استنكر الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي تجاهل الألم لمأساة مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني في غزة، في تناقض واضح لردود أفعالهم بشأن مقتل 6 رهائن إسرائيليين.
وفي مقال له بصحيفة “هآرتس” قال ليفي إن “إسرائيل والعالم كله حزنوا على 6 محتجزين إسرائيليين قُتلوا، وتصدرت أسماؤهم وصورهم وقصص حياتهم وأسرهم نشرات الأخبار في إسرائيل وحول العالم، مع أنهم ليسوا سوى غيض من فيض قصة الحرب في غزة، وليسوا سوى جزء ضئيل من ضحاياها”.
وأضاف أن “هيرش غولدبيرغ بولين وإيدن يروشالمي أصبحا من المشاهير رغما عنهما خلال أسرهما وبعد موتهما، كما بكى العالم قتلى الأسرى الإسرائيليين، كيف لا وهم 6 شباب جملاء مروا بجحيم الأسر قبل إعدامهم بوحشية”.
واستغرب ليفي “التناقض المذهل بين التغطية الواسعة لحياة هؤلاء وموتهم، مقابل تجاهل المصير المماثل لأشخاص في مثل سنهم لا يقلون عنهم براءة وصدقا وجمالا، ويمثلون ضحايا أبرياء على الجانب الفلسطيني”.
وتابع قائلًا: “مع أن العالم يشعر بالصدمة لمصير غزة، إلا أنه لم يبد قط احتراما مماثلا للضحايا الفلسطينيين، فلا الرئيس الأميركي جو بايدن يدعو أقارب الفلسطينيين الذين قتلوا حتى ولو كانوا يحملون الجنسية الأميركية مثل عائلة غولدبيرغ وبولينز، ولا الولايات المتحدة تطالب بالإفراج عن آلاف المختطفين الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل من دون محاكمة”.
ويقول الكاتب إنه من الغريب أن مقتل امرأة إسرائيلية شابة في مهرجان نوفا أثار قدراً أعظم من التعاطف والشفقة في العالم مقارنة بفتاة مراهقة لاجئة من جباليا، ذلك أن الإسرائيليين أكثر شبهاً بـ “العالم”، وفق تعبيره.
وأشار إلى أنه إذا كان كل شيء قد قيل عن تجاهل معاناة الفلسطينيين وإخفائها في الحوار العام الإسرائيلي، فإن ما قيل لا يكفي، لأن الفلسطيني الذي قتل في غزة كان له وجه واسم وقصة حياة، ولأن الـ 17 ألف طفل الذين قتلوا في قطاع غزة منذ بداية الحرب كانوا يحملون آمالاً وأحلاماً وعائلات دمرتها وفاتهم.
وأضاف: “غير أن موت هؤلاء لا يمثل أي اهتمام بالنسبة لغالبية الإسرائيليين، بل إن بعضهم يفرح بها، في حين ينظر العالم خارج إسرائيل إليهم باعتبارهم ضحايا فظيعين لا يحملون أسماء ولا وجوها، مما يثير الاستغراب ويدل على فقدان الإنسانية”.
وتابع: “ليس من الصعب أن نتخيل شعور أهل غزة في مواجهة عالم هزته وفاة 6 محتجزين إسرائيليين دون أي اهتمام بــ40 ألف فلسطيني قتلوا في غزة، ودون أي حديث عن غير المحتجزين الإسرائيليين”.
وتساءل: “ماذا عن مئات وآلاف المختطفين الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، وماذا عن المعتقلين الإداريين الذين يحتجزون دون محاكمة، وماذا عن ’المقاتلين غير الشرعيين‘ والعمال الأبرياء الذين تم القبض عليهم وهم محتجزون في ظروف جهنمية؟”.
وأضاف: “هؤلاء أيضًا لهم أسر قلقة لا تعرف ماذا حدث لهم منذ 10 أشهر، وهم أيضا محرومون من الزيارات من جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقصص بعضهم لا تقل عن مقطع فيديو إيدن يروشالمي الذي نشرته حركة حماس هذا الأسبوع.
ووصف الكاتب ما سماه “الرثاء الوطني” لـ6 رهائن، في ظل تجاهل تام لعشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين، بأنه “أمر مريض وغير أخلاقي”، وأضاف: “إنه نزع للصفات الإنسانية دون أدنى ذرة احترام للضحايا ـ حتى الأطفال الذين قتلوا؛ والأطفال الذين شردوا، أو تيتموا، أو مرضوا، أو جوّعوا، أو بُترت أطرافهم”.
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع