السودان: مقتل 300 شخص بتسمم غير معروف.. والحرب تقتل 130 ألفًا وتشرد 11 مليون
أعلن رئيس المكتب الاستشاري للطب الشرعي بوزارة الصحة الاتحادية، عقيل سوار الذهب، ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن تسمم غير معروف بمنطقة الهلالية بولاية الجزيرة في وسط السودان لأكثر من 300 قتيل.
واستبعد سوار الذهب في تصريحات للجزيرة أن تكون الوفيات التي وصفها بالمزعجة، نتيجة تفشي مرض الكوليرا، وذلك استنادًا إلى معايير طبية.
وناشد المسؤول السوداني المنظمات المتخصصة الدولية مثل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بالتدخل العاجل لتقديم العون للضحايا واستقصاء المعلومات حول الوفيات الغامضة، وفق تعبيره.
وفي السياق نفسه، قالت مصادر محلية إن أكثر من 200 شخص قتلوا بالهلالية جراء الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المنطقة منذ أكثر من أسبوعين. وأوضحت تلك المصادر أنهم قضوا برصاص قوات الدعم السريع، بينما توفي البعض الآخر بسبب تسمم المياه وانتشار وباء الكوليرا.
اتهامات
وأدانت نقابة أطباء السودان، بأشد العبارات، الجرائم ضد الإنسانية التى ترتكبها الدعم السريع ضد المدنيين، وحملتها «المسئولية الكاملة عما يحدث من جرائم يندى لها جبين البشرية بحق مواطنى مدينة الهلالية وبقية السودانيين فى مختلف أنحاء السودان».
واتهمت النقابة قوات الدعم السريع بنهب وسرقة صيدليات ومستشفى منطقة الهلالية ومنع الكوادر الطبية من إسعاف المصابين، داعية إلى إنقاذ المدنيين في ظل الحصار الذي تفرضه عليهم تلك القوات منذ أسبوعين.
وأدانت النقابة الحصار على منطقة الهلالية وممارسة ما وصفته بأعمال “القتل والنهب ضد المدنيين العزل” وطالبت المنظمات الأممية بفتح جسر إنساني وإجلاء المدنيين من المنطقة. وقد صعّدت قوات الدعم السريع الفترة الأخيرة هجماتها في ولاية الجزيرة بعد انشقاق أحد قادتها وانضمامه للجيش.
فيضانات قاتلة
فى سياق متصل، أفاد مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية «أوتشا» بأن 1.4 مليون شخص تأثروا بالفيضانات فى 43 مقاطعة وفى منطقة أبيى المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، بينما نزح أكثر من 379 ألف شخص، محذرا من تفشى الملاريا.
وحذر “أوتشا” من عودة ظهور مرض الملاريا في العديد من المناطق المتضررة من سوء الأحوال الجوية. وأضاف أن عودة ظهور الملاريا، تثقل كاهل “النظام الصحي وتؤدي إلى تفاقم الوضع في المناطق المتضررة من الفيضانات”.
وأشار إحصاء سابق أعده “اوتشا” – قبل شهر – إلى أن نحو 893 ألف شخص تضرروا من الفيضانات الشديدة في هذا البلد، وهو أحد أفقر البلدان في العالم، كما نزح أكثر من 241 ألف شخص . ويواجه جنوب السودان أسوأ فيضانات منذ عقود، خاصة في الشمال، وفقا للمنظمات الإنسانية.
ضحايا الحرب
يأتي ذلك فيما تواصلت المعارك المندلعة في السودان منذ منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وبين قوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وقد خلفت هذه الحرب عشرات آلاف القتلى، وشردت أكثر من 11 مليون سوداني، وتسببت – وفق الأمم المتحدة- بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الصراع بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية.
وقدّر بحث أجرته 4 جامعات أميركية عدد السودانيين الذين قتلوا بشكل مباشر وغير مباشر خلال الحرب الحالية المستمرة منذ 18 شهرا بنحو 130 ألفا، وفقًا لموقع “سكاي نيوز عربية“.
واعتبر البحث أن الصراع الحالي في السودان هو واحدا من أكثر الصراعات دموية على مستوى العالم، لكنه الأقل حظا من حيث التغطية الإعلامية مما أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا بشكل مقلق.
واستند مختصون في الطب والصحة العامة في جامعات نبراسكا وكاليفورنيا ولوفين وأوريغون، في بحثتهم على تقديرات نقابة أطباء السودان ومنظمات دولية، أحصت نحو 19 ألف قتلوا بشكل مباشر، مضافا إليهم نحو 111 ألف فقدوا حياتهم بسبب عدم القدرة على الحصول على الغذاء والعلاج أو لأسباب أخرى ناجمة عن تداعيات الحرب.
وتتزايد أعداد ضحايا القصف الجوي والمواجهات العسكرية في السودان بالتوازي مع احتدام القتال في نحو 70 في المئة من مناطق البلاد، وانتشار العديد من الأمراض المعدية مثل الكوليرا.
وأقرّ الباحثون بصعوبة إجراء إحصاءات دقيقة في ظل الفوضى الكبيرة التي تعيشها البلاد، ودفن العديد من القتلى دون سجلات، أو ترك أعداد كبيرة من الجثث في الطرقات بسبب الأوضاع الأمنية الخطيرة، وخروج معظم المستشفيات عن الخدمة.
أزمة إنسانية عميقة
وتسببت الحرب السودانية في أزمة إنسانية عميقة صاحبتها أعمال تطهير عرقي واسعة وحالات نزوح جماعي ونقص كبير في الغذاء، وتزداد الأمور تعقيدا في ظل الانتشار المخيف للأمراض.
وقال الباحثون “إن النظر في أعداد القتلى في مثل هذا الصراع لا يشمل فقط إحصاء القتلى نتيجة مباشرة للعنف – وهو أمر يصعب تحديده – ولكن أيضا أولئك الذين ماتوا بسبب عوامل تفاقم الصراع، مثل غياب الرعاية الطارئة، وانهيار برامج التطعيم ونقص الغذاء والدواء الأساسيين”.
وسجلت منظمة بيانات أحداث الصراعات المسلحة “أسليد”، وهي منظمة غير ربحية متخصصة في جمع البيانات المتعلقة بالصراعات، ما يزيد في المتوسط عن 1200 حالة وفاة مباشرة بسبب الصراع شهريا في السودان، وهو ما يعني مقتل نحو 21600 شخص خلال الأشهر الثمانية عشر التي تلت اندلاع الحرب.
ويقارب هذا الرقم تقديرات أخرى صدرت عن نقابة أطباء السودان مجموعة “حماية السودان”، وهي مجموعة مركزية من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي استخدمت بيانات منظمة الصحة العالمية.
وتستمد “أسليد” تقديراتها لعدد الوفيات من وسائل الإعلام التقليدية وتقارير المنظمات غير الحكومية الدولية والمراقبين المحليين، بالإضافة إلى حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الموثقة.