نتنياهو يطيح بمنافسه غالانت في يوم الانتخابات الأمريكية.. واحتجاجات واسعة في إسرائيل
في خطوة مفاجئة من حيث توقيتها أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت، وتعيين وزير الخارجية يسرائيل كاتس وزيرًا جديدًا للدفاع في إسرائيل، كما عين غدعون ساعر وزيرًا جديدا للخارجية.
ووفقًا لتقارير إعلامية فقد استغرقت مكالمة الإقالة بين نتنياهو وغالانت 3 دقائق فقط. فيما قال مقربون من نتنياهو إنه ينوي كذلك إقالة رئيس أركان الجيش ورئيس الشاباك.
وبرر نتنياهو قراره بإقالة غالانت بأزمة الثقة التي نشأت تدريجيًا بينهما، وأثرت سلبيًا على إدارة الحرب بصورة طبيعية. وقال إن “أزمة الثقة التي حلت بيني وبين وزير الدفاع لم تجعل من الممكن استمرار إدارة الحرب بهذه الطريقة”. وأضاف أنه على ثقة بأن هذه الخطوة ستجعل مجلس الوزراء أكثر انسجامًا.
قرارا مفاجي
وقال موقع الإذاعة الوطنية الأمريكية إن قرار نتنياهو بإقالة غالانت هو قرار مفاجئ في توقيته الذي يتزامن مع يوم الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولأنه جاء في الوقت الذي تخوض فيه البلاد حروباً على جبهات متعددة في المنطقة، ووسط ترقب إسرائيل لرد إيراني على الهجوم الأخير الذي شنته تل أبيب عليها.
وهذه هي المرة الثانية التي يقيل فيها نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت؛ حيث أقاله قبل نحو عام ونصف على خلفية التعديلات القضائية المثيرة للجدل، ولكنه اضطر للتراجع عن قرار الإقالة بعد خروج مظاهرات حاشدة في إسرائيل منددة بقرار الإقالة، وشارك فيها مئات الآلاف من الإسرائيليين.
وكان نتنياهو وغالانت على خلافات متكررة بشأن الحرب في غزة. لكن نتنياهو تجنب إقالة منافسه. وأشار نتنياهو إلى “فجوات كبيرة” و”أزمة ثقة” بينه وبين وزير دفاعه في إعلان إقالته مساء اليوم الثلاثاء.
وقال نتنياهو: “في خضم الحرب، أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة إلى الثقة الكاملة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع. لسوء الحظ، على الرغم من وجود مثل هذه الثقة في الأشهر الأولى من الحرب وكان هناك عمل مثمر للغاية، إلا أن هذه الثقة تصدعت بيني وبين وزير الدفاع خلال الأشهر الأخيرة”.
خلافات مستمرة
وفي الأيام الأولى من الحرب، قدمت القيادة الإسرائيلية جبهة موحدة في ردها على هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023. ولكن مع استمرار الحرب وانتشارها إلى لبنان، ظهرت اختلافات وخلافات سياسية رئيسية.
وفي حين دعا نتنياهو إلى استمرار الضغط العسكري على حماس، اتخذ غالانت نهجًا أكثر واقعية، قائلا إن القوة العسكرية خلقت الظروف اللازمة على الأقل للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي مؤقت يمكن أن يعيد الرهائن المحتجزين لدى الجماعة المسلحة إلى ديارهم.
ويتهم العديد من عائلات الرهائن، إلى جانب عشرات الآلاف من الأشخاص الذين انضموا إلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة، نتنياهو بإفشال الصفقة من أجل الحفاظ على قبضته على السلطة. وهدد شركاء نتنياهو المتشددون بإسقاط الحكومة إذا قدم تنازلات لحماس، مما يزيد من خطر إجراء انتخابات مبكرة في وقت أصبحت فيه شعبية رئيس الوزراء منخفضة.
احتجاجات فورية
وبعد وقت قصير من الإعلان عن إقالة غالانت، نزل المئات إلى الشوارع في تل أبيب للاحتجاج على قرار الإقالة، وأغلق المحتجون محور أيالون في تل أبيب الكبرى.
وفيما يبدوا استعدادا لمظاهرات رافضة لقرار الإقالة؛ نشرت وسائل إعلام إسرائيلية، مشاهد من إغلاق شرطة الاحتلال الإسرائيلي للطرق وتحويلها حركة المرور في شارع غزة قرب مقر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس بعد إقالة يوآف غالانت وزير الدفاع.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية: “استعدادا للاحتجاج المتوقع أمام مقر رئيس الوزراء في القدس، وضعت الشرطة حواجز وقد أرسلت بالفعل قوات إلى المكان”.
ودعت جماعات المعارضة إلى احتجاجات حاشدة في وقت متأخر من اليوم الثلاثاء. وقال المنتدى الشعبي الذي يمثل عائلات الرهائن إن إقالة غالانت هي “استمرار مباشر لـ”الجهود” الرامية إلى نسف صفقة المختطفين”. ودعت وزير الدفاع الجديد، إسرائيل كاتس، إلى تقديم “التزام صريح” بإنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق لإعادة أحبائهم إلى ديارهم.
وبدورها اعتبرت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة أن إقالة غالانت تمثل استمرارا لجهود نتنياهو لإحباط مساعي إعادة المخطوفين. وطالب رئيس حزب الديمقراطييين الإسرائيلي يائير غولان من الإسرائيليين النزول إلى الشوارع عقب إقالة وزير الدفاع.
أزمة تجنيد الحريدم
وقالت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية إن قرار نتنياهو جاء ردًا على قرار غالانت هذا الأسبوع بإرسال آلاف الإخطارات للتجنيد إلى الشباب اليهود المتشددين دينيًا.
وبموجب ترتيب قائم منذ فترة طويلة ومثير للجدل، يُعفى الرجال المتدينون من الخدمة العسكرية، التي تعد إلزامية بالنسبة لمعظم اليهود.
وقد أثار هذا النظام استياء واسع النطاق بين الأغلبية العلمانية، وأمرت المحكمة العليا في إسرائيل الحكومة بإلغاء النظام. ولم ينفذ نتنياهو، الذي يعتمد ائتلافه الحاكم على الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة، الأمر بعد.
ردود فعل رافضة
وفي أول تعليق له على قرار إقالته، قال غالانت إن أمن دولة إسرائيل كان وسيبقى رسالته في الحياة. فيما قال زعيم المعارضة يائير لبيد إن إقالة غالانت في خضم الحرب عمل جنوني، وإن نتنياهو يبيع أمن إسرائيل وجنود الجيش من أجل بقائه السياسي.
ومن جهته، قال العضو السابق في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس إن إقالة غالانت هي إقالة سياسة على حساب أمن الدولة.
أما رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، فقال إنه إذا كان جائزا استبدال وزير الدفاع في خضم الحرب فمن الممكن أيضا استبدال رئيس الوزراء.
كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين قولهم إن “إقالة غالانت في هذا التوقيت قرار غير مسؤول بينما نترقب هجوما من إيران”. ونقلت عن مصدر أمني قوله إن نتنياهو اختار السياسة بدلا من أمن الدولة.
وقال مسؤول كبير لهيئة البث الإسرائيلية، إن الثقة هامة، لكن إقالة وزير دفاع في هذا التوقيت أمر غير مناسب على الإطلاق. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤول كبير قوله إن غالانت تم التضحية به على مذبح قانون الإعفاء من التجنيد.
وقت حساس
وتأتي هذا الإقالة في وقت حساس، حيث لا تزال القوات الإسرائيلية عالقة في غزة، بعد أكثر من عام من غزوها للقطاع، بينما تواصل القوات البرية الإسرائيلية غزوها البري المستمر منذ شهر ضد مقاتلي حزب الله في لبنان.
كما اشتبكت إسرائيل مع مجموعات مدعومة من إيران في العراق وسوريا واليمن، وتواجه احتمال تعرضها لضربة أخرى من إيران، حيث تعهدت إيران بالانتقام من ضربة إسرائيلية جاءت ردًا على هجوم صاروخي إيراني في الأول من أكتوبر، والذي كان في حد ذاته انتقامًا لهجمات إسرائيلية سابقة على أهداف مرتبطة بإيران.
وقالت القناة 13 التلفزيونية إن نتنياهو استغل أيضًا الانتخابات الأميركية، حيث ينصب الاهتمام الأمريكي على شأن آخر، لتنفيذ مخطط التخلص من منافسه دون ان يواجه رد فعل عنيف من جانب إدارة بايدن المنشغلة بالانتخابات.
الموقف الأميركي
لم يصدر حتى الآن تعليق من الإدارة الأميركية -المشغولة بالانتخابات الرئاسية الحاسمة التي بدأت قبل ساعات- ولكن – وفي وقت سابق- نقل مسؤولون إسرائيليون عن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان وصفهما إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت في أثناء الحرب بأنه ضرب من الجنون.
كما نقلت هآرتس عن مصدر في الإدارة الأميركية قوله إن واشنطن ستجد “طريقة للتعامل مع أي شخص يتولى منصب وزير الدفاع في إسرائيل”، وأشار إلى أن كاتس لن يتمتع بالعلاقة الوثيقة ذاتها مع واشنطن التي تمتع بها غالانت.