسين، خاصةً فيما يتعلق بنسبة الخصوبة.
أسباب وعوامل
* لو أردنا تسليط المزيد من الضوء على الإنجاب وارتباطه بمعدلات الخصوبة، ما هي الأسباب والعوامل المؤثرة سلبًا على تلك المعدلات؟
** الأسباب واضحة؛ أولها أن الناس باتوا ينجبون أطفالًا وهم في أعمار متقدمة، وذلك بسبب اهتمامات الآباء باستكمال دراساتهم الجامعية، وضغوط الحياة والانشغال بالعمل وخلافه، نجد أيضا أن نمط الحياة الآن قد تغيّر كثيرًا عما كانت عليه من قبل، فحياة معظم الناس الآن في المدن باتت في منازل محدودة المساحة وبالتالي فإنه من الصعب توفير أماكن لأطفال كثر، وباتت هناك صيحة مرتبطة بأنه يجب على الشخص أن يهتم بنفسه وحياته قبل أن يهتم بإنجاب طفل.
أيضا تقلّ نسبة القدرة على الإنجاب لدى النساء كلما تقدمن في العمر حيث تقلّ فرص نجاح الحمل، كما تزداد نسبة الإجهاض لديهن، لا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن احتمالية أن يُولد الأطفال ولديهن مشاكل صحية ووراثية تزداد، وقد تحدثنا في حلقات سابقة عن ضرورة تجميد البويضات بالنسبة لكل امرأة لا ترغب في الإنجاب في سنّ صغيرة.
والآن أصبحنا نرى بعض الشركات والمحلات التي تنصح النساء العاملات فيها بتجميد البويضات وتتحمل تلك الشركات هذه التكلفة، لأنهم يريدون نساء شابات صغيرات للعمل، وفي نفس الوقت تريد أن تجعلهن سعيدات وينتجن بشكل أكبر.
تكلفة التجميد تصل إلى 10 آلاف دولار تقريبًا، وهي ليست بالكبيرة عندما نتحدث عن الرغبة في إنجاب أطفال في سن متقدمة، خاصةً إذا كانت المرأة لا ترغب في الزواج وهي صغيرة أو لم تجد شريك حياتها المناسب للارتباط به والإنجاب منه.
وبالمناسبة فإن التقدم في العمر وضغوط الحياة والتلوث البيئي والكيماويات الموجودة في الجو والبيئة من حولنا جميعها عوامل لها تأثيرات سلبية على قدرة الرجال على الإنجاب؛ منها أن نسبة النطف والحيوانات المنوية قلّت خلال الـ 50 سنة الأخيرة من 100 مليون إلى 47 مليون، أي أكثر من 50% تقريبًا، ولهذا الانخفاض تأثير كبير على قدرة الرجال على الإنجاب.
لذا فإننا ننصح دائمًا بتوخي الحذر عند استعمال المواد الكيماوية التي قد يكون لها تأثير كبير على صحتنا العامة، وكذلك على قدرتنا على الإنجاب، مثلًا المواد البلاستيكية التي تكون مُعاد تدويرها، لا سيما التي تحمل أكواد 3 أو 7 لا يجب أن نستعملها مطلقًا.
يُضاف إلى ذلك التعرض للمبيدات الحشرية التي قد نستعملها في منازلنا، وكذلك تناول الطعام الذي استعملت المبيدات الزراعية أو الهرمونات الزراعية فيه، بل يُفضل أن يكون الطعام صحيًا وطبيعيًا، كل هذه العوامل تتؤثر على عدد وصحة النطف لدى الرجال.
نصائح هامة
* كيف يمكن للأشخاص تجنب هذه المواد الخطرة وبالتالي الحفاظ على صحتهم وقدرتهم الإنجابية؟
** يجب أن يتناولون طعامًا صحيًا خاليًا من الملوثات المختلفة، إلى جانب تفادي العادات السيئة مثل التدخين وتناول الكحول، أيضا من الضروري جدًا تفادي السمنة، لأن السمنة تتسبب في عدم القدرة على الإنجاب لدى الرجال ولدى النساء على حد السواء.
وهناك نقطة أودّ الإشارة إليها، في أوروبا الشمالية، تقريبًا 6% من الأطفال يأتون من خلال أطفال الأنابيب، هذه النسبة في أمريكا لدينا تصل إلى 2% فقط، فمسألة إنجاب الأطفال لا يجب أن تحتمل الانتظار الطويل، بل يجب الذهاب إلى الطبيب لمعرفة الأسباب وتفنيدها لمعرفة العوامل المؤثرة على الإنجاب.
وكما ذكرنا سويًا في حلقات سابقة؛ إنه من الضروري جدًا أن يتم شمول كل المسائل الطبية والعلاجية المرتبطة بإنجاب الأطفال والصحة الإنجابية ضمن برامج الرعاية الطبية، لا سيما مسألة عمليات الأطفال الأنابيب، لأن إنجاب الأطفال أمر هام للغاية لأمريكا واقتصادها، ونأمل أن تكون الإدارة الجديدة ملتزمة بهذا الجانب.
* هل العوامل البيئية وضغوط بيئة العمل وغيرها من العوامل التي تحدثنا عنها يمكن أن تتسبب في اضطرابات للدورة الشهرية بالنسبة للنساء أو تؤثر سلبًا على التبويض والرحم؟
** العوامل البيئية السلبية والملوثات تؤثر على الرجال وكذلك على النساء، والأسوأ أن هذه العوامل والملوثات تؤثر مرتين إلى 3 مرات أكثر عند النساء مقارنة ً بالرجال، هذه الملوثات الكيماوية تؤثر سلبيًا على التبويض والهرمونات.
المشكلة الأكبر لدى النساء هي السمنة، لذا أرى أنه من الضروري للغاية أن تعمل المرأة على تخفيض وزنها، من أجل صحة أفضل، ومن أجل صحة إنجابية جيدة.
تأثير فوز ترامب
* مع فوز ترامب؛ ترددت مزاعم بشأن تأثير ذلك على مستقبل الصحة الانجابية في أمريكا، وهناك أنباء متداولة حول ظهور حركات احتجاجية بين النساء الأمريكيات على فوز ترامب، من بينها حلاقة رؤوسهن، والإضراب عن العلاقات الجنسية مع الرجال، أو الالتزام بعدم الحمل أو الإنجاب طوال فترة ولاية ترامب الثانية، احتجاجًا على ما يرينه تدابير قاسية محتملة ضد حقوق الإجهاض في ظل حكمه، ما تعليقك على ذلك؟
** في ميشيغان وأوهايو، تم تغيير دستور كل ولاية منهما، من أجل حفظ قدرة النساء على تقرير الحمل والإجهاض، ومن عدة أشهر صدقت حاكمة ولاية ميشيغان على قرار يجعل التأمين الطبي يغطي تكلفة الإجهاض كجزء من حق المرأة في ذلك.
* هذ الأمر تم تسيسه؛ فترامب قال إنه لن يتدخل في حكم الولايات، وهناك 7 ولايات بالفعل تمكن الناخبون فيها من تحقيق انتصارات فيما يتعلق بمسألة الإجهاض والحمل وتحكم المرأة في جسدها، فهل تمت المبالغة في الرد على فوز ترامب من جانب بعض المنظمات الحقوقية النسائية؟
** أنا أرى أن ترامب يشجع على الحمل والإنجاب، لا سيما أطفال الانابيب والقدرة على الوصول إلى هذه التقنية، وإذا باتت القدرة على الوصول إلى أطفال الأنابيب متاحة للجميع وتمت تغطية تكاليفها من خلال برامج الرعاية الطبية، فغن هذا الامر سيكون ثوريًا لصالح أمريكا والمجتمع الأمريكي.