أخبارأخبار العالم العربي

بعد 107 أعوام على صدور وعد بلفور.. الشعب الفلسطيني يتعرض لأكبر جريمة إبادة جماعية

مرت أمس السبت 2 نوفمبر، الذكرى الـ107 لصدور اعلان بلفور المشؤوم، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين.

ووفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) فقد كان “إعلان بلفور” بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين؛ استجابة مع رغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.

أكبر جريمة إبادة

وبهذه المناسبة أصدرت منظمة التحرير الفلسطينية بيانًا أكدت فيه أن الشعب الفلسطيني، بعد مرور 107 أعوام على صدور “وعد بلفور”، يتعرض لـ”أكبر جريمة إبادة جماعية في ظل عجز دولي عن وقفها”.

وطالب المجلس الوطني الفلسطيني، الذي يمثل برلمان المنظمة، حكومة بريطانيا بالاعتذار عن هذا “الوعد وتبعاته على القضية الفلسطينية، إضافة لتعويض الشعب الفلسطيني”.

وفي الثاني من نوفمبر من كل عام، تمر الذكرى السنوية لصدور وعد بلفور عام 1917، الذي منحت بريطانيا بموجبه أرض فلسطين للحركة الصهيونية، لإقامة “وطن قومي لليهود”.

وقال المجلس في بيانه: “إن هذه الذكرى تتزامن مع استمرار أكبر جريمة إبادة جماعية يتعرض لها شعبنا الفلسطيني، في ظل عجز دولي عن وقفها”.

وتابع: “بعض الدول الكبرى، التي دعمت الاحتلال في ذلك الوقت، لا تزال حتى يومنا هذا تقدم الدعم للاحتلال، في حرب التطهير العرقي والتهجير القسري”.

وأكد على “حق الشعب الفلسطيني التاريخي في أرضه، والدفاع عن نفسه بكافة الوسائل التي كفلتها القوانين والمواثيق الدولية”.

وحمّل المجلس الوطني “بريطانيا، ومن خلفها المجتمع الدولي، المسؤولية عن جريمة إعلان بلفور بحق شعبنا وتبعاته القانونية والأخلاقية”، مطالبا إياها بـ”الاعتذار والاعتراف بمسؤوليتها عن هذه الجريمة، وتعويضه”.

والمجلس الوطني الفلسطيني هو الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره، داخل فلسطين وخارجها، ويُعتبر حسب النظام الأساسي لمنظمة التحرير السلطة العليا للمنظمة، والجهة التي تضع سياساتها.

وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 إبادة جماعية على غزة خلّفت أكثر من 145 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

وعد بلفور

جدير بالذكر ان وعد بلفور جاء على شكل تصريح موجه من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس بلفور في حكومة ديفيد لويد جورج في الثاني من نوفمبر عام 1917، إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية.

ووفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) فقد تم ذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى، واستطاع من خلالها الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة.

وعد غربي

وكانت الحكومة البريطانية قد عرضت نص إعلان بلفور على الرئيس الأميركي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا سنة 1918، ثم تبعها الرئيس الأميركي ولسون رسميا وعلنيا سنة 1919، وكذلك اليابان؟

وفي 25 نيسان سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب.

وفي 24 تموز عام 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول 1923، وبذلك يمكننا القول إن إعلان بلفور كان وعدًا غربيًا وليس بريطانيا فحسب.

ردود الفعل العربية

في المقابل اختلفت ردود أفعال العرب تجاه الاعلان بين الدهشة، والاستنكار، والغضب، وبهدف امتصاص حالة السخط والغضب التي قابل العرب بها إعلان بلفور، أرسلت بريطانيا رسالة إلى الشريف حسين، بواسطة الكولونيل باست، تؤكد فيها الحكومة البريطانية أنها لن تسمح بالاستيطان اليهودي في فلسطين إلا بقدر ما يتفق مع مصلحة السكان العرب، من الناحيتين الاقتصادية والسياسية.

ولكنها في الوقت نفسه أصدرت أوامرها إلى الإدارة العسكرية البريطانية الحاكمة في فلسطين، أن تطيع أوامر اللجنة اليهودية التي وصلت إلى فلسطين في ذلك الوقت برئاسة حاييم وايزمن خليفة هرتزل، وكذلك عملت على تحويل قوافل المهاجرين اليهود القادمين من روسيا وأوروبا الشرقية إلى فلسطين، ووفرت الحماية والمساعدة اللازمتين لهم.

رد الفعل الفلسطيني

أما الشعب الفلسطيني فلم يستسلم للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرض على الأرض من قبل الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة، بل خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929، ثم تلتها ثورة 1936.

الحركة الصهيونية العالمية

من جهتها، اتخذت الحركة الصهيونية العالمية وقادتها من هذا الوعد مستندا قانونيا لتدعم به مطالبها المتمثلة، في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، وتحقيق حلم اليهود بالحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي لهم، يجمع شتاتهم بما ينسجم وتوجهات الحركة الصهيونية، بعد انتقالها من مرحلة التنظير لأفكارها إلى حيز التنفيذ في أعقاب المؤتمر الصهيوني الأول، الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا عام 1897، والذي أقرّ البرنامج الصهيوني، وأكد أن الصهيونية تكافح من أجل إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين.

وتبدو الإشارة إلى إعلان بلفور في نص وثيقة الاستقلال المعلنة مع قيام دولة إسرائيل، دليلا فصيحا على أهمية هذا الوعد بالنسبة لليهود، حيث نقرأ في هذه الوثيقة: “الانبعاث القومي في بلد اعترف به وعد بلفور…”.

دولة على أرض الغير

وتمكن اليهود من استغلال تلك القصاصة الصادرة عن آرثر بلفور المعروف بقربه من الحركة الصهيونية، ومن ثم صك الانتداب، وقرار الجمعية العامة عام 1947، القاضي بتقسيم فلسطين ليحققوا حلمهم بإقامة إسرائيل في الخامس عشر من أيار عام 1948، وليحظى هذا الكيان بعضوية الأمم المتحدة بضغط الدول الكبرى، ولتصبح إسرائيل أول دولة في تاريخ النظام السياسي العالمي التي تنشأ على أرض الغير، وتلقى مساندة دولية جعلتها تغطرس في المنطقة، وتتوسع وتبتلع المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية، وتبطش بمن تبقى من الشعب الفلسطيني على أرضه دون رحمة.

سكان فلسطين

وإعلان بلفور أعطى وطنا لليهود وهم ليسوا سكان فلسطين، حيث لم يكن في فلسطين من اليهود عند صدور التصريح سوى 50 ألفا من أصل عدد اليهود في العالم حينذاك، والذي كان يقدر بحوالي 12 مليونا، في حين كان عدد سكان فلسطين من العرب في ذلك الوقت يناهز مليونا و650 ألفا من المواطنين الذين كانوا، ومنذ آلاف السنين يطورون حياتهم في بادية وريف ومدن هذه الأرض، ولكن الوعد المشؤوم تجاهلهم ولم يعترف لهم إلا ببعض الحقوق المدنية والدينية، متجاهلا حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية.

نص إعلان بلفور

فيما يلي نص اعلان بلفور: “وزارة الخارجية البريطانية… 2 نوفمبر 1917م…. عزيزي اللورد روتشيلد… يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته”

“إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهوما بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى”. وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علما بهذا التصريح.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى