هل يكون ضمّ الضفة الغربية هدية ترامب لإسرائيل في ولايته الثانية؟
تصاعد الحديث الإسرائيلي مؤخرًا عن ضم الضفة الغربية المحتلة، وذلك عقب فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية. وساد تفاؤل بين المسؤولين الإسرائيلية بإمكانية تحقيق هذا الهدف بدعم من الرئيس العائد إلى البيت الأبيض بعد غياب 4 سنوات، والذي كان قد قدم لإسرائيل خدمات غير مسبوقة خلال ولايته الأولى.
وأثار هذا التفاؤل مخاوف الفلسطينيين من أن يكون ضم الضفة هو الهدية الجديدة التي سيقدمها ترامب لإسرائيل خلال ولايته الثانية على غرار الهدايا التي قدمها لها خلال ولايته الأولى، حيث كان قد اعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، كما منح إسرائيل السيادة على مرتفعات الجولان السوري المحتل.
دعم ترامب
ووفقًا لصحيفة “معاريف” الإسرائيلية فإنه بحسب أحد المشاركين في مخطط ضم الضفة فإن محادثة أولية جرت بالفعل مع ترامب بشأن المخطط، وتناولت إمكانية إعادة خطة السيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية على الطاولة، وهي الخطة التي كانت جاهزة وكادت تنفذ خلال ولايته الأولى.
وبعد المحادثة، تلقى نشطاء خطة السيادة الإسرائيلية رسالة غامضة إلى حد ما مفادها أن «الرئيس استمع ولم نسمع منه لا». وفضلوا تفسيرها على أنها “نعم”.
وكان المرشح لمنصب السفير الأميركي لدى إسرائيل في الإدارة الأميركية الجديدة، مايك هاكابي، قد عبر عن تفاؤله بشأن دعم ترامب التوجه الإسرائيلي لضم الضفة الغربية.
وقال هكابي في مقابلة أجراها مع إذاعة الجيش الإسرائيلي عندما سئل عن موافقة ترامب على ضم إسرائيل للضفة الغربية: “بالطبع، لكنني لست من سيحدد السياسة، وإنما سأطبق السياسات التي سيصنعها الرئيس ترامب”.
وعبر هكابي عن تفاؤله بمسألة الموافقة على ضم إسرائيل للضفة “نظرًا لقرارات ترامب السابقة كنقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس والجولان” معربًا عن أمله في استمرار ترامب على نفس الطريق.
استعدادات إسرائيلية
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد كشفت أن خطط ضم الضفة لإسرائيل جاهزة، وعملت عليها حكومة نتنياهو خلال الولاية الأولى لدونالد ترامب بوصفها جزءًا مما سُميت وقتها “صفقة القرن”، وتشمل خرائط مفصلة وأوامر توسيع المستوطنات وصياغة لقرار حكومي.
وذكرت الهيئة أن نتنياهو طرح في اجتماعات مغلقة ضم الضفة الغربية لإسرائيل مع تسلم ترامب مهام منصبه. فيما تعهد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن يكون 2025 عام السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
وكتب الوزير الإسرائيلي المتطرف عبر حسابه على منصة إكس قائلًا: “2025 عام السيادة في يهودا والسامرة”، في إشارة إلى الضفة الغربية. وأصدر سموتريتش تعليمات لإدارة الاستيطان والإدارات المدنية من أجل إعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق تلك السيادة المزعومة.
وتأتي هذه التطورات تزامنا مع إقرار الكنيست الإسرائيلي قوانين تحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في المناطق التي تقول إنها تتبع “السيادة الإسرائيلية”.
ووفق اتفاق أوسلو، تنقسم أراضي الضفة الغربية إلى 3 مناطق هي: “أ” و”ب” و”ج”، حيث يشمل تهديد سموتريتش ضم أراضي المنطقة “ج” التي تنتشر فيها المستوطنات والبؤر الاستيطانية.
كما أن عدم قدرة السلطة الفلسطينية على ممارسة سيادتها على الأراضي الواقعة تحت سيطرتها نتيجة هيمنة الاحتلال يهدد أراضي الضفة كافة، وفق ما جاء في الحلقة.
أولوية ترامب
من جانبها شككت محررة الشؤون السياسية في صحيفة معاريف الإسرائيلية، آنا براسكي، في إمكانية تحقيق اليمين الإسرائيلي المتطرف لطموحاته بضم أراضي الضفة الغربية خلال ولاية ترامب الثانية، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب يعطي الأولوية لأمر آخر ربما يتعارض مع هذا الهدف.
وقالت براسكي في تقرير نشرته الصحيفة، اليوم السبت، إن التطبيع بين السعودية وإسرائيل مقدم على ضم الضفة في أجندة ترامب للشرق الأوسط، مشيرة إلى أنه أكد مرارًا على أهمية تعزيز التحالف مع الرياض في مواجهة “التهديدات الإيرانية”.
وأضافت: “من وجهة نظر ترامب، فإن التعاون الدفاعي مع السعودية يأتي في المقام الأول، إذ يعتقد ترامب أن محاربة النفوذ الإيراني في المنطقة هو الأهم، وأن ضم أراضٍ في الضفة الغربية قد يؤدي إلى تعقيد هذه الجهود”.
واستشهدت الكاتبة بفهم المسؤولين الإسرائيلين لتصريحات مايك هاكابي الذي اختاره ترامب سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل، والتي فهم اليمين الإسرائيلي أنها تعني دعمًا لمخطط ضم الضفة، مؤكدة أن الحقيقة أن ترامب قد لا يدعم هذا الخيار كما يظن البعض.
ورقة تفاوض
وتقول الكاتبة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يستخدم مخطط ضم الضفة الغربية “ورقة مساومة” في المفاوضات مع السعوديين.
وأضافت: “من المرجح أن يتفاوض نتنياهو مع السعوديين حول تطبيع العلاقات، ويعرض الضم جزءًا من الصفقة. هذه هي الإستراتيجية التي استخدمها في اتفاقات السلام السابقة مع الإمارات والبحرين، وإذا كانت قد نجحت سابقا، فلماذا لا يحاول نتنياهو تكرارها؟”.
ولذلك، ترى براسكي أن “التوقعات التي تراهن على ضم الضفة الغربية قد تكون مبالغًا فيها لأن الواقع السياسي على الأرض، خاصة في أميركا والسعودية، قد يفرض على نتنياهو تغييرات في إستراتيجياته”.
أجندة التطبيع
وتقول الكاتبة الإسرائيلية إن أي اتفاق مع السعودية قد يتطلب من نتنياهو تقديم “تنازلات كبيرة في الملف الفلسطيني”، خاصة مع الضغوط التي ستمارسها الرياض في هذا الاتجاه. وهذا يعني أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد يواجه صعوبة في تمرير مثل ذلك الاتفاق داخل ائتلافه الحاكم.
وتضيف: “اليوم هناك عدد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية يرفضون بشكل قاطع فكرة العودة إلى المفاوضات بشأن إقامة دولة فلسطينية. وحتى إذا كان نتنياهو سيحاول تمرير الصفقة، فإن الأمر قد يواجه معارضة شديدة من داخل حكومته”.
وتختم براسكي بالقول: “لقد بدأنا في العد التنازلي. وإذا أراد نتنياهو تأمين اتفاق تاريخي مع السعودية، سيتعين عليه التفكير بعناية في كيفية تقديم تنازلات في ملف الضم”.