العدوان والتعنت الإسرائيلي يضعف الآمال في وقف إطلاق النار في غزة ولبنان
تراجعت احتمالات التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وكل من حماس وحزب الله مع استمرار القصف الإسرائيلي على الجبهتين اليوم الجمعة.
ووفقًا لوكالة “رويترز” فقد قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية 64 شخصًا على الأقل في قطاع غزة وفقا لما ذكره مسعفون في القطاع الفلسطيني، كما شن الجيش الإسرائيلي أكثر من 14 غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي وقت لاحق من يوم الجمعة، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل المسؤول الكبير في حماس عز الدين كساب في غارة جوية على خان يونس، ووصفه بأنه أحد آخر الأعضاء البارزين الباقين على قيد الحياة في حماس المسؤولين عن التنسيق مع الجماعات الأخرى في غزة.
وكان المبعوثون الأميركيون يعملون على تأمين وقف إطلاق النار على الجبهتين في غزة ولبنان قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة الثلاثاء المقبل.
استمرار العدوان
وواصلت إسرائيل هجماتها العسكرية على غزة ولبنان اليوم الجمعة. وقال مسعفون في غزة إن نحو 64 شخصا قتلوا وأصيب العشرات خلال الليل وحتى صباح الجمعة في غارات إسرائيلية على مدينة دير البلح ومخيم النصيرات وبلدة الزوايدة، وكلها في منطقة وسط غزة وكذلك في جنوبها.
وقال مسعفون في مستشفى العودة بالمخيم إن 14 شخصًا قتلوا في غارة إسرائيلية على بوابة مدرسة تؤوي نازحين فلسطينيين في النصيرات. وقال مسعفون إن 10 آخرين قتلوا في سيارة في خان يونس جنوب غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت ما أسماه إرهابيين مسلحين في وسط غزة ومنطقة جباليا الشمالية. ولم يدل الجيش بأي تعليق فوري على الغارة على المدرسة، رغم أنه ينفي عادة مهاجمة المدنيين عمداً.
وقال رؤساء وكالات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة يوم الجمعة إن الوضع في شمال غزة “كارثي” حيث يواجه السكان الفلسطينيين بالكامل “خطر الموت الوشيك بسبب المرض والمجاعة والعنف” بينما تواصل إسرائيل هجومها ضد مسلحي حماس في المنطقة.
وقال صحافيون من رويترز إن إسرائيل قصفت أيضا الضاحية الجنوبية لبيروت صباح الجمعة بما لا يقل عن عشر ضربات. وكان هذا أول قصف للمنطقة ـ التي كانت ذات يوم منطقة مكتظة بالسكان ومعقلا لحزب الله ـ منذ ما يقرب من أسبوع. وتأتي الغارات بعد أن أصدرت إسرائيل أوامر بإخلاء 10 أحياء منفصلة.
وقال أحد سكان العاصمة اللبنانية بيروت لرويترز “هذه حرب وحشية وإسرائيل ليس لها الحق في القيام بذلك… يجب وضع حد لإسرائيل لأنها لا تلتزم بأي من القوانين أو الأخلاق الإنسانية”.
وقال رجل آخر من سكان بيروت، إنه يعتقد أن الغارات الجوية الإسرائيلية كانت وسيلة للضغط على لبنان في مفاوضات وقف إطلاق النار.
انهيار جهود الهدنة
وقد أدت الأعمال العدائية الإسرائيلية إلى تقويض أي أمل في التوصل إلى هدنة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من نوفمبر، حيث كانت الجهود الأمريكية تركز على اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان وهدنة مؤقتة في غزة.
وقالت حركة حماس إنها لا تفضل هدنة مؤقتة، مشيرة إلى أن مقترحات وقف إطلاق النار فشلت في تلبية شروطها التي تنص على أن أي اتفاق يجب أن ينهي الحرب المستمرة منذ أكثر من عام في غزة، وأن يشمل انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع الفلسطيني المدمر وعودة النازحين.
وقال قيادي في حركة حماس للجزيرة إن الحركة استمعت من مصر وقطر لأفكار عن هدنة لأيام محددة وزيادة المساعدات وتبادل جزئي للأسرى، لكنه أكد أن المقترحات “لا تعالج احتياج شعبنا للأمن والإغاثة والإعمار ولا فتح المعابر خصوصا معبر رفح”.
وأضاف القيادي أن المقترحات لا تتضمن وقفا دائما للعدوان ولا انسحابا للاحتلال من قطاع غزة ولا عودة للنازحين، وقال “أكدنا مطلب شعبنا بوقف دائم لإطلاق النار والانسحاب من القطاع وعودة النازحين ورفع الحصار”.
كما أكد القيادي أن حركة حماس منفتحة على أي أفكار أو مفاوضات لتحقيق هذه الأهداف وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2735، مشددا على ضرورة توفير مقومات الحياة وإعادة الإعمار وتحقيق تبادل يتضمن رفع المعاناة عن الأسرى الفلسطينيين.
وتقوم قطر ومصر والولايات المتحدة بدور الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس في محادثات على مدى أشهر، وتوقفت المفاوضات في أغسطس الماضي من دون التوصل إلى اتفاق.
تعنت إسرائيلي
من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن أولويته هي فرض الأمن “رغم أي ضغوط أو قيود”. وقال مكتبه إنه نقل هذه الرسالة إلى المبعوثين الأميركيين آموس هوكشتاين وبريت ماكجورك في إسرائيل أمس الخميس.
وقال نتنياهو في كلمة ألقاها أمام جنود متخرجين يوم الخميس: “الاتفاقيات والوثائق والمقترحات ليست هي النقطة الرئيسية، النقطة الأساسية هي قدرتنا وعزمنا على فرض الأمن وإحباط الهجمات ضدنا والعمل ضد تسليح أعدائنا حسب الضرورة”.
واتهم رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إسرائيل بالتعنت وعرقلة أي تقدم في المفاوضات. وقال إن “التصريحات الإسرائيلية والإشارات الدبلوماسية التي تلقاها لبنان تؤكد التعنت الإسرائيلي في رفض الحلول المقترحة والإصرار على نهج القتل والتدمير”.
وقصفت إسرائيل الخميس منطقة بعلبك في شرق لبنان، حيث توجد آثار رومانية مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وقالت مجموعة ثقافية تنظم مهرجانات سنوية وسط الآثار إن بعض الشقوق ظهرت بسبب الضربات الإسرائيلية القريبة من المكان.
اتفاق لبنان
وكان مصدر مقرب من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري قد قال لقناة الجزيرة اليوم الجمعة إنه تم التوافق مع المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين في بيروت على بنود اتفاق يتم تنفيذه خلال 60 يوما.
وتشمل البنود وقف إطلاق نار شامل في كل من لبنان وإسرائيل، وانسحاب كل وجود عسكري غير رسمي إلى شمال نهر الليطاني.
وأضاف المصدر أنه بعد تطبيق هذه البنود سيتم إحياء التفاوض غير المباشر بين إسرائيل وحزب الله بشأن الخط الأزرق، مشيرا إلى أن أي “نقاط تم ترويجها في الإعلام الإسرائيلي” لم تناقش مع لبنان.
من ناحية أخرى قال مسؤول أميركي لقناة “الحرة” إن واشنطن لم تقدم اقتراحا بأن يعلن لبنان وقف إطلاق النار من جانب واحد.
وكان رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي قد نفى بدوره أن تكون الولايات المتحدة قد طلبت من بيروت إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد.
وقال مسؤول أميركي إن “واشنطن تعمل مع الطرفين على تحقيق وقف دائم لإطلاق النار. وأنها سعت إلى إقناع بيروت باستعادة زمام المبادرة إلى حد ما في المحادثات، خاصة في ضوء الاعتقاد بأن إسرائيل ستواصل على الأرجح عملياتها العسكرية في جنوب لبنان.
وخلفت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023، أكثر من 143 ألف قتيل وجريح فلسطيني، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
وفي أعقاب قصف متبادل عبر الحدود مع حزب الله وسعت إسرائيل نطاق الحرب منذ 23 سبتمبر الماضي لتشمل معظم مناطق لبنان، بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا محدودا في جنوبه.
وأسفر العدوان على لبنان إجمالا عن ألفين و865 قتيلا و13 ألفا و47 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح.