مقترح أمريكي إسرائيلي لإنهاء الحرب في لبنان بشروط مرفوضة
قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن مسؤولين أمريكيين كبار يزورون إسرائيل حاليًا لبحث مسودة اتفاق لإنهاء الحرب في لبنان، يسمح لإسرائيل بمواصلة غاراتها الجوية لمدة شهرين.
ويرى خبراء أن المقترح المطروح من المرجح أن يواجه مقاومة شديدة من جانب حزب الله والحكومة اللبنانية بسبب المخاوف من أنه ينتهك سيادة البلاد ويعطي لإسرائيل حق مواصلة العدوان.
وتتضمن الصفقة، التي اطلعت الصحيفة على مسودة منها، اتفاقا بين الولايات المتحدة وإسرائيل يسمح للقوات الإسرائيلية بضرب لبنان خلال فترة انتقالية مدتها 60 يومًا ردًا على أي تهديدات وشيكة.
ووفق مسودة المقترح ستنسحب القوات الإسرائيلية من لبنان خلال أسبوع، على أن تستأنف عملياتها العسكرية في حال خرق الاتفاق.
ويدعو المقترح لبنان وإسرائيل إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701، مع تنفيذ هدنة لمدة 60 يوما، على أن تبدأ القوات اللبنانية في الانتشار بالجنوب وقت انسحاب القوات الإسرائيلية منه.
ويدعو المقترح أيضا إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل).
والاتفاق المزمع بين الطرفين لن يمنعهما من حق الدفاع عن أنفسهما حال خرق أي منهما الاتفاق، ويُمنع انتشار السلاح في الجنوب اللبناني إلا بإشراف من الحكومة اللبنانية نفسها.
وتشدد مسودة الاتفاق المزعومة على منح الحكومة اللبنانية الصلاحيات اللازمة لتنفيذ قرار منع حزب الله من التسلح، مع مراقبة وتفكيك المنشآت العسكرية التي لا تعترف بها الحكومة لإنتاج الأسلحة، فضلا عن تفكيك أي بنية تحتية مسلحة لا تتوافق مع القرار 1701.
حل سياسي
وقالت مصادر لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن إسرائيل تدفع نحو حل دبلوماسي بلبنان، وتعتقد أنها قريبة من تحقيق كثير من أهدافها، في حين أن المقربين من نتنياهو لا يتوقعون التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الأمريكية التي ستجرى في الخامس من نوفمبر.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين لبنانيين أنهم يرفضون المقترح لكنهم لم يصرحوا بذلك علنًا، لتضمنه مجالات تتيح استمرار المفاوضات التي يمكن أن تنهي الحرب التي أسفرت عن مقتل 2867 لبنانيًا وإصابة أكثر من 13 ألفًا آخرين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على البلاد.
وقالت صحيفة “هآرتس” إنه رغم التقدم في صياغة مسودة الاتفاق؛ إلا أنه لا توجد حتى الآن تأكيدات بأن الاتفاق سيكون مقبولًا من قبل حزب الله طالما استمرت حرب غزة.
وقد أكد مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب ستفاوض تحت القصف، ولا أحد يوافق على وقف إطلاق النار للتفاوض على اتفاق.
تقدم في المفاوضات
فيما كشف موقع “أكسيوس” أن الموفدين الأمريكيين آموس هوكشتاين، وبريت ماكغورك أجريا محادثات مع نتنياهو في تل أبيب بشأن فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال الموقع إن نتنياهو ناقش أيضًا مع المبعوثين الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات بشأن اتفاق الأسرى الإسرائيليين في غزة، والتهديدات الإيرانية بالرد على الضربة الإسرائيلية.
ويأمل الوسطاء الأمريكيون بالتوصل إلى اتفاق إطاري لإطلاق النار خلال أيام، من شأنه أن يوقف أكثر من عام من القتال بين إسرائيل وحزب الله، ويؤدي إلى تهدئة الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط بشكل كبير لأول مرة منذ السابع من أكتوبر 2023، وسيكون هذا إنجازًا كبيرًا للرئيس بايدن في الأشهر الأخيرة من ولايته.
وقال مسؤول أمريكي إن رحلة الوساطة التي قام بها مستشار بايدن آموس هوكشتاين إلى بيروت الأسبوع الماضي أحرزت تقدماً نحو التوصل إلى اتفاق، وخاصة فيما يتعلق باستعداد حزب الله لإبرام صفقة مع إسرائيل منفصلة عن الحرب في غزة.
وأكد المسؤول أن المفاوضات المكثفة مع إسرائيل ولبنان حققت مزيدًا من التقدم منذ عودة هوكشتاين. وقبل مغادرته، تحدث هوكشتاين مع رئيس الوزراء اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي، حيث أبلغه أن “الوضع اليوم في المفاوضات أفضل من الأمس”.
وقال ميقاتي: “نأمل أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال ساعات أو في الأيام المقبلة، ونأمل أن نرى هوكشتاين في بيروت بحلول نهاية الأسبوع”. فيما قال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس بعد اجتماع مع بايدن في البيت الأبيض أمس الأربعاء إنه يعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان “في غضون أسبوع أو أسبوعين”.
تفاصيل مقترح الاتفاق
ووفقًا لموقع “أكسيوس” يتضمن مشروع الاتفاق المقترح التزامًا من جانب إسرائيل والحكومة اللبنانية باتخاذ خطوات نحو التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أنهى حرب عام 2006 في لبنان.
وبحسب المشروع فإن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل سيكونان المجموعتين المسلحتين الوحيدتين المنتشرين في جنوب لبنان .
ويسمح ببيع أو توريد الأسلحة والمواد ذات الصلة للجيش اللبناني فقط، كما أن إنتاج الأسلحة في لبنان سيكون تحت سيطرة الحكومة اللبنانية.
ويتعين على الجيش اللبناني أيضاً مراقبة هذه الشروط وتطبيقها، وتفكيك أي بنية تحتية عسكرية لا تخضع لسيطرة الحكومة اللبنانية.
وتنص المسودة على أن الاتفاق سيتم تنفيذه خلال فترة 60 يوماً. وتقرر إسرائيل سحب كل قواتها من لبنان على مراحل لا تتجاوز سبعة أيام بعد إعلان وقف إطلاق النار. ويفترض أن ينتشر الجيش اللبناني في جنوب لبنان بهدف الوصول إلى عشرة آلاف جندي في المنطقة.
وخلال فترة الستين يوماً، سيقوم الجيش اللبناني أيضاً بتفكيك ومصادرة كل البنية التحتية العسكرية غير التابعة للدولة في جنوب لبنان.
وبحسب المشروع، فإن إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة ودول أخرى ستنشئ أيضا آلية مراقبة وإنفاذ خلال هذه الفترة لحل النزاعات والتعامل مع الانتهاكات المزعومة.
وقال مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن الولايات المتحدة وافقت على تسليم إسرائيل رسالة تتضمن التزاما أميركيا بدعم العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان في حالة وجود انتهاكات للاتفاق أو تهديدات من جانب حزب الله والتي لا يتعامل معها الجيش اللبناني أو اليونيفيل.
وينص مشروع الرسالة على أن الولايات المتحدة تلتزم بتعيين ضابط عسكري أميركي كبير ومسؤول كبير في الأمن القومي الأميركي لرئاسة آلية المراقبة.
وينص مشروع الرسالة أيضا على أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستتقاسمان المعلومات الاستخباراتية بشأن الانتهاكات المشتبه بها، بما في ذلك انضمام أعضاء ميليشيا حزب الله إلى الجيش اللبناني.
وبحسب مسودة الرسالة، فإن الولايات المتحدة “تعترف” بأن إسرائيل قد تختار التحرك ضد الانتهاكات إذا فشل الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في القيام بذلك.
وتريد الولايات المتحدة أن تنص الرسالة على أنها ستتم استشارتها بشأن أي ضربة إسرائيلية في لبنان، وأن الهجوم من شأنه أن يتجنب وقوع إصابات بين المدنيين إلى أقصى حد ممكن، بحسب مسودة الرسالة.
وبحسب مسودة الرسالة فإن الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق لبنان ستكون لأغراض استخباراتية فقط “ولن تكون مرئية للعين المجردة إلى الحد الممكن” ولن تخترق جدار الصوت.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض شون سافيت إن الوثائق عبارة عن مسودات ولا تعكس الحالة الحالية للمفاوضات.
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من أن تؤدي المسودة المسربة إلى تعقيد المفاوضات وتوليد ردود فعل سياسية سلبية في إسرائيل ولبنان.
رفض لبناني
من جانبه قال مدير مكتب الجزيرة في بيروت مازن إبراهيم إن العديد من المسؤولين اللبنانيين أكدوا له رفض لبنان كافة الشروط التي يتحدث عنها الإعلام الإسرائيلي لوقف إطلاق النار، وإنه لا قبول لأي مقترح لا يتضمن النقاط الثلاث الرئيسية المتمثلة في وقف القتال وتفعيل دور الجيش اللبناني في منطقة الليطاني وتطبيق القرار 1710 على الطرفين.
وأكد إبراهيم أن الموقف الرسمي اللبناني يتفق على ضرورة وقف إطلاق النار كخطوة أولى ثم تعزيز وجود الجيش اللبناني في منطقة نهر الليطاني والخط الأزرق وصولا إلى تطبيق القرار 1701 على الطرفين، مشيرا إلى أن النقطة الأخيرة هي محل الخلاف في إسرائيل.
وقال إنه تواصل مع العديد من المسؤولين اللبنانيين الذين أكدوا له أن ما يثار في الإعلام الإسرائيلي بشأن قبول لبنان بشروط إسرائيل “ليس صحيحا”، وأن محاولات الولايات المتحدة إيجاد حلول وسط “لن تؤتي أكلها في ظل قرب الانتخابات الأميركية”.
كما قال إن مسؤولين في لبنان أبلغوه بأن الجانب الإسرائيلي يحاول تصدير فكرة أن لبنان هو الذي يرفض وقف الحرب، لكنه أكد سعي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري التواصل مع هوكشتاين من أجل التوصل لتسوية تقوم على الأسس الثلاثة التي يتمسك بها لبنان.
ولفت إبراهيم إلى أن حديث رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي اليوم الخميس عن عدم تفاؤله من التهديدات الإسرائيلية المتزايدة لسكان القرى والبلدات الحدودية، يتعارض تمامًا مع حالة التفاؤل التي أبداها أمس عندما قال إن الأمور تقترب من التوصل لاتفاق.
وأضاف أن إسرائيل أغارت اليوم على عدد من المناطق في جنوب لبنان تزامنا مع وجود المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين في تل أبيب لبحث المقترح الأمريكي لوقف القتال. ووسعت مطالبات المدنيين بإخلاء مناطق في الحوش وقضاء سور ومدينة بعلبك ومحيطها.
وذكر أن التصعيد الإسرائيلي يبدو محاولة لفرض شروطها خلال المفاوضات، مشيرا إلى أن حزب الله قصف منطقة كرمائيل ومحيط عكا وحيفا والمطلة وصولا إلى قواعد عسكرية في جنوب تل أبيب لكي يؤكد أن الميدان هو من سيحدد مسار المستقبل والمفاوضات.