أمريكا وقضايا الشرق الأوسط.. هل هناك اختلاف بين ترامب وهاريس؟
أجرى الحوار: محمد السطوحي ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
حلقة خاصة حول السياسة الخارجية الأمريكية ووضع قضايا الشرق الأوسط في البرنامج الانتخابي لكل من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، ونائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.
الحلقة من تقديم الإعلامي محمد السطوحي، الكاتب الصحفي والخبير في السياسة الأمريكية، وفي ضيافته الدكتورة سحر خميس، أستاذة الإعلام في جامعة ميريلاند الأمريكية، والدكتور بشارة بحبح، رئيس اللجنة الوطنية للعرب الأمريكيين من أجل ترامب.
تأييد هاريس
* نبدأ مع د. سحر خميس؛ هل أفترض أنكِ مؤيدة لكامالا هاريس؟
** أنا لم أكن متحمسة لكامالا هاريس حتى وقتٍ قريب، وذلك وهي تلعب دورها كنائبة للرئيس، وربما كان السبب وراء ذلك هو اختفائها عن الأنظار، إذ لم نكن نشهد لها الكثير من النشاط السياسي أو الإعلامي أو الاجتماعي، وكان الكثيرون يتساءلون: أين السيدة هاريس؟، ما هو دورها؟
ولكن عندما تنحى جو بايدن عن السباق الانتخابي في لحظة فارقة، فوجئت بحماس كبير لهاريس، ليس مني فقط، ولكن من كثيرٍ ممن لاحظوا أنها تقوم بأعمال هامة جدا، واستطاعت في وقت قصير أن تجمع أكثر من 100 مليون دولار من التبرعات، ليس من رجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى، وإنما من الطبقات البسيطة والمتوسطة، واستطاعت في وقت قصير أن تختار تيم والز كنائب لها، وهو شخص يمكنه أن يخاطب الكثير من فئات المجتمع الأمريكي وأن يكون مقبولًا لديها.
في الحقيقة؛ هي إنسانة نشيطة جدا، جادة للغاية، لا تضيع وقتها على الإطلاق، وتعرف جيدًا أن الوقت قصير جدا حتى الحماس من نوفمبر، وتدرك أنها أمام تحدي كبير، وأصبحت الآن أكثر اقتناعًا بأنها تستطيع اجتياز هذا التحدي بنجاح، واستطلاعات الرأي تؤيد هذه النقطة، حيث باتت تتفوق على ترامب.
* لكن هاريس لا تزال تقول في خطاباتها أن الديمقراطيين لا زالوا متأخرين، فهل هي تقول ذلك كتعبير انتخابي أم حقيقة تقصدها بالفعل؟
** أنا أعتقد أنها تحاول شحذ أكبر عدد من المؤيدين والداعمين لها، وهذه نقطة تدل على ذكائها السياسي والدبلوماسي، لأنها لو قالت إنهم متقدمون فهذا قد يؤدي إلى التراخي.
انقلاب الطاولة
* انتقل الآن إلى د. بشارة بحبح؛ هناك بعض التقدم الواضح لهاريس الآن على ترامب، وهو خلاف لما كانت عليه الأمور عندما كان بايدن في مواجهة ترامب، فهل حدث انقلاب للطاولة؟، وكيف ترى هذا الأمر؟
** ما ألاحظه في الحزب الديمقراطي أن هناك حماسًا لا أساس له لدعم هاريس، فأنا أستغرب من هاريس قد تحولت في شهر واحد من كونها لا تمثل شيئًا إلى أن تصبح هي كل شيء!، أنا أعتقد أن الحزب الديمقراطي في حالة انهيار، خاصةً وأن بايدن قد سحب الحزب إلى الأسفل.
قبل عدة أشهر، أنا كنت عضوا في الحزب الديمقراطي، ولكن ما رأيته من إدارة بايدن وهاريس وتوفيرها أسلحة فتاكة يوميًا إلى إسرائيل، تقتل الآلاف وتصيب مئات الآلاف في قطاع غزة، هذا يجعلني أنظر إلى بايدن وهاريس بأنهما يقومان بقتل شعبنا الفلسطيني.
* هذا معناه أنك تربط تصويتك وموقفك الانتخابي بالقضايا العربية والسياسة الخارجية، فهل هذا صحيح؟
** نعم، هذا صحيح.
* ولكن ما هو تقييمك للوضع الآن الخاص بالسباق الانتخابي، لا سيما وأن البعض بدأ يشيرون إلى أن الانتخابات تفلت من يد ترامب؟
** بكل تأكيد تغير وضع السباق الانتخابي بتنحي بايدن وقدوم هاريس، وأنا أصف وضع هاريس في استطلاعات الرأي الأمريكية بأنها مرحلة “شهر عسل”، فقد تخلص الديمقراطيون من شخص كانت نسبة خسارته هي 100% بشخص آخر لديه حظوظ ولو قليلة للفوز، وفي تصوري فإننا لن نرى استطلاعات رأي واقعية وجادة إلا في أوائل سبتمبر.
وبشكل عام فإن استطلاعات الرأي هي مجرد مقياس ومؤشر، فعندما كانت هيلاري كلينتون ضد ترامب، كانت الاستطلاعات تشير إلى تقدم كلينتون على ترامب، وفي الحقيقة فقد حصلت على 2.5 مليون صوت إضافي، ولكن في النهاية فاز ترامب وفقًا لقواعد المجمع الانتخابي. ولدينا في كل سباق عدد من الولايات الحمراء مع الحزب الجمهوري، وولايات زرقاء مع الحزب الديمقراطي، ولكن من يقرر نتيجة الانتخابات هي الولايات المتأرجحة.
مؤشرات استطلاعات الرأي
* د. سحر هل تتفقين مع رؤية د. بشارة حول استطلاعات الرأي؟
** أعتقد أن هنا بعض الصواب هنا، لأن بعض الولايات المتأرجحة بالفعل هامة للغاية، ولكن أعتقد أن الحزب الديمقراطي قد استوعب الدرس تماما، هم الآن يعرفون قيمة هذه الولايات وأهميتها لذا يحاولون بكل جهدهم للحصول على أصوات هذه الولايات، وهاريس بدورها جاءت بخطة اقتصادية تخاطب الطبقة المتوسطة حتى تحصل على أصواتها.
* ولكن أغلب الآراء حتى الآن تشير إلى أن ترامب سيكون الأفضل في التعامل مع القضايا الاقتصادية، بفارق قد يصل أحيانا إلى 10 نقاط بين ترامب وهاريس، فكيف ستكون هذه الخطة الاقتصادية هي التي تساعدها على الفوز إذا كان الناس يثقون أكثر في منافسها؟
** هذه نقطة هامة وخطيرة، لأن معظم القاعدة الشعبية المؤيدة لترامب هم من البيض محدودي الدخل ومحدودي التعليم في الأماكن الريفية، وهم من ساعدوه على الوصول إلى البيت الأبيض سابقًا، بالنسبة لهيلاري كلينتون في سباقها الانتخابي الذي خسرته؛ فقد أبلغني أحد مساعديها السابقين أنه قد طلب منها الذهاب إلى تلك الفئات البسيطة والتحدث إليهم، ولكنها لم تفعل، وهذا هو الدرس الذي أعتقد أن هاريس قد استوعبته تماما بعد تجربة كلينتون القاسية.
* الديمقراطيون يتحدثون دائما أنهم أقرب إلى الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وأنهم يناصرون العمال والبسطاء، ولكن نرى دائما أن العمال ومحدودي الدخل يذهبون للتصويت للجمهوريين، فكيف يحدث ذلك؟
** ليس دائما، فكانت هناك في بعض الأحيان تذهب الأصوات في بعض الولايات مثل ميشيغان أو ويسكونسن إلى الحزب الديمقراطي، لكن الانتخابات التي فاز فيها ترامب كانت بمثابة صدمة للحزب الديمقراطي، ولذلك فإنه يحاول الآن إصلاح وتدارك هذا الموقف، وأتفق معك في أن الاقتصاد هو الملف الأهم بالنسبة للناخب الأمريكي، ولكنه ليس الملف الوحيد.
فهناك ملفات أخرى يجب ان ننتبه لها أيضا؛ وصول امرأة إلى البيت الأبيض هو أمر هام للغاية بالنسبة لكثير من الفتيات والنساء، وقد شهدنا من قبل الترحيب الكبير للغاية بهيلاري كلينتون عندما القت كلمتها في افتتاح المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، هذا دليل على أن هناك رغبة في وصول امرأة إلى سدة الحكم، ناهيك عن أنها امرأة ملونة، وبالتالي هناك تأييد من الأقليات والملونين والسود لهاريس في هذا الإطار، بالرغم من أن هناك أصوات تنتقدها لأنها عندما كانت نائبًا عامًا لم تعمل على حماية تلك الفئات بالشكل المطلوب.
تحول مجتمعي
* د. بشارة؛ هل كون كامالا هاريس امرأة وملونة ولها أصول سوداء، سيكون لصالحها أم أن المجتمع الأمريكي غير مستعد لهذا التحول؟
** رأينا هيلاري كلينتون تخسر الانتخابات في 2016، وهي امرأة، وهذا قد يسير إلى أن المجتمع الأمريكي متحفظ كثيرًا خلاف ما هو عليه المجتمع الأوروبي، فمثلًا نجد أن بريطانيا لديها ملكة منذ مئات السنين، وسنرى في نوفمبر المقبل ما إذا كان المجتمع الأمريكي سيصوّت لامرأة أم لا.
أنا أدعو للتصويت لدونالد ترامب لعدة أسباب، أبرزها أنه يريد أن ينهي الحرب في غزة، الحزب الديمقراطي يتوافق في قواعده مع العرب والمسلمين، لكن لا يدعو إلى وقف الحرب.
* لو أخذنا رأي د. سحر في هذه النقطة، فكيف تعلّق؟
** هناك بعض العرب والمسلمين منزعجين بشدة من التيار الليبرالي داخل الحزب الديمقراطي، وهناك من يريدون الهجرة وترك الولايات المتحدة تماما بسبب قضايا التحرر الأخلاقي والمثلية الجنسية وإصرار بعض الولايات هنا على إدراج هذه الأمور في المواد الدراسية بالمدارس، فهذه نقطة باتت نقطة تقارب بين العرب والمسلمين وبين الحزب الجمهوري، وليس بالضرورة دونالد ترامب كشخص، لأن ترامب كانت لديه أجندة عنصرية جدا، ليست فقط بالتصريحات، وإنما بالأفعال أيضا، وقد رأينا ذلك مثلًا عندما منع الهجرة والسفر من بعض الدول الإسلامية إلى أمريكا، وهناك أسر كثيرة تضررت وعانت من هذه السياسة.
* د. بشارة، يودّ التعقيب.
** أودّ ان أشير إلى أن حظر السفر من بعض البلدان، نجد أن الرئيس أوباما هو من بدأ هذا الحظر في بدايته، وتحديدًا كانت عملية تدقيق في أوراق وخلفيات من يريدون القدوم إلى الولايات المتحدة.
الحرب على غزة
* د. بشارة؛ لو انتقلنا للحديث عن نقطة تأييد إسرائيل والحرب على غزة، كيف ترى موقف الحزبين من تلك الحرب؟
هناك كتيب من 20 صفحة تم توزيعه خلال المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو، الكتيب بالكامل يتحدث عن تأييد كامالا هاريس المطلق طوال تاريخها لإسرائيل، في إحدى تصريحاتها تقول هاريس: “أنا أؤيد إسرائيل، والحفاظ على أمنها، بشكل غير مشروط”.
خلال الأسبوع الماضي فقط، وافقت إدارة بايدن ـ هاريس على إرسال أسلحة جديدة بـ 23 مليار دولار إلى إسرائيل، ما الذي يتم فعله بهذه الأسلحة؟، ستقتل أهلنا في غزة ولبنان وسوريا، خلال الهجوم الإسرائيلي على كنيسة في غزة قُتِلَ 22 شخصًا، 3 منهم من أقاربي، فكيف لي أن أؤيد الحزب الديمقراطي!
* د. سحر؛ كيف تردين على تلك النقطة؟، كيف تواصلين دعم كامالا هاريس التي تدعم إسرائيل في حربها على قطاع غزة؟
** قضية غزة محورية وكاشفة وهامة للغاية، وفي رأيي هي القضية الأهم بالنسبة للجالية العربية والإسلامية داخل الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتصويت في الانتخابات القادمة، الكثير من العرب والمسلمين غير راضيين تماما عن أداء إدارة بايدن وهاريس، فهذا الدعم أدى إلى إبادة جماعية، وأنا أتفق معهم في هذا الطرح، ولا أتوقع أن يكون هناك تغيرًا جذريًا إذا ما وصلت هاريس إلى البيت الأبيض، وكل ما في الامر انها حاولت أن تكون أكثر دبلوماسية عند حديثها عن هذه الحرب مقارنةً برئيسها جو بايدن.
ورغم أن زوجها يهودي الديانة، إلا أن ابنته قد جمعت تبرعات بمبلغ 7 ملايين لإيصالها للمدنيين العزل في غزة، لكن هل هذا كافي ومرضي؟، لا أعتقد أنه كافيًا، ولكن أقول إننا لا يجب أن نكون مثل المستجير من الرمضاء بالنار، فترامب ليس البديل الأفضل لقضايا العرب والمسلمين، لسبب بسيط جدا وهو انه أثناء فترة ولايته قام بتنفيذ عدة وعود قطعها للجالية اليهودية التي قدمت له المال وأكبر قدر من الدعم والتبرعات، إذ قام بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهو أمر لم يجرؤ عليه أي رئيس أمريكي سابق، قام بالاعتراف بأن الجولان السورية المحتلة هي أرض تخص إسرائيل.
الآن لدى ترامب وعود جديدة حيال إسرائيل، لا سيما بعدما تلقى شيكًا بمبلغ 100 مليون دولار من أرملة السيد شيلدن، الملياردير الصهيوني الذي نعرفه جميعا، وهو الآن يعد بان إسرائيل سوف تتوسع ويجب أن يكون هناك توسعًا لدولتها الصغيرة، وهذا يعني أن إسرائيل قد تبتلع الضفة الغربية، أيضا قد يكون هناك المزيد من التطبيع مع الدول العربية، ولن يكون هناك شيئًا اسمه حل الدولتين، وربما لن يكون هناك أي شيء اسمه القضية الفلسطينية للأبد.
* د. بشارة؛ لا شك أن كامالا هاريس لديها دعم مطلق لإسرائيل، وكذلك ترامب، لكنك تعتبر أن هاريس أسوأ من ترامب بالنسبة للفلسطينيين، كيف ذلك؟
** ترامب لم يقل أبدًا بانه لن يعترف بعاصمة لفلسطين في القدس الشرقية، وحين اتخذ الإجراءات التي اتخذها بحق فلسطين وإسرائيل، كان المجال مفتوحًا أمام السلطة الفلسطينية للجلوس والحديث مع ترامب، ولكن السلطة قررت ألا تتعامل مع ترامب، في الوقت الحالي فإن السلطة في موقف الاستعداد للتعامل مع ترامب من الناحية العملية.
في أول لقاء بين ترامب والسيد محمود عباس في عام 2017م، أخبرني أحد مساعدي عباس بأن الرئيس الفلسطيني قام عرض خريطة فلسطين وهي تضمحل عبر السنوات وتتقلص مساحتها، فكانت ردة فعل ترامب الأولية؛ هل هذه هي فقط المساحة التي تريدونها كدولة لفلسطين؟، وكان يتحدث عن الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وأبلغني المساعد بأن جاريد كوشنير قام بالتدخل حينها وقال: “سيدي الرئيس، هذه ليست سياسة الولايات المتحدة”، كوشنير لم يعد موجودًا على الساحة السياسة الآن، ولن يكون موجودًا إذا ما فاز الرئيس في الانتخابات المقبلة.
* كيف تتعامل معه وهو من أغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ويتعامل معهم بكثير من الاحتقار؟
** صحيح، لقد أغلق مكتب منظمة التحرير، وأغلق القنصلية في القدس، ولكن بايدن وعد بإعادة فتحهما، ولكنه لم يفعل ذلك، أنا رأيت الرئيس ترامب لفترة قصيرة، وقد أشرت له بأن دعمي له بسبب عملية السلام في الشرق الأوسط والتي ستؤدي إلى حل الدولتين، وكان جوابه لي بكلمة واحدة: “100%”.
مواقف ناحية الشرق الأوسط تتطور باستمرار، ونحن الآن نعمل على ورقة قد يلقيها الرئيس أو ينشرها، تقول إنه يؤيد وقف إطلاق النار في غزة، ويؤيد عملية السلام المؤدية إلى حل الدولتين، وأنا أتوقع أن تظهر هذه الورقة خلال أيام من جانب الحزب الجمهوري.
* هل تتوقعين أن يحدث ذلك يا د. سحر؟
** لدي سؤال؛ ماذا عن حديثه الآن عن توسع دولة إسرائيل، وأن تكون دولة إسرائيل اكبر مما هي عليه الآن؟، أنا أرى أن هذا تهديد كبير لالتهام الضفة الغربية، واحتمالية حدوث المزيد من التوسع الاستيطاني، هذه قضية خطيرة، فكيف لنا أن نفهم هذا أو نتقبله؟
إدارة جديدة
* د. سحر؛ هل تغيّر أفراد إدارة ترامب عن تلك الأسماء التي كانت موجودة في إدارته الأولى، سيجعل الأمر أكثر تقبلًا بالنسبة للفلسطينيين؟
** في الحقيقة، فإن أكثر ما أخشاه أن يكون هناك أشخاص محيطين بترامب لديهم أفكار أكثر تطرفًا من كوشنير وغيره من أفراد الإدارة الأولى، مما أتذكره عن كوشنير أنه تحدث ذات مرة عن غزة بشكل صادم وقال إن “هذه البيوت المطلة على البحر المتوسط في قطاع غزة، هي فرصة رائعة للاستثمار العقاري”، فقيل له: وماذا عن سكان هذه البيوت؟، أين يذهبون؟، فقال بكل بساطة: “يمكن أن تكون هناك عملية تهجير، أو يسكنون في أي مكان آخر”، كان يتحدث عن سكان تلك البيوت وكأنهم مجرد دمى أو قطع شطرنج يمكن نقلها من مكان إلى آخر.
الخطورة هنا في وجود مثل هذه العقلية بالقرب من ترامب، لا سيما وأنه كان له دور كبير في التطبيع بين دول عربية مثل البحرين والإمارات مع إسرائيل، وأنا لا أتوقع أن يكون لدى ترامب أي أجندة مناصرة لقضايا العرب والمسلمين، بل على العكس أخشى أن تكون ولايته الثانية وبالًا على العرب والمسلمين، وعلى القضية الفلسطينية تحديدًا.
الملاحظ بشدة مؤخرًا، أن الأجيال الجديدة من الشباب ليسوا منجذبين إلى الحزب الديمقراطي او الجمهوري، إذ أصبحوا ينظرون إلى هذه الأحزاب على أنها أحزاب قديمة ولا تعبر عن مطالبهم، وأصبح هناك حراكًا بالتصويت بـ “غير ملتزم”، أي لن يصوّت لهاريس أو ترامب، وبعضهم يريد التصويت لأحزاب أقليات مثل الخضر أو المستقلين.
* هل اختفاء كوشنير من إدارة ترامب المقبلة ـ في حالة فوزه ـ كافيًا لإزالة أي خطورة أو شكوك حيالها؟، خاصةً وأن هناك بالإدارة المقبلة مثلًا ديفيد فريدمان الذي كان سفيره في إسرائيل، والذي دافع عن الاستيطان الإسرائيلي، والذي يقدم الآن خطة محددة تقول بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وإرسال الفلسطينيين إلى سيناء، ودعم توسع الاستيطان الإسرائيلي.
** حاليًا لا يلعب ديفيد فريدمان أي دور في الإدارة الجديدة بأي شكل من الأشكال، وتصريحات بعض المحيطين بترامب لن يتم تنفيذها بالضرورة، ولكن في المقابل يمكننا الاستماع إلى د. مسعد بولس، المساعد الخاص بالرئيس ترامب للجاليات العربية، والذي قام مؤخرًا بعدة زيارات إلى الولايات المتأرجحة ويشرح خطة الإدارة المقبلة فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط وما يتعلق بالعرب والمسلمين.
لو كنا نحن كعرب وكمسلمين أذكياء، لغمرنا الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي بأموالنا، ولكننا كعرب كثيري الكلام فقط، وقليلي الفعل، فلا يجب أن نلوم الجهات الأخرى، وإنما نلوم أنفسنا أولًا، واتحدث هنا عن العمل السياسي الأمريكي.
المال السياسي
* إذن هنا يا د. سحر فإن الدولار هو الذي يتحدث، ولكن كيف سيكون للعرب والمسلمين دورًا إذا كانت أصواتهم كما أشار البعض ستكون لمرشحين آخرين بخلاف مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي؟!
** بالنسبة لنقطة أن الدولار هو الذي يتحدث، فهذا صحيح بكل تأكيد، فالمال هو الذي يتحدث في السياسة الأمريكية مع الأسف، لذا فإن المال الصهيوني سوف يتحكم، وحين يتحدث ترامب ويعطي وعودًا فإنه سيحققها بلا شك، ونحن كعرب وكمسلمين يجب ان يكون لدينا لوبي واضح وقوي ومؤثر، وتكون لدينا القدرة على الضغط على الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، فحتى الآن ليست لدينا القدرة على إحداث أي ضغط، ولا توجد حملات منظمة لجمع التبرعات والأموال التي من الممكن أن تؤثر على قرار من سيصل إلى البيت الأبيض.
هذه نقطة يجب أن نعترف بها، ويجب أن نغيرها في أسرع وقت إذا أردنا أن يكون لنا تأثير حقيقي على من يصل للبيت الأبيض، والمظاهرات الحالية في ميشيغان ضد مؤتمر الحزب الديمقراطي والتي يدعو البعض خلالها بالتخلي عن كامالا هاريس هي تعبير عن الشريحة التي تحدث عنها سابقًا، شريحة الوسط الذين لا يجدون أنفسهم بشكل حقيقي في الحزب الديمقراطي ولا كامالا هاريس وإدارتها، وأيضا غير ممثلين في الحزب الجمهوري ولا لدى ترامب أو إدارته، فهؤلاء يبحثون عن بديل آخر، حتى وإن كان ضعيفًا.
* د. بشارة؛ هل لديك تعقيب أخير؟
** نعم، أودّ أن أقول إن الصوت العربي في ميشيغان أهم من 100 مليون دولار، لأن الصوت العربي في ميشيغان هو من سيحدد من هو الرئيس، وهذه الأصوات لن تُشتَرى ولن تُبَاع.